فى حديث أخير لأحد مسئولى منظمة الصحة العالمية توقعت المنظمة ارتفاعا فى عدد الإصابات والوفيات بـ(كوفيدــ19) خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر القادمين، وأضاف إن أكتوبر ونوفمبر القادمين، سيكونان «أقسى شهرين فى مواجهة الوباء». مشيرا إلى أنه «فى أكتوبر ونوفمبر المقبلين سنشهد ارتفاعا فى الوفيات». وهذا يتفق مع تحذير العديد من الخبراء والمتخصصين أن العالم ربما يشهد ارتفاعا فى الإصابات والوفيات فى الخريف والشتاء، وسواء كانت هذه هى الموجة الثانية، أو موجة ارتدادية وأننا مازلنا فى الموجة الأولى فإن تسمية الموجة الأولى والموجه الثانية مجرد عمليه إجرائية شكلية.
التجربة مصدر رئيسى للتعلم، وجائحة كوفيدــ19 تجربة جديدة علينا جميعا، وبينما نناقش القرارات الرسمية التى تم اتخاذها خلال جائحة فيروس كورونا المستجد فى مصر، نحتاج إلى استخدام الخبرة الناتجة فى هذه العملية كمصدر للتعلم، فى الحاضر والمستقبل. *** بداية، هناك نقاط ظهرت خلال الجائحة بقوة يجب الوقوف عندها والتعلم منها:
تحذر منظمة الصحة العالمية وغيرها من علماء الوبائيات والأمراض المعدية من موجة ثانية من كوفيدــ19. جائحة الإنفلونزا الإسبانية 1918 تعمق الانطباع بحدوث موجة ثانية. وقعت الموجة الأولى من جائحة الإنفلونزا الإسبانية بين مارس ويوليو، وكانت خفيفة نسبيا، ثم وصلت الموجة الثانية فى أغسطس، كانت أسوأ بكثير وأعنف. معظم حالات الوفاة خلال جائحة الإنفلونزا الإسبانية (والتى كانت بين 50 و100 مليون) وقعت خلال 13 أسبوعا بين سبتمبر وديسمبر 1918. احتضن القرن الماضى فكرة أن حدوث الموجة الوبائية الثانية كأمر حتمى لا يمكن تجنبه.
العاملون فى القطاع الصحى هم الخط الأمامى للاستجابة لتفشى كوفيدــ19، وبالتالى يكونون معرضين لخطر الإصابة بشكل أكبر. تشمل المخاطر والتحديات التى يواجهها العاملون بالقطاع الصحى التعرض للإصابة بالفيروس، وساعات العمل الطويلة، والإرهاق النفسى، والتعب، وضغط العمل، والوصم المجتمعى، وغيرها من المخاطر خلال جائحة كوفيدــ19. لذلك، هناك حقوق للعاملين فى القطاع الصحى، بما فى ذلك التدابير المحددة اللازمة من حيث السلامة والصحة المهنية لحمايتهم.
فى الفترة الأخيرة ثار جدل حول تسعيرة العلاج لمصابى كورونا فى المستشفيات الخاصة والتى وضعتها وزارة الصحة، ففى الوقت الذى قامت فيه وزارة الصحة بوضع حد أقصى للعلاج لليلة، اعتبرت المستشفيات الخاصة هذه التسعيرة غير عادلة. فيما أعلنت غرفة مقدمى الخدمات الصحية رفضها التعامل بها، وأن بعض المستشفيات انسحبت من تقديم الخدمات العلاجية لمصابى كورونا.
بداية يجب التذكير بنقطتين فى سياق السماح للقطاع الخاص بتقديم خدمات صحية لمرضى كوفيدــ19:
لقد تسببت جائحة فيروس كورونا المستجد فى تحديات واسعة النطاق فى جميع أنحاء العالم. لم نشهد جائحة بهذا الحجم منذ الإنفلونزا الإسبانية التى كانت قبل قرن تقريبا. إن الطبيعة المترابطة لمجتمعاتنا واقتصادنا المعولم، والانتشار المستمر للمعلومات فى العديد من المنصات الإعلامية، سرعان ما حولت حدثًا طارئا يخص الصحة العامة إلى أزمة سياسية واقتصادية ونفسية واجتماعية عالمية ذات أبعاد غير مسبوقة.
الاتجاه للتعايش مع فيروس كوفيد ــ 19 أصبح اتجاها عالميا حتى لا ينهار الاقتصاد، ولكن من المطلوب تحقيق التوازن بين الاقتصاد والموارد الصحية المتاحة، بحيث تكون الأولوية للحفاظ على حياة الناس، بالإضافة إلى أهمية تخصيص الموارد المالية المطلوبة والكافية لدفع قدرة النظام الصحى على احتواء الأزمة، فضلا عن توفير أدوات الوقاية الشخصية (مثل الكمامات) لجميع المواطنين مجانا أو بأسعار رمزية، وعدم السماح باستغلال الأزمة للتربح من بيع أدوات ووسائل الحماية الشخصية.
الوصم الاجتماعى المرتبط بكوفيد ــ 19 يحدث نتيجة الارتباط السلبى بين الشخص أو مجموعة من الأشخاص الذين يشتركون فى خصائص معينة وبين مرض كوفيدــ19. يعنى هذا أنه قد يتم التمييز ضد الأشخاص المصابين بكوفيد– 19 أو الأشخاص الذين لهم صلة اتصال بالمرض. على سبيل المثال، صلة القرابة أو السكن فى نفس المنطقة السكنية.
ما زالنا داخل التجربة، ومن المبكر جدًا أن نبدأ التقييم الآن، لكن الخطوات الأولية جيدة ومتوازنة، بلا مبالغة ولا تهاون. نحن فى السكة الصحيحة، بدأنا فى الوقت المناسب، الإجراءات حتى الآن معقولة وتصاعد الإجراءات الاحترازية متوازن مع تصاعد انتشار المرض محليًا وإقليميًا وعالميًا. من المهم أن نعرف أن مصر كانت دائما معبرا للأوبئة بين الشرق والغرب. الكوليرا كانت تمر من عندنا إلى أوروبا، تأتى من الهند إلى جدة ومنها إلى مكة ثم السويس فالقاهرة ومنها إلى الإسكندرية وبعدها إلى أوروبا.
مع كل إعلان لوزارة الصحة عن عدد الوفيات والمصابين بفيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، نسأل أنفسنا هل سننجو أم ستحدث الكارثة؟
وصلنا إلى منتصف الأسبوع السابع، الذي شهد ذروة انتشار المرض في الدول التي سبقتنا في وصول الفيروس إليها. ما زالنا في مساحة آمنة نوعًا ما، ولكننا نقترب من مرحلة الخطر التي تمنت الحكومة ألا تصل إليها.