حماية العاملين بالقطاع الصحي

6 يوليو 2020

العاملون فى القطاع الصحى هم الخط الأمامى للاستجابة لتفشى كوفيدــ19، وبالتالى يكونون معرضين لخطر الإصابة بشكل أكبر. تشمل المخاطر والتحديات التى يواجهها العاملون بالقطاع الصحى التعرض للإصابة بالفيروس، وساعات العمل الطويلة، والإرهاق النفسى، والتعب، وضغط العمل، والوصم المجتمعى، وغيرها من المخاطر خلال جائحة كوفيدــ19. لذلك، هناك حقوق للعاملين فى القطاع الصحى، بما فى ذلك التدابير المحددة اللازمة من حيث السلامة والصحة المهنية لحمايتهم.
وضعت منظمة الصحة العالمية توصيات لحماية العاملين بالقطاع الطبى خلال الجائحة ( تفشى كوفيدــ19: حقوق وأدوار ومسئوليات العاملين فى القطاع الصحى، بما فى ذلك الاعتبارات الرئيسية للسلامة والصحة المهنية).
لكى نضمن حقوق العاملين فى القطاع الصحى على الدولة والتنفيذيين فى المرافق الصحية تحمل المسئولية الشاملة لضمان اتخاذ جميع التدابير الوقائية اللازمة لتقليل مخاطر الإصابة وذلك عن طريق:
• توفير المعلومات والتدريب على السلامة والصحة المهنية لجميع العاملين بالقطاع الصحى.
• توفير تدريب لتجديد المعلومات حول الوقاية من العدوى.
• التدريب على استخدام معدات الحماية الشخصية (PPE) وكيفية ارتدائها وخلعها والتخلص منها.
• توفير ما يكفى من إمدادات معدات الوقاية الشخصية (الأقنعة والقفازات والنظارات ومعقم اليدين والصابون والماء ولوازم التنظيف) بكميات كافية للعاملين فى القطاع الصحى الذين يرعون مرضى كوفيدــ19 المشتبه بهم أو المؤكدين، بحيث لا يتحمل العاملون فى القطاع الصحى نفقات متطلبات السلامة والصحة ومعدات الحماية الشخصية من جيوبهم (كما يحدث فى بعض الحالات فى مصر عندما يكون هناك نقص بمعدات الحماية الشخصية فيقوم العاملون بشراء أدوات الوقاية من جيوبهم).
• تعريف الموظفين بالتحديثات التقنية عن كوفيدــ19 وتوفير الأدوات المناسبة لتقييم المرضى وفرزهم واختبارهم وعلاجهم.
• توفير التدابير الأمنية المناسبة حسب الحاجة للسلامة الشخصية لحماية الأطباء من التعرض للعنف، حيث حدثت أكثر من واقعة قام فيها أهالى المرضى بالتعدى على الأطباء.
***
فى سياق الحديث عن عدد الإصابات والوفيات بين الفرق الصحية فى مصر يجب الإشارة إلى أن:
ــ فى شهر أبريل قال ممثل منظمة الصحة العالمية إن 13% من إصابات كورونا بمصر من القطاع الطبى، وفى يوم 25 مايو قالت نقابة الأطباء فى بيان لها إن عدد الإصابات بين الأطباء فقط أكثر من 350 وقدرت عدد حالات الوفاة ب 19 طبيبا. بينما فى نفس اليوم فى بيان لوزارة الصحة أشار إلى أن هناك 291 مصابا و11 وفاة من الأطقم الطبية بمستشفيات الحميات والصدر والعزل. والملفت للانتباه أنه صدر تصريح من أحد التنفيذيين فى نفس الوقت قال فيه «لدينا ما يقرب من 800 شخص مصاب من الأطقم الطبية، ما بين أطباء وتمريض وعمال وفنيين ومسعفين». وآخر التصريحات الرسمية أشار إلى أن عدد الإصابات بكورونا بين الطواقم الطبية بلغ 1500. أما نقابة الأطباء (فى يوم 24 /6) رصدت عدد وفيات تقارب من 100 طبيب و3 آلاف مصاب.
ــ تضارب التصريحات الرسمية يشير إلى الحاجة إلى مزيد من الشفافية من قبل وزارة الصحة بالإعلان عن الإصابات والوفيات بين جميع العاملين بالقطاع الصحى من أطباء وتمريض ومسعفين وفنيين وصيادلة وغيرهم. فلا بيانات دورية تخرج من وزارة الصحة لرصد حالات الإصابة والوفاة بين العاملين بالقطاع الصحى، فقط كل فترة يكون هناك تصريح إعلامى لأحد المسئولين، وكما تم التوضيح سابقا، تكون فى بعض الأحيان متضاربة. ولذلك، على وزارة الصحة الإعلان بشكل دورى عن عدد الإصابات والوفيات بين العاملين بالقطاع الصحى، حتى لو على شكل تقرير أسبوعى.
ــ فى شهر أبريل الماضى أعلنت وزارة الصحة عن تشكيل لجنة مركزية يكون هدفها الأساسى الحد من انتشار العدوى بين الأطقم الطبية فى جميع المستشفيات الحكومية والخاصة. ولا نعلم حتى الآن التوصيات التى خرجت بها هذه اللجنة أو نتائج دراستها لأسباب الإصابة والوفاة بين العاملين بالقطاع الصحى.
ــ وفى ظل غياب البيانات الدقيقة حول الإصابات بين العاملين بالقطاع الصحى، بالإضافة إلى عدم إعلان وزارة الصحة عن قواعد البيانات الخاصة بالوفيات بين العاملين بالقطاع الصحى (مثل العمر والتاريخ المرضى لحالات الوفاة)، وهذه المعلومات لا غنى عنها فى تفسير وفهم أسباب الإصابات والوفاة بين الفرق الطبية، هناك بعض العوامل التى قد تكون سببا فى زيادة أعداد الوفيات بين الأطباء:
ــ الطبيب المصرى يعمل عدد ساعات أكثر من غيره ويتعامل مع عدد مرضى أكبر نظرا لقلة عدد الأطباء بالنسبة للسكان، فضلا عن عمله فى أكثر من مكان مما يجعل احتمالية الإصابة بالعدوى أكبر، وهذا ينطبق على باقى أفراد الفريق الطبى.
ــ تأجيل عمل المسحات حتى ظهور أعراض، مع الاستمرار فى العمل، حيث أن بروتوكول وزارة الصحة الخاص بإجراءات الفحص ومسحات المخالطين من أعضاء الفريق الطبى لا يسمح بعمل المسحات إلا بعد ظهور الأعراض.
ــ التدريب على إجراءات مكافحة المكافحة فى الأصل ليس جيدا، وضعف التدريب على استخدام معدات الوقاية الشخصية، وعدم توافر معدات الوقاية الشخصية (PPE) بشكل كاف، ووضع شروط متشددة لإجراء الاختبارات التشخيصية للعاملين بالقطاع الصحى قد تكون من أسباب انتشار العدوى بكوفيدــ19 بين العاملين بالقطاع الصحى.
ــ مدى مطابقة أدوات الوقاية الشخصية للمواصفات.
ــ هناك بعض الأبحاث التى تربط بين التعرض لحمل فيروسى عالٍ وبين حدة الإصابة، وترجح أن العاملين بالقطاع الصحى يتعرضون لحمل فيروسى أكبر، وبالتالى تكون حدة المرض أقوى لديهم. ولكن هذه الأبحاث لم تنضج بعد وتحتاج لمزيد من الدراسة والتقصى.
ــ التأخر فى توفير الرعاية اللازمة، كما حدث فى واقعة وفاة أحد الأطباء بمستشفى المنيرة، ونحن فى انتظار نتيجة التحقيق الذى تجريه وزارة الصحة.
***

فى نفس السياق، هناك حديث للدكتور ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الطبية بإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية قال إن «معدلات الإصابة عالميا بالفيروس بين الأطقم الطبية تتراوح بين 10 و15 فى المائة من إجمالى الإصابات». ولكن، حتى وإن كانت نسب الإصابة بين الفرق الطبية لدينا قريبة من المعدل العالمى تظل نسب الوفيات فى الأطباء مرتفعة، مع العلم أننا لا نعرف بدقة نسب الوفيات بين باقى أفراد العاملين بالقطاع الصحى من تمريض وفنيين ومسعفين وصيادلة.
وفى الخلاصة، فإنه من الضرورى القيام بأخذ المسحات من العاملين بالقطاع الصحى بشكل دورى (دون ظهور أعراض) للكشف المبكر عن أى إصابات بينهم وعزلهم عن مخالطة الآخرين، والاهتمام بالتدريب على استخدام أدوات الوقاية الشخصية، وإتاحة البيانات الخاصة بحالات الإصابة والوفاة لجميع العاملين بالقطاع الصحى، وكاقتراح من المفيد أن يكون هناك تقرير دورى (على الأقل بشكل أسبوعي) يتضمن معلومات مهمة مثل العمر والتاريخ المرضى وغيرها من قواعد البيانات التى قد تساعد الباحثين والخبراء فى مجال الصحة فى فهم أسباب الإصابة والوفاة والبحث عن حلول لها لتلافيها.

نشر هذا المقال علي موقع   الشروق   بتاريخ ٣ يوليو ٢٠٢٠