يسعى متخذو القرار من التنفيذيين و السياسيين إلى الوصول إلى دعم المواطنين من خلال تدخلات صحية محددة و ملموسة ، فالبرامج و الخطط الصحية العظمى مثل نظام التأمين الصحي الشامل ، على قدر أهميته و قدرته على تحقيق نقلة مستدامة في تقديم الخدمات الصحية و التغطية الصحية الشاملة ، إلا أن تعقيد تنفيذه و تكلفته و التنفيذ التدريجي له يحول دون قدرته في بعض الأحيان على تحقيق مكتسبات مجتمعية أو سياسية قصيرة المدى يشعر بها المواطن . لذلك ، تصاعدت فى الآونة الأخيرة اتجاهات وسياسات صحية تتبنى حزمة من البرامج والمبادرات الصحية الرأسية مثل البرنامج القومى لمكافحة الفيروسات الكبدية بالمسح واﻻكتشاف المبكر والعلاج والذى استهدف نطاقا واسعا من السكان فى سابقة لم تحدث من قبل إقليميا ودوليا وأكدت القراءات الأولية لهذه المبادرة نجاح مؤشرات الاستهداف وإقبال المواطنين عليها.
أصدر الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يوم الأربعاء (30 /9/ 2020) بيانا صحفيا بمناسبة اليوم العالمى للمسنين (60 سنة فأكثر)، والذى حددته الأمم المتحدة ليكون يوما عالميا للمسنين، بهدف الاحتفاء بهم ولتأكيد دورهم فى التنمية داخل المجتمع والتعرف على أهم القضايا والملفات التى تتعلق برعايتهم والخدمات المقدمة لهم. ومن أهم المؤشرات الإحصائية المتعلقة بكبار السن (60 سنة فأكثر)، وفقا لتقديرات السكان فى 1/1/ 2020:
بلغ عدد المسنين نحو 7 مليون مسن بنسبة 7.1 % من إجمالى السكان، ومن المتوقع ارتفاع هذه النسبة إلى 17.9% فى عام 2052.
فى حديث أخير لأحد مسئولى منظمة الصحة العالمية توقعت المنظمة ارتفاعا فى عدد الإصابات والوفيات بـ(كوفيدــ19) خلال شهرى أكتوبر ونوفمبر القادمين، وأضاف إن أكتوبر ونوفمبر القادمين، سيكونان «أقسى شهرين فى مواجهة الوباء». مشيرا إلى أنه «فى أكتوبر ونوفمبر المقبلين سنشهد ارتفاعا فى الوفيات».
وهذا يتفق مع تحذير العديد من الخبراء والمتخصصين أن العالم ربما يشهد ارتفاعا فى الإصابات والوفيات فى الخريف والشتاء، وسواء كانت هذه هى الموجة الثانية، أو موجة ارتدادية وأننا مازلنا فى الموجة الأولى فإن تسمية الموجة الأولى والموجه الثانية مجرد عمليه إجرائية شكلية.
هل هناك قانون دولى للصحة ملزم وقابل للتطبيق فى ظل جائحة كوفيدــ19 وإشكالياته المتشعبة والعديدة سياسيا واقتصاديا ووبائيا؟ حيث تبرز فى الآونة الأخيرة أخبار عن قرب الوصول إلى لقاح (تطعيم) يحمى البشرية من آثار الوباء الواسعة فى المدى الحالى والمستقبلى، باعتباره الأمل الأبرز فى الحد من تفشى فيروس كوفيد ــ 19. وتتصارع الدول الكبرى اقتصاديا فى العالم الآن فى سعة الوصول لهذا اللقاح (الصين، وأمريكا، وروسيا، وأوروبا وغيرها).
التجربة مصدر رئيسى للتعلم، وجائحة كوفيدــ19 تجربة جديدة علينا جميعا، وبينما نناقش القرارات الرسمية التى تم اتخاذها خلال جائحة فيروس كورونا المستجد فى مصر، نحتاج إلى استخدام الخبرة الناتجة فى هذه العملية كمصدر للتعلم، فى الحاضر والمستقبل.
***
بداية، هناك نقاط ظهرت خلال الجائحة بقوة يجب الوقوف عندها والتعلم منها:
هناك علاقة متشابكة وقوية بين السكان والتنمية. وعادةً ما يُنظر إلى النمو الاقتصادي وحجم الأسرة على أنهما وجهان لعملة واحدة. فقد كان من المعتاد أن تكون السياسات والاستراتيجيات السكانية شديدة الاعتماد على الإحصائيات ومتمحورة حول الأرقام إلى أن قامت المجموعات النسوية والمنادية بحقوق المرأة ومناصرو حقوق الإنسان بإدخال مبادئ حقوق الإنسان إلى الخطط السكانية (Samir, 2020).
فى ٢٣ يناير الماضى، قطع الأب الرحلة قادما من يوهان الصينية عبر القطار ليزور ابنه الذى يعمل فى إحدى مدن فيتنام، «هو تشى منه». وهكذا ظهرت أول إصابة فى تلك الدولة النامية محدودة الإمكانيات والتكنولوجيا..
منذ تفشى الجائحة، يرد ذكر فيتنام كثيرا فى الأخبار الدولية (ولا نسمع عنها فى مصر). لأنها واحدة من الدول الأنجع والأنجح فى التصدى للفيروس. هى دولة متوسطة الدخل ذات إمكانيات محدودة ماليا وتكنولوجيا. تفوقت على الدول الكبرى فى الحرب ضد كورونا.
تحذر منظمة الصحة العالمية وغيرها من علماء الوبائيات والأمراض المعدية من موجة ثانية من كوفيدــ19. جائحة الإنفلونزا الإسبانية 1918 تعمق الانطباع بحدوث موجة ثانية. وقعت الموجة الأولى من جائحة الإنفلونزا الإسبانية بين مارس ويوليو، وكانت خفيفة نسبيا، ثم وصلت الموجة الثانية فى أغسطس، كانت أسوأ بكثير وأعنف. معظم حالات الوفاة خلال جائحة الإنفلونزا الإسبانية (والتى كانت بين 50 و100 مليون) وقعت خلال 13 أسبوعا بين سبتمبر وديسمبر 1918. احتضن القرن الماضى فكرة أن حدوث الموجة الوبائية الثانية كأمر حتمى لا يمكن تجنبه.
العاملون فى القطاع الصحى هم الخط الأمامى للاستجابة لتفشى كوفيدــ19، وبالتالى يكونون معرضين لخطر الإصابة بشكل أكبر. تشمل المخاطر والتحديات التى يواجهها العاملون بالقطاع الصحى التعرض للإصابة بالفيروس، وساعات العمل الطويلة، والإرهاق النفسى، والتعب، وضغط العمل، والوصم المجتمعى، وغيرها من المخاطر خلال جائحة كوفيدــ19. لذلك، هناك حقوق للعاملين فى القطاع الصحى، بما فى ذلك التدابير المحددة اللازمة من حيث السلامة والصحة المهنية لحمايتهم.
بائعة الخضر، تعرض بضاعتها بالقرب من المدارس والهيئات الحكومية أو مخارج محطات المترو حيث توجد أغلبية النساء العاملات. عند موعد الخروج تتحلق حولها الزبونات لشراء خضر مقشرة ومقطعة معدة للطبخ، تعود بائعة الخضر بما يكفى بالكاد قوت أهل المنزل. لكنها لا تحظى بأى تأمين ضد المرض لها ولأبنائها. ولا معاش إذا ما تجاوزت الستين. فى زمن الكورونا تعانى تلك السيدة أضعاف معاناة زبوناتها. أغلقت المدارس والكثير من الهيئات الحكومية، مع استمرار صرف مرتبات العاملين، ما صرف عنها معظم الزبونات. كما تضطر الأسر إلى تقطيع الخضر بأنفسهن لدواعى التعقيم،