جنايات القاهرة تؤجل محاكمة معاذ الشرقاوي.. وتصدر قراراً بالاستعلام عن مكان القيادي الطلابي المحبوس في بدر3

خبر

12 فبراير 2024

أصدرت محكمة جنايات القاهرة اليوم الإثنين، 12 فبراير، قرارًا بتأجيل نظر القضية المتهم فيها القيادي الطلابي معاذ الشرقاوي إلى جلسة 24 مارس لسماع الشهود، كما قررت المحكمة الاستعلام عن وجود الشرقاوي في السجن، نظرًا لعدم إحضاره إلى المحاكمة لجلستين متتاليتين، على الرغم من كونه محبوسًا على ذمة قضية أخرى بقرار من نيابة أمن الدولة منذ شهر يونيو الماضي، وإيداعه خلال تلك الفترة في سجن بدر3.

وأحيل الشرقاوي في يناير الماضي إلى المحاكمة في قضية أخرى اتهمته النيابة فيها بعدة اتهامات تتصل بالإرهاب من بينها "الانضمام لجماعة إرهابية"، وتمويل "الإرهاب"، واستعمال تطبيق (واتساب) لارتكاب جريمة "إرهابية". وذلك في القضية رقم 13330 لسنة 2023 جنايات المرج، وتصل عقوبة الجرائم المنسوبة للشرقاوي إلى السجن المؤبد.

وغاب الشرقاوي عن حضور الجلسة الأولى لنظر القضية، في الثالث والعشرين من يناير الماضي، والتي عقدت في مجمع سجون بدر حيث يُحبس الشرقاوي احتياطيًا في سجن بدر 3، كما تغيب كذلك عن حضور جلسة اليوم، ما حدا بالمحكمة إلى إصدار قرار بالاستعلام عن موضعه. 

وأدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، الممثل القانوني للقيادي الطلابي المحبوس، إحالته إلى قضية جديدة وُجِّهت له فيها نفس الاتهامات التي توجه له منذ احتجازه للمرة الاولى منذ ست سنوات، وقالت المبادرة في بيانها إن إحالة القيادي الطلابي السابق معاذ الشرقاوي لمحاكمة جنائية جديدة بتهم تتصل بـ"الإرهاب"، هو استمرار لسلسلة الانتهاكات والتنكيل به التي لم تنقطع على مدى ستة أعوام.

وتقدمت المبادرة المصرية - بصفتها وكيلًا قانونيًا عن معاذ الشرقاوي - ببلاغ للنائب العام في شهر يونيو الماضي، تضمن تفاصيل انتهاكات سافرة لم تقتصر على حقوقه الدستورية، وإنما امتدت حتى لمخالفة نصوص قانون الإرهاب؛ غير أن النيابة لم تتحرك للتحقيق في أي من الوقائع الخطيرة التي تضمنها البلاغ حتى اليوم. 

وظهر الشرقاوي في يوم 3 يونيو 2023 أمام نيابة أمن الدولة بالقاهرة الجديدة للمرة الأولى منذ القبض عليه من منزله، قبل ذلك التاريخ بأكثر من ثلاثة أسابيع، تعرض خلالها لانتهاكات من بينها التعذيب والإخفاء القسري والحرمان من التواصل مع أسرته أو محاميه.

وأبلغ الشرقاوي محقق النيابة محمد حسين يومها باقتياده لمكان غير معلوم بعد القبض عليه في 11 مايو 2023 على يد ضباط بقطاع الأمن الوطني، وتعرضه عدة مرات خلال الأيام الأولى من احتجازه للضرب على الوجه والكتفين باستخدام الأيدي والأحذية على يد أفراد لم يستطع تحديد هوياتهم بسبب تغمية عينيه طوال فترة احتجازه. 

وأضاف معاذ في أقواله أمام النيابة: "خلال التحقيق كان فيه ناس بتتعدى عليا بالضرب بإيديهم على وشي وجسمي فحصل لي إصابة في ودني الشمال وعضم كتافي، وبعدها حطوني في الحجز وفضلوا يعالجوني لحد ما خفيت وبعدها جابوني على النيابة". 

وأثبت محاميا المبادرة المصرية الحاضرين مع معاذ في جلسة التحقيق تعرضه لجريمتي التعذيب والإخفاء القسري. حيث اكتشف معاذ ومحاموه خلال جلسة التحقيق أن النيابة كانت قد أصدرت قرارًا بالتحفظ على الشرقاوي بموجب قانون الإرهاب لمدة 14 يومًا، تم تجديدها لمدة مماثلة. وتضمن تعديل لقانون الإرهاب في 2015 نصوصًا جديدة تسمح بالتحفظ على المتهم لمدة تصل إلى 28 يومًا بدعوى "قيام خطر من أخطار جريمة الإرهاب ولضرورة تقتضيها مواجهة هذا الخطر". 

إلا أن القانون نفسه نص على ضمانات وشروط حتى عند استعمال هذه السلطة الاستثنائية المخالفة للدستور، على رأسها أن "يكون [للمتحفظ عليه] حق الاتصال بمن يرى إبلاغه من ذويه بما وقع والاستعانة بمحام"، و"إيداع المتهم في أحد الأماكن المخصصة قانونًا"، فضلاً عن صدور أمر مسبب من محام عام على الأقل، والسماح للمتحفظ عليه بالطعن على قرار التحفظ أمام المحكمة وأن ينظر طعنه خلال ثلاثة أيام من صدور قرار التحفظ أو تمديده وإلا وجب الإفراج الفوري عن المتحفظ عليه.

وقالت المبادرة المصرية إن مسؤولي قطاع الأمن الوطني ونيابة أمن الدولة العليا انتهكوا كافة هذه الضمانات والحقوق، وإن إصرارهم طوال 23 يوم على إنكار احتجاز الشرقاوي أو الكشف عن مكان احتجازه أو السماح له بالتواصل مع أسرته ومحاميه، تعد جميعها أدلة قاطعة على ارتكاب جريمة الإخفاء القسري بموجب الدستور وقانون الإجراءات الجنائية والقانون الدولي.

وأضافت المبادرة أن هذه الجرائم تمت رغم علم النيابة العامة بها في وقت مبكر، حيث كانت أسرة الشرقاوي قد تقدمت لمكتب النائب العام في اليوم التالي للقبض عليه ببلاغ يطلب التحقيق في واقعة القبض والكشف عن مكان احتجازه، ثم تقدم محامو المبادرة المصرية بعد أسبوع ببلاغ ثان لمكتب النائب العام يطلب التحقيق في جريمة الإخفاء القسري لمعاذ وتمكينه من زيارة محاميه.  

يذكر أن معاذ الشرقاوي كان قد تعرض للحبس المطول من قبل على خلفية نشاطه السابق كنائب رئيس اتحاد طلاب جامعة طنطا، حيث تم توقيفه في سبتمبر 2018، وتعرض للإخفاء القسري لمدة 25 يومًا تقريبًا، تعرض خلالها للتعذيب البدني والنفسي، قبل صدور أمر بإخلاء سبيله في أبريل 2020.  

وفي مايو 2022، أصدرت محكمة جنايات أمن الدولة طوارئ حكمًا ضد معاذ  بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات، يليها الخضوع لمراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات، وذلك بتهمة واحدة هي الانضمام لجماعة إرهابية استنادًا فقط على شهادة الضابط مُجري التحريات. وفي أكتوبر الماضي علمت المبادرة المصرية بتصديق رئيس الجمهورية على الحكم الصادر بموجب قانون الطوارئ والذي لا يتيح للمحكوم عليه الحق في الطعن بالاستئناف أو النقض. 

ووثقت الأمم المتحدة الانتهاكات التي تعرض لها معاذ في مذكرة  للحكومة المصرية، أرسلها في أغسطس 2023 كل من فريق العمل الأممي المعني بالاختفاء القسري، والمقرر الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان والمقرر الخاص بحقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب.

وصدر قرار إحالة معاذ الشرقاوي للمحاكمة في القضية الجديدة في شهر ديسمبر الماضي. ونُسب محضر تحريات الأمن الوطني الذي اطلع عليه فريق الدفاع إليه "تنظيم العديد من التظاهرات والفاعليات المناهضة والمطالبة بالإفراج عن العناصر الإخوانية الطلابية المحبوسة". وقالت المبادرة المصرية أن هذه التحريات تثبت بما لا يدع مجالًا للشك استهداف معاذ فقط بسبب نشاطه الطلابي المشروع أثناء دراسته بكلية الآداب بالجامعة. ورغم تأكيد معاذ في جميع مراحل ملاحقته على عدم انضمامه لأي حزب أو تنظيم سياسي،  فقد وجهت له نيابة أمن الدولة مجددًا تهمة الانضمام لجماعة الإخوان دون دليل و حتى قرينة. 

وجددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مطالبتها بالإفراج عن معاذ الشرقاوي، والتحقيق الفوري في الانتهاكات التي تعرض لها بسبب نشاطه السلمي منذ عام 2018 وحتى اليوم.