Photo Credit: perfectionistreviews Flickr via Compfight cc

تعديل قانون ختان الإناث: على مجلس النواب الاستماع لتحذيرات المجتمع المدني والمجلس القومي للطفولة وأعضاء الشيوخ والنواب تغليظ العقوبات والسجن المشدد ليس حلًا بل عقبة تمنع الإبلاغ عن جريمة الختان 

بيان صحفي

28 مارس 2021

مع وصول مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل مواد تجريم ختان الإناث إلى مرحلته النهائية بمجلس النواب الأسبوع الجاري، دعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية المجلس لإعادة طرح المشروع للمناقشة المجتمعية بمشاركة المتخصصين، خاصة في ظل الاعتراضات والتحذيرات التي أبداها على مدى الأيام والأسابيع الماضية كل من منظمات مكافحة الختان وحقوق الإنسان والمرأة والطفل، وكذلك ممثل المجلس القومي للأمومة والطفولة في اجتماع اللجنة التشريعية بالمجلس، فضلًا عن أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، والذين طالبوا جميعًا بإعادة النظر في الاتجاه المتزايد لتغليظ العقوبات مرة أخرى دون النظر إلى تأثير ذلك على فاعلية مكافحة جريمة ختان الإناث أو معدلات الإبلاغ عنها في السنوات السابقة. 


وكررت المبادرة المصرية ترحيبها بتوجه مشروع القانون لتشديد العقوبة على ممارسي الجريمة من الأطباء وأفراد الطاقم الطبي، وتوسيع نطاق المسئولية الجنائية ليشمل المنشآت الطبية التي تجري بها الجريمة، بوصفها خطوات مهمة لمواجهة محاولات إضفاء مبررات طبية مدّعاة على دوافع هذه الجريمة. إلا أنها شددت على أن توسيع نطاق التجريم وتغليظ العقوبات ليشمل كل من طلب أو دعا لإجراء هذه الممارسة لن يقود في الواقع العملي إلى محاصرة الظاهرة بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية تتمثل في استمرار إحجام الأهالي عن الإبلاغ في حالة حدوث مضاعفات صحية خطيرة عند إجراء الختان. 

كما دعت المبادرة مجلس النواب إلى رفض التعديل المقترح من مجلس الشيوخ لتعريف الختان، والتمسك بالتعريف الوارد في مشروع الحكومة بوصفه أكثر دقة ويغلق كافة المنافذ أمام التهرب من المسئولية الجنائية.

كان آخر تعديل لمواد تجريم الختان قد أجري عام 2016، حيث تم تعديل المادة 242 مكرر من قانون العقوبات لتغليظ العقوبة على مرتكب الجريمة، أو الفاعل الأصلي، من الحبس لمدة سنتين إلي السجن من خمس إلى سبع سنوات مع تحويل العقوبة للسجن المشدد في حالة تسببت الممارسة في عاهة مستديمة أو أفضت للوفاة. كما أضافت تعديلات 2016 مادة جديدة هي المادة 242 (أ)، لتجريم طلب الختان وعقوبة كل من طلب الختان بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، إذا ما ترتب على طلبه ختان الفتاة. وبالطبع انطبق نص المادة المضافة بالأساس على أهالي الفتيات بهدف ردعهم عن هذه الممارسة. إلا أن نفس التعديلات كانت قد عانت من قصور خطير وهو فتح الباب للاستثناء من أحكام هذه المواد في حالة ما أسمته "بالضرورة الطبية" أو في حالة انطباق أحكام المادة 61 من قانون العقوبات التي تسقط العقوبة عن كل من ارتكب جريمة حماية للنفس والغير من خطر على الحياة. كلتا الإشارتان قدمتا مخرجًا للاتجاهات المتشبثة بالختان والمدافعة عنه لتقديم ممارستها كما لو كانت ضرورة طبية "للتجميل" مثلًا، أو بادعاء الحفاظ على صحة الفتاة. وللأسف، وجد من يدافع عن هذه الرخصة ويروج لها من الأطباء وهم أعلم من غيرهم بعدم وجود دليل علمي أو طبي ملموس يدعم من هذه الممارسة الضارة، والقاتلة في بعض من الأحيان.


من هنا كان ترحيبنا المبدئي، مع غيرنا من المنظمات الحقوقية والنسوية، بالتعديلات المقترحة على هذه المواد من قبل الحكومة في 31 يناير الماضي. فقد تبنت التعديلات تعريفًا دقيقًا ومنضبطًا للختان لم يقصره على إزالة تامة أو جزئية للأعضاء الجنسية أو إلحاق إصابات بهذه الأعضاء، ولكنه أضاف العقوبة على كل من "سوى أو عدل أو شوه" ليغلق الباب أمام تصوير الختان كعملية تجميلية في بعض الأحيان. كما غلظ التعديل من العقوبة على مرتكبي الجريمة من الأطباء أو أفراد الطواقم الطبية، لتصل للسجن لمدة لا تقل عن سبع سنوات، مع إضافة العقوبة المشددة بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنين في حال ترتب عن الجريمة إحداث عاهة مستديمة، وبالسجن لمدة لا تقل عن خمسة عشر عامًا ولا تزيد عن عشرين عامًا في حالة إذا ما أفضت الجريمة للوفاة. كما وسع التعديل من دائرة المسئولية الجنائية لتشمل المنشآت الطبية التي تجري بها هذه الجريمة ونص على عقوبة إغلاق المنشأة الطبية إذا كانت خاصة لمدة خمس سنين.

إلا أن التعديلات المقترحة، في المقابل، تضمنت اتجاهًا مقلقًا لتوسيع دائرة التجريم لتشمل كل من دعا أو روج أو شجع على الختان "ولو لم يترتب على دعوته أي أثر".. كما اتجهت التعديلات لتغليظ العقوبات بشكل إضافي على كل من طلب الختان، وهم في الغالب الأعم من أهالي الفتيات كما أسلفنا، إذا ترتب على طلبه إجراء الختان، حيث يعاقب في هذه الحالة طالب الختان بالسجن بدلًا من الحبس، أي تحويل الحد الأقصى للعقوبة في المادة السابقة (الحبس 3 سنوات) إلى الحد الأدنى في المادة الجديدة. 

وكانت المبادرة المصرية وقوة العمل المناهضة لختان الإناث قد دعوا مرارًا إلى إعادة النظر في هذا الميل لتوسيع دائرة التجريم وتغليظ العقوبة أخذًا في الاعتبار ما قد يولده من أثر عكسي يتمثل في إحجام الأهل عن الإبلاغ عن الجريمة في حال وقوع ضرر على الفتاة وإحجام المحيطين بالأسرة عن الإبلاغ خوفًا من العقوبة المقررة على الأهالي، إلي جانب استمرار الممارسة اعتمادًا علي شيوع الآراء الخاطئة وانتقالها شفهيًا في ظل استعداد الكثير من مقدمي الخدمات الطبية للقيام بهذه الممارسة الضارة

وفي 15 مارس الجاري، وبعد إحالة مجلس النواب مشروع التعديلات لمجلس الشيوخ، أنهت لجنة مشتركة بين لجنة الشئون الدستورية والتشريعية ومكتب لجنة الصحة والسكان بمجلس الشيوخ تقريرها بشأن التعديلات. وتراجع التقرير عن تعريف الختان المقترح في مشروع الحكومة واقترح العودة لنفس الصياغة الموجودة حاليًا والتي تقصر الختان على "أي إزالة جزئية أو تامة للأعضاء التناسلية الخارجية لأنثى"، وهو ما يعيد فتح الباب لتهرب مرتكبي الجريمة من المسئولية بدعوى قيامهم بالختان لأغراض التجميل أو "إزالة أكياس دهنية". كما أقر تقرير الشيوخ توسيع التجريم ليشمل الدعوة والترويج وتغليظ العقوبة على كل من طلب الختان للسجن بدلًا من الحبس. وفي جلسة 21 مارس أقر مجلس الشيوخ في جلسته العامة تعديلات اللجنة المشتركة وأحالها لمجلس النواب، الذي ناقشت لجنته التشريعية التعديلات وأقرتها بدورها في 24 مارس. 

وعبّر عدد من النواب والمسؤولين الحكوميين خلال مناقشة التعديلات سواء في مجلس الشيوخ أو في اللجنة التشريعية بمجلس النواب، ومنهم ممثل المجلس القومي للطفولة والأمومة بجلسة لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب المنعقدة في 24 مارس، عن قناعتهم بأن تغليظ العقوبات ليس حلًا بحد ذاته ولا يمكن أن يشكل بديلًا للمجهود الحكومي في التوعية بمضار الختان وآثاره السلبية على الصحة الجنسية والإنجابية، وحياة الفتيات، في الكثير من الأحيان؛ بل إنها ستعطي مبررًا إضافيًا للآراء المحافظة التي تشجع هذه الممارسة. 

وتؤكد المبادرة أن الدراسات والمسوح الرسمية التي أنجزت حول ختان الإناث في مصر منذ إقرار آخر تعديلات على نفس المواد في 2016 أظهرت أن ممارسة اجتماعية متجذرة بهذا الشكل في المجتمع المصري لن تتراجع بمجرد تغليظ العقوبات، ولكنها ستتراجع بتحمل الجهات الرسمية لمسؤولياتها بدءًا من توفير المعلومات، والحوار مع الأهالي والأطقم الطبية حول مضار هذه الممارسة، وتثقيف الفتيات والشباب في مراحل التعليم المختلفة بخطورة الختان وعدم استناده لأي دليل طبي أو علمي يعتد به.

لذلك كله تدعو المبادرة المصرية أعضاء مجلس النواب أن يرفضوا مقترحات تغليظ العقوبة على المطالبين والداعين لإجراء الختان في الجلسة العامة للمجلس لمناقشة التعديلات خلال الأسبوع الجاري، على أن يقتصر تشديد العقوبة على مرتكبي هذه الجريمة من الأطباء أو أفراد الأطقم الطبية؛ وأن يتمسك النواب بالعودة لتعريف الختان في النص الوارد بالمشروع الأصلي المقدم من الحكومة  

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  • للمزيد: بيان بخصوص التعديلات المقترحة في 9 فبراير الماضي من قوة العمل المناهضة لختان الإناث في مصر، وتضم كلًا من: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مؤسسة المرأة الجديدة، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، ائتلاف الجمعيات الأهلية لمناهضة ختان الإناث، الاتحاد النوعي للجمعيات العاملة لمناهضة الممارسات الضارة ضد المرأة والطفل، مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي، مبادرة الحب ثقافة، مبادرة المحاميات المصريات، مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانوني، الائتلاف المصري لحقوق الطفل، الجمعية المصرية للتنمية الشاملة، مؤسسة سالمة لتنمية النساء: https://cutt.ly/0xBIrqf