جاسر عبد الرازق في خطر والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية تحمل النيابة العامة المسئولية الكاملة
بيان صحفي
استدعت نيابة أمن الدولة العليا اليوم 23 نوفمبر، جاسر عبد الرازق، المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، لاستكمال التحقيقات بشأن الاتهامات الموجهة له على ذمة القضية 855 لسنة 2020 والتي يواجه فيها اتهامات بعضوية جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، واستخدام حساب من حسابات التواصل الاجتماعي لترويج معلومات كاذبة من شأنها تكدير السلم والأمن العام.
تمكّن محامو المبادرة المصرية، والمحامون المتضامنون معهم، من رؤية جاسر أخيرًا للمرة الأولى منذ إلقاء القبض عليه يوم الخميس الماضي 19 نوفمبر. صرّح جاسر في التحقيقات بخضوعه لمعاملة مهينة ولا إنسانية في محبسه تعرض صحته و سلامته لخطر جسيم حيث لم يُسمح له بالخروج من الزنزانة على الإطلاق طوال الفترة الماضية، ولم يتوفر له مكان للنوم حيث ينام على سرير معدني بدون “مرتبة” ولا غطاء، سوى بطانية خفيفة. وتم تجريده من كافة متعلقاته وأمواله ولم يتحصل إلا على قطعتي ملابس خفيفة “صيفية” ولم يسمح له بالتعامل مع كانتين السجن، علاوة على قص شعره بالكامل.
أثبت المحامون ما ذكره جاسر في التحقيقات، كما طالبوا بالذهاب لمحبس جاسر لتحديد المسئولين عن هذه المعاملة. هذا وسيتوجه المحامون غدًا بشكوى رسمية لمكتب النائب العام تُفصلّ وقائع إساءة المعاملة التي يتعرض لها جاسر. كما طالب المحامون بانتداب قاضي تحقيق لاستكمال التحقيقات حيث لم تتح نيابة أمن الدولة العليا للمحامين الاطلاع على محاضر التحريات أو الانفراد بالمتهم.
كان جاسر عبد الرازق قد أُلقي القبض عليه يوم الخميس الماضي، 19 نوفمبر، كما سبق الذكر بعد القبض على كل من كريم مدحت عنّارة، مدير وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة يوم 18 نوفمبر، ومحمد بشير المدير الإداري بالمبادرة يوم 15 نوفمبر. ويواجه الزملاء الثلاثة اتهامات متماثلة “بعضوية جماعة إرهابية” و “استخدام حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر أخبار ومعلومات كاذبة من شأنها الإخلال بالسلم والأمن العام”. ولم يُواجه أي من المتهمين الثلاثة بأدلة أو محاضر تحريات تدعم تلك الاتهامات المرسلة بينما تركزت التحقيقات حول مجمل نشاط المبادرة في السنوات الأخيرة، خصوصًا رصدها وتوثيقها لانتهاكات حقوق الإنسان في أماكن الاحتجاز والسجون والزيادة غير المسبوقة في إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام. وهو ما تكرر اليوم مع جاسر عبد الرازق حيث سألته النيابة عن 18 بيان وعدد من تقارير المبادرة المتعلقة بمراقبة منظومة العدالة الجنائية في مصر. ويدعم هذا التركيز ما ذهبنا إليه في بياناتنا وتصريحاتنا السابقة أن ما تواجهه المبادرة هو هجوم منسق الغرض منه “عقابها” على مجمل نشاطها.
إن السلطات المصرية لم تكتف بالمخالفات الصريحة للدستور والقانون المصريين عندما احتجزت زملاءنا لساعات طويلة معصوبي الأعين في مقرات قطاع الأمن الوطني، واستجوابهم بدون حضور محاميهم، وعدم مواجهتهم بتحريات أو أدلّة يعتد بها، وعدم تمكين المحامين من الانفراد بالمتهمين، وحبسهم احتياطيًا بدون ضرورة، ولكنها بتعمد التنكيل بجاسر بالشكل المذكور تخالف الدستور والقانون مخالفات صريحة إضافية. فالدستور المصري ينص في المادة 55 على أن "كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامته، ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، ولا يكون حجزه، أو حبسه إلا فى أماكن مخصصة لذلك لائقة إنسانيًا وصحياً”. أما المادة 82 من لائحة تنظيم السجون - التى تقرر عقوبة بالوضع فى غرفة شديدة الحراسة - قد وضعت اشتراطات صحية للغرفة لا تتوافر في حالة جاسر، وذلك مع الأخذ في الاعتبار أن جاسر عبد الرازق محبوس احتياطيًا وليس محكوماً عليه ولم نعلم أنه يخضع لعقوبة الوضع في غرفة شديدة الحراسة. وحددت المادة 83 من لائحة تنظيم السجون كيفية تأثيث غرفة المحبوس احتياطيًا، والتي لم يتوافر أي شئ منها في حالة جاسر.
ولمّا كانت السجون تخضع للإشراف القضائي، وفقًا للمادة 55 من الدستور المصري، فإننا نحمل النيابة العامة المسئولية الكاملة عن صحة وسلامة جاسر عبد الرازق التي تعرضها ظروف محبسه لخطر جسيم، ونطالبها بالاستجابة الفورية لمطالب محامينا بالتوجه لمحبس جاسر وتحديد المسئولين عن هذه المعاملة اللاإنسانية. كما نكرر مطالبنا بالإفراج الفوري عن جاسر عبد الرازق وكريم عنّارة ومحمد بشير وباتريك جورج زكي - عضو فريق المبادرة المحبوس احتياطيًا منذ فبراير الماضي باتهامات مشابهة - وإسقاط كافة التهم المرسلة الموجهة لهم.
وتعرب المبادرة عن امتنانها العميق لحملة التضامن المحلي والدولي غير المسبوقة التي كشفت عنها محنة زملائنا الأربعة، ونرى فيها تعبيرًا عن جوهر رسالتنا في الانحياز المبدئي غير المشروط لكل ضحايا الحرمان الاقتصادي والتهميش الاجتماعي والاستبداد السياسي في عالمنا. وندعو جميع المؤمنين بهذه الرسالة في مصر والعالم إلى تكثيف ومواصلة تضامنهم حتى حصول زملائنا الأربعة على حريتهم، والذين يشكل حبسهم جانبًا بسيطًا من صورة أكبر تتسم بانتهاكات ممنهجة لمجمل الحقوق المكفولة دستوريًا وإهدار لمبدأ سيادة القانون في بلدنا لم تشهده من قبل.