بعد القبض على المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: المبادرة فخورة بدفاعها عن حقوق المصريين وتدعو كل المهتمين بحقوق الإنسان للتضامن معها
بيان صحفي
في تصعيد جديد لحملتها الأمنية غير المسبوقة والممنهجة ضد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ألقت السلطات المصرية القبض علي جاسر عبد الرازق المدير التنفيذي للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية من منزله بالمعادي علي يد قوة أمنية واقتادته إلى جهة غير معلومة. وتحمّل المبادرة المصرية أجهزة الأمن والدولة في مصر مسئولية سلامة مديرها وأمنه الشخصي.
وكانت أجهزة الامن قد اعتقلت اثنين اخرين من العاملين بالمبادرة المصرية في الأيام القليلة الماضية حيث قامت ظهر الأمس 18 نوفمبر بإلقاء القبض على كريم عنّارة، مدير وحدة العدالة الجنائية بالمبادرة، في مدينة دهب بجنوب سيناء بعد ان قامت فجر الأحد 15 نوفمبر بالقبض على المدير الاداري للمبادرة محمد بشير من منزله.
وبعد التحقيق معه في أحدى مقرات أمن الدولة خارج القاهرة، وبعد مرور 24 ساعة على اعتقاله، جرى تحقيق مع كريم عنارة بعد ظهر اليوم الخميس 19نوڤمبر أمام نيابة أمن الدولة العليا في القاهرة. وبعد التحقيق معه لمدة أربع ساعات، أمرت النيابة بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق في القضية 855 لسنة 2020 ووجهت له الاتهامات التالية:
- الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها،
- استخدام حساب خاص على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بهدف نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام،
- إذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام والإضرار بالمصلحة العامة.
واستندت تلك الاتهامات على ما وصفته تحريات الاجهزة الامنية بأنه " المشاركة والاتفاق مع جماعة إثارية داخل السجون بهدف ترويج شائعات من شأنها تكدير السلم والأمن العام".
وكانت نيابة أمن الدولة العليا قد حققت مع بشير، المدير الاداري، قبلها ووجهت له عدّة تهم من ضمنها “الانضمام لجماعة إرهابية” و"ارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب"، وأمرت بحبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق بعد ضمه لذات القضية.
وتزامنت هذه الاجراءات مع حملة اعلامية منسقة متشابهة المضمون والرسائل في عدد من وسائل الإعلام المملوكة للدولة أو المعروفة بقربها من الأجهزة الأمنية وركزت على تشويه نشاط المبادرة وتاريخ عملها في المجال الحقوقي لما يقارب العشرين عامًا. وتضمن هذا الهجوم اتهامات مرسلة وواهية حول سعي المبادرة المصرية "لزعزعة أسس الدولة المصرية ومحاربة استقرارها".
ومن المذهل ان تطارد اجهزة الامن منظمة حقوقية معروفة داخل وخارج ومصر ولها عشرات التقارير والابحاث المنشورة والمعروفة ويرأسها واحد من اطول العاملين عمرا في المجال الحقوقي المصري بهذه الاتهامات الموجهة حتى الان للمقبوض عليهم من العاملين في المؤسسة. ومن الواضح ان الحملة الاعلامية التي تسعى لوصم وتشويه عشرات من الناشطين المشهود لهم بالنزاهة والخبرة الطويلة والتجرد في مجال عملهم هي في نهاية الامر رد فعل منسق وموجه بسبب نشاط المبادرة المصرية وعملها على عدد من الملفات على رأسها مراقبة أوضاع أماكن الاحتجاز والسجون، خصوصًا في ظل جائحة كوفيد -19، ورصدها للمعدلات غير المسبوقة لإصدار وتنفيذ أحكام الإعدام، هذا بخلاف رصدها وتوثيقها لوقائع العنف الطائفي والتمييز ضد النساء وكافة الأفراد والجماعات المخالفين للسائد من رؤى دينية أو ميول وممارسات جنسية، وعملها البحثي الرائد في مجال تعزيز حالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ان الاستهداف الشرس امنيا واعلاميا للمبادرة المصرية هو ببساطة نتيجة جهودها في الدفاع عن حقوق المصريين والمصريات الأساسية والتي يكفلها دستور البلاد والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الحكومات المصرية المتعاقبة.
وتأتي هذه الاجراءات العقابية غير المسبوقة كرد فعل مباشر على نشاط المبادرة المصرية في مجال الدفاع والمناصرة الدوليين، خصوصًا لقاءاتها العلنية والمشروعة مع عدد من البعثات الدبلوماسية وآخرها لقاء عقد في مقر المبادرة يوم 3 نوفمبر مع 13 سفيرًا ودبلوماسيا معتمدين في القاهرة من اجل استعراض أوضاع حقوق الإنسان. هذه الدول وغيرها هي دول اعضاء في الامم المتحدة تعهدت هي ومصر من خلال مجلس حقوق الانسان بالعمل سويا على تحسين اوضاع حقوق الانسان في العالم وبفتح ملفاتها في هذا المجال امام بعضها البعض وبادماج منظمات المجتمع المدني في عمل المجلس ومنحها الحق في تقديم تقارير ومخاطبة المجلس. ولم يكن هذا اللقاء الأول من نوعه ولن يكون الأخير، فأنشطة الدعم والمناصرة الدوليين تشكل جزءًا أساسيًا من صميم عمل المبادرة الهادف لتحسين أحوال حقوق الإنسان لعموم المصريين، ولا تخرج عن الإطار القانوني والدستوري الحاكم لعملها أو لعمل تلك البعثات.
إن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ليس لديها ما تخفيه وهي تعتز بنشاطها الطويل والمستمر في الدفاع عن حقوق المصريين والمصريات، والتواصل مع كل الأطراف الداخلية والخارجية التي تبدي اهتمامًا بتحسين أوضاع حقوق الإنسان. وما تقوم به المبادرة ومثيلاتها من منظمات حقوق الانسان المصرية ليس نشاطًا استثنائيًا أو غريبًا أو مُجرّمًا، بل إن من يلجأ لحبس المدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في هذا المجال هو من يسعى لإخفاء واقع الانتهاكات المتصاعدة لتلك الحقوق وكتم أي صوت مستقل ومهني يسعى لكشفها وتوثيقها.
وتشدد المبادرة المصرية على أن هذه الانتهاكات المتتالية والحملة الشرسة ضد المدافعين عن حقوق الانسان هي ذاتها تعدي خطير على "أسس الدولة المصرية" التي ينص دستورها في مادته الأولى على مبادئ "المواطنة وسيادة القانون".
وترى المبادرة المصرية ان القبض على مديرها جاسر عبد الرازق هو محاولة لوضع نهاية للعمل الحقوقي المنظم والمشروع في مصر. وتدعو المبادرة المصرية كافة المؤسسات والأفراد المهتمين بتحسين وتعزيز أوضاع حقوق الإنسان في مصر والعالم إلى التضامن مع المبادرة المصرية في مواجهة هذه الهجمة الشرسة، حرصًا على ما تبقى من مساحات للدفاع عن الحريات والحقوق الدستورية، بعدما تآكلت تلك المساحات خلال السنوات الماضية بفعل التشريعات المقيدة أو التعقب الأمني أو التشويه الإعلامي. والخطوة الأولى في هذا التضامن هو استخدام كافة الوسائل للمطالبة بالإفراج الفوري عن جاسر عبد الرازق وضمان سلامته الشخصية، وكذلك الإفراج الفوري عن محمد بشير وكريم عنارة وإسقاط كافة الاتهامات المختلقة الموجهة لهما.