حرية مع إيقاف التنفيذ: نيابة أمن الدولة تخلي سبيل 88 معتقلاً مع استمرار حبسهم في ظل "التدوير"

خبر

25 ديسمبر 2024

نددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بقرارات نيابة أمن الدولة العليا إخلاء سبيل 88 متهمًا موزعين على 16 قضية مفتوحة خلال الفترة ما بين 2018  و 2022، مع استمرار حبسهم جميعًا وذلك خلال خلال أيام 17 و18 و24 ديسمبر الجاري. وقالت المبادرة المصرية إن المتهمين قضوا في الحبس الاحتياطي مددًا تجاوزت الحد الأقصى القانوني الذي تحدده المادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية بعامين؛ وإن منهم من تخطى حبسه الاحتياطي خمس سنوات دون استكمال التحقيق أو المواجهة بأي أدلة. 

من بين الـ 88 متهمًا  الصادر بشأنهم قرار إخلاء السبيل الذي لن ينفذ، محمود شعبان غانم (عامل، 39 عامًا)، موكل المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والذي ألقي القبض عليه من منزله في أكتوبر 2018، ولم يظهر أمام نيابة أمن الدولة إلا في فبراير 2019، والتي حققت معه وأمرت بحبسه احتياطيًا على ذمة القضية 277  لسنة 2019 حصر نيابة أمن الدولة لاتهامه بالانضمام إلى جماعة إرهابية، وبعد ما يقرب من ست سنوات من الحبس الاحتياطي غير القانوني، قررت نيابة أمن الدولة تدويره على ذمة قضية جديدة برقم 1095 لسنة 2022، وحققت معه على ذمتها لأول مرة بعد أكثر من عامين على ظهورها، قبل أن تتم إحالته للمحاكمة على ذمتها مباشرة.

إلى جانب غانم، أمرت نيابة أمن الدولة -نظريًا- بإخلاء سبيل عشرة متهمين على ذمة القضية 1358 لسنة 2019 والمعروفة إعلاميًا باسم "قضية حزب الاستقلال"، التي استمر حبسهم على ذمتها لأكثر من خمس سنوات قبل أن يتم تدويرهم وإحالتهم للمحاكمة على ذمة قضية أخرى. وتجدر الإشارة أنه من بين المتهمين على ذمة هذه القضية " إيهاب جحا،  الذي استمر حبسه على ذمتها لأكثر من خمس سنوات، قبل وفاته نوفمبر الماضي في محبسه، بسبب حرمانه من تلقي الرعاية الطبية.

ما حدث للمتهمين الـ 88 كالتالي: قامت نيابة أمن الدولة العليا بـ "تدويرهم" أثناء حبسهم الاحتياطي غير القانوني، على ذمة قضايا مقيدة لعام 2022، ظهرت بعدما قضوا سنوات محبوسين احتياطيًا، بينما لم يتم التحقيق معهم فيها إلا بعد سنتين على الأقل من ظهورها. وبعد تحقيق واحد، تمت إحالتهم على ذمة القضايا الجديدة. وبعد ذلك صدر قرار إخلاء السبيل في القضايا القديمة، ليبدأ بذلك حبسهم الاحتياطي المفتوح على ذمة القضايا التي من المزمع تداولها أمام المحكمة.

تغيرت في الآونة الأخيرة سياسة النيابة العامة التي اعتمدت من خلالها على الحبس الاحتياطي المطول بمخالفة القانون، وبدأت مؤخرًا في إحالة عدد من القضايا للمحاكمة مع استمرار حبس المتهمين رغم تخطيهم المدة القصوى للحبس الاحتياطي. هناك نوعان من المتهمين المحالين مؤخرًا للمحاكمة: النوع الأول هم المحبوسون منذ سنوات على ذمة القضية ذاتها وبعد إحالتهم للمحاكمة على ذمتها من المفترض أن يتم احتساب مدة الحبس الاحتياطي ضمن مدة العقوبة المحكوم عليهم بها في حالة الإدانة. أما النوع الثاني فهم الحالات المشابهة للـ 88 متهمًا المقضي بإخلاء سبيلهم بعد تدويرهم مؤخرًا، حيث  لن يستفيدوا من خصم مدة الحبس الاحتياطي من الحكم الذي قد يصدر بحقهم فى القضية الجديدة لأن حبسهم على ذمتها بدأ مؤخرًا منذ يوم صدور قرار بإخلاء سبيلهم على ذمة القضية الأولي.

موقف النيابة العامة غير مفهوم، حيث أمرت بحبس مواطنين دون إدانة لسنوات، وأبقت عليهم رهن الحبس الاحتياطي بمخالفة القانون، بينما لم تتصرف في هذه القضايا المفتوحة منذ سنوات سواء بالحفظ، ما يطرح تساؤلات حول جدية هذه القضايا من الأساس. ثم أصبحت تلجأ إلى تدويرهم وإحالتهم للمحاكمة على ذمة قضايا جديدة لتتهمهم بارتكاب ذات "الجرائم" السابقة، لكن أثناء وجودهم في عهدة وزارة الداخلية. من ناحية أخرى، تتمسك نيابة أمن الدولة بدورها كسلطة اتهام، فيما تتجاهل دورها باعتبارها سلطة تحقيق، حيث  لم تجر نيابة أمن الدولة تحقيقًا جادًا واحدًا في أي من القضايا المذكورة، وقررت الاكتفاء بتبني الرواية الواردة في تحريات ضباط قطاع الأمن الوطني.

توقيت قرار إخلاء السبيل، والأسماء الواردة به تؤكد أن صدوره جاء انتقائيًا وليس احترامًا للقانون، وإنما لضمان استمرار احتجاز المتهمين المذكورين  لأطول فترة ممكنة. فعلى سبيل المثال، لم تقرر نيابة أمن الدولة إخلاء سبيل موكل المبادرة المصرية محمد أحمد سعد كلة  المحبوس على ذمة القضية 930 لسنة 2019 منذ أكثر من خمس سنوات، رغم أنها أخلت سبيل متهمين على ذمة القضية نفسها ولهم الموقف القانوني نفسه، لكن الفرق أن كلة لم يتم تدويره بعد، وبالتالي لن يوجد ما يضمن استمرار احتجازه إذا صدر قرار بإخلاء سبيله الآن. 

تستنكر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أداء نيابة أمن الدولة العليا، الذي تعتمد فيه على الحبس الاحتياطي المطول بمخالفة القانون، فضلًا عن التمسك بممارسة التدوير، والشروع في إحالة العشرات للمحاكمة في قضايا خلقت أثناء احتجازهم، بدلًا من محاكمتهم على ذمة القضايا المتهمين على ذمتها منذ سنوات على أقل تقدير فضلًا عن إنهاء اعتقاله الجائر بتهم ملفقة. وتطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النائب العام المستشار محمد شوقي بالتدخل العاجل لإخلاء سبيل كافة المحبوسين احتياطًيا لمدد تتجاوز الحد الأقصى القانوني، والتصرف بحفظ كافة القضايا المفتوحة منذ سنوات دون استكمال التحقيقات أو ظهور أدلة حقيقية وجادة بها.