حكم استئناف صادم بالحبس عامين والاختبار القضائي ضد الطفلة موكا حجازي باتهامات من "قانون مكافحة الدعارة"
بيان صحفي
.Read the English version here
على النيابة العامة التوقف فورًا عن توجيه اتهامات "اعتياد ممارسة الدعارة والفجور" للأطفال كما يعرفهم قانون الطفل المصري وعليها حماية ضحايا الاتجار بالبشر كما تنص التزاماتها
تدين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكم الصادر بالأمس الثلاثاء ٣١ مايو ٢٠٢٢ من محكمة جنح مستأنف طفل على موكلة المبادرة موكا حجازي (اسم شهرة)، من مواليد يناير ٢٠٠٥، والبالغة من العمر ١٦ عامًا وقت الوقائع محل المحاكمة. جاء الحكم بالحبس سنتين طبقًا للمادة ١٤ من قانون رقم ١٠ لعام ١٩٦١ "لمكافحة الدعارة" لل “إعلان بأي طريقة من طرق الإعلان دعوة تتضمن إغراء بالفجور أو الدعارة"، بالإضافة لحكم آخر بوضعها تحت الاختبار القضائي طبقًا للمادة ٩ من نفس القانون ل “اعتياد ممارسة الدعارة". والاختبار القضائي كما يعرفه قانون الطفل في المادة ١٠٦ هو "وضع الطفل في بيئته الطبيعية تحت التوجيه والإشراف ومع مراعاة الواجبات التي تحددها المحكمة، ولا يجوز أن تزيد مدة الاختبار القضائي على ثلاث سنوات، فإذا فشل الطفل في الاختبار عرض الأمر على المحكمة لتتخذ ما تراه مناسبا من التدابير الأخرى".
وتستنكر المبادرة المصرية قرار النيابة العامة منذ اللحظة الأولى في مسار القضية بمعاملة موكا حجازي بصفتها متهمة بينما في نفس الوقت تحقق مع شخص آخر وتحيله إلى المحكمة - التي تدينه لاحقًا - بتهمة الاتجار بالبشر لاتجاره بالمتهمة نفسها واستغلالها جنسيًا وتجاريًا بتصوير ونشر الصور والمقاطع محل التحقيق والمحاكمة. فإذا كانت إدانة المتهم تخلع عن الفتاة المسؤولية القانونية عن تلك الأفعال، فلا يتسق ذلك مع إدانة المحكمة لها بتهمة "إعلان دعوة تتضمن إغراء بالدعارة" على نفس المقاطع والصور التي لم تصورها أو تنشرها بنفسها. وذلك علمًا بأن التقرير التقني للقضية أشار إلى أن الصور والمقاطع كانت مسجلة على هاتفه هو.
وتقول محامية المبادرة عزيزة الطويل ووكيلة موكا حجازى إن من المفترض أن قانون الاتجار بالبشر يضمن للمجني عليهن في قضايا الاتجار حزمة من الحقوق التي تهدف لحماية المجني عليهم/ن والتي لم تحصل موكا حجازي على أي منها. فقد تجاهلت النيابة العامة حملات التشهير بالمجني عليها في وسائل إعلامية مختلفة - وصمتها وعرضت حياتها للخطر؛ حيث لم تتورع عن نشر اسمها الرسمي وتفاصيل بياناتها الشخصية - وهو ما يتعارض مع مسؤولية كل من النيابة والمحاكم المختلفة في حماية هوية ضحايا الاتجار بالبشر. والأفدح، اتهام طفلة ب"اعتياد ممارسة الدعارة"، بما يخالف نهج المشرع في قانون العقوبات الذي لم يعتدّ برضاء الطفل في جرائم هتك العرض، واعتبره ضحية رغم عدم استخدام القوة أو التهديد، وغلّظ العقوبة على الجاني حال كون المجني عليه/ا دون سن الثامنة عشر.
تم إلقاء القبض على موكا حجازي في يوليو ٢٠٢١ بدون محضر ضبط وبدون تلبس، بعد ما أسمته تحريات وزارة الداخلية "مطالبات من مواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي بضبطها أسوة بمشاهير مواقع التواصل الاجتماعي ممن هن على شاكلتها". بالإضافة إلى هذا، تحركت الداخلية بناء على بلاغ تقدم به أحد المحامين المعروفين بملاحقتهم لصانعات المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة هؤلاء الآتيات من خلفيات اجتماعية واقتصادية غير ميسورة. ثم تم التحقيق مع موكا بدون حضور محام، وهو حقها القانوني الأصيل خاصة لكونها طفلة. بعد ذلك بأيام، ألقت الشرطة القبض على شخص تقدمت موكا حجازي ببياناته باعتباره صاحب الهاتف الذي تم استخدامه في تصوير الصور والفيديوهات محل التحقيق، وبالإشارة إلى أنه هو الذي يطلب منها التصوير ويقرر محتواه. استمرت منذ ذلك الحين الانتهاكات ضد موكا برفض إخلاء سبيلها بالتزامن مع معاملة النيابة العامة لها بصفتها مجنيًا عليها في قضية اتجار بالبشر واستغلال أطفال طبقًا لقانون الطفل، ثم التحقيق معها كمتهمة في عدة اتهامات اختلفت في مراحل التحقيق المتتالية، اختتمتها بإحالتها للمحاكمة باتهامي ممارسة الدعارة والإعلان طبقا لقانون مكافحة الدعارة . هذا بالإضافة إلى احتجازها بدار لرعاية الأحداث - مكان احتجاز لمن هم دون ال ١٨ سنة.
من جهة أخرى، أحالت النيابة العامة الشخص الذي اتهمته بالاتجار بموكا حجازي للمحاكمة بتهمة الاتجار بالبشر، وعهدت لنيابة الطفل بالنظر في موقف موكا حجازي نفسها، فأحالتها نيابة الطفل للمحاكمة أمام محكمة جنح الطفل باتهامات "الإعلان عن دعوة تتضمن الإغراء بالدعارة" و"اعتياد ممارسة الدعارة". وعليه، حكمت عليها المحكمة في فبراير من العام الجاري بحبسها سنة على التهمة الأولى، وسنتين على التهمة الثانية. وأخيرًا صدر أمس الحكم الصادم بتأييد اﻹدانة فى التهمتين مع استبدال عقوبة التهمة اﻷولى السالبة للحرية بالاختبار القضائي.
تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النيابة العامة بالتوقف فورًا عن توجيه الاتهامات الأخلاقية لكافة المجني عليهن في قضايا العنف الجنسي والاستغلال الجنسي والاتجار بالبشر. كما تطالب المبادرة بشكل خاص بالتوقف فورًا عن توجيه الاتهامات بمواد "قانون مكافحة الدعارة" لمن هم دون الثامنة عشر من العمر، بالتوقف عن تجريم النساء والفتيات ضحايا الاتجار بالبشر. ذلك أن توجيه النيابة الاتهامات لكل الأطراف في تلك القضايا - جناةً كانوا أو مستغلين أو مجني عليهن - يرسل رسالة واضحة بأن الضحايا لسن في مأمن، ولا يستطعن التوجه لجهات تفعيل القانون خوفًا من أن يصبحن هن أنفسهن متهمات. إن على النيابة العامة النظر للقوانين المصرية كحزمة تكمل بعضها البعض، وترسم معًا منطقًا متطورًا واضحًا يسعى نحو حماية الأطفال من اعتداءات البالغين واستغلالهم، وعدم الاكتفاء بالتعامل مع المواد القانونية بمعزل عن بعضها البعض كمواد متناثرة بلا منطق يحكمها. وبشكل عاجل تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بأن يصدر رئيس الجمهورية عفوًا عن موكا حجازي (اسم الشهرة) في الحكم الصادر ضدها، وإخلاء سبيلها فورًا، مع تقديم مسكن ودعم نفسي لها بما يتفق مع كونها مجنيًا عليها طبقًا لحكم دائرة الاتجار بالبشر في ١٣ أبريل ٢٠٢٢، وبما يتسق مع التزامات مصر الدولية التي تعلنها بشكل متكرر بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، وحماية المجني عليهم أو عليهن فيها.