المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تطلق تقريرها عن "فاتورة الأخطاء الأربعة: الخطة المصرية- الصندوقية لرفع أسعار الطاقة"
بيان صحفي
أكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن خطة رفع الدعم عن الطاقة التي تَبنَّتها الحكومة خلال السنوات الست الماضية كانت فرصة للتمييز بين ما يعرف بـ"الدعم الجيد" و"الدعم الضار"، وبالتالي تعزيز الأول والحد من صور الأخير. كما كانت فرصة لتطوير إطار الحوكمة في الهيئات الحكومية المسؤولة عن منظومة الدعم، لدرء أي شبهات فساد أو تبذير للمال العام.
ولكن، أضاعت مصر تلك الفرصة، حتى الآن، بحسب الورقة التي تنشرها المبادرة المصرية اليوم السبت الموافق 17 أكتوبر بعنوان: "فاتورة الأخطاء الأربعة: الخطة المصرية-الصندوقية لرفع أسعار الطاقة". والذي يتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة الفقر. وتنطلق من مبدأ: "طاقة نظيفة مكفولة للجميع بأسعار معقولة"، وهو الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة التي تتبنى الدولة المصرية تحقيقها (مصر 2030).
"توضح الورقة كيف أخفقت خطة تخفيض دعم الطاقة في حماية الملايين من المصريين من السقوط تحت خط الفقر. وأصبح الوضع اليوم هو أن فقراء المصريين ومتوسطي الدخل يدعمون الطاقة التي يستخدمها الأغنياء"، بحسب الباحثة سلمى حسين.
ومنذ عام 2019، تتراجع الحكومة أكثر عن تحقيق العدالة في الطاقة، فهي تحافظ على الأسعار عند مستوًى مرتفع بالنسبة إلى الأفراد، بينما تخفِّض أسعار الطاقة الموجهة إلى الشركات. وجدت الورقة أن شركة واحدة تلقَّت مساندة بلغت 3.3 مليار جنيه في النصف الأول من عام 2020 ويتضاعف حجم المساندة بنهاية العام، بحسب نفس الورقة، معظمها ناتج عن تخفيض سعر الغاز الطبيعي. "يأتي هذا في الوقت الذي خفَّضت فيه الحكومة ميزانية الدعم التمويني في عام الجائحة والأزمة الاقتصادية"، تلاحظ حسين.
كان الهدف الذي يدعو إليه صندوق النقد الدولي من برنامج تقليص دعم الطاقة هو تحقيق وفر في الموازنة العامة من أجل إعادة توجيهه إلى الإنفاق الاجتماعي والتعليم والصحة. ولكن وفقًا لحسابات الورقة، كان الوفر ضئيلًا يبلغ حوالي 1.1% فقط من إجمالي الإنفاق العام في 2018-2019 (آخر بيانات رسمية متاحة)، وذلك رغم الارتفاعات المتكررة في أسعار بيع الطاقة منذ ست سنوات.
كما أن الأموال الموجهة إلى الإنفاق الاجتماعي لم تَكفِ للإبقاء على مستوى معيشة المواطنين الذي ساد قبل بدء تطبيق هذا البرنامج الاقتصادي. وترتَّب على ذلك انخفاض الدخل الحقيقي لمعظم الأسر المصرية.
وأدى الاتفاق مع صندوق النقد إلى التراجع عن مبدأ أساسي في تقليص الدعم، وهو التدرج، فالتدرج في رفع أسعار الطاقة ضروري من أجل التخفيف من الآثار التضخمية، حتى لا يعاني المواطنون من تدهور مستويات معيشتهم. "بعد تعويم الجنيه، انخفضت فاتورة دعم الطاقة بأكثر من 70 مليار جنيه في عام واحد، وهو مبلغ يفوق كل الإنفاق على الصحة"، بحسب حسين.
وأخيرًا، توضح الورقة أن هيئات حكومية، هي هيئة البترول وهيئة الكهرباء، وكلتاهما مشكوك في كفاءة إدارتها، تحصل على دعم من الدولة يقدَّر بالمليارات، حتى لو كانت رابحة (أو يفوق الدعم خسائرها لو كانت خاسرة)، وتعيد تلك الهيئات توزيع هذا الدعم على الشركات والبيوت، بدون أي شفافية ولا إفصاح ولا مشاركة. وهذا النموذج يأتي على عكس هيئات اخرى مثل السكة الحديد، التي تموِّل الحكومة خسائرها فقط، وأدت كل تلك الأخطاء إلى أن تدفع الشرائح الأفقر فاتورة مرتفعة.
تعتبر الكهرباء نموذجًا على هذه النتيجة، فعلى الرغم من تعريف كلٍّ من البنك الدولي والأمم المتحدة لدعم الكهرباء للفقراء على أنه دعم "جيد"، فالخطة المصرية التي دعَّمها كلٌّ من البنك والصندوق الدوليين تسببت في زيادات تراكمية في فواتير الكهرباء التي تدفعها الشرائح الفقيرة ومتوسطة الدخل بلغت 218%، و271% على الترتيب، منذ عام 2011 وحتى 2017-2018.