عين على الدين: عن المراجعة الثالثة لصندوق النقد

المزيد من التضخم…المزيد من الألم للمصريين

 

عادت معدلات التضخم في مصر للارتفاع في أغسطس وسبتمبر الماضيين، بعد أن أخذت اتجاهًا نزوليًا في الشهور السابقة. ويأتي ارتفاعها مدفوعًا باستمرار الحكومة في تنفيذ إجراءات برنامج صندوق النقد وعلى رأسها رفع أسعار الطاقة والكهرباء.

وفي أعقاب تأجيل المراجعة الرابعة لقرض صندوق النقد لمصر للمرة الثانية من أوائل أكتوبر إلى نوفمبر من العام الجاري، وقبيل الاجتماعات السنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين الجارية حاليًا في واشنطن, والتي تشارك المبادرة المصرية في فعاليتها؛ قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إنه إذا كانت الإجراءات المتفق عليها مع الصندوق ستزيد الضغوط على المصريين بشكل غير محتمل فينبغى مراجعتها. في الوقت نفسه، وبحسب تصريحات صحفية لمسؤول حكومي طلب عدم ذكر اسمه لـ "سي إن إن الاقتصادية" العربية، تواصلت الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي للاتفاق على تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها في برنامج القرض، «لكن على مدة أطول». جاءت هذه التصريحات بعد أيام من رفع الحكومة أسعار الوقود للمرة الثالثة هذا العام في أكتوبر مما ينذر بموجة جديدة من ارتفاع الأسعار، بفعل تأثير الطاقة في قطاعات اقتصادية عديدة على رأسها النقل. 

ويتزامن صدور التقرير الثاني من "عين على الدين" عن قرض 2023 مع الاجتماعات السنوية للبنك والصندوق الدوليين في واشنطن. وفي التقرير ترصد المبادرة المصرية الإجراءات التي تم الاتفاق عليها في المراجعة الثالثة للقرض، وما تم تنفيذه منها، وتحلِّل الآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على تنفيذ شروط الصندوق.
خلال المراجعة الثالثة، التي تم إقرارها آخر يوليو الماضي، أعاد الصندوق التأكيد على عدد من الشروط الأساسية لبرنامج التسهيل الائتماني الممتد، ويعد أهم تلك الشروط هي الاستمرار في الحفاظ على مرونة سعر الصرف في مصر. ومنذ منتصف مايو سمح المركزي للجنيه بهامش أكبر للحركة أمام الدولار، انخفض سعر الصرف من نقطة دنيا 46.7 جنيه لكل دولار، ليرتفع الدولار تدريجيا ليصل ل49.2 جنية لكل دولار، مثل ذلك تحريكًا لسعر الصرف بحوالي 5٪ وهي نطاق حركة يحقق شرط الصندوق بالمرونة النسبية لسعر الصرف. 

جاء تحريك السعر الأكبر مع موجات البيع التي ضربت البورصات العالمية في بداية أغسطس 2024 والتي دفعت لخروج الكثير من الأموال الساخنة، قدرت الحكومة الرقم بحوالي 7-8٪ فقط من ملكية الأجانب من أذون الخزانة المصرية ما يعني خروج 2.5 إلى 3 مليارات دولار في أيام قليلة. بالتالي احتاج المركزي لتحريك سعر الصرف نسبيًا، لكن في المستقبل إذا كانت موجة التخارج أكبر ففي الأغلب سيضطر المركزي لتخفيض سعر الصرف بنسبة أكبر.
يمثل هذا لب المشكلة في إدارة أزمة العملة الحالية، فرغم التدفقات النقدية الكبيرة من صفقات بيع الأصول مثل رأس الحكمة إلا أن المخاطر الناجمة عن تخارج الأموال الساخنة جراء أزمة عالمية أو محلية مازالت كبيرة، وإن حدثت سوف تؤدي لتخفيض جديد في سعر الصرف. لم يعالج الصندوق تلك المشكلة ضمن الشروط، بتحذير الحكومة من الاعتماد المفرط على الأموال الساخنة، لأن ذلك سوف يتطلب إجراءات تتعلق بالسيطرة على تلك التدفقات، وهو ما لا يشجعه الصندوق بشكل عام بل يحاول دائما النصيحة بعكسه وقت الأزمات. 

يقدم لنا تقرير المراجعة الدورية الثالثة للاتفاق صورة عن  تطور الأبعاد المختلفة لبرنامج مصر مع صندوق النقد الدولي، وكذلك الشروط والمخاطر المتعلقة بالبرنامج، بالتالي نحرص في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على أن نقدم تلك القراءة النقدية بشكل دوري، في تقارير عنوانها "عين على الدين" والتي تهتم بفهم الجوانب المختلفة المشروطية البرنامج وكذلك البدائل والملاحظات من المنطلق الاجتماعي والاقتصادي على تلك الجوانب. 

للاطلاع على التقرير كاملًا اضغط هنا

للاطلاع على التقرير السابق