ذاعت أنباء عن قرب تصالح حسنى مبارك فى قضية هدايا الأهرام مع تعهده برد عشرين مليونا مقابل إغلاق ملف القضية، وتزامن هذا مع إعلانات الحكومة المتكررة عن التصالح مع رجال أعمال من النظام السابق نظير دفع مبالغ مالية وإنهاء إجراءات المحاكمة، وعن قرب التصالح مع مجموعة من الوزراء السابقين الهاربين والمسجونين فى جرائم اعتداء على المال العام. ويتماشى هذا مع ما سبق وأعلنه الدكتور محمد سليم العوا، مستشار الرئيس لشئون العدالة الانتقالية عن إمكانية التصالح مع رموز النظام السابق من باب المصالحة الوطنية وحفظ استقرار الاقتصاد.
سريحة وارزقية وعلى باب الله، بيجروا على لقمة العيش ورزق العيال، وماحدش بياكلها بالساهل.. ديه صورة البياعين الجائلين لو بنبص عليهم من ناحيتهم او على الاقل بنحط نفسنا في مكانهم او بنبذل شوية مجهود يمكن نفهم ان العلة مش بس فيهم، وان بيهم ومعاهم نقدر نلاقي للمشكلة الف حلال..
قد يكون من المبكر القطع بتوجه الإخوان الاقتصادي، وموقفهم النهائي من قضايا العدالة الاجتماعية والنمو والتوزيع ودور الدولة في الاقتصاد إذ أن البرلمان الذي حظيت فيه الجماعة بأكثرية نسبية كان قصير العمر كما أن الرئيس المنتخب محمد مرسي لم يقض أكثر من شهر فحسب في المنصب الجديد. بيد أنه بالإمكان الحديث عن الميول العامة والتصورات الحاضرة لدى جماعة الإخوان فيما يتعلق بالسياسات العامة الاقتصادية والاجتماعية من واقع برنامج حزب الحرية والعدالة التابع للجماعة ومشروع النهضة والبرنامج الانتخابي للرئيس مرسي.
ثار جدل عاصف حول وضعية ما يسمى بالصناديق والحسابات الخاصة فى البرلمان خلال الشهرين الماضيين. وطالب العديد من البرلمانيين - خاصة من المنتمين للأغلبية الإخوانية - بإلغاء الصناديق الخاصة وضمها للموازنة العامة للدولة باعتبارها موارد مهدرة وعرضة للفساد والنهب. وجرى كلام عن إمكانية استخدام الأموال الموجودة فى الصناديق والحسابات الخاصة - وقد قدرها المركزى للمحاسبات بنحو 47 مليار جنيه - لسد العجز وزيادة الإيرادات الحكومية فى وقت تشتد فيه أزمة الدولة المالية. فهل الصناديق الخاصة شر مطلق؟ وهل دعاوى إلغائها وضمها لإيرادات الدولة خير أم حق يراد به باطل فى السياق السياسى الحالى؟
هل تعلم أن بإمكان المهندس أحمد عز ــ المسجون حاليا والمحبوس على ذمة قضايا فساد أخرى ــ التصالح مع الحكومة وإسقاط التهم الموجهة إليه حتى ولو صدر فى حقه حكم غير نهائى؟ هذا الكلام صحيح بالفعل، وينطبق على كل رجال الأعمال المتهمين بالفساد أو التربح أو إهدار المال العام والعدوان عليه طبقا للمرسوم بقانون رقم 4، والذى صدر فى 3 يناير 2012 قبيل انعقاد البرلمان بأسابيع قليلة، وتضمن القانون إضافة مادتين إلى قانون ضمانات وحوافز الاستثمار (رقم 8 لسنة 1997) بما يجيز التصالح مع المستثمرين فى الجرائم المالية وينظم إجراءات ذلك قانونيا وإداريا.
فى 12/12/2009 وقعت الحكومة المصرية قرضا مع البنك الدولى بواقع 300 مليون دولار لدعم برنامج التمويل العقارى الاجتماعى، والقرض هو ثانى أكبر قرض فى محفظة البنك العاملة بمصر، وكان المخطط هو صرف المبلغ على ثلاث شرائح سنوية بمبلغ 100 مليون دولار لكل شريحة على أن يكون المستفيد هو صندوق ضمان ودعم التمويل العقارى التابع لوزارة الإسكان، وطبقا لأوراق البنك الدولى فإن الهدف من القرض هو توفير رأس المال الكافى لدعم صغار المقترضين الذين يتقدمون للحصول على قروض للتمويل العقارى بحيث يتم تخفيض معدل الفائدة حال إثبات وقوعهم ضمن شرائح الدخل المستحقة للدعم.
الموازنة: هي الوثيقة السياسية التي تظهر انحيازات الدولة بوضوح، بدون أي دعاية أو خطب رنانة أو إدعاءات الانحياز للفقراء والمحرومين والمهمشين! وبما أن الموازنات العامة ليست حقيقة "عامة" في كثير من البلاد إما لأنها تحجب فعليا عن الرقابة البرلمانية والشعبية، أو لأنها تكتب بلغة تجعل الوصول إليها وقراءتها مقتصر على فئة يسيرة من خبراء المالية والاقتصاد.
بلغ الدعم الحكومى على مختلف أنواعه حوالى ربع الإنفاق العام فى موازنة حكومة شرف. وكان أكبر عنصرى دعم هما دعم الطاقة (72%) والسلع التموينية (19%). وخرج علينا مسئولون يقولون كالعادة بأن عبء الدعم الضخم هذا إنما يرجع لحرص الحكومة على محدودى الدخل والفقراء، وهو كلام لا يختلف كثيرا عن كلام يوسف بطرس غالى من قبل تماما كما لم تختلف الموازنة الحالية عن موازناته السابقة قبل سقوط النظام. فهل يذهب الدعم ــ الذى يتحمل تكلفته المواطنون دافعو الضرائب ــ حقيقة لمحدودى الدخل والفقراء؟ وإن كان لا يذهب لمستحقيه فأين ينتهى حقا؟.