نماذج من الشهادات الميدانية التي قام باحثو المبادرة بجمعها من متهمين وسجناء سابقين
هذا الملحق يضم نماذج من الشهادات الميدانية التي قام باحثو المبادرة بجمعها من متهمين وسجناء سابقين خلال الأعوام الأربعة الماضية.
تحذير: تحوي الشهادات ألفاظًا نابية
شهادة علاء
(أجرى المقابلة: داليا عبد الحميد- 2014)
الحفلة كانت يوم 4 نوفمبر 2013 _يوم عيد الحب المصري_ في فيلا في كومباوند جنب فندق الواحة. إللي منظمين الحفلة كانوا مأجرين جنينة الفيلا والأبواب كانت مفتوحة. كانت حفلة فخمة وفيه ديكور. بعد شوية البوكس جه، إللي منظم الحفلة قال مفيش حاجة. البوليس اختاروا أشخاص معينة (9 رجالة ومدام إللي كانت مسئولة عن الشيشة. الحفلة كان حاضرها حوالي 300 شخص ومعظمهم كانوا صغيرين في السن. الضابط اقترب مني وسألني إذا كنت شارب حاجة وطلب بطاقتي، بعدين قالي: تعالى معايا عشان أعرف إنت شارب حاجة ولَّا لأ.
من أول هذه اللحظة لحد ما وصلت عربية البوكس كان فيه بهدلة وضرب وإهانة لِيَّا وللناس التانية إللي اتمسكوا. أول ما ركبنا العربية قفلوا الموبايلات. خذونا لقسم أول أكتوبر. من أول ما دخلنا القسم كان فيه شتايم كتير وسب للأهل والدين. دخَّلونا أوضة وأخدوا مننا الموبايلات والبطايق. كانوا بيحاولوا يصوروا وشوشنا بموبايلاتهم وإحنا كنا بنخبي وشوشنا. دخلونا على أوضة فيها مكاتب وقفلوها علينا. بعدين بدأوا ينادوا علينا اثنين اثنين . كان فيه ضباط كثير في مكتب المأمور وكان فيه ضابط فيهم اسمه طارق الأحول. الضباط قعدوا يتريقوا علينا ويقولوا: "إنتي يا حلوة" وكلام قذر. صمموا إنهم يقلَّعونا ويتريقوا علينا وكانوا بيحاولوا يدخَّلوا عصايا في مؤخراتنا، أنا قاومت واتضربت. رجعُّونا تاني الأوضة وحبسونا فيها من تلاتة بالليل لحد تاني يوم العصر. ثاني يوم جاء الموظفون وبدأت دورة جديدة من السب والإهانة والضرب الشديد ورفضوا إدخالنا الحمَّام. كانوا بيدخَّلوا أي حد داخل يعمل محضر علينا الأوضة ويقولوا له: "إتفرج دول خولات قفشناهم وهُمه نايمين مع بعض"، طلَّعوا جزء من المحبوسين فرَّجوهم علينا، وقالوا لهم: عشان لمَّا ينزلوا لكم تبقوا عارفينهم.
إتعرضنا على النيابة يوم 5 نوفمبر بالليل، وكيل النيابة قالي إن مكتوب عنده: "إن الضابط سألني: بمارس الشذوذ من إمتى، وإني رديت إني متعود أعمل كده"، فأنا قلت لوكيل النيابة إن ده محصلش، وقالي كمان: إن مكتوب عنده في المحضر إنهم ضبطوني نايم مع حد. فأنا قلت له إن الأسئلة إللي سألوني كانت: اسمك إيه وساكن فين، ووكيل النيابة كتب عنده إني قلت: إن الحديث ده محصلش.
عرفنا من أمناء الشرطة إن الكشف عند الطب الشرعي تاني يوم. بعد عرض النيابة رحنا قسم المناشي، ضربونا وبهدلونا وقالولنا: طلَّعوا إللي معاكم وفتِّشونا. كانوا عايزين ينزِّلوا كل اثنين مننا في حجز، بس إحنا رفضنا وقلنا لهم إننا هنفضل مع بعض، فشتمونا وضربونا، وفي الآخر جاء ضابط وقال: ما تخليهومش يباتوا في الحجز. بتنا في طرقة بين الحجوزات، مشي الضابط وجم ناس تانية يوم 6 نوفمبر الصبح، وبدأوا يقولوا للمحجوزين: هنبعت لكم ناس تناموا معاهم بس بكام. إحنا رفضنا نتحرك واتفقنا إن كلنا نفضل مع بعض.
يوم 6 نوفمبر بعد الظهر رحنا الطب الشرعي في رمسيس، لم يقبل الأمناء إيقاف السيارة أمام مقر الطب الشرعي وأوقفوها على مسافة بعيدة ومشُّونا في الشارع، ولمَّا كان حد بيسأل، كانوا بيقولوا: دول خولات وضبطناهم وهمه نايمين مع بعض. لمَّا طلعنا الطب الشرعي كان فيه ضباط انهالوا علينا بالضرب والشتيمة وكانوا بيقولولنا: إننا زبالة، ودلقوا علينا مية، فضلوا يشتمونا لحد لمَّا الدكاترة جُم. كشفوا علينا ولمَّا سألت الدكتور: هتكتب إيه في التقرير قالي: إنه مش مصرح ليه يقول. كتبوا تقرير مبدئي، ورجعونا النيابة تاني، النيابة طلبت تحاليل طبية. وودونا بعدها معسكر أمن مركزي 6 أكتوبر، نمنا هناك في أوضة جُوَّه حجز وصحينا يوم 7. فضلنا في معسكر الأمن المركزي لحد وقت متأخر، بعدين وَدُّونا نعمل تحاليل وخدوا مننا عينات دم وبول عشان تحاليل الإيدز والتهاب الكبد الوبائي والمخدرات، وَدُّونا النيابة وأخدنا تجديد 15 يوم ورجعونا على المعسكر، دخَّلونا الحجز، فجاء ضابط اسمه خالد، قال: خلُّوهم في أوضة لوحدهم.
في الوقت ده ابتدا أهالي الناس يعرفوا وجاءوا زيارة للمعسكر. فضلنا في المعسكر حوالي 3 أو 4 أيام، القاضي حدد جلسة عاجلة، كانت تقريبًا يوم التلات 12 نوفمبر، يوم الجلسة نقلونا متأخر جدًّا حوالي الساعة 4 العصر بحجة إن مش معاهم عربيات ولمَّا وصلنا القاضي كان مشي. كان فيه قاضي تاني عمل مد للقضية ليوم الخميس 14 نوفمبر، كان أصدقاءنا عرفوا وجابوا محامين كتير وحاولوا يترافعوا بس القاضي قال: إن دي مش قضيته. رجعنا المعسكر ونزلنا الجلسة يوم الخميس، كان فيه محامي اتكلم عن ثغرات القضية وعدم منطقية المحضر، وطالب بالإفراج عننا. قالوا لنا: إننا هنفضل ليوم السبت لأن مفيش قرار طلع وأخدونا قسم في القرية الذكية، وهناك قالوا لنا: إن فيه قرار إفراج بس همه هيودونا قسم كرداسة يكشفوا إذا كان علينا قضايا تانية، أول ما وصلنا القسم ضربونا وأخذوا بطايقنا للكشف عليها في مديرية أمن الجيزة، وعملوا لنا كروت بصورنا في الآداب، قالوا إن فيه ناس كتير عليها قضايا ورجعنا القرية الذكية تاني، هناك قالوا لي: إني عليَّا قضيتين، واحدة في دمنهور وواحدة في محافظة تانية، أنا قلت: إن عمري ما رحت المحافظات دي أصلًا، واحد دفع فلوس للراجل عشان يعيد الكشف على القضايا تاني فطلع إن أنا واثنين كمان مفيش علينا قضايا كانت الساعة اتنين بالليل وسابونا نمشي.
ملاحظة: المعسكر، الحمَّام كان بيفتح مرتين فقط في اليوم والعساكر هناك كانوا كويسين بس حاولوا يقصوا شعرنا.
شهادة شهير
(أجرى المقابلة: داليا عبد الحميد- يارا شعراوي- سكوت لونج - رامي يوسف)
27 نوفمبر 2015
في أحد قضايا اعتياد ممارسة الفجور والتي وقعت خلال 2014 وصدرت ضد الأفراد المتهمين فيها أحكام تترواح بين ثلاث وثماني سنوات في السجن عن تهم اعتياد ممارسة الفجور وحصلوا جميعًا على البراءة في الاستئناف، قام باحثو المبادرة المصرية بمقابلة اثنين من الذين قبض عليهم في هذه القضية في أحد المدن الساحلية، وأفادوا بأنهم أجَّروا إحدى الشقق المفروشة بمدينة نصر وكانوا 4 شباب وبحلول الثانية ظهرًا دق باب البيت وكان هناك ضابط مباحث برفقة ثلاثة مخبرين، وأخبرهم الضابط بأنه يريد أن يفتش الشقة ليرى إن كان بحوزتهم حشيش أو سلاح أو إن كان هناك فتيات معهم وعندما سأله شهير: "كيف تفتش الشقة دون إذن نيابة"، بدأ المخبرون في إهانتهم وسبهم وقالوا له: "بس يا روح أمك، هوه انت اللي زيك يعرف إذن نيابة؟!"، قام المخبرون بتفتيش الشقة وقالوا للضابط: "شكلهم كلهم خولات"، وحرزوا الملابس النسائية التي كانت في البيت وأدوات التزيين. يكمل شهير شهادته: "أخدونا قسم أول مدينة نصر وأخدوا موبايلاتنا بس أنا خبيت موبايلي وبَعَت رسالة لأخويا ومسحت الصور إللي على موبايلي، أول ما وصلنا القسم بدءوا يضربونا في وِشِّنا وكهربونا بالصَّاعق في أماكن حساسة، ومخبر قال لي: اقلع الباروكة اللي إنت لابسها، فقلت له: ده شعري، قال للضابط: بص خارم سرته إزاي وصدره قدامه، بعدين دخَّلونا الحجز وكانوا بيطلعوا واحد واحد مننا للضابط، لمَّا جه دوري لقيته بيوريني صور ناس من موبايل محمود،_شخص من المقبوض عليهم معانا وبدأ يسألني "مين دي"؟ وأنا أقول معرفش، وبدأ يلقح عليَّا في الكلام ويقول: "ولَّا إيه يا شوشو؟! صاحبتك قالت لنا على كل حاجة"، بعد كده بدأ يسألني بجدية: "إنت بتتناك"؟ رديت قلت: ﻷ. بتاخد مقابل مادي؟ قلت: ﻷ. تعرفوا كام حد زيكم؟ إحنا نعرف نفسنا بس. بتنزلوا الشارع ولاد ولا بنات؟ لو نزلنا ولاد بيضايقونا جدًّا في الشارع". يروي شهير أن ضابطًا أعلى رتبةً جاء بعد ذلك وتم عرضهم جميعًا أمامه وسأل المخبرين: "دول شراميط؟ قالوا له: ﻷ خولات". وبدأ في ضربهم ضربًا مبرحًا، وبدأ المخبرون أيضًا في ضربهم بينما قال شهير: "إنه تشريفة"، وكانوا يصورونهم بالفيديو، وبدءوا في كتابة المحضر، ويقول شهير: قلت للضابط الذي كتب المحضر: "إحنا لسه مأجرين الشقة بقالنا كام ساعة، دخلوا علينا لقوا أشكالنا مستفزة عشان شعورنا طويلة، بس إحنا مكناش بنعمل حاجة، فقال الضابط: "مسكناكم متلبسين بالشذوذ الجنسي". فرديت قلت له: إزاي؟ إذا كنا نازلين بهدومنا، رد عليَّا الضابط قال لي: إنتوا شكلكم ولاد كلب كدابين، وكتب محضر ما شفناهوش، حطُّونا في قفص بَرَّه وقالوا لنا: "هنتعرض على النيابة تاني يوم". وإحنا في القفص ده إتعرَّضنا لتحرشات جسدية كتير، كل الضباط والأُمَنا كانوا بيمسكوا جسمنا وصدرنا وفيه أمين شرطة كان بيهددنا ويقول لنا: "لو مخليتونيش أنام معاكم هدَخَّلكم الحجز جُوَّه والناس هتنيككم". يقول شهير: إن جميع من بالقسم فوجئوا عندما قام أهاليهم بزيارتهم، إذ توقعوا أنهم هاربين من أهلهم وإن أهلهم بالطبع لا يعرفوا عن حالتهم شيئًا، يكمل محمود: عرضنا على النيابة يوم 2 إبريل وطلبوا إعادة تحريات وتم تجديد حبسنا 4 أيام على ذمة التحقيق، عرضنا على النيابة أكثر من مرة وحولونا للطب الشرعي، توجهنا إلى الطب الشرعي وكنا 4 أشخاص، كل اثنين كشف عليهم طبيب، أول ما دخلت عالدكتور قالي: إيه الكلام إللي أنا سامعه عنكم ده؟ قلت له كلام إيه؟ قال: إنهم مسكوكم وإنتوا بتنيكو بعض، فقلت له: إحنا كنا لسه مأجرين الشقة نفس اليوم إللي قبضوا علينا فيه، قالي: هيبان، ادخل اقلع ونام واسجد واحضن الكرسي، كان بيطلب كده عشان خرم المؤخرة يبقى باين وهوه يحدد.
وفي أول جلسة لنا حكم علينا القاضي بأحكام تترواح بين 8 وثلاث سنين، عدنا بعدها للقسم وقالوا لنا: إنهم سيقومون بترحيلنا للسجن وطوال مدة الترحيل كانوا يهددوننا بما سيحدث لنا داخل السجن وإنه سيتم اغتصابنا، عندما وصلنا وادي النطرون تمت معاملتنا معاملة جيدة جدًّا، ووضعونا في زنزانة نحن فقط معزولين عن باقي المساجين، بعدها قالوا لنا: إنهم سيقومون بنقلنا إلى سجن الاستئناف، باب الخلق، وقد كان ذلك تجربة مروعة، أول ما وصلنا باب الخلق لقينا مخبر عمال يهددنا ويقول لنا: هنام مع مين فيكم الأول، سجن الاستئناف كان مخيف، بعدين نقلونا جمصة في 14 سبتمبر وهوه سجن مشدد واستقبلونا بالضرب وكانوا بيخلوا الناس تتفرج علينا.
شهادة ربيع
(أجرى المقابلة: داليا عبد الحميد - 3 أغسطس 2016)
يحكي ربيع أنهم كانوا يحتفلون بزواج أحد أصدقائهم وقرروا الذهاب إلى حمَّام باب البحر في رمسيس وبعد أن وصلوا وبدلوا ملابسهم ودخلوا غرفة المغطس، وبعد حوالي ثلث ساعة جاءت قوة من حوالي 15 شخص بصحبة المذيعة منى عراقي وفريق تصوير، يقول ربيع: "قوة الشرطة ضربتنا وأهانتنا وكنا مش لابسين حاجة غير الفوط، ومنى عراقي كانت واقفة بتصور بفخر شديد وبتخلي حد يصورنا وبتقولنا: "إنتوا شواذ"، بعدها أخدونا على قسم عابدين بعد ما رفضوا يخلونا نلبس هدومنا وهناك كان فيه مخبر بيقول :فلان بيمارس مع فلان وعلان مع علان، وأحمد حشاد كان بيكتب وراه، بعدها بدأوا يصورونا تاني وضربونا وأهانونا تاني، فيه 4 أفراد كانوا معانا مشُّوهم، منهم واحد مش مصري، وفضلنا إحنا 26 واحد) 21 +5 أصحاب الحمَّام وإللي بيشتغلوا فيه)، خلونا نمسح القسم كله والساعة 6 الصبح إدونا الهدوم وقالوا لنا نلبسها بالمشقلب".
في اليوم التالي للقبض توجهوا إلى النيابة وبحسب شهادة ربيع كان وكيل النيابة يسبهم ويشتمهم أيضًا ويضيف ربيع: سألنا إيه إللي بيحصل في الحمام، فقلنا ما بيحصلش حاجة، قام وكيل النيابة بتجديد حبسهم 4 أيام على ذمة التحقيق وتم نقلهم إلى قسم الأزبكية، يصف ربيع الأيام التي قضوها قبل عرض النيابة التالي بالكابوس ويحكي: رجعونا بعدها على قسم الأزبكية واتضربنا واتشتمنا هناك تاني وربطونا بأحزمة من رقبتنا وخلونا نهوهو زي الكلاب، مكنش حد يعرف عننا حاجة ﻷنهم واخدين موبايلاتنا وكانوا بيشتمونا ليل نهار ويقولوا لنا: إنتم خولات مش رجالة وإننا هنتسجن 10 سنين، وكانو بينزلوا الساعة 6 الصبح يصحونا من النوم وكانوا حابسينا في أوضة لوحدنا فكانوا بيقلعونا هدومنا في عز البرد ويشغلوا التكييف ويضربونا.
بعدها بـ 4 أيام إتعرضنا على النيابة وكيل النيابة كان متعاطف معانا جدًّا وكان بيعاملنا كويس، بس بتوع الإعلام كانوا بيدخلوا يصورونا وإحنا مش واخدين بالنا، كان حاضر معانا محامين من منظمات حقوق الإنسان بعدها أهلينا قوِّموا لنا محامين، النيابة جددت لنا 4 أيام تاني، وطلب عرضنا على الطب الشرعي، أخدونا مشي من الأزبكية للطب الشرعي في رمسيس ماشيين مكلبشين كل 7 أنفار ببعض، وكنا حافيين، كل ما حد يسألهم مين دول وعملوا إيه، يقولوا لهم دول شواذ بتوع حمَّام باب البحر… رجعونا بنفس الطريقة ورفضوا يلبسونا شباشب، كانت مسافة طويلة، لما رجعنا القسم برده كان فيه جولة تانية من الضرب والإهانة وأهالينا كلهم جم زارونا في اليوم ده وعاملوا أهالينا معاملة وحشة جدًّا وكانوا بيهينوهم ويقولولهم إن عيالهم شواذ، فات 7 أيام على الطب الشرعي والضابط جه قالنا إنتوا كلكم مستخدمين وياريت إللي بيعمل حاجة يقولنا وإحنا هنطلعه، كانوا بيدخلوا علينا ناس بلطجية عشان يضربونا، الضباط كانوا بيقولوا لنا: إنتوا مش هتخرجوا تاني أبدًا، كان معانا راجل كبير في السن، شكله في السبعينات، وكان فيه ضابط كل يوم يربطه بسلسلة ويخليه يهوهو، كانوا بيخلونا متذنبين رافعين إيدنا عالحيط بالساعات، وكل يوم الصبح كانوا بياخدوا مننا 15 جنيه عشان يجيبوا إيريال وصابون للقسم، نزلنا جلسة قدام قاضي وبعدها قالوا :إنهم عايزين ينقلونا سجن، ودُّونا نعمل فيش وبعدين طلعنا على طرة والسجن رفض ياخدنا بس لمَّا رجعنا القسم المرة دي المعاملة اتحسنت وبطَّلوا يضربونا ويهينونا وكنا لمَّا نطلب شاي وسجاير بنلاقيهم، نزلنا جلسة تانية إتأجلت وبعدين الجلسة إللي بعد كده، منى عراقي وأحمد حشاد رفضوا ييجوا وبعدين القاضي حكم بالبراءة وفجأة لقيت نفسي بتكلم مع المذيعين والصحفيين عادي بعد ما كنت خايف .
شهادة روبيرتو
(أجرى المقابلة: داليا عبد الحميد - 31 يوليو 2016)
حكي روبيرتو وهو مواطن إيطالي في العقد الرابع من عمره، في إفادته التي أدلى بها لباحثي المبادرة المصرية عبر سكايب،
أنه كان يعيش في مصر 5 سنوات ونصف، ولديه فيزا إقامة بمصر يجددها سنويًّا وفي أحد أيام رمضان عام 2015 بعد أذان المغرب بقليل بين السادسة والسابعة مساءً كان عائدًا إلى منزله وبينما كان يحاول إيقاف تاكسي بميدان المساحة بالدقي، يقول: اقترب مني شخصان بملابس مدنية وطلبوا مني أن أريهم جواز سفري، بالطبع سألتهم: من أنتم ولماذا تريدون أن تروا جواز سفري، قالوا لي: إنهم من الأمن الوطني ويريدون أن يروا جواز سفري لأسباب أمنية، طلبت منهم أن يبرزوا هوياتهم لأتأكد من كونهم شرطة ولكنهم لم يروني أي شيء وأصروا على رؤية جواز سفري، قلت لهم: إنه ليس معي ﻷنه بالسفارة وأني بحوزتي فقط بطاقتي الإيطالية ولكنهم قالوا: إنهم مصرون على رؤية جواز سفري وأني يجب أن أذهب معهم _كل ذلك وأنا لم أرَ أي تحقيق شخصية يؤكد لي أن هؤلاء الأفراد تابعون للشرطة_ تعجبت من طلبهم وقلت لهم: إن كنتم بحاجة إلى جواز سفري فيمكنني المرور عليكم في قسم الشرطة غدًا، ولكن لماذا تريدون أن تأخذوني إلى قسم الشرطة، لكنهم كانوا مصرين وبدءوا في التصرف بشكل عدواني وكلما حاولت توضيح أني لن أذهب معهم زادت عدوانيتهم إلى أن لاحظت أن أفرادًا آخرين يرتدون ملابس مدنية أيضًا يأتون من خلفي ويمسكونني من كتفي وأدخلوني إلى ميكروباص وكنت أصرخ ﻷني اعتقدت أنه يتم خطفي، لكن لم يساعدني أحد ولم يكن بالشارع أشخاص كثيرين ﻷن ذلك وقت الإفطار، وأخذوا مني حقيبة ظهري وبها هاتفي المحمول، فطلبت منهم هاتفي المحمول ﻷني أحتاج إلى مكالمة السفارة فقالوا: يمكنك الحديث إليهم لاحقًا، بدأ الميكروباص بالتحرك وسألتهم إلى أين نحن ذاهبون ولم يجبني أحد منهم، فزعت حقًّا وقتها وفتحت شباك الميكروباص وبدأت بالصراخ على أمل أن يساعدني أحد ولكنهم قاموا حينها بتقييد يدي بالإكراه بالكلابشات، وكانوا 4 ولم أستطع مقاومتهم، كنت مصدومًا ولم أدرِ ماذا أفعل، فأنا في هذا الموقف لأول مرة في حياتي، في دقائق قليلة وصلنا إلى مجمع التحرير فقلت لهم: لماذا نذهب إلى المجمع الآن فالوقت ليل وهو مغلق، لم يجيبوني بالطبع وفي الطريق إلى المجمع حاولت الاستنجاد بأي شخص فقاموا بدفعي سريعًا في اتجاه المصعد الخاص بالمجمع، توجهنا إلى واحد من الأدوار الأخيرة في المجمع وتم إدخالي إلى أحد المكاتب وكان هناك أشخاص يتكلمون فيما بينهم ويكتبون شيئًا يبدو أنه تقرير أو ما شابه وبعدما انتهوا طلبوا مني التوقيع عليه، قلت لهم: لن أوقع على أي شيء وطلبت مجددًا أن أتحدث إلى السفارة، فتشوا حقيبتي وأوراقي وواجهوني بهاتفين محمولين واحد منهم لي والآخر لا أعلم شيئًا عنه، قلت لهم: إن الهاتف الثاني ليس ملكي _لم أكن أعي وقتها ما يحدث وأدركت لاحقًا ما كانوا يحاولون فعله_ بعد ذلك أخذوني إلى الميكروباص مرة أخرى وتوجهنا إلى قسم الدقي، سلموا حقيبتي ﻷحد رجال الشرطة الموجودين بالقسم وفي القسم قالوا لي: إن عليَّ أن أبيت ليلتي هناك، بالطبع رفضت وطلبت مكالمة السفارة وقلت لهم: إني لن أبيت في القسم فأخذوني بالقوة وأدخلوني إلى غرفة الحجز وهي غرفة ضيقة جدًّا وبلا نوافذ أو تهوية حوالي 5 متر× 5 متر ومضاءة بلمبة، دخلت الحجز وكنت أشعر باليأس التام وحاول المحتجزون الآخرون تهدئتي ولكن لا أحد منهم يستطيع الحديث بالإنجليزية وعندما أدركوا أني أجنبي قاموا باستدعاء محتجز آخر نصف مصري ونصف أوروبي ومن نفس جنسيتي وجاء وتحدث معي وهدَّأني وكان من المريح أن أتحدث إلى شخص بلغتي الأم في هذا الموقف، وشرح لي هذا الشخص القواعد داخل غرفة الحجز ومن ضمنها أن المحتجزين الجدد غير مصرح لهم باستعمال الهواتف المحمولة التي يهربها الآخرون إلى الحجز، فطلبت منه أن يتصل هو بأهله ليبلغوا السفارة بأني محتجز بقسم الدقي وفي السفارة هم يعرفونني شخصيًّا، توجه والد هذا الشخص في اليوم التالي إلى السفارة وفي اليوم ذاته قام القنصل ومحامٍ تابع للسفارة بالمجيء إلى القسم وكانوا يحاولون إخراجي بأسرع طريقة ممكنة ولم يعلم أي منهما ما هي تهمتي وبعد عدة ساعات من وجودهم قالوا لهم في القسم: إنه تم القبض عليَّ ﻷني أنظم حفلات جنس جماعي للمثليين وأنهم قبضوا عليَّ في غرفة في أحد الفنادق، عندها طلب القنصل والمحامي منهم أن يحضروا شريط المراقبة الخاص باستقبال الفندق لإثبات ذلك فقال لهم الضابط: إنه لا حاجة إلى ذلك وأنه غير ضروري، عندها قال لهم القنصل: لا يهم إن كنتم لا تحتاجون ذلك فنحن الذين نحتاجه، فقالوا: إنهم يتتبعونني من فترة ويعرفون عن أنشطتي وحاولوا سؤالي عن أشخاص أعرفهم ومع من أقضي وقتي في القاهرة والأماكن التي سافرت إليها داخل القاهرة، فقلت للقنصل: إنني لن أخبرهم بأي شيء، وحينها أدركت ماذا يحاولون أن يفعلوا ونوع المعلومات التي يريدونها، لعدة أيام بعدها كانوا يسألونني نفس الأسئلة وقد عينت لي السفارة 3 محامين، كانت معاناتي الأشد مع غرفة الحجز، بدون وجود تهوية بإضاءتها القليلة لم أكن أتمكن من القراءة أو فعل أي شيء، كنت أسمع أصوات أناس آخرين يتم ضربهم وتعذيبهم، لم يمسسني أحد بسوء جسديًّا، كنت أعرف أن في مصر تحدث هذه الأشياء في أقسام الشرطة، لكن أن تسمع عن شيء، أمر مختلف تمامًا عندما تشهد هذا الشيء، بعدها في أحد الأيام أخذوني إلى مبنًى لا أدري إن كان نيابة أو قاضي تحقيق لكنهم قالوا: إنه لم يأتِ في ذلك اليوم وأن الموعد تأجل أسبوعًا، فكرة قضاء أسبوع آخر في الحجز كانت جحيم بالنسبة إليَّ فالوقت هناك لا يمر، فالزيارات غير مسموحة لنا وكل يوم أرى القنصل والمحامين لدقائق معدودة، بدأت أتعرف على رفاقي في الحجز وأغلبهم أناس طيبون لكنهم لا يملكون ما يساعدون به بعضهم بعضًا في هذا الموقف، في الأسبوع التالي اصطحبوني إلى نفس المكان وقالوا نفس الشيء وكان التأجيل لأسبوع آخر يعني قضاء أسبوعين في الحجز ﻷن الأسبوع التالي كان إجازة عيد الفطر، خلال هذين الأسبوعين تحدثت مرارًا إلى الأشخاص من السفارة ورجوتهم أن يتأكدوا أنه لا مزيد من التأجيلات بعد هذين الأسبوعين وأن تتم محاكمتي في أسرع وقت، بعد الأسبوعين دخلت إلى القاضي برفقة 3 محامين ونظر إلى الورق وسألني بتعجب لماذا أنت هنا؟ فقلت له أخبرني أنت لماذا أنا هنا؟ خلال دقائق كتب القاضي بعض كلمات وقال لي: إنني الآن حر، ذهبت إلى القسم ولا زلت مقيدًا بالكلابشات، توقعت أن يتم إخلاء سبيلي على الفور، وعندما سألتهم متى سيسمح لي بالخروج قالوا: إنهم يحتاجون بعض الوقت لإنهاء الأوراق وأن الوقت متأخر، فقلت لهم: إنهم لا يحتاجون إلى يوم كامل لينهوا الأوراق فقالوا لي: إن عليَّ الانتظار إلى الغد، مرت 5 أيام أخرى على هذا الحال، وكان الكيل قد فاض بالسفارة وبدءوا في مخاطبة وزارتي الداخلية والعدل لحثهم على سرعة إطلاق سراحي، خلال هذه الأيام أخبروني بأنه عليَّ العودة إلى بلدي، لم تكن السفارة على علم بذلك، ولم يكن هناك توضيح لماذا يعيدونني إلى أوروبا، جاء أخي إلى زيارتي وحجز لي تذكرة عودة وأعطاني إياها، طلبت منهم أن أذهب إلى بيتي لأجمع ما أحتاج إليه فأنا أعيش في هذا البيت منذ سنوات، حياتي هناك، أخبروني أن ذلك غير ممكن وأنني لا أملك أي وقت للعودة وعليَّ التوجه فورًا إلى المطار، رفضوا إعطائي هاتفى، أتي ضابط من الأمن الوطني في اليوم التالي ليصطحبني إلى المطار، ودعت المحتجزين معي في الحجز وقد أصبحنا الآن أصدقاء مقربين، وكان بعض من أصدقائي تجمعوا أمام القسم ليودعوني قبل أن أغادر، أحسن الضابط معاملتي كثيرًا وجعلني أودع أصدقائي، في المطار كان عليَّ انتظار طائرتي في غرفة الاحتجاز داخل المطار وهي مكان بشع وقذر. إجمالًا قضيت في قسم الدقي 27 يومًا، وأنا أحكي الآن قصتي ﻷن رفاقي في الحجز طلبوا مني قبل المغادرة أن أروي حكاياتهم وظروف احتجازهم لمن هم خارج هذه الأسوار، يقول الناس: إن جوليو ريجيني حالة فردية ولكنه ليس كذلك، هناك أجانب آخرون يتعرضون لانتهاكات كثيرة على يد الداخلية وهناك مصريون أكثر يتعرضون لهذه الانتهاكات.
شهادة فراس
(أجرى المقابلة: محمد الكاشف- يوليو 2016)
في أحد أيام شهر يونيو 2015، اتفق فراس على مقابلة شخص من خلال موقع وكان مكان اللقاء ميدان المساحة بالدقي، ويقول فراس في مقابلة أجراها معه أحد باحثي المبادرة المصرية: "طلب الشخص مني شراء واقي ذكري ومستحضرات من أجل الليلة. ذهبت لهناك ومعي اﻷغراض _والتي تم تحريزها بعدها في القضية_ وانتظرت الشخص وتأخر عليَّ فأرسلت له رسالة أقول فيها: إنه تأخر ومن حقي أمشي فهو رد عليَّ واعتذر عن التأخير بسبب زحمة الطريق.
يكمل فراس القصة قائلًا: "بعدها جاءت سيارة سوداء بها سائق و كان الشخص جالس بالخلف وطلب مني الجلوس بجواره، وأخبرني أننا سنأخذ طريقنا نحو منزله، فقام بالدوران حول ميدان المساحة وفوجئت بوجود كمين وشخص منه بيقوله: "اركن هنا يا باشا"، ففهمت إنه ضابط فقمت بفتح باب السيارة كي أهرب فجرى ورائي ٧-٨ أشخاص ومسكوني وضربوني وشتموني بأفظع اﻷلفاظ، وقيدوا يدي اليسرى وحاولوا يقيدوا يدي اليمنى فقاومت ولحظتها رأيت شخص قادم من ميكروباص الشرطة معه "شومة" فخفت من إصابة وجهي فالموضوع مش متحمل، فاستسلمت وبعدها أخذوني بالميكروباص وسط ضرب وسب واقتادوني إلى مجمع التحرير وطلعوا بي في المصعد للدور الثامن، وهناك قابلت ضابط رتبته أعلى ممن خدعني، اسمه تامر، وأمرني بفتح الموبايل وفك كلمة السر وأخذوا محادثاتي الشخصية مع أصدقائي ومعارفي وطبعوها وقضيت ليلتي في المجمع، وفي اليوم التالي أخبروني أنهم سيقتادوني إلى النيابة مباشرة ولن يصطحبوني إلى القسم كخدمة لي، وحينها جاء الضابط تامر وتودد لي وطلب مني أن أحكي قصة للنيابة أعترف فيها أني gay وتم الاعتداء عليَّ وأنا صغير وهو ما جعلني مثلي الجنس وأني نادم على ما فعلت، وأقنعني أن هذا في مصلحتي، ووافقته في طلبه اعتقادًا مني أن هذا في مصلحتي.
عند عودتي من النيابة كنت أعتقد أنهم يقتادوني إلى المجمع مرة أخرى لكني فوجئت بأنهم يقتادوني إلى قسم الدقي وهو ما أزعجني جدًّا وخفت لدرجة البكاء لكنهم رفضوا احتجازي بالمجمع، واقتادوني إلى قسم الدقي وهناك كان الضابط النبتشي ومعه زملاؤه يقرءون محادثاتي المطبوعة وبمجرد رؤيتهم لي بدءوا شتمي وسبي وتكفل أحدهم بالقيام وضربي والضحكات مستمرة إلى أن اقتادوني إلى الحجز.
هناك كان الحجز نوعين، أحدهما فاخر ومكيف وهو لمن يملك فلوس وعلاقات فمكثت به أول ليلة لي بالقسم واﻵخر سيئ وضيق وليس به أي أثاث. في اليوم التالي اقتادوني إلى الطب الشرعي وقام الطبيب بالكشف عليَّ وإصدار تقريره الطبي الذي أمسكه الضابط المكلف باقتيادي وسألني عن حقيقة ما في التقرير فلم أرد ﻷني لا أعرف ما في التقرير، فقام بضربي والتطاول عليَّ بالسب ثم بعدها أوصلني للقسم وهناك نقلوني للحجز التاني حيث الجنائيين وتجار المخدرات، عرفت من هو مسيّر الحجز فقمت بدفع ١٠٠ جنيه له حتى لا أنام جوار المرحاض، ويحسن معاملتي، وحقيقةً تحسنت معاملة المحتجزين معي بسبب دفعي المال وبعدها ﻷني صرت أقدمية بالحجز. وكان يأتي الضباط كل يوم لتفقد المحتجزين ٣ مرات يوميًّا، وكان لي "حفلة" ضرب وسب من الضباط كل يومين أو ٣ أيام.
بعد ٣ أسابيع من الاحتجاز صدر ضدي حكم أول درجة كان باﻹدانة وحكم سنة حبس لكن المحامي استأنف على الحكم، وبعد ٦ أسابيع تقريبًا من واقعة القبض صدر حكم الاستئناف بالبراءة. مكثت أسبوعين بعدها في القسم وسط رفض حرس القسم لزيارتي وإنكارهم لوجودي بالقسم، ولم أكن أعرف هذا حينها ولم أرَ أحدًا من أصدقائي وقاربت اﻷموال معي على النفاد، ذهبت في زيارات اﻷمن الوطني ٥ مرات تقريبًا خلال اﻷسبوعين، لم يتم ضربي أو إهانتي في أمن الدولة (الكائن بطريق المحور في ٦ أكتوبر) ولكن تم ممارسة اﻹرهاب النفسي معي، وكنت أصر دائمًا على براءتي وأني غير مدان ولا أعرف أحدًا في مصر ممن كانوا يسألونني عنهم، وتمسكت بتلك الرواية حتى لا أضر أحدًا في ظل إنكاري لرواية الضابط تامر التي تم ذكرها في محضر التحقيق، كنت في كل مرة أذهب فيها إلى اﻷمن الوطني أجلب مشتريات (أكل وسجائر وعصائر) للشخص المكلف باصطحابي مِن وإلى اﻷمن الوطني ودفع ثمن الانتقالات كاملة. وتخللت هذه الزيارات زيارات أخرى إلى الهجرة والجوازات بمجمع التحرير، حوالي ٤ مرات اقتادوني إلى هناك، وفي آخر مرة علمت بصدور قرار اﻷمن الوطني بإبعادي خارج البلاد، وكان معي فرد شرطة طيب سمح لي بالاتصال بأحد أصدقائي لإحضار أموال وأغراض شخصية ﻷني كنت قد أفلست في الفترة اﻷخيرة. وفي الهجرة والجوازات أخبروني أنه أمامي خيارين بعد صدور قرار اﻹبعاد إما الحبس في سجن القناطر حتى تقوم IOM أو UNHCR بتدبير تذكرة الطيران للدولة التي أرغب بالسفر إليها أو أن أقوم أنا ومعارفي أو أهلي بتدبير ثمن التذكرة، وهو ما فضلته حتى لا أسجن مدة أطول بعد أن قاموا بإطلاعي على ملفات للاجئين محتجزين بالقناطر لمدة تعدت السنتين في انتظار دور للمنظمات الدولية في محاولة لترهيبي. ثم أجبروني على التوقيع على ورقة تقول: "إني متنازل عن حق لجوئي بمصر وأني متجه لدولة أخرى بمحض إرادتي لظروف شخصية". حجز لي أصدقائي التذكرة في نفس اليوم اﻷخير لذهابي للهجرة والجوازات، وكان موعد السفر بعدها بيومين، في اليوم التالي تم اصطحابي إلى حجز المطار حيث قضيت فيه ليلة واحدة فقط.
في يوم سفري أخبرني شرطي أن هناك من يريد مكالمتي عبر تليفون ضابط المطار فتوجهت لمكتب الضابط ووجدت على الهاتف موظفة من UNHCR حدثتني قائلة: إن قضيتي لها أولوية عندهم وأنه خلال أسبوعين أو ثلاثة، أو شهر على اﻷكثر سيتم إعادة توطيني في دولة أوروبية حيث أنهم يعملون على الإجراءات وقاموا بإرسال ملفي لعدة سفارات. لكني رفضت الاستماع لنصيحتها بالبقاء في مصر وقررت السفر، وطلبت منها تحويل ملفي إلى الدولة التي أنا متجه إليها حتي يتيسر لي استكمال أوراقي من هناك لكنها امتنعت عن هذا ولم تساعدني في تحويل ملفي من مصر.
شهادة سامح
(أجرى المقابلة أحمد محروس وداليا عبد الحميد - أغسطس 2016)
في شهر يوليو 2016 اتفق سامح مع أحد الأشخاص على مقابلته في ميدان التحرير وعندما ذهب إلى مقابلته فوجئ بأنه من الشرطة وقام بالقبض عليه.
وفي مقابلة أجراها باحثو المبادرة مع سامح في أغسطس 2016 في القاهرة، قال سامح: إنه تم القبض عليه من ميدان التحرير واصطحابه إلى مقر شرطة الآداب بمجمع التحرير، وأفاد: "كانوا بيضربوني في المسافة من الميدان للمجمع، وطلعوني للدور العاشر والضابط هناك فِضِل مُصِر إني أعترف إنه حصلت لي حاجة وأنا صغير _اعتداء جنسي_ وخلتني معتاد على ممارسة الفجور، وأنا رفضت كل الكلام ده".
يكمل سامح قصته ويقول: "إنهم بعدها وضعوه في غرفة أخرى بها أمناء شرطة وقيدوا يده بكلابش مقيد بأحد الأدراج ويقول سامح: "سألت أمناء الشرطة الموضوع هيخلص إمتى؟ فقالوا لي: (ما تخافش إنت هتروح)، وبعدها ألحيت إني أقابل الضابط فبدءوا يشتموني ويقولوا لي: (إنت عايز إيه؟ إنت أصلًا خول ومتناك... إلخ) فقلت لهم: (معندكوش دليل على حاجة وممكن تكشفوا عليَّا)، طلعوني فوق لضابط أعلى رتبة من إللي قابلته في الدور إللي تحته والضابط ده بدأ يقول لي: إحنا دكاترة وهنعالجك، وقال لي وهو بيشاور على شهادات متعلقة جنبه عالحيط: إن عنده خبرة في علاج الحالات الشاذة، كان بيتكلم بشكل بيستهين فيه بعقلية إللي قدامه، وكان معاه واحد عمال يزعق فيَّا ويقولي: اعترف، أنا فضلت مصر على أقوالي"، تم اصطحاب سامح بعدها لعمل فيش جنائي وتوجهوا به إلى قسم قصر النيل حيث تعرض لوصلة سخرية وشتائم وإهانات لفظية أخرى من أمناء الشرطة هناك، وأودعوه في غرفة حجز ضيقة جدًّا حوالي 20 مترًا _حسب ما قاله سامح_ ومعه ما يقرب من 40 محتجزًا وشديدة القذارة ومليئة بالحشرات، ودورة المياه فيها لا تحتمل، يقول سامح إن أغلب من كانوا معه بالحجز كانوا على ذمة قضايا اغتصاب أو سرقة بالإكراه وقضايا مماثلة، قام بالاتصال بأخيه عن طريق أحد الهواتف المحمولة في الحجز وعندما جاء أخوه وقام بدفع مبالغ مالية إلى الأمناء تم نقله إلى غرفة حجز أفضل بكثير، ويضيف سامح: "لكن لو أخويا اتأخر في الزيارة، وفي دفع مبالغ تانية للأمناء أبدأ تاني أتعرض لضرب وشتيمة".
تمت إحالة سامح إلى النيابة ويفيد بأن المساحة التي أتيحت له للإدلاء بإجاباته كانت محدودة جدًّا، وأنكر خلال تحقيق النيابة كل التهم الموجهة إليه، وفي النهاية قاله وكيل النيابة: أنا مش مقتنع بكلامك ومتعملش كده تاني. وعلى ذلك استمر التحقيق لمدة نص ساعة والتحقيق تم وكان مقيد بالكلابشات وواقف أمام وكيل النيابة.
وفى يوم المحاكمة قام أمين الشرطة بتقييد يديه بالكلابشات بشدة على يديه وعندما طلب منه سامح أن يفكها شوية، رفض وقام بتعنيفه وشتمه وأن كان معاه 6 أشخاص آخرين بتهم الفجور وكلهم حصلوا على البراءة وهو ما علم به بعد عودته إلى القسم لأنه لم يحضر الجلسة في مقر المحكمة وظل محتجزًا.
المعاملة السيئة لا تقتصر على شرطة الآداب أو الضباط وأمناء الشرطة في الأقسام، فوفقًا لسامح، حتى بعد إعلان براءته، أخذوه إلى التسجيل الجنائي، ويحكي سامح: "كنت مع 5 تانيين واخدين براءة في قضايا فجور والموظف بتاع التسجيل الجنائي كان في منتهى قلة الذوق وقلة الأدب معانا، وبيشتمنا ويتريق علينا، وفضل راكننا على جنب في ركن صغير حوالي 3 ساعات ونص، ومانعنا نقعد أو ناكل أو حتى نشرب مية لحد لمَّا في الآخر أخد بياناتنا".