أصل الحكاية.. منذ منتصف التسعينيات والحكومة تسعى لتحويل ضريبة المبيعات إلى ضريبة على القيمة المضافة. وذلك بعد أن شوه رجال الأعمال ضريبة المبيعات تحايلا فى التطبيق، وتزويرا للفواتير، وبعد أن استطالت قائمة الإعفاءات. وهكذا تحولت الضريبة الأسهل فى جمعها إلى صداع فى رأس الحكومة، وانخفضت حصيلتها مقارنة بتكلفة جمعها.
هل توصلت الحكومة لأكبر وأفضل برنامج إصلاح من خلال التفاوض على القرض مع خبراء صندوق النقد؟
الإجابة هي «لا» قاطعة. وفى الأسئلة الثلاثة، التي يطرحها هذا المقال، بعض الشواهد المزعجة، وبحث عن إجابات.
تعرضنا فى المقال السابق للتاريخ الدستورى لمشاركة ــ بل استحواذ ــ السلطة التنفيذية على مقدرات السلطة التنفيذية، وقد وقفنا عند إقرار البرلمان لما صدر من قرارات بقوانين صدرت قبل تشكيل البرلمان، دونما روية للمناقشة كإعمال حقيقى لنص المادة 156 من الدستور المصرى لسنة 2014، والذى اشترط المناقشة لهذه القرارات بقوانين، ولكن فى الحقيقة لم يستغرق أمر العرض فى الجلسة العامة للبرلمان المصرى دقائق، بالمخالفة الصريحة لهذا المبدأ الدستورى.
نجحت المسيرة السلمية لأقباط المهجر المقرر تنظيمها غدًا الثلاثاء في تحقيق بعض أهدافها قبل أن تبدأ؛ بغض النظر عن الأعداد التي ستشارك فيها، أو حجم المنظمات الداعمة لها، فقد ألقت حجرًا في المياه الراكدة، وكشفت عن الشروخ الموجودة في علاقة النظام الحاكم بالأقباط، فقد أتاح الجدل حول المظاهرات لمساحة للغضب المتزايد أن تصل إلى المسؤولين.
عكست ضغوط النظام الحاكم والكنيسة لمنع إتمام المظاهرة، وحملة الهجوم الشرسة ضد القائمين عليها من أطراف عدة، مستوى القلق من الرسالة التي ستقدمها هذه المسيرة للخارج والداخل.
حين تحاصرك إعلانات تدعو للتبرع لعلاج المعدمين أو لتعليم غير القادرين، اعلم أن فى الأمر خطأ كبيرا. ليست الجهات الداعية للتبرع على خطأ، ولا المتبرعون. بل سياسات التعليم والصحة فى مصر هى الخطاءة. ومن أكبر أخطائها نقص التمويل الحكومى.
وفى بادئ الأمر نؤكد أن أي بنية تشريعية سليمة يجب أن تنطلق أساسا من احتياج المجتمع لإصدار قانون يعالج موضوعا معينا، ويجب أن يصدر هذا القانون وفقا لرؤية مجتمعية حقيقية، وأن يصدر من الجهة صاحبة الاختصاص الأصيل لهذه المهمة وهى البرلمان «على اختلاف تسميته من وقت لآخر، وأن اللجوء لفكرة التشريع الاستثنائي الذي يصدر عن السلطة التنفيذية يجب أن يكون في أضيق النطق، وباشتراطات دستورية قوامها الضرورة والاستعجال».
اكتسبت محافظة المنيا سمعة محلية ودولية سيئة باعتبارها بؤرة لاعتداءات ممنهجة على المسيحيين، وأنها أكثر المحافظات المصرية من حيث الممارسات الطائفية، والتى تعكس فشلت الحكومة فى تعاملها مع ملف علاقات المسيحيين بالمسلمين. فالاعتداءات الأخيرة التى شهدتها المحافظة من نهب وحرق منازل وإيذاء بدنى وقتل على خلفية شائعات تحويل منزل لكنيسة أو لمشاجرات عادية سرعان ما تتحول إلى اشتباكات طائفية لم تكن الفصل الأول فى موجة التوترات فى عروس الصعيد كما يحلو لأبناء المحافظة تسميتها.
منذ أيام، صرح النائب البرلماني الطبيب أحمد الطحاوي، عضو لجنة الصحة بالبرلمان- تعليقا على مشروع قانون تغليظ العقوبة على جريمة ختان الإناث المقدم من وزارة الصحة إلى البرلمان- بأن ترك الأنثى بلا ختان أمر غير صحيح، وألمح إلى أن قضية الختان هي أحندة غربية ودعا إلى أخذ رأي أهل الشرع والعلم، أي الاطباء، في هذا الأمر.
أثارت هذه التصريحات ضجة كبيرة من أعضاء برلمانيين وكتاب وناشطات نسويات، واعتبرها البعض تحريضا على جريمة الختان المجرمة طبقا للمادة 242 مكرر من قانون العقوبات.
نذ أن ارتبطت بالقانون، بداية من التحاقي بكلية الحقوق سنة 1983، وأنا أتعلم أن مبدأ سيادة القانون يعني سمو القاعدة القانونية على الكافة، وأن احترام الدولة للقانون من أهم مخرجات هذا المبدأ، وأن من أهم القيم القانونية التي يجب على الدولة بسلطاتها احترامها والعمل وفق مقتضياتها، هي المبادئ الدستورية، ومن أهم وأرسخ تلك القيم والمبادئ الواجبة الاحترام هو مبدأ الفصل بين السلطات
هكذا يصبح الإطار التشريعي المنظِّم لعلاقة الدولة بالمجتمع هو نفسه عاملًا من عوامل إعادة إنتاج الطائفية. كما انتهينا إلى أن المقاربات الرسمية لمعضلة العنف الطائفي تتجاهل دلالة هذه النتيجة الرئيسية، وهي أن العلاقات والممارسات الطائفية لا تقتصر في حضورها على المجتمع، وإنما تمتد إلى ما يفترض أنه مجال سيادته المنظم وفقًا للقواعد الحديثة العقلانية في ممارسة السلطة، أي الدولة الوطنية نفسها.