
بعد إفراج النيابة عن عدد من متهميها .. المبادرة المصرية تطالب بحفظ قضايا صيادي برج مغيزل وثورة الكرامة ودعم فلسطين
بيان صحفي
أعلنت النيابة العامة في بيان أصدرته في السادس من أكتوبر الجاري عن إخلاء سبيل قائمة تضم 38 متهمًا، موزعين على سبع قضايا حصر أمن الدولة العليا، بعضهم من موكلي المبادرة.
تأتي قرارات إخلاء سبيلهم بعد سلسلة من القرارات الشبيهة الصادرة عن النيابة العامة خلال فترة وجيزة، إذ صدر عدد من القرارات المشابهة قبل وبعد إصدار النيابة بيانها المشار إليه. وعلمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عن إخلاء سبيل عدد من موكليها الفترة الماضية، كانوا محبوسين على ذمة قضايا مختلفة مثل القضية 662 لسنة 2020 المعروفة إعلاميًا باسم قضية "صيادو برج مغيزل" والقضية 3434 لسنة 2024 والمعروفة إعلاميًا باسم قضية "ثورة الكرامة" إلى جانب عدد من القضايا المعروفة إعلاميًا باسم قضايا "دعم فلسطين" .
من ضمن المخلي سبيلهم موكل المبادرة المصرية محمد شعلان عنتر (25 عامًا) المتهم على ذمة القضية 662 لسنة 2020، والذي قضى أكثر من أربع سنوات رهن الحبس الاحتياطي، أي ضعف الحد الأقصى القانوني. ألقي القبض على عنتر في يناير 2021 في مطار القاهرة، أثناء عودته من إيطاليا. واتُهم بارتكاب جرائم متعلقة بالإرهاب في ليبيا، بينما لم تطأ قدماه الأراضي الليبية من الأساس، إذ كان مقيمًا في إيطاليا بشكل قانوني قبل ظهور القضية بسنوات عدة، وهو ما أثبته محامو المبادرة المصرية. ضمت القضية المفتوحة منذ أكثر من خمس سنوات، 44 متهمًا أغلبهم صيادين من قرية برج مغيزل وقرى مجاورة بمحافظة كفر الشيخ، توفي أحدهم أثناء حبسه الاحتياطي، فيما استمر حبس معظمهم بمخالفة القانون رغم تخطيهم الحد الأقصى القانون. كان عنتر المتهم الوحيد المتبقى رهن الحبس، وبعد إخلاء سبيله تصبح الخطوة المنطقية التالية بشأن القضية المفتوحة منذ سنوات دون ظهور أي أدلة حقيقية وجادة هو حفظ القضية وإسقاط الاتهامات الموجهة لكافة المتهمين على ذمتها.
شملت قرارات إخلاء السبيل كذلك عددًا من المتهمين على ذمة القضية 3434 لسنة 2024، من بينهم متهم (57 عامًا) ألقي القبض عليه في يوليو 2024 من محل عمله بالإسكندرية، وضمت أيضًا ربة منزل كلفها القبض عليها ما يقرب من عام ونصف من الحبس الاحتياطي، وحرمانها من رعاية ابنيها القاصريّن، ورغم صدور قرار النيابة بإخلاء سبيلها في التاسع من أكتوبر الجاري، إلا أن وزارة الداخلية لم تنفذ القرار حتى لحظة كتابة هذا البيان، ومازال طفليها غير قادرين على التواصل معها أو الاطمئنان عليها منذ أربعة أيام.
وظهرت القضية المعروفة باسم "ثورة الكرامة" في عام 2024، ووصل عدد المتهمين على ذمتها إلى أكثر من 120 متهمًا، اتهمتهم النيابة بالانضمام لجماعة إرهابية، واستخدام مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لأهدافها، ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة في الداخل والخارج والتحريض على ارتكاب جريمة إرهابية، وذلك على إثر منشورات ظهرت على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو للتظاهر يوم الجمعة 12 يوليو 2024 تحت شعار "ثورة الكرامة"، فيما لم تُرصد أي استجابة لها في أي من أنحاء مصر. ولم تواجه النيابة المتهمين بأي أدلة أو أحراز سوى صور مأخوذة عن حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، تضمنت منشورات انتقدوا من خلالها زيادة الأسعار واستمرار قطع الكهرباء آنذاك.
وقررت النيابة الفترة الماضية، إخلاء سبيل نحو عشرين متهمًا موزعين على القضية 2468 لسنة 2023 والقضية 2635 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا، وهي قضايا ظهرت في أكتوبر 2023 بالتزامن مع بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، على خلفية قيام عدد من المواطنين المصريين بالتظاهر إبداءً لتضامنهم مع القضية الفلسطينية.
وحصل أمين شرطة متهم على ذمة القضية 717 لسنة 2024 حصر أمن الدولة على إخلاء سبيل بعد أكثر من عام ونصف من الحبس الاحتياطي، بعدما ألقي القبض عليه لتسلقه لوحة إعلانات لرفع علم فلسطين. ولكن لا يزال هناك عشرات من المواطنين المحبوسين على خلفية دعم فلسطين من بينهم أطفال، وآخرين ألقي القبض من بداية الحرب في أكتوبر 2023، أوشكوا على قضاء الحد الأقصى القانوني بالتزامن مع الإعلان عن وقف إطلاق النار في غزة.
وفي الوقت الذي تعتبر فيه المبادرة المصرية القرارات الأخيرة خطوة إيجابية أوقفت ظلمًا ومخالفات قانونية بحق قائمة من المتهمين ممن تخطوا الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، أو استمر احتجازهم دون مبرر قانوني حقيقي؛ تشدد المبادرة على ضرورة صدور عدد أكبر من القرارات المماثلة خاصة في القضايا مفتوحة منذ سنوات، مثل القضية 65 لسنة 2021، والتي صدر قرار بإخلاء سبيل اثنين من المحبوسين على ذمتها في السادس من أكتوبر الجاري، وبذلك تتبقى نرمين حسين هي المتهمة الوحيدة المحبوسة بمخالفة القانون على ذمة القضية المفتوحة منذ أكثر من أربع سنوات دون ظهور أدلة حقيقية تدعم الاتهامات المُجهة لأي من المتهمين على ذمتها.
تجدر الإشارة إلى أن كافة قرارات إخلاء السبيل المذكورة تصدر بقرار من النيابة، فيما لم يصدر أي قرار مماثل منذ فترة طويلة خلال جلسات نظر حبس المتهمين أمام النيابة أو غرف المشورة المنعقدة بمحكمة الجنايات، الأمر الذي جعل من جلسات النظر في أمر تجديد حبس المتهمين في قضايا أمن الدولة تتحول إلى إجراء روتيني لتمديد الحبس.
وأشار بيان النيابة العامة الأخير إلى أن قرارات إخلاء السبيل جاء "في ضوء حرص النيابة العامة على تحقيق العدالة التي لا تقتصر على محاسبة مرتكبي الجرائم بل تمتد لتشمل إعادة تأهيل المفرج عنهم ودمجهم في المجتمع تكريسًا لنهج الدولة في إعلاء قيم الحقوق والحريات"، الأمر الذي يعطي رسالة مربكة حول تصور النيابة عن اختصاصها وعن المتهمين، إذ تتعامل النيابة في البيان ليس بوصفها سلطة اتهام أو حتى تحقيق، بل بوصفها سلطة قضائية لا تفترض مبدأ البراءة مع متهمين.
تطالب المبادرة المصرية النيابة العامة بحفظ كل من قضية صيادي برج مغيزل، واخلاء سبيل باقي المتهمين على ذمة قضية ثورة الكرامة وقضايا دعم فلسطين ، وإسقاط كافة الاتهامات الواردة بها. وتدعو نيابة أمن الدولة العليا إلى العمل بتوجيهات النائب العام المستشار محمد شوقي بمراجعة موقف جميع المحبوسين، وهو ما يستلزم أن تصدر قرارات مماثلة بحق مجموعات أكبر بشكل دوري ومعلن.
وتكرر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مطالبتها بإعادة النظر في ملف الحبس الاحتياطي على ذمة قضايا أمن الدولة بشكل جاد بما يسمح بإخلاء سبيل أعداد أكبر، وغلق القضايا المفتوحة دون ظهور دليل جاد يثبت الاتهامات الواردة بها منذ سنوات.