
بعد أربع سنوات على افتتاحه..المبادرة المصرية تصدر نتائج تحقيقها حول الأوضاع في مجمع سجون بدر "النموذجية"
بيان صحفي
أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم تقريرًا بعنوان "بين الدعاية والحقيقة: انتهاكات حقوق نزلاء سجون بدر"، مع اقتراب الذكرى الرابعة لافتتاحه في الربع الأخير من سنة 2021.
يغطي التقرير السنوات الثلاث الأولى لعمل مجمع السجون الجديد، أي الفترة بين افتتاحه وبدء نقل السجناء إليه،وحتى نهاية سنة 2024. ويرصد التقرير روايتين متقابلتين لما شهده المحتجزون في مجمع بدر خلال تلك الفترة: الأولى الرواية الحكومية التي تشيد بالأوضاع داخل سجون بدر بعد عدد قليل من الزيارات الرسمية المعلنة؛ والثانية هي الرواية التي يتبناها عدد من المحتجزين وأسرهم ومحاميهم، والتي تؤكد على صعوبة الأوضاع وتفاقم أشكال مختلفة من العنف المُمارس ضدهم، ووجدت المبادرة فيما وصلها من شهادات وما رصدته من بلاغات وشكاوى أن العنف الواقع على المحتجزين، يبدو أنه أصبح أسهل وأكثر منهجية بسبب الأوضاع المؤسسية الجديدة، والأدوات التكنولوجية التي أُدخلت على نظام إدارة السجن وباتت تُستخدم بشكل عقابي، ما يجعل من من الإيداع في السجون الجديدة عقابًا مضاعفًا، سواء كان المحتجزون محبوسين احتياطيًا من دون إدانة، أو محكومًا عليهم بعقوبات سالبة للحرية.
ويضم مجمع بدر الأمني حتى لحظة صدور التقرير عددًا من المحتجزين المحرومين من حقوقهم الأساسية كالتريض والقراءة والزيارة، وهي الحقوق التي لا تحتاج أي زيادة في الإنفاق أو تحديث بنيوي أو إنشاءات جديدة، بل تحتاج فقط إلى قرار بالسماح وإتاحة للحد الأدنى من حقوق السجناء والمحبوسين.
وينقسم التقرير إلى أربعة أجزاء رئيسية، أولها يتتبع عملية نقل المحتجزين من سجون مختلفة إلى مجمع بدر الأمني، للوقوف على مدى استعداد وزارة الداخلية - ممثلة في مصلحة السجون- إداريًا لهذه العملية الضخمة، وتأثير عملية النقل على حقوق السجناء وذويهم، وكذلك الوقوف على مدى جاهزية السجون الجديدة نفسها لاستقبال المحتجزين، وصلاحيتها للمعيشة بما يتفق مع ما ورد في التشريعات المصرية والاتفاقيات الدولية.
ويتعرض الجزء الثاني من التقرير للبنية التحتية للسجن، وشكل الزنازين وتقسيمها استنادًا لما ورد للمبادرة المصرية من شهادات، ومقارنتها بما تعرضه وزارة الداخلية في أفلامها الترويجية عن "مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة".
ويحاول الجزء الثالث من التقرير تقييم الأوضاع المعيشية للمحتجزين وممارسة حقوقهم الدستورية والقانونية فيما يخص التريض والمأكل وإتاحة فرص التعلم والاطلاع والحصول على الرعاية الصحية المناسبة، والتواصل مع العالم الخارجي من خلال إتاحة الزيارة والمراسلات بين المحتجزين وذويهم، إلى جانب تأثير موقع السجن النائي على أهالي المحتجزين وتأثيره على قدرتهم على التواصل مع ذويهم في ظل غياب شبكة مواصلات، وتقدير التكلفة المادية التي يتحملونها للوصول. وأخيرًا يحاول الجزء الرابع من التقرير فهم السياق الذي انتشرت فيه الأخبار عن شروع أعداد من المحتجزين في الإضراب أو الانتحار، ومتابعة الطريقة التي اختارتها الجهات المختصة في التعاطي مع مثل هذه الادعاءات.
أُنجز التقرير اعتمادًا على منهجية بحث كيفي، حيث أجرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مقابلات مع أسر محتجزين حاليين وسابقين في سجني بدر 1 وبدر 3 المخصصين للمحبوسين احتياطيًا والمحكوم عليهم بتهم "سياسية". كما أجرت المبادرة مقابلات مع محامين عن موكلين محتجزين في السجنين نفسيهما، داوموا على حضور جلسات النظر في أمر تجديد حبس موكليهم احتياطيًا، وباتت تلك الجلسات - في بعض الحالات- هي الوسيلة الوحيدة للتواصل مع المحتجزين والوقوف على أوضاع الاحتجاز داخل السجن، سواء كانت قضاياهم منظورة أمام نيابة أمن الدولة العليا، أو دوائر الإرهاب المنعقدة في غرفة المشورة بمحكمة بدر.
ونظرًا لغياب البيانات الرسمية الدورية الموجزة أو المفصلة حول الأوضاع داخل مجمع بدر الأمني، وفي ظل ندرة الزيارات الرسمية المعلنة التي تكتفي بالإشادة بالأوضاع بدون تفاصيل حقيقية، وعدم إمكانية قيام أية جهة مستقلة من المجتمع المدني بإجراء زيارات متابعة للسجون المصرية، فقد اعتمدت المبادرة المصرية إلى جانب تلك المقابلات على رصد الأخبار والتقارير الرسمية الصادرة عن الجهات الحكومية المختلفة بشأن المجمع الأمني، من أجل تقديم مقارنة بين الرواية الرسمية ورواية المحتجزين والأهل والمحامين، وذلك مع إجراء تحليل قانوني للتشريعات المصرية والاتفاقيات والقواعد الدولية المعنية بالاحتجاز، للوقوف على مدى التزام الجهات المعنية بتنفيذ هذه التشريعات، وما إن كانت التشريعات نفسها تحتاج إلى تعديل.
وتشدد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن نتائج تحقيقها في الأوضاع داخل السجن الجديد، من واقع المصادر المتاحة تظهر بجلاء أن الوضع الحالي يستلزم مراجعات للسياسات والإدارة الأمنية، وتقصيًا وتحقيقًا جاد تضطلع به أجهزة التحقيق. ويقدم التقرير حزمة من الإجراءات الواضحة التي يمكن أن تقوم بها الجهات المختصة من شأنها إنفاذ القوانين القائمة، والتي لا تتطلب موارد إضافية أو استثمارًا جديدًا، إذا كانت هناك رغبة في تحسين أوضاع المساجين والحفاظ على أرواحهم وحقوقهم، وإيمان بأنهم مواطنون لم تثبت إدانتهم بعد، أو وقعت عليهم عقوبة سالبة للحرية لوقت من الزمان قد يطول أو يقصر، ولكن مسؤولية وزارة الداخلية هي الحفاظ على حياتهم وصحتهم في تلك الأثناء.
للاطلاع على التقرير كاملاً اضغط هنا