رفع حالة الطوارئ خطوة إيجابية تنتظر تفكيك البنية التشريعية القمعية وإطلاق عشرات الآلاف من السجناء السياسيين
بيان صحفي
قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم إن قرار رئيس الجمهورية المعلن مساء أمس بالتوقف عن تمديد حالة الطوارئ -المفروضة على كامل أنحاء البلاد منذ عام 2017- هو خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح؛ وإن كانت قاصرة وحدها عن تفكيك غابة التشريعات القمعية الصادرة في السنوات الأخيرة والتي شرعنت أغلب صلاحيات قانون الطوارئ وأدخلتها إلى القوانين الجنائية بشكل دائم.
وأضافت المبادرة المصرية أن قرار إنهاء حالة الطوارئ سيعني من الناحية العملية إنهاء عمل محاكم أمن الدولة العليا، وهي محاكم استثنائية لا تضمن الحد الأدنى من قواعد المحاكمة العادلة، ولا يجوز استئناف أو نقض أحكامها، وتمنح الحق لرئيس الجمهورية للتدخل بتعديل أو إلغاء تلك الأحكام أو الأمر بإعادة المحاكمة دون قيد أو شرط.
وفيما رحبت المبادرة بوقف عمل محاكم الطوارئ، إلا أنها قالت إن هذه المحاكم الاستثنائية -بنص قانون الطوارئ- ستستمر في نظر جميع القضايا التي أحيلت إليها بالفعل من قبل النيابة العامة أو التي شرعت في نظرها قبل قرار ليلة أمس. ومن بين تلك القضايا محاكمة باتريك جورج زكي، الباحث الحقوقي في المبادرة المصرية، ومحاكمة "خلية الأمل" التي تضم المحامي زياد العليمي والصحفيين هشام فؤاد وحسام مؤنس، ومحاكمة المحامي الحقوقي محمد الباقر والناشطين السياسيين علاء عبد الفتاح ومحمد رضوان (أكسجين)، ومحاكمة النشطاء الحقوقيين المتهمين بتأسيس "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، ومحاكمة عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، وغيرها من القضايا المنظورة حاليًا أمام محاكم الطوارئ في أغلب محافظات مصر.
ودعت المبادرة المصرية إلى الوقف الفوري لنظر كافة القضايا المحالة حاليًا إلى محاكم أمن الدولة بعد انقضاء حالة الطوارئ، وإخلاء سبيل المتهمين فيها خاصة وأن أغلبهم قد تجاوز الحد الأقصى للحبس الاحتياطي المنصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية. كما دعت رئيس الجمهورية إلى عدم التصديق على كافة الأحكام الصادرة مؤخرًا عن تلك المحاكم الاستثنائية، والأمر بإلغاء تلك الأحكام، وعلى رأسها الحكم الصادر في يونيو الماضي بحق الباحث الأكاديمي أحمد سمير سنطاوي بالسجن أربع سنوات بتهمة "نشر أخبار كاذبة من خارج البلاد حول الأوضاع الداخلية".
وجددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية التأكيد على مطالبها بالإفراج الفوري عن عشرات الآلاف من السجناء السياسيين المحتجزين حاليًا بموجب قوانين قمعية أخرى بخلاف قانون الطوارئ. كما طالبت بتعديل تلك القوانين القمعية المستخدمة حصريًا في ملاحقة المواطنين بسبب ممارسة حقوقهم الدستورية في التعبير والتنظيم والتجمع السلمي، وعلى رأسها قوانين مكافحة الإرهاب، والكيانات الإرهابية والإرهابيين، والجريمة الإلكترونية، فضلاً عن المواد المقيدة للحريات بقانون العقوبات، وعلى رأسها تلك التي تعاقب المواطنين على آرائهم بدعوى "نشر معلومات أو أخبار كاذبة".
كان رفع حالة الطوارئ المفروضة بالمخالفة للدستور والمستخدمة في تعطيل كافة الحريات الأساسية وحقوق المحاكمة العادلة، هو أحد عناصر مبادرة "أول سبع خطوات" التي أطلقها ائتلاف من منظمات حقوق الإنسان المصرية في وقت سابق من العام الجاري ووقع عليها ما يزيد عن خمسين من منظمات المجتمع المدني في مصر والعالم. وتضمنت الخطوات الأخرى الإفراج عن السجناء السياسيين المحبوسين احتياطيًا أو المحكوم عليهم بسبب نشاطهم السلمي، وإنهاء الحبس الاحتياطي المطول ومفتوح المدة، وتأجيل تنفيذ أحكام الإعدام مؤقتًا، وإنهاء الملاحقات الجنائية للمدافعين عن حقوق الإنسان، وسحب مشروع قانون الأحوال الشخصية الحكومي، ورفع الحجب غير القانوني عن مواقع الإنترنت والصحف الرقمية.