ثلاث سنوات من التجاهل: الحكومة المصرية تمتنع عن تطبيق حكم اللجنة الإفريقية الخاص بإعادة فتح التحقيقات في قضية الأربعاء الأسود ومحاكمة المتورطين فيها وتعويض الناشطات والصحفيات المعتدى عليهن
بيان صحفي
تأتي ذكرى حادثة الاعتداءات الجنسية الواسعة على عدد من المتظاهرات والصحفيات من قبل متظاهرين مؤيدين للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك في مايو 2005 والمعروفة إعلاميًّا باسم "الأربعاء الأسود" في ظل مناخ أوضاع أكثر تدهورًا من التضييق على حريات الرأي والتعبير والتجمع السلمي. فمنذ أسابيع قليلة شهدنا تكرارًا لسيناريو مشابه من اقتحام قوات الشرطة نقابة الصحفيين، في سابقة هي الأولى من نوعها، واستمرار الممارسات المشينة من اعتداء أفراد بزي مدني يقفون في حراسة قوات الأمن على المتظاهرين والصحفيين في أثناء انعقاد جمعيتهم العمومية الأخيرة في 4 مايو 2016.
في هذا الإطار ، تجدد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تذكيرها للحكومة المصرية بالحكم الذي حصلت عليه كل من المبادرة المصرية والمركز الدولي للحماية القانونية لحقوق الإنسان في 14 مارس 2013 من اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والذي يقضي بإعادة فتح التحقيق ومحاسبة الجناة في الاعتداءات الجنسية والجسدية التي طالت الصحفيات والمتظاهرات على سلم النقابة اعتراضًا على التعديلات الدستورية التي أجراها الرئيس السابق حسني مبارك في 2005، كما ألزم الحكم الحكومة المصرية بتقديم تعويض مالي قدره سبعة وخمسون ألف جنيه مصري لكل من الشاكيات الأربع اللاتي أقامت المبادرة الدعوى نيابة عنهن وهن الصحفيات: شيماء أبو الخير، عبير العسكري، نوال علي (توفيت في 2009) وإيمان طه.
وعلى الرغم من أن اللجنة الإفريقية أمهلت الحكومة المصرية ستة أشهر (180 يومًا) من وقت إخطارها بالحكم كي ترسل الحكومة تقريرًا إلى اللجنة يتضمن الخطوات التي اتخذت لتنفيذ الحكم، وعلى الرغم أيضًا من قيام المبادرة بإرسال إخطارات إلى وزارة الخارجية لتنبيهها على أهمية تنفيذ الحكم، فلا تزال الحكومة المصرية تتجاهل تنفيذ الحكم دون إبداء أي أسباب واضحة لهذا التجاهل.
فبعد صدور الحكم شرعت المبادرة في بدء التواصل مع وزارة الخارجية ووزارة التعاون الدولي لمناقشة آلية تنفيذ الحكم وجدوله الزمني، ولكن تم تجاهل كل المراسلات وتجاهل مهلة الـ180 يومًا لتنفيذ الحكم، ولذا قامت المبادرة بالتواصل مع اللجنة الإفريقية للنظر في عدم تنفيذ الحكم وبناء عليه ردت الحكومة المصرية في أكتوبر 2013، وبناء على رد الحكومة أرسلت المبادرة ردًّا آخر لتوضيح نقاط الاختلاف مع رد الحكومة. ونظرت اللجنة الإفريقية في الردين في ديسمبر 2013. جاء رد الحكومة بشأن عدم التنفيذ متمحورًا في رفض تنفيذ الجزء الخاص بالتعويض والاستناد إلى "عدم وجود أدلة" جديدة لإعادة التحقيق مرة أخرى والخوض في الشق الإجرائي من الدعوى والذي تم الانتهاء منه.
تؤكد المبادرة المصرية على أهمية قيام الحكومة بتعويض ضحايا الاعتداءات، بهدف إرساء قاعدة مهمة في جبر الضرر لضحايا الاعتداءات الجنسية الذين تزايدت أعدادهن بشكل كبير بعد يناير 2011 وتكرار حوادث الاعتداءات الجنسية الجماعية على النساء سواء من عموم المواطنين أو على يد قوات الأمن. وفيما عدا بعض أحكام الإدانة التي أصدرها القضاء في الحالات القليلة التي تم فيها التعرف على الجناة، يظل ضحايا الاعتداءات الجنسية الجماعية من النساء دون سبيل واضح للوصول إلى العدالة ودون إجراءات تكفل لهم الإنصاف القانوني وتعويضهم عما لحق بهم. ويؤكد القانون الدولي على حق الناجيات في الوصول إلى طرق لجبر الضرر تتضمن الرد والتعويض والتأهيل والتعهد بعدم التكرار وغيرها، كما تؤكد أدبيات القانون الدولي على أن تعويض الضحايا يجب أن يكون مساويًا لفداحة الجرم الذي وقع بحقهن.
وتدين المبادرة المصرية تقاعس الحكومة في التنفيذ والذي يشكل إخلالًا واضًحا بالتزامات مصر الدولية والإقليمية بحماية وضمان حقوق الإنسان وتجاهلًا لمواد الدستور الذي أكد التزام الدولة بحماية النساء ضد كل أشكال العنف في المادة 11 منه.
تشير المبادرة أيضًا إلى أن الحكومة لا يمكن أن تكون جادة في مكافحة العنف الجنسي ضد النساء دون مصارحة ومحاسبة حقيقية لدور رجال الأمن في رعاية و/ أو ارتكاب جرائم عنف جنسي ضد الأفراد والمواطنين وإنهاء حالة الحصانة التي يتمتعون بها في هذا الشأن وتهيب بالمجلس القومي للمرأة أن يحث الحكومة على الشروع في تنفيذ الحكم اتساقًا مع مبادىء الإستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد المرأة.
للاطلاع على رد الحكومة المصرية اضغط هُنا