هناك تناقض كبير بين ما تبثه الحكومة من تبريرات لأزمة نقص الدولار وما يقوله لنا تحليل البيانات الرسمية.
تهدف هذه الورقة إلى تفكيك الخطاب الحكومي حول سياسة تعويم الجنيه المصري مقابل الدولار. وذلك عن طريق تفنيد ثلاث مقولات أساسية ترددت خلال السنوات الخمس الماضية، وحتى اليوم، لكي يتقبل المصريون قرار تعويم الجنيه. هذه المقولات تدور حول فكرة أن أزمة الدولار سببها نقص المتحصلات الدولارية وأن النقص كان نتيجة للثورة والمقولة الثانية هي أن الأزمة تنتهي فور القيام بالتعويم والمقولة الثالثة هي انه لا بديل عن تعويم العملة.
وتخلص الورقة إلى أنه خلال السنوات اللاحقة على الثورة، زادت موارد مصر من الدولارات زيادة كبيرة. سواء بفضل زيادة تحويلات العاملين والاستثمارات الخارجية المباشرة والصادرات، خلال السنوات الثلاث الأولى، أو بسبب زيادة القروض الخارجية خلال الأعوام اللاحقة، والتي أمكنها تعويض الجزء الأكبر من انهيار عوائد السياحة.
إنما وقع الاقتصاد في أزمة نقص الدولارات بسبب تسرب أموال طائلة إلى خارج البلاد. سواء كان ذلك في شكل تحويل أرباح، أو خروج رؤوس أموال إلى الخارج أو أيضًا تهريب أموال بشكل غير مشروع. أدى غياب أي علاج لأزمة الهروب الكبير لرؤوس الأموال إلى خارج البلاد على مدى السنوات الماضية إلى ضياع عشرات المليارات من الدولارات، والتسبب في أزمة نقص الدولارات. كما أن التعويم لن يؤدي إلى استقرار سوق النقد لعدد من الأسباب تشرحها الورقة بالتفصيل.
وتطرح الورقة سياسات بديلة تتناسب مع تشخيص هروب الاستثمارات إلى الخارج.
وأخيرًا، فإن الحكومة بدلًا من استخدام الدواء المناسب، فقد أدى التشخيص السيئ للأزمة إلى تبني سياسة التعويم رغم ما لها من آثار سلبية فادحة على البلاد والعباد، تجاهلتها الحكومة حين اتخذت قرار التعويم.