تعليق المبادرة المصرية على نتائج تحقيقات البنك الدولي في مخالفات مصنع أسمنت تيتان

تعليق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على التحقيق الذي أجراه مكتب "المُحقق" التابع للبنك الدولي في الشكوى التي قدمتها المبادرة  للحقوق الشخصية ومنظمات أخرى بالتنسيق مع أهالي منطقة وادي القمر بالإسكندرية، ضد شركة الإسكندرية لأسمنت بورتلاند (مصنع أسمنت تيتان)، بعد صدور نتائج التحقيق الذي استغرق  6 سنوات كاملة.

وخلصت نتائج التحقيق إلى تأكيد مصداقية الشكوى بوجود تأثير سلبي للمصنع على البيئة وصحة السكان، وحدوث انتهاكات لحقوق العمال تسبب فيها مصنع الأسمنت التابع للشركة، والذي تموله مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة للبنك الدولي، منذ عام 2010. 

وكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومنظمات أخرى قد قدمت هذه الشكوى في أبريل 2015، بالتنسيق مع أهالي وادي القمر ومع عمال سابقين في المصنع، قدموها إلى مكتب المحقق التابع للبنك الدولي (ويسمى مكتب مستشار شؤون التقيّد بالأنظمة CAO)، وهو المكتب المعني بالتحقيق في شكاوى المتضررين من المشروعات التي تساندها مؤسسة التمويل الدولية؛ ذراع مجموعة البنك الدولي التي  تمول مشروعات القطاع الخاص. 

استندت الشكوى إلى مخالفة المصنع لمعايير الاستدامة البيئية والاجتماعية التي تتبناها مؤسسة التمويل الدولية، وتشترط على الجهات التي تمولها أن تلتزم بها طوال فترة التمويل. وجدير بالذكر أن المؤسسة كانت قد أصدرت هذه المعايير نفسها بعد تعرضها لسنوات عديدة إلى الانتقادات في أماكن مختلفة من العالم، بسبب دعمها مشروعات لا تلتزم بالمعايير الدولية، وتضر ضررا بالغا بالبيئة والعمال والسكان.

وكان من أهم ما تضمنته الشكوى تضرر السكان من تأثير التلوث الذي يسببه المصنع على صحتهم وسلامتهم، ومخالفة المصنع للقوانين المصرية المتعلقة بتقييم الأثر البيئي وتراخيص التشغيل، وضعف المشاركة المجتمعية فيما يتعلق بالمجتمع السكني المحيط. كما تضمنت الشكوى انتهاكات تتعلق بحقوق العمال المتعاقدين فيما يتعلق بالأجور والمزايا وحماية صحتهم وسلامتهم، ومخالفة القوانين المصرية والدولية فيما يخص التفاوض الجماعي وفض الاعتصام السلمي بالقوة. وذلك إضافة إلى شكاوى تتعلق بمستحقات عدد من عمال المعاش المبكر. 

وأكد التحقيق أن مؤسسة التمويل أخطأت منذ البداية عند التعاقد، حيث لم يتم تقييم الآثار البيئية والاجتماعية بما يتناسب مع طبيعة المشروع وحجمه والقرب من المنطقة السكنية، وأكدت نتائج التحقيق التأثير السلبي للمصنع على البيئة وصحة السكان، خصوصا بسبب انبعاثات الأتربة لمستويات أعلى كثيرا من المعايير المقبولة دوليا، وارتفاع كل من قياسات الضوضاء والاهتزازات. لا سيما أن سكان عدد من المنازل القريبة من المصنع يشكون من تسبب هذه الاهتزازات في تصدع جدرانهم، ورغم هذا  لم يتم قياسها أصلا أو اتخاذ إي إجراءات بشأنها. 

وعلى مدار عمر المشروع وحتى خروج مؤسسة التمويل منه، أظهر التحقيق أن المؤسسة لم تقم بدورها كما يجب في إلزام المصنع باتباع المعايير البيئية أو حماية حقوق العمال أو الإفصاح عن البيانات بشفافية. 

وبعد إعلان نتائج التحقيق قدمت مؤسسة التمويل الدولية خطة عمل لمكتب المحقق، إلا أن الخطة لم تستجب لأهم نتائج التحقيق ولا أهم مطالب مقدمي الشكوى. فقد جاءت الخطة بدون أي ذكر على الإطلاق لأي من قضايا العمال، ولا أي من المشاكل البيئية الكبرى. وحتى البنود التي طلبتها المؤسسة من شركة أسمنت تيتان، رهنتها بموافقة الشركة نفسها، بحجة أن مؤسسة التمويل أنهت كافة أشكال التعاقد مع الشركة منذ عام  2020.

 وتعد هذه الشكوى هي الأولى المقدمة إلى مكتب المحقق من مصر. وهي من الشكاوى النادرة كذلك في منطقة الشرق الأوسط، ومن القليلة التي وصلت إلى المراحل النهائية من بين كل الشكاوى المقدمة إلى مكتب المحقق. ومن المؤسف أن تستغرق الشكوى منذ تقديمها وحتى صدور النتائج النهائية ما يزيد على ست سنوات، لتخلص في النهاية إلى تلك الاستجابة الضعيفة. 

وتؤكد المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أنه بدون التزام بحد زمني أقصى مناسب للانتهاء من التحقيقات، وبدون التزام من مؤسسة التمويل الدولية باحترام تقرير المحقق، ووضع خطة عمل فعالة تستجيب لكافة نتائجه، وبدون تعويض وجبر للأضرار التي أثبت التحقيق وقوعها حتى بعد انهاء التعاقد، نخشى أن تظل معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية لمؤسسة التمويل الدولية في الواقع، حبراً على ورق.