بالأرقام رصد لأحكام الإعدام في مصر من 2011 إلى 2019

بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام الموافق 10 أكتوبر من كل عام، تعرض المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ملف خاص بعنوان " بالأرقام رصد لأحكام الإعدام في مصر من 2011 إلى 2019".

يذكر أن المبادرة المصرية قدمت على مدار عامين متتاليين تقريرًا مفصلاً بعنوان : "ِباسْمِ الشَعب"  يصدر بنهاية كل عام - يرصد مجريات وتتطورات استخدام عقوبة الإعدام وعرضًا وتوثيقًا لأحكام الإعدام (رابط التقرير السنوى الأول 2017- رابط التقرير السنوى الثاني 2018).  بالإضافة إلى محاولة تحليل أنماط استخدام عقوبة الإعدام في المحاكم المصرية والتغيرات الكمية والكيفية في اللجوء إلى العقوبة القصوى في القانون الجنائي وهي العقوبة الوحيدة التي لا يمكن التراجع عنها بعد تنفيذها.

فيما يلي عرض للتسلسل الزمنى والإطار الفعلي لاستخدام العقوبة خلال الفترة مابعد ثورة 25 يناير 2011 إلى سبتمبر 2019

أولًا التسلسل الزمني لتصاعد استخدام عقوبة الإعدام منذ2011 وحتى تاريخ كتابة الورقة:

 اعتمد فريق البحث على أرقام وإحصائيات منظمة العفو الدولية في الفترة السابقة على سنة 2016.  الأرقام الموضحة في الرسم البياني التالي اعتمدت على تقارير منظمة العفو السنوية.

كما قام فريق البحث برصد وتوثيق الزيادة المطردة في استخدام عقوبة الإعدام منذ سنة 2016 على جميع مستويات التقاضي. يوضح الرسم البياني أدناه الزيادة في إصدار الأحكام وتأكيدها وتنفيذ العقوبة في مختلف المحاكم (مدنية وعسكرية).  الأرقام تمثل الحد الادنى الذي استطاع الباحثون في المبادرة المصرية الوصول له من خلال الأهالي وملفات القضايا وما تم تداوله في وسائل الإعلام.

  • يناير - سبتمبر 2019:  فقد أيدت محكمة النقض إعدام 32 شخصا على ذمة 9 قضايا ليصبح تنفيذ إعدامهم واجب النفاذ، كما أصدرت أحكاما أولية بإعدام 320 شخصا على الأقل في 170 قضية, بعضها كانت قضايا ذات طابع سياسي وبعضها قضايا جنائية عادية. كما تم إحالة أوراق 147 شخصا إلى  مفتي الجمهورية من ضمنهم 8 أشخاص في قضايا عسكرية. بالنسبة إلى الأحكام الإعدام الصادرة عن القضاء العسكري فقد أيدت المحكمة العليا للطعون العسكرية أحكام بإعدام 21 مدنيا ضمن 3 قضايا عسكرية، بينما قامت محاكم الجنايات العسكرية بإصدار أحكام أولية بإعدام 5 أشخاص مدنيين على الأقل على ذمة قضية واحدة ذات طابع سياسي. وقامت مصلحة السجون بتنفيذ إعدام 23 شخصا على الأقل في 5 قضايا على مدار العام.
  • خلال عام 2018 :أصدرت محكمة النقض أحكاما نهائية بتأييد إعدام 59 شخصا على الأقل في 16 قضية ليصبح تنفيذ إعدامهم واجب النفاذ بعد أن استنفذوا كافة مراحل التقاضي. كما أصدرت أحكاما أولية بإعدام 543 شخصا على الأقل ضمن 205 قضية ذات طابع سياسي أو جنائي. بالاضافة الى إحالة أوراق 350 شخصا للمفتي. بالنسبة الى الأحكام الإعدام الصادرة عن القضاء العسكري فقد أيدت المحكمة العليا للطعون العسكرية أحكام بإعدام 4 مدنيين على الأقل في قضيتين، بينما قامت محاكم الجنايات العسكرية بإصدار أحكام أولية بإعدام 52 شخصا مدنيا على الأقل على ذمة 6 قضايا جميعها قضايا ذات طابع سياسي. وقامت مصلحة السجون بتنفيذ إعدام 43 شخصا على الأقل في 23 قضية على مدار العام.
  • خلال عام 2017:  أصدرت محكمة النقض أحكاما نهائية بتأييد إعدام 32 شخصا على الأقل في 8 قضايا ليصبح تنفيذ إعدامهم واجب النفاذ بعد أن استنفذوا كافة مراحل التقاضي. كما أصدرت أحكاما أولية بإعدام 260 شخصا على الأقل ضمن81 قضية ذات طابع سياسي أو جنائي، في تصاعد ملحوظ مقارنة بالأعوام السابقة وإحالة أوراق 45 شخصا للمفتي. بالنسبة الى الأحكام الإعدام الصادرة عن القضاء العسكري فقد أيدت المحكمة العليا للطعون العسكرية أحكام بإعدام على الاقل 25 شخص مدني في 3 قضايا، بينما قامت محاكم الجنايات العسكرية بإصدار قرارات أولية بإعدام 71 شخصا مدنيا على الأقل على ذمة 4 قضايا جميعها ذات طابع سياسي. وقامت مصلحة السجون بتنفيذ إعدام 49 شخصا على الأقل من ضمنهم 15 شخصا  في قضايا عسكرية على مدار العام.
  • خلال عام 2016:  أيدت محكمة النقض حكم بتأييد إعدام شخص واحد على الأقل، كما أصدرت أحكام أولية بإعدام 28 شخصا على الاقل،و بإحالة أوراق 58 شخصا للمفتي. بالنسبة الى الأحكام الإعدام الصادرة عن القضاء العسكري قامت محاكم الجنايات العسكرية بإصدار أحكام أولية بإعدام 15 شخصا مدنيا على الاقل في قضايا كانت جميعها ذات طابع سياسي. وقامت مصلحة السجون بتنفيذ إعدام 24 شخصا على الأقل على مدار العام. 


ثانيًا الإطار القانوني لصدور أحكام الإعدام فى مصر:

قبل أبريل 2017 كان يصدر حكم الإعدام أولًا من محكمة الجنايات بعد استطلاع رأى مفتى الديار المصرية، وهو رأى استشارى، عقب صدور حكم الإعدام من محكمة الجنايات1، تحال القضية لمحكمة النقض خلال 60 يومًا، تنظر محكمة النقض القضية من الناحية الإجرائية، وأن حكم الإعدام الصادر قد شمل كل الإجراءات، فى حال عدم توافر ذلك تقوم بنقض الحكم، وإعادة إلى دائرة جنايات مغايرة للدائرة التى أصدرت الحكم أول مرة، إذا أصدرت الدائرة الجديدة أيضا حكمًا بالإعدام، تحال القضية لمحكمة النقض، وتتصدى محكمة النقض للقضية هنا كمحكمة موضوع ويكون حكمها نهائيًا، وعقب تصديق رئيس الجمهورية على الحكم يكون الحكم واجب النفاذ.

أما بعد أبريل 2017، أصدر رئيس الجمهورية قرار  رقم 11 لسنة 2017 ،الخاص بتغيير إجراءات الطعن، والذي بموجبه تنظر القضايا التي صدرت فيها حكم بالإعدام مرة واحدة أمام محكمة الجنايات  عقب استطلاع رأى المفتى الاستشاري ومن ثم تتصدى محكمة النقض للطعن على حكم الدرجة الأولى كمحكمة موضوع ويكون الحكم الصادر منها حكم واجب النفاذ  بعد تصديق رئيس الجمهورية على الحكم.

يجدر الإشارة إلى بدء العمل بدوائر الإرهاب، والتي تم تكوينها في ديسمبر 2013، في بدايات 2014. وفقًا لقرار محكمة الاستئناف القاضي بتشكيل دوائر بعينها مكونة من قضاة بعينهم، وقد أصدرت هذه الدوائر أكبر عدد من أحكام الإعدام منذ إنشائها مقارنة بالمحاكم الاخرى فى نفس الفترة.

أما أحكام الإعدام الصادرة من القضاء العسكري فتصدر من محكمة الجنايات العسكرية، بعد ذلك تنظر القضية أمام المحكمة العليا للطعون العسكرية وإذا أكدت المحكمة العليا للطعون العسكرية الحكم أو خففته يصبح واجب النفاذ عقب تصديق وزير الدفاع على الحكم.

وهناك نوع ثالث من المحاكم يصدر أحكامًا بالإعدام وهو محاكم أمن الدولة طوارئ، وهذه المحاكم تم إعادة العمل بها وفقًا لقرار رئيس الوزراء فى ظل حالة الطوارئ المفروضة، والحكم الصادر من هذه المحكمة هو حكم غير قابل للنقض والاستئناف، فقط رئيس الجمهورية له صلاحية استبدال العقوبة، وهو ما يعتبر انتهاك لضمانة أساسية للمحكوم عليهم بالإعدام أن يوجد درجة اخرى للتقاضى قبل تنفيذ الحكم2، وقد صدر بالفعل أول حكم إعدام من هذه المحكمة فى القضية رقم 2278 جنايات أمن الدولة العليا طوارئ المعروفة إعلاميًا بـ” قضية الهجوم على كنيسة مارمينا بحلوان” والمحكوم فيها بالإعدام على متهمين، وهو حكم غير قابل للنقض.


ثالثًا الواقع العملى والملابسات المحيطة لصدور أحكام الإعدام فى مصر:


بعد الثالث من يوليو 2014 توسع القضاء المصرى فى إصدار أحكام إعدام وصفت من قبل جهات أممية بأنها أحكام إعدام جماعية، وأنها تفتقد لضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة الأساسية، خاصة مع المتهمين المحكوم عليهم بالإعدام، من ضمن هذه الانتهاكات: 

1- الاختفاء القسرى: من خلال دراسة 28 قضية، تعرض على الأقل 198 شخص للاختفاء القسري لمدد متفاوتة وصلت فى أقصى حد لها 219 يومًا.

2- التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية: من خلال دراسة 31 قضية، تعرض على الأقل 212 متهما لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب منها الضرب بالأيدى والأرجل والآلات الحادة، الصعق بالكهرباء فى مختلف أماكن الجسد والاماكن الحساسة تحديدًا، الاغتصاب، هتك العرض، الإيهام بالغرق، التعليق من الأيدي والأرجل، و أخيرًا التهديد المعنوى بالإغتصاب أو الضرب أو التعرض لأهل المختفى بالسوء. وقد تجاهلت النيابة طلبات المتهمين ودفاعهم بالعرض على الطب الشرعى لإثبات ما بهم من آثار تعذيب مع 124 متهمًا على ذمة 28 قضية.

3- انتهاك الحق فى الدفاع: من خلال دراسة 28 قضية، بدأت النيابة التحقيق مع 356 متهمًا دون حضور الدفاع الخاص بهم

4- إغفال مبدأ أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته: وتصوير إعترافاته قبل وأثناء التحقيق معاه، وكانت جهات الضبط هى من تقوم بالتصوير وبعرضها سواء على المنصات الخاصة بها أو منصات إعلامية أخرى، وقد تكرر هذا الانتهاك مع 13 متهمًا على ذمة 5 قضايا من القضايا المرصودة.

  • 1. تنص المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية على أن “لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية، ويجب إرسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلى المحكمة خلال العشرة الأيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوى وفي حالة خلو وظيفة المفتي أو غيابه أو قيام مانع لديه، يندب وزير العدل - بقرار منه - من يقوم مقامه”
  • 2. تنص الضمانة السادسة من ضمانات تكفل حماية حقوق الذين يواجهون عقوبة الإعدام على أن "لكل من يحكم عليه بالإعدام الحق في الاستئناف لدى محكمة أعلى، وينبغي اتخاذ الخطوات الكفيلة بجعل هذا الاستئناف إجباريا"