تعديلات الحكومة على قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خطوة للوراء من شأنها استبعاد مستحقين للخدمات الحكومية

بيان صحفي

25 أغسطس 2025

تمثل التعديلات المقترحة على القانون رقم 10 لسنة 2018 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي وافق عليها مجلس الوزراء خلال الشهر الجاري، تراجعًا عن الالتزامات الدستورية والقانونية التي تشدد على ضمان حماية حقوق ذوي الإعاقة وتهيئة أجواء مشاركتهم في المجتمع. وتحذر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من التداعيات السلبية الناتجة عن إعادة تعريف الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي يترتب عليها العودة للتعامل مع ذوي الإعاقة من منظور العجز الطبي فقط، بالمخالفة للاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنها اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تركز على كرامة الشخص وليس إعاقته. كما تهدد التعديلات المقترحة ضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بالمساواة الكاملة وإزالة الحواجز المادية والاجتماعية والبيئية والثقافية التي تمنعهم من الاندماج في المجتمع. 

وما يثير الدهشة بشأن هذا التعديل أن مجلس الوزراء لم يأخذ رأي الجهة الحكومية ذات الاختصاص، وهي المجلس القومي لحقوق ذوي الإعاقة، الذي أقدم على إصدار بيان فوري تضمن نقدًا للتعديلات الحكومية التي استبعد من نقاشها. وجاء في بيان المجلس "أن ما يتم تداوله بشأن التعديلات المطروحة على مواد قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018 ما هو إلا مشروع بتعديل بعض مواد القانون والتي لن تكتسب صفة الإقرار أو النفاذ إلا بعد استيفاء مجموعة من الخطوات الدستورية والتشريعية" و"أنه سيقوم بدراسة التعديلات  حيث تمثل مناقشة هذه التعديلات جزءًا أصيلًا من اختصاصاته الأصيلة المنصوص عليها في قانون إنشائه رقم 11 لسنة 2019 والذي يلزمه بإبداء الرأي في مشروعات القوانين والسياسات المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة."

كما انتقد البيان "استخدام لفظ "عاهة" في بعض النقاشات المتعلقة بالقانون وما ترتب عليه من استياء فئة واسعة من الأشخاص ذوي الإعاقة وذويهم"، مؤكدًا أنه "ليس اللفظ المعتمد في التشريعات الوطنية، والقانون رقم 10 لسنة 2018 استخدم لفظ " قصور"، وهو المصطلح الحقوقي والقانوني الصحيح، وهو اللفظ الذي سنعمل على عدم استبداله في نصوص التشريعات الوطنية، و تثبيته في أي تعديلات مستقبلية."

وأعلن مجلس الوزراء في اجتماعه الأسبوعي المنعقد في يوم 13 أغسطس الجاري موافقته على تعديل أربع مواد من قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، تشتمل على تعريف جديد للأشخاص ذوي الإعاقة، وشروط استحقاق السيارة أو وسيلة النقل الفردية والمعفاة من الجمارك وضريبة القيمة المضافة، وتشديد العقوبات على تزوير واستخدام بطاقات الخدمات المتكاملة. وصرح الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء أن التعديل جاء من أجل وضع ضوابط تضمن وصول السيارة إلى المستحق الحقيقي، بعد اكتشاف حالات تزوير أو تلاعب في البطاقات، ما وجده مجلس الوزراء مبررًا لتشديد العقوبات. 

 

وينص التعديل المقترح للفقرة الأولى من المادة الثانية، وفقًا لبيان مجلس الوزراء :

"يقصد بالشخص ذي الإعاقة: كل من يعاني من عاهة طويلة الأجل؛ بدنية، أو عقلية، أو ذهنية، أو حسية، قد تمنعه لدى التعامل مع مختلف الحواجز من المشاركة بصورة كاملة وفعالة في المجتمع على قدم المساواة مع الآخرين."

وترى المبادرة المصرية أن التعديل المقترح لتعريف الأشخاص ذوي الإعاقة من شأنه أن يؤدي إلى خفض أعداد المستحقين للخدمات والمزايا التي تقدمها مؤسسات الدولة لهم، سواء في العمل أو التعليم أو الصحة أو تخفيضات وسائل النقل والمواصلات؛ حيث تضمن التعديل استخدام جملة "كل من يعاني من عاهة طويلة الأجل.." بدلا من "كل شخص لديه قصور أو خلل كلي أو جزئي …"، بما تحمله الجملة المضافة من وقع نفسي سلبي على الشخص وأسرته، ويعكس صورة قائمة على تنميط أدوار الأشخاص ذوي الإعاقة وطريقة التعامل معهم. 

  

وبالرغم من أهمية وضع قواعد واضحة ومحددة للمستفيدين من الإعفاء الجمركية وضريبة القيمة المضافة على السيارات ووسائل النقل الفردية المستخدمة لذوي الإعاقة، إلا أن التعديل لم يوازن بين التسهيل على ذوي الإعاقة وأسرهم من جانب - وهو الهدف الأساسي للمادة- وبين الحفاظ على حقوق الدولة المالية من جانب آخر. حيث يقترح التعديل رفع المدة الزمنية للاستفادة من سيارة واحدة إلى 15 عامًا بعدما كانت كل خمس سنوات، وهى مدة طويلة تصعب على ذوي الإعاقة استبدال السيارات الهالكة بامتيازات الإعفاء قبل مضي المدة القانونية المقترحة؛ والأولى أن يربط التعديل المقترح بين معدل الإهلاك الكلي أو الجزئي للسيارة وإمكانية الاستفادة بسيارة أخرى.

وتضمن التعديل المقترح إضافة شروط أخرى تستبعد بعض الفئات من ذوي الإعاقة من تلك الامتيازات، ومن بينها استبعاد المستفيدين من الضمان الاجتماعي. 

كما تعيد المبادرة المصرية التأكيد على انتقادها للسياسة التشريعية المعتمدة على مدى السنوات الماضية، والتي تعتمد على التوسع في العقوبات السالبة للحرية وتغليظها كأساس وحيد لمنع الجرائم والمخالفات ودون النظر إلى فاعليتها في تحقيق الغرض المجتمعي منها.  حيث انطوت التعديلات المقترحة على المادة 49 المتصلة بعقوبة تزوير بطاقة الإعاقة والخدمات المتكاملة وشهادة التأهيل على وصول العقوبة إلى السجن عشر سنوات، والغرامة التي تصل إلى مائة ألف جنيه، مع المساواة  بين كل من القائم بالتزوير وبين من يدلي ببيانات غير صحيحة أمام الجهة المختصة. 

تضم المقترحات كذلك تعديلاً على المادة 51، بتشديد الغرامة بحيث تشتمل على الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة تصل إلى 200 ألف جنيه في جرائم تشمل الحصول على أي خدمة أو ميزة لغير المستحق، وانتحال صفة ذي إعاقة، والحصول على وثيقة أو بطاقة أو شهادة الإعاقة بدون وجه حق.

وتطالب المبادرة المصرية مجلس الوزراء بسحب التعديلات المقترحة، مع فتح حوار حقيقي مع ممثلي الأشخاص ذوي الإعاقة وذويهم والمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة، نظرًا لكونها تحول دون الاستفادة من الخدمات والمزايا الدستورية والقانونية، فيما لا تقدم حلولاً للمشكلات القائمة التي طالب الأشخاص ذوو الإعاقة وأسرهم بحلها، ومن أبرزها صعوبة التسجيل للحصول على بطاقة الخدمات المتكاملة وقلة أعداد البطاقات الصادرة ومن ثم عدم قدرة كثير من المستحقين على الاستفادة من الخدمات التي تقدمها مؤسسات الدولة. 

وتؤكد  المبادرة المصرية أن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة بما يحقق العدالة الاجتماعية والمساواة، يتطلب أكثر من مجرد شعارات أو توصيات؛ بل جهودًا حقيقية لضمان حقوقهم وصقل قدراتهم ودمجهم في مجالات الحياة المختلفة. كما تبدى المبادرة المصرية استغرابها من توقيت الموافقة على هذه التعليقات المعيبة، أولًا بالنظر إلى أن دور انعقاد مجلس النواب الحالي قد أوشك على الانقضاء خلال أسابيع قليلة؛ وثانيًا مع استعداد الحكومة المصرية للمثول للمرة الأولى أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة لمراجعة مدى التزامها بالاتفاقية الدولية التي صدقت عليها عام 2008 وأصبحت بذلك جزءًا من التشريع الوطني بموجب الدستور.