
بعد معركة قضائية دامت 10 سنوات.. "تيتان" تبدأ تعويض ضحايا انتهاكاتها البيئية
خبر
بعد مرور أكثر من عامين على حصول أولى الضحايا على حكم قضائي غير مسبوق بالتعويض عما أصابها من أضرار صحية بسبب انتهاكات شركة أسمنت بورتلاند "تيتان" للبيئة، واستنفاد الشركة كافة الطرق لعرقلة تنفيذ الحكم، تمكنت السيدة هناء عبد اللطيف، إحدى سكان منطقة وادي القمر السكندرية من تقاضي جزء من مبلغ التعويض الذي قررته لها المحكمة وحددته وقتئذ بمبلغ 750 ألف جنيه. كما تمكن السيد سعيد ضويته من تقاضى كامل مبلغ التعويض الذي قدرته المحكمة بـ مائة وعشرين ألف جنيها.
بدأت معركة أهالي منطقة وادى القمر بالإسكندرية أمام جهات القضاء منذ عام 2015 ولا تزال مستمرة إلى اليوم. إذ تقدم عدد من الأهالي بشكاوى لوزارة البيئة ضد شركة تيتان للاسمنت لما تسببه الشركة من انبعاثات ضارة لوثت هواء المنطقة وتسببت للسكان في أمراض صدرية وتنفسية.
بعدما قررت النيابة العامة إحالة موضوع الشكوى إلى المحكمة، قضت محكمة جنح الدخيلة بإدانة الممثل القانونى لشركة تيتان بغرامة قدرها عشرين ألف جنيه، وأيدت الحكم محكمة الجنح المستأنفة. وفي 24 يوليو 2022، صار الحكم باتًا بموجب قرار محكمة النقض رقم 14888 لسنة 9 ق نقض جنح.
وفي 7 نوفمبر 2023 صدر أول حكم بأحقية المتضررين في التعويض، لصالح السيدة هناء عبد اللطيف بمبلغ 750 ألف جنيه، في الاستئناف رقم 6882 لسنة 75 ق تعويضات استئناف عالي الإسكندرية. ولعدم قدرتها على دفع الرسوم القضائية لتنفيذ حصولها على كامل المبلغ، شرعت هناء في إجراءات الحصول على 100 ألف جنيه فقط من إجمالي التعويض المقرر لها.
لكن شركة تيتان رفضت دفع مبلغ التعويض المُنفذ عليه الحكم، وتحايلت باستخدام الطرق القانونية لإعاقة التنفيذ بكافة الطرق الممكنة، بدءًا من إقامة استشكالٍ لوقف التنفيذ، وعند رفضه، طعنت بالاستئناف. ثم تقدمت الشركة بطلب لوقف تنفيذ (شق عاجل)، انتظارًا للفصل في طعنٍ بالنقض تقدمت به ضد الحكم الصادر بتعويض السيدة هناء عبد اللطيف، وقضى برفضه.
وعندما عاودت هناء السير في إجراءات التنفيذ بعدما رفض القضاء كافة المنازعات التي أقامتها الشركة، رفضت "تيتان" التي تقترب قيمتها السوقية من مليار ونصف المليار دولار الدفع بحجة عدم المقدرة، فقام مُحضر التنفيذ بتحرير محضر بالحجز على بعض المنقولات كالتكييفات وماكينات التصوير، حتى يتم الوفاء بالمبلغ. وعند انقضاء الميعاد المحدد للدفع، وأحقية المتضررة في بيع تلك المنقولات بالمزاد العلني حتى تتحصل على أموالها، لجأت شركة أسمنت تيتان الى الاستعانة بشخص يقوم بادعاء ملكية المنقولات المحجوز عليها في دعوى استرداد، حتى يحرم المتضررة المحكوم لها بالتعويض من التنفيذ على المنقولات لتحصيل المبلغ المستحق لها بالحكم القضائي. وفى يوم 29 ديسمبر 2024 قضت المحكمة برفض دعوى الاسترداد، لكن الشركة واصلت نهجها في عرقلة التنفيذ ودفع مبلغ التعويض.
المنهج نفسه انتهجته الشركة لعرقلة حصول السيد سعيد شويته، أحد سكان وادي القمر، على حقه وحق نجله في التعويض. ففي 10 يناير 2024، قضت محكمة استئناف غرب الاسكندرية الكلية لصالحه وصالح نجله بالتعويض بمبلغ 120 ألف جنيه فقط، استنادًا لسلطة القاضي في تقدير قيمة التعويض، وسلكت شركة تيتان معه نفس المسلك نفسه بإقامة استشكال لوقف التنفيذ ثم استئناف الاستشكال عند رفضه، وإقامة شق عاجل مع الطعن بالنقض ضد الحكم بأحقيته في التعويض، والاستعانة بصديق لرفع دعوى استرداد للمنقولات قضى برفضها في 29 ديسمبر 2024.
فى أول يناير 2025 قضت محكمة النقض برفض النقض رقم 7770 لسنة 94 ق المرفوع من شركة تيتان ضد سعيد ونجله، وصار الحكم بأحقية التعويض نهائيًا باتًا، لكن الشركة استمرت في عرقلة التنفيذ.
وبعد استنفاد شركة تيتان كافة طرق عرقلة التنفيذ، اضطرت اليوم الأربعاء، 12 مارس، إلى تنفيذ أحكام القضاء. ومن خلال مُحضَري التنفيذ دفعت لهناء عبد اللطيف مبلغ 100 ألف جنيها استطاعت هناء دفع الرسوم عنها، لتستعين بها في دفع الرسوم القضائية المقررة للحصول على باقي مبلغ الـ 750 ألف جنيه المقررة لها. كما دفعت لسعيد شويته كامل المبلغ المحكوم له به وقدره 120 ألف جنيها.
وتثمن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تنفيذ هذه الأحكام، التي تتوَّج مسيرةً قضائية طويلة خاضها الأهالي المتضررون بالشراكة مع المبادرة المصرية، من أجل إثبات مسؤولية مصنع أسمنت تيتان عن تلوث الهواء والضرر الصحي والبيئي. وتأمل في أن يصبح التقاضي البيئي أداةً فعَّالة ورادعة في تحسين الأداء البيئي للمشروعات، وفي حماية الحقوق البيئية والصحية لكافة السكان.