في دراسة جديدة: المبادرة المصرية تحدد المعايير الضرورية لـتشريع المساواة ومنع التمييز وتحلل مشروعات القوانين المطروحة
بيان صحفي
أطلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم دراسة جديدة في سياق اهتمامها ومطالباتها المتكررة بإصدار تشريع يضمن المساواة ويمنع التمييز، ويلبي الالتزام الدستوري المنصوص عليه في المادة 53 دون تطبيق منذ صدور الدستور قبل عشرة أعوام.
وتضمنت الدراسة التي صدرت بعنوان " نحو قانون للمساواة ومنع التمييز في مصر: المعايير والمبادئ التوجيهية" مقترحات موجهة إلى المشرِّعين ومسؤولي الدولة والمجتمع المدني، بمعايير تفصيلية يجب على التشريع المزمع إصداره الالتزام بها؛ وكذلك عددًا من المبادئ التوجيهية التي يجب أن تُلهِم مضمون مواده، لاسيما أن صناعة تشريع بمثل هذا التأثير هو مسؤولية تقع على عاتق مختلف فئات المجتمع، ولا يجب أن تترك للبرلمان أو الحكومة وحدهما. كما لا يصح الادعاء بتحقيق المشاركة المجتمعية في صناعة هذا التشريع بعد عقد جلستين استغرقتا يومًا واحدًا لمناقشته بالحوار الوطني.
وانتقدت المبادرة المصرية تراخي الحكومة المصرية عن اتخاذ أي خطوات لتنفيذ الاستحقاق الدستوري بإصدار قانون يمنع التمييز وينشئ مفوضية لمكافحته؛ وكذلك تقاعس نواب البرلمان عن التحرك لسد هذا الفراغ التشريعي، بل وتجاهله عددًا من مشروعات القوانين التي تقدم بها بالفعل نواب في برلمان 2015، أو في البرلمان الحالي الذي توشك دورته على الانتهاء في صيف 2025 دون ظهور أي مؤشرات و تحركات تجاه إصدار القانون.
ويأتي هذا التقاعس رغم إعلان رئيس الجمهورية منذ أكثر من عام قبول التوصية المرفوعة له في 16 أغسطس 2023 من مجلس أمناء الحوار الوطني، والتي جاءت تحت عنوان "قضية القضاء على التمييز"، وإحالتها إلى كل من الحكومة والبرلمان لتنفيذها.
وقالت المبادرة المصرية في هذا الصدد إنها وبالرغم من مشاركة اثنين من باحثيها في جلستي الحوار الوطني المخصصتين لمناقشة قانون منع التمييز في مايو 2023، إلا أن الحوار اقتصر على تقديم المداخلات، ولم يشارك المتحاورون في مرحلة صياغة أو مناقشة التوصية الصادرة عن مقرري أو أعضاء مجلس أمناء الحوار، بل ولم تنشر التوصية للعلن ليتطلع عليها المشاركون في الحوار سوى بعد تقديمها لرئيس الجمهورية وإعلانه عن قبولها. وكان من شأن إتاحة مسودة التوصية للمناقشة العلنية وتلقي الاقتراحات بشأنها أن تفيد القائمين على تنظيم وإدارة الحوار في تنقيح وتحسين المحتوى والصياغة قبل إنهاء العملية بالكامل دون علم أو مشاركة المدعوين للحوار من أصحاب المصلحة والخبرة.
وأكدت دراسة المبادرة المصرية الصادرة اليوم على أن تشريعًا على هذه الدرجة من الأهمية لا يجب أن يقتصر على معايير تشكيل هيئة أو مفوضية لمنع التمييز، من دون التطرق إلى ضمانات المساواة بشكل عام، وتقديم تعريفات دقيقة للممارسات التمييزية، وأشكال الإنصاف وجبر الضرر المطلوبة لمواجهتها، حتى تتمكن الهيئة أو المفوضية المزمع إنشاؤها لمكافحة التمييز من أداء دورها، ودون تترك نصوص القانون مفتوحة للتفسيرات المتضاربة.
وتستند الدراسة إلى إطار قانوني يتكون من نصوص الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي التزمت بها مصر، ونصوص الدستور المصري، وأحكام المحاكم المصرية العليا ذات الصلة. كما تستلهم الممارسات الفُضلى التي توصي بها المؤسسات الأممية لحقوق الإنسان، أو المؤسسات الحقوقية العاملة في هذا الحقل.
في ضوء هذا الإطار، يتضمن القسم الأول تحليلًا قانونيًا يسلط الضوء على أوجه القصور في الإطار الدستوري والقانوني الحالي، وكيفية معالجتها في القانون الجديد المزمع إصداره. ثم يقدم في القسم التالي قائمة بالحد الأدنى من المعايير التي يجب توافرها بهذا التشريع ترجمةً لهذا الإطار القانوني. ويعرض القسم الثالث تحليلًا مقارنًا لعدد من مشروعات القوانين التي تقدمت بها جهات مختلفة، من بينها توصية الحوار الوطني التي رفعت إلى رئيس الجمهورية، وذلك بهدف توضيح القواسم المشتركة الإيجابية وتحديد أوجه القصور بها.
اقترحت الدراسة أحد عشر معيارًا يجب توفرها في قانون المساواة ومنع التمييز، في مقدمتها وجوب وضع تعريف واضح وشامل للتمييز وكل الأفعال المحظورة التي يُنتظر أن ينص عليها التشريع، والإقرار بمسؤولية الدولة وغيرها من الفاعلين عن تحديد وإزالة العراقيل أمام الوصول إلى كل أشكال الخدمات والفرص والأماكن لكل الأفراد بدون تمييز. كما يجب أن ينصَّ التشريع على آليات إنفاذ فعالة، تُحدَّد سبل إنصاف ضحايا التمييز؛ لا تقتصر على العقوبات الجنائية، بل تشمل قواعد التعويض وجبر الضرر ورد الاعتبار، والاعتراف بما يقع على الضحايا من تمييز.
ورصدت الدراسة الصادرة عن المبادرة المصرية ثمانية معايير أخرى ضرورية لتحقيق الغرض من إنشاء المفوضية من بينها تحديد المسار القانوني لاختيار أعضائها وطرق إعفائهم أو عزلهم، وأن تعبر عن التعددية في المجتمع بأن تضمن مشاركة المجموعات والأفراد المعرضين للتمييز أو الذين يتحدثون عنهم، وأن تتدخل المفوضية كطرف مدع إلى جانب ضحايا التمييز وأن يكون من ضمن صلاحياتها الفصل في النزاعات المرتبطة بطريقة عملها.
وتأمل المبادرة المصرية أن تجد هذه الدراسة اهتمامًا لمناقشتها والتفاعل مع التوصيات الواردة فيها، خصوصًا من أعضاء البرلمان ومؤسسات المجتمع المدني، في سبيل الضغط لإصدار تشريع المساواة ومنع التمييز الذي تأخر كثيرًا، وأن يلبي هذا التشريع المعايير والمبادئ الحقوقية المستقرة، التي تضمن أداء وظيفته وتحقيق الغرض منه.