تقرير جديد: الديون الخارجية تزيد خلال العام الأول لكورونا...وكل مصري مدين بـ٩٠٠ دولار

بيان صحفي

31 أغسطس 2021

 أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم تقريرًا بعنوان "الدين الخارجي 2020: كورونا ترفع الاستدانة". وجاء في التقرير الذي تصدره المبادرة دوريًا منذ عام 2017 أن الدين الخارجي لمصر قفز من جديد خلال عام 2020، العام الأول لجائحة كورونا. ورغم ما قد يتبادر إلى الذهن من أن مواجهة الوباء هي المبرر الأساسي لتلك القفزة، فإن تحليل البيانات يعكس نفس الاتجاه المتزايد للاقتراض الخارجي خلال السنوات العشر الأخيرة.

يشير التقرير إلى أن الحكومة المصرية قد اتخذت العديد من التدابير لتفادي انخفاض قيمة الجنيه، في ظل نقص الموارد الدولارية بسبب التداعيات الاقتصادية لكورونا. وقد شملت تلك التداعيات خروج المضاربين في الأوراق المالية الحكومية قصيرة اﻷجل من سوق الديون المصري، بالإضافة إلى ضعف تدفقات الاستثمار الأجنبي وإيرادات السياحة. وكان اللجوء إلى الاستدانة من الخارج من أبرز التدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة تلك الظروف الطارئة.

ويوضح التقرير أن وتيرة الزيادة السنوية في الاقتراض الخارجي قد ارتفعت بالتزامن مع اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي، حيث زاد الدين بأكثر من الضعف خلال الفترة 2017-2020. وإجمالا ارتفع بما يقرب من أربعة أضعاف مستواه في عام 2010، وبلغت نسبته حوالي 35% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، وذلك في مقابل 15% في 2010. بناء على ذلك التسارع في الاقتراض الخارجي، زاد نصيب الفرد من الديون بأكثر من الضعف، ليصل إلى حوالي 900 دولار للفرد مقابل 400 فقط في نهاية العقد الأول من القرن الـ21.

كما يوضح التقرير أن ما يفاقم من التأثيرات السلبية لتزايد القروض أنها لا توجه إلى مشروعات مدرة للعوائد الدولارية، كما لا توجه إلى أولويات الإنفاق الاجتماعي مثل التعليم والصحة والمساعدات الاجتماعية، حيث تشير البيانات الرسمية إلى انخفاض حصة التعليم والصحة ومساعدات الفقر من إجمالي اقتراض الحكومة الخارجي، إلى نسبة لا تتجاوز 3.6%.

وكانت أهم أدوات الاقتراض هذا العام  أذون الخزانة المملوكة لغير المقيمين في مصر، وهي قروض بالجنيه المصري واجبة السداد خلال أقل من سنة، وبلغت قيمتها 26 مليار دولار في يناير 2021. ورغم أن هذه  القروض لا تندرج تحت الرقم الإجمالي للدين الخارجي، فمن الضروري إضافتها إليه عند تقييم الوضع الخارجي لأن حائزيها غير مقيمين وسدادها يتم بالدولار، ومن ثم تمثل عبئا على سوق الصرف.

وكان الأجانب قد تخلصوا من 60% من أذون الخزانة التي اشتروها من السوق المصرية، أثناء الإغلاق الجزئي في الفترة بين مارس ومايو 2020، بسبب التخوف من الأخطار الاقتصادية التي قد تصيب العالم مع انتشار جائحة كورونا، مما أدى إلى خروج موارد دولارية تقدر تقريبا بـ 18 مليار دولار. غير أن ارتفاع أسعار الفائدة التي تقدمها السلطات المصرية سرعان ما أغرى الأجانب بالعودة إلى إقراض الحكومة عن طريق شراء أذون الخزانة، سعيا وراء ارتفاع الأرباح (رغم تصنيف مصر كبلد مرتفع المخاطر، إلى جانب جنوب أفريقيا وتركيا)، حيث تمنح مصر واحدا من أعلى معدلات العائد الحقيقي على أذون الخزانة في العالم.

وقد ساهم هذا الوضع في ارتفاع مخصصات سداد القروض الخارجية، والتزاماتها المحتملة، إلى 50% من احتياطيات النقد الأجنبي في سبتمبر 2020، أي أن أكثر من نصف الاحتياطيات الدولية التي يحتفظ بها البنك المركزي موجهة لسداد مستحقات ديون قصيرة الأجل. وإذا كان أحد مؤشرات سلامة سوق الصرف هو عدد الشهور التي تغطيها تلك الاحتياطيات من اللوازم المستوردة، فقد بلغ هذا المؤشر 8 أشهر في ديسمبر 2020 إلا أنه باستبعاد مستحقات الديون قصيرة الأجل فإن حقيقة الوضع هي أن المتبقي من الاحتياطيات لا يغطي سوى 4 أشهر من الواردات.

هذا وقد تزايدت المبالغ السنوية التي تخرج من مصر لسداد أعباء ديونها خلال السنوات الأخيرة. ويوضح التقرير أنه خلال العام المنتهي في مارس 2020 كان عليها أن تسدد مبلغا قياسيا يقدر بـ 28.6 مليار دولار، وهو مبلغ يفوق إجمالي الصادرات، ويعادل خمسة أضعاف دخل قناة السويس.

كما يساوي هذا المبلغ إذا تم حسابه بالجنيهات نحو 3 أضعاف ميزانية التعليم الحالية، وحوالي 5 أضعاف ميزانية الصحة بحسب ما يوضحه التقرير، معتبرًا أن "مخصصات سداد القروض هي موارد كان من اﻷولى أن تبقى في مصر وتوجه من أجل التنمية العادلة والخضراء".

بسبب سداد تلك المبالغ الكبيرة سنويا، تضطر مصر إلى إعادة تدوير ديونها، أي إعادة الاقتراض من أجل السداد، مما يطرح أسئلة عن هشاشة الاقتصاد المصري وإلى أي مدى تمت تقوية قدراته خلال تلك السنوات العشرة التي زادت فيها القروض بهدف أن يصبح أكثر قدرة على مواجهة وامتصاص الصدمات، دون الاعتماد بشكل أساسي على الاقتراض الخارجي.

 يتناقض هذا الوضع مع سياسات الاقتراض الرشيد، كما يستخلص التقرير، حيث "يفترض أن تخطط الدولة احتياجاتها التنموية، ثم تقوم بتقدير النقد الأجنبي المطلوب توفيره وفقا لتلك الاحتياجات، ومن ثم معرفة ذلك القدر من الدولارات الذي تحتاج إليه ولا تغطيه مواردها الرئيسية من العملة الصعبة، والتي تشمل  الصادرات، وجذب الاستثمارات الخارجية، وعائدات السياحة وتحويلات العاملين في الخارج وقناة السويس".

وقد خرج التقرير بعدد من التوصيات، أهمها:

1- تزداد الحاجة إلى الشفافية والرقابة والمحاسبة على أوجه إنفاق الدين الخارجي. كما ينبغي إعادة فتح النقاش العام للمفاضلة بين الديون الخارجية والديون الداخلية.

2- إعادة ملف الديون الخارجية إلى يد الحكومة، ووضعه تحت إشراف البرلمان، بحيث لا ديون خارجية بدون استئذان البرلمان، أيًّا كانت الجهة المقترضة.

3- وضع خطة خمسية معلنة مسبقا للمشروعات المراد تمويلها بالاقتراض الخارجي، وخطة موازية لتنمية الموارد الدولارية التي تتيح السداد، يقرها البرلمان، وتحاسب الحكومة على درجة التزامها بتنفيذها.

4- وضع سقف قانوني للاقتراض الخارجي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وسقف آخر لاقتراض البنك المركزي الخارجي كنسبة من الاحتياطيات من النقد الأجنبي.

5- إعادة هيكلة الدَّين الخارجي بغرض إطالة آجال السداد، والعودة إلى نسبة 90% ديون طويلة الأجل.

6- نشر شروط القروض وشروط سدادها.

7- تحسين شفافية وانتظام نشر البيانات التزاما بالمعايير الدولية.

لقراءة التقرير كاملًا: https://bit.ly/3t3m7IQ