Photo Credit: Bora S. Kamel Flickr via Compfight cc

بعد ثلاث سنوات من المحاكمة: سجن ضابط وثمانية أمناء شرطة ثلاثة سنوات بتهمة ضرب مواطن حتى الموت. حكم إيجابي ولكنه يضمن استمرار الحكم بالعقوبة الأدنى لرجال الشرطة

بيان صحفي

9 ديسمبر 2019

قضت محكمة جنايات الوايلي يوم الثلاثاء 3 ديسمبر في القضية رقم 4126 لسنة 2016 بمعاقبة الضابط نادر نبيل بولس شنودة، وثمانية أمناء شرطة، بالسجن لمدة ثلاث سنوات، لاتهامهم بالضرب العمدي للمجني عليه/ حسين فرغلى حسن فرغلى، ما أفضى إلى موته، واستعمال القسوة مع المجني عليه وزوجته ونجله، وذلك اعتمادًا على سلطان وظيفتهم، وبمعاقبة المتهم الخامس "أمين شرطة" بغرامة إضافية 500 جنيه  بتهمة إحراز سلاح ناري مششخن وذخائر خرطوش بغير ترخيص.

وقالت المحامية هدى نصرالله موكلة أهل الضحية, إن صدور حكم بعد أكثر من ثلاث سنوات من حدوث الواقعة بإدانة المتهمين كلهم  يقر بأن تطبيق العدالة لا يقتصر على الفئات الأقل نفوذًا، لكنه يدين هيئة الشرطة المنوط بها حماية الأفراد والأموال ومحاسبة المخطئين من داخلها والتي لم توقف المتهمين عن العمل طوال فترة المحاكمة، كما أن الحكم يسلط الضوء على استمرارية ممارسات النيابة العامة في إخلاء سبيل المتهمين من رجال الشرطة بالرغم من وجود مبررات حقيقية للحبس الاحتياطي، وفي هذه الحالة احتمالات إساءة استخدام سلطاتهم للتأثير على الشهود والمختصمين، في الوقت نفسهالذي تستخدم الحبس الاحتياطي بشكل متعسف مع المتهمين المدنيين في قضايا أقل خطورة بكثير.

 كما أن الحكم، طبقًا لهدى نصر الله، يمثل استمرارية لنهج القضاة في مصر بتوقيع أدنى العقوبات القانونية ضد رجال الشرطة حتى في  القضايا التي تسبب فيها تدخل رجال الشرطة في وفاة مواطن بريء. فالمادة 236 من قانون العقوبات تعاقب على الضرب المفضي إلى الموت بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث إلى سبع سنوات، ولكن القاضي استخدم سلطته التقديرية لتوقيع الحد الأدنى من العقاب. وهذا على الرغم من أنه قام بإعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات التي تقضي بمعاقبة المدان بعقوبة الجريمة الأشد عند ارتكاب عدة جرائم مرتبطة، وهي في هذه الحالة، جريمتا الضرب المفضي إلى الموت وإساءة استخدام السلطة المشمولة في الحكم، ولكن بتوقيع أقل عقوبة يسمح بها القانون على الضرب المفضي إلى الموت. تستمر سياسة المحاسبة المنقوصة في تعامل محاكم الجنايات مع جرائم رجال إنفاذ القانون!

وكانت النيابة العامة في إحالتها المتهمين إلى المحاكمة قد استبعدت توصيف الجريمة بأنها تعذيب مواطن وفقًا للمادة 126 وهو ما طلبه الممثلون القانونيون لأهل الضحية، وقد كان فريق الدفاع القانوني من المبادرة المصرية قد طالب فيما سبق بتوجيه اتهامات التعذيب المؤدي إلى الموت لارتكاب الجناة جريمة تعذيب متهم لحمله على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها بل هي ملفقة كما يظهر من تفاصيل الواقعة وفي تحقيقات النيابة، ما أدى إلى وفاته، وهو ما يستوجب تطبيق العقوبة المقررة للقتل العمد كما جاء في نص المادة 126 من قانون العقوبات والتي نصت على أن "كل موظف أو مستخدم عمومي أمر بتعذيب متهم أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى عشر. وإذا مات المجني عليه يحكم بالعقوبة المقررة للقتل عمدًا".
 

تعود وقائع القضية إلى 20/5/2016 حيث قام المتهمون بضرب المجني عليه حسين فرغلي حسن فرغلي ضربًا عمديًّا مبرحًا، بأن انهالوا على جسده بأدوات راضة ( شوم – كعب طبنجة) وبأيديهم وأرجلهم، فأحدثوا به الإصابات والآلام التي نتج عنها وفاته، وقررت النيابة العامة بأمر الإحالة، أن المتهمين لم يقصدوا من ذلك إلى قتله، ولكن الضرب أفضى إلى موته. ولكن الحكم أقر بوجود علاقة سببية بين الضرب المبرح والوفاة. ويظهر من التحقيق الذي قامت به المبادرة المصرية وقت وقوع الحادثة ومن مقاطع الفيديو التي قام الشهود بتصويرها اعتداء قوة الشرطة على المجني عليه بالضرب المبرح باستخدام الشوم والأيدي والأرجل وبشكل انتقامي ﻻ يتناسب بأي صورة مع أي غرض عملي للتدخل الشرطي، كما تظهر المقاطع المرفقة بالتحقيق استمرار رجال الشرطة في ضرب المجني عليهم بعد أن تم إيداعهم في داخل البوكس إلى الحد الذي تسبب في إحداث تلفيات بسيارة الشرطة نفسها من قوة ضربات الشوم والعصيان.

استمرت التحقيقات والمحاكمة في الدعوى لمدة تزيد على ثلاث سنوات، كان المتهمون خلالها مطلقي السراح، يمارسون عملهم الوظيفي في وزارة الداخلية، فقط تم نقل بعضهم من مقر قسم شرطة الوايلي إلى جهات أخرى، ولم يتم وقفهم احتياطيًّا عن العمل إلى حين انتهاء التحقيقات إعمالًا لنص المادتين 53 و81 من قانون هيئة الشرطة، وهي المواد التي تمنح االداخلية سلطة وقف الضباط والأمناء احتياطيًّا عن عملهم إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك.

وقد انتهت المحكمة إلى إدانة المتهمين جميعًا لثبوت الاتهام والمساهمة الجنائية بحق كافة المتهمين، وانتفاء حالة الشيوع لبيان دور كل متهم في ارتكاب الجريمة, وهو من الجوانب الإيجابية في حكم المحكمة، والأخذ بما قرره تقرير الطب الشرعي من توافر رابطة السببية بين فعل المتهمين وموت المجني عليه، وأقر الحكم بأنهم لم يكونوا في حالة دفاع شرعي عن النفس.

وتطالب المبادرة المصرية مجددًا, من أجل القضاء على مناخ الإفلات من العقاب, ومن أجل تطبيق المحاسبة الفعالة:

  • بأن تقوم النيابة العامة بتوجيه اتهامات بالقتل العمدي بموجب المادة126 عندما تتوافر أركان الجريمة، كما هو موضح أعلاه. 
  • أن تمارس النيابة العامة سلطتها في استخدام الحبس الاحتياطي مع الموظفين العموميين المتهمين بإساءة استخدام سلطاتهم من أجل حماية سلامة التحقيقات، خاصة وقد استخدمت إجراء الحبس الاحتياطي بشكل متزايد في السنوات الأخيرة مع المتهمين في قضايا لا تحتوي على اتهامات بممارسة العنف مثل قضايا التظاهر والتعبير عن الرأي.
  • أن تقوم وزارة الداخلية بوقف رجال الشرطة المتهمين في جناية أو جنحة مخلة بالشرف عن العمل إلى حين انتهاء التحقيقات والمحاكمة طبقًا لنص قانون هيئة الشرطة. 
  •  أن تقوم السلطة القضائية بممارسة سلطاتها التقديرية لتوقيع عقوبات رادعة على الموظفين العموميين خاصة من رجال الشرطة في حال أن جرائم الضرب والتعذيب وإساءة استخدام السلطة قد أدت إلى الوفاة وإزهاق أرواح الأبرياء.