Photo Credit: Andrea Nissolino Flickr via Compfight cc

الوضع تحت مراقبة الشرطة: تحرم المفرج عنهم من التمتع بالحد الأدنى من حقوقهم وتقوض إمكانية إعادة الاندماج في المجتمع

بيان صحفي

9 أبريل 2019

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم دراسة قانونية بعنوان: (محل السكن قسم الشرطة: الوضع تحت مراقبة الشرطة، قواعده وضوابطه ومدى توافقه مع معايير حقوق الإنسان)، تتعرض لتاريخ المراقبة الشرطية كعقوبة، والأطر القانونية المنظِّمة لها, كيف بدأت وتبدلت.

يتتبع الفصل الأول من الدراسة كافة القوانين والقرارات التي نظَّمت الوضع تحت مراقبة الشرطة كإجراء مقيِّد للحرية منذ صدور قانون العقوبات الأهلي عام 1883، ويُظهر هذا الفصل كيف كان للأوضاع السياسية تأثير بالغ على تنظيم الوضع تحت المراقبة وكيف استُخِدم الوضع تحت المراقبة كبديلٍ لإعلان حالة الطوارئ في بعض الأوقات، وكيف اعتبرت محكمة النقض قديمًا أن أقسام الشرطة لا تصلح لأن تكون مكانًا يبيت فيه المُراقَب.

ويستعرض الفصل الثاني التنظيم القانوني الحالي للوضع تحت المراقبة، بدءًا بما هو الوضع تحت المراقبة وما الغاية منه وأنواعه وكافة الحالات التي يوضع الأفراد فيها تحت مراقبة الشرطة. ويوضح الفصل الثالث والأخير لهذه الدراسة القيود التي تُفرَض على الفرد الموضوع تحت المراقبة، ومدى اتفاقها مع الدستور المصري الحالي والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها مصر، وخلصت الدراسة إلى أنه وفقًا للقوانين التي تنظِّم الوضع تحت مراقبة الشرطة فإن عدم إعطاء الشخص الخاضع للمراقبة القدرة على اختيار المنطقة التي يريد أن يقيم فيها طوال مدة المراقبة وفقًا للشروط المنصوص عليها في القانون أمر مخالف للقانون المصري ولقواعد تقييد الحق في حرية الإقامة المنصوص عليها في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

وأكدت الدراسة على أن إلزام المُراقَب الذي لديه سكن يقيم فيه ويمكن الوصول إليه بأن يقضي الليل في مراكز أو أقسام الشرطة مخالف للقانون، كما أشارت إلى أنه في حال عدم قدرة الشخص على أن يتخذ سكنًا أو امتناعه عن ذلك، أو اتخذ سكنًا ترى الشرطة أنه يصعب مراقبته فيه، جاز لقسم الشرطة أن يعين للمُراقَب مكانًا يأوي إليه ليلًا مثل مقر جمعية أهلية، يستقبل من ليس لهم سكن أو أماكن للإيواء، وأجاز القانون أن يكون مكان الإيواء ليلًا هو قسم الشرطة باعتبار ذلك الملاذ الأخير لتحديد مكان المراقبة الليلية، والذي لا يجوز أن تلجأ إليه الشرطة إلا بعد استنفاد كل ما يسبقه من بدائل.

"على وزارة الداخلية إذا ما أصرَّت على إلزام الشخص بالمبيت في قسم الشرطة أن توضح الأسباب التي تجعل من المراقبة مستحيلة أو صعبة في بيته، فإن لم تفعل فيكون تصرفها مخالفًا للقانون"

كما تطرقت الدراسة إلى شكل آخر من أشكال انتهاك القانون الذي اعتادت أقسام الشرطة أن تمارسه على المُراقَب وهو إجبار المُراقَب على العمل. تشغيل المُراقَب بأي شكل من الأشكال داخل القسم أو خارجه يعتبر شكلًا من أشكال السُّخرة وفقًا لاتفاقية منظمة العمل الدولية الخاصة بالسُّخرة والعمل الجبري. وعدم توفير المكان الملائم لنوم الشخص الخاضع للمراقبة داخل قسم الشرطة مخالفة للحق في الكرامة الإنسانية المُصانة بحكم الدستور، وكذلك لا يجوز وضعه في إحدى غرف الاحتجاز أو احتجازه في غرفة مغلقة، أو حرمانه من متعلقاته الشخصية طالما كانت لا تشكل حيازتها جريمة. وللمُراقَب الحق في أن يُعفى من قضاء الليل في المكان الذي حُدِّد لذلك متى كان عمله أو أي سبب مشروع آخر يبرر ذلك، مثل: التعليم أو وضعه الصحي، كحقوق مُصانة في الدستور والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

"لو كانت الأولوية لوزارة الداخلية، هي إعادة إدماج المحكوم عليهم في المجتمع، فإن ذلك لا يستوي مع التطبيق العملي لها، والذي في حقيقة الأمر يضع عراقيل أمام المُراقب الذي يسعى إلى كسب عيشه بطريقة مشروعة ويجعل منه سجين أقسام الشرطة أكثر منه مُراقَبًا من قبلها"

وانتهت الدراسة إلى عددٍ من التوصيات التي تهدف إلى جعل الوضع تحت مراقبة الشرطة أكثر اتساقًا مع الدستور ومواثيق حقوق الإنسان ذات الصلة، وأهم تلك التوصيات التوقف عن إلزام كل محكوم عليه بالمراقبة بالمبيت في أقسام ومراكز الشرطة، توفير أماكن ملائمة ومناسبة ومُعَدَّة لمبيت المُراقَب الذي ليس لديه سكن يُراقَب فيه، إعفاء من يثبت أنه يعمل أو يتعلم من قضاء الليل في المكان المحدد لذلك، إعطاء المحكوم عليه الحق في اختيار المنطقة التي سوف يعيش فيها فترة المراقبة وفقًا لأحكام القانون، عدم تشغيل المُراقَبَ داخل أو خارج القسم بأي شكل من الأشكال.