المبادرة المصرية تدين الاعتداء على الأقباط وتحمل الحكومة مسئولية حماية المواطنين
بيان صحفي
أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم الاعتداء الذي استهدف أقباطًا الأول من أمس أثناء ذهابهم إلى دير "الأنبا صموئيل المعترف" بمحافظة المنيا، ما أودى بحياة 29 قبطيًّا، وحملت المبادرة المصرية أجهزة الدولة مسئولية تكرار هذه الأحداث خلال الشهور القليلة الماضية.
وأكدت المبادرة المصرية أن الاعتداءات الأخيرة التي طالت الأقباط لا يمكن قراءاتها بمعزل عن السياق الأوسع المتسم بتنامي العنف الطائفي بأشكاله المختلفة، وتنامي نفوذ الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة وانتشارها عبر محافظات مصر المختلفة، والفشل الرسمي في توفير الحماية اللازمة المقرَّة دستوريًّا وقانونيًّا ودوليًّا للأقباط الذين يواجهون هذا التهديد المباشر على الرغم من توفر سبل تلك الحماية في مكنة أجهزة الدولة.
وقالت المبادرة المصرية إن نمط استهداف المسيحيين بالقتل العمد بسبب معتقداتهم الدينية قد تزايد بصورة خطرة خلال الفترة الأخيرة، ففي 9 إبريل الماضي تم تفجير كنيستين أثناء احتفالات أحد السعف، هما كنيستا مار جرجس بمدينة طنطا، ما أودى بحياة 29 قبطيًّا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية التي كان يقيم الصلوات فيها البابا تواضروس الثاني، ما أسفر عن مقتل 18، منهم ثمانية أقباط وعدد من رجال الأمن. بينما في 11 ديسمبر الماضي، تم تفجير الكنيسة البطرسية بالقاهرة، والذي راح ضحيته 28 مواطنًا مسيحيًّا.
ولا تجري الاعتداءات هنا على خلفية توترات اجتماعية واقتصادية أو سياسية بين المتورطين في هذه الاعتداءات وبين الضحايا، فقط يتم الاستهداف بسبب الهوية الدينية. وقد شهدت مصر خلال الثمانينيات والتسعينيات اعتداءات طائفية قامت بها بعض الجماعات الإسلامية المسلحة تنتمي إلى هذا النمط من الاعتداءات، ثم تراجعت فيما بعد، خصوصًا بعد ما سُمِّي بالمراجعات الفكرية التي قامت بها الجماعة الإسلامية، ثم عادت مرة أخرى بوقوع حادث نجع حمادي بمحافظة قنا، مساء يوم 6 يناير 2010، عندما تم استهداف المصلين الخارجين فور انتهائهم من صلاة قداس عيد الميلاد، وقتل ستة مسيحيين ومسلم كان برفقتهم وإصابة تسعة مسيحيين. وفي مطلع 2011، شهدت الساعات الأولى له تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية ما أودى بحياة نحو أربعة وعشرين مسيحيًّا.
وحسب توثيق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، تعد محافظة المنيا من أكثر المحافظات التي تشهد حوادث اعتداءات على الأقباط، فقد تم رصد ثلاثة وثمانين حالة عنف طائفي، بمختلف مراكز محافظة المنيا، منذ الخامس والعشرين من يناير 2011، وهذا الرقم لا يتضمن حالات العنف والاعتداءات على الكنائس والمباني الدينية والمدارس والجمعيات الأهلية والممتلكات الخاصة التي تعرض لها الأقباط خلال الفترة من 14 إلى 17 أغسطس 2013، عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، حيث اندلعت موجة واسعة من الاعتداءات الطائفية تم خلالها نهب وحرق عشرات الكنائس والمباني الدينية والممتلكات الخاصة بمراكز المحافظة التسع، بالإضافة إلى استهداف بعض المواطنين على أساس ديانتهم، إضافة إلى حرق عدد من المباني والمنشآت الحكومية كما لا يتضمن الرقم حالات خطف الأقباط والتي انتشرت في صعيد مصر خصوصًا محافظة المنيا.
وقد بدأ عدد من هذه الحالات على أساس رؤية دينية متعصبة مثلما يحدث في الخلافات المتعلقة بممارسة الشعائر الدينية وبناء وترميم الكنائس، أو تلك التي تبدأ بخلافات عادية وتتحول إلى اعتداءات طائفية. وعادة ما تلجأ السلطات إلى الجلسات العرفية كإحدى أشكال التدخلات الأهلية لحل النزاعات والتوترات المجتمعية. وبالرغم من الانتقادات الكبيرة التي توجه إليها لكونها بوابة خلفية للهروب من تطبيق القانون وإعادة إنتاج الاعتداءات على الأقباط.
وكانت المبادرة المصرية قد حذرت مرارًا وتكرارًا، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني والقوى السياسية، من استمرار نهج أجهزة الدولة في التعامل مع هذه الانتهاكات من خلال خطابات الإدانة والشجب الإعلامية والدينية، وطالبت بإستراتيجية واضحة لمواجهة استهداف المواطنين الأقباط، تهدف في المقام الأول إلى حماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم من خلال تطبيق القانون ورفع كفاءة أجهزة الدولة خصوصًا الأمنية للتعامل مع مثل هذه الاعتداءات وإقرار مبادئ المحاسبة والشفافية التي تسمح بضبط الأداء الأمني وتصويب مساره، وذلك بالتزامن مع وضع إستراتيجية شاملة للتعامل مع المناخ الداعم للتطرف والاعتداءات والفرز الطائفي. إلا أن تواتر تلك الاعتداءات وارتفاع وتيرتها أثبت بما لا يدع مجالًا للشك عن درجة غير مسبوقة من التخبط والتقصير وغياب الرؤية التي يدفع ثمنها المواطنون المصريون من أرواحهم ومستقبلهم.