تعليق على رد تيتان: يجب أن ينعكس سعي تيتان نحو التحسّن في احترام حقوق المجتمعات والعمّال.
بيان صحفي
في أبريل 2015، تقدَّم مجموعة من سكّان وادي القمر في الإسكندرية، إضافة إلى عمال سابقين في مصنع الإسكندرية لأسمنت بورتلاند، بشكوى إلى مكتب المستشار/أمين المظالم لشؤون التقيد/الامتثال (CAO) التابع للبنك الدولي. هذا المصنع تملكه حاليًا شركة تيتان، وقد موّلته مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة للبنك الدولي منذ عام 2009. في سبتمبر 2015، قام مكتب الـCAO بزيارة تقييم، بحث خلالها إمكانيّة الدخول في عملية تسوية منازعات، لكن شركة تيتان رفضت التفاوض مع مقدّمي الشكوى. وفي مايو 2016، نشرت الشركة ردًّا بعنوان: “TITAN Cement Egypt continuously seeks improvement” (شركة تيتان للأسمنت مصر تسعى باستمرار للتحسين).
تشير الشكوى المقدَّمة إلى مكتب الـCAO بخصوص شركة تيتان، مالكة شركة الإسكندرية لأسمنت بورتلاند، إلى أن مصنع الأسمنت الواقع في قلب منطقة سكنية لم يحصل على الترخيص البيئي المناسب، وأن السكان المحليين يعانون من غبار الأسمنت بشكل مستمر بما يضرّ بصحتهم، ويخشون أن يؤدي تحوُّل المصنع لاستخدام الفحم إلى تضخيم هذا الخطر عليهم. كما يشكو العمال المحالون إلى التقاعد المبكر من عدم حصولهم على كامل حقوقهم، بينما يشكو العمال المتعاقدون السابقون من حرمانهم من حقوقهم في الأرباح والمزايا، ومن الإهمال في إجراءات السلامة والصحة المهنية.
في ردها المنشور، ادعت شركة تيتان أن مصنع الإسكندرية لأسمنت بورتلاند القائم في وادي القمر تم تأسيسه عام 1948 في منطقة صناعية، وأنّ تجمُّعًا سكنيًا عشوائيًا نشأ لاحقًا في هذه المنطقة. هذا الادعاء المتكرر ببساطة غير صحيح. فحي وادي القمر مجتمع سكني قديم، كما تُظهر خرائط التقسيم الصادرة عن هيئة المساحة المصرية عام 1944. إضافة إلى ذلك، يمتلك السكان المحليون عقود ملكية ومحاضر مسجلة لمحالٍّ تجارية ومنازل تعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي. والواقع هو عكس ما تقوله الشركة؛ إذ كان وادي القمر منطقة سكنية ومكانًا معروفًا للتنزّه والراحة والاستشفاء في الهواء الطلق، على غرار منطقة حلوان، قبل أن تمتد المصانع إلى هذه المناطق نتيجة سوء التخطيط، فتحوّل وادي القمر، وحلوان، إلى مناطق صناعية ملوَّثة على نحو كثيف.
من المؤكد أن جميع الأطراف المعنية ترحّب بأي جهود تبذلها شركة تيتان لتحسين أدائها البيئي واحترام حقوق الإنسان. كما يرحّبون بالتقدم الذي أحرزته الشركة للوفاء بالتزاماتها المؤسسية في إطار مبادرات مختلفة، بما في ذلك اعتراف اتحاد الصناعات المصرية بتيتان كواحدة من أفضل الشركات المصرية في مجال التنمية المستدامة، ويأملون أن تتجنب تيتان استخدام الفحم حتى تتمكن من مواصلة تعزيز التنمية المستدامة.
كما تأمل جميع الأطراف المعنية أن تنعكس هذه الجهود المعلَنة للسعي نحو التحسين فعليًّا على أرض الواقع. وحتى الآن لا يوجد دليل على إجراء دراسة لتقييم الأثر البيئي، أو الحصول على ترخيص تشغيل دائم؛ بينما يمتلك السكان المحليون “مكتبة كاملة” من الصور والفيديوهات والشهادات التي توثّق الانبعاثات الكبيرة والمتكررة من المصنع، كما لديهم تقارير وأحكام قضائية تثبت وقوع أضرار. أما مشكلات العمال المحالين للتقاعد المبكر والعمال المتعاقدين السابقين فما زالت بلا حل أو تعويض.
ورد في رد الشركة المنشور أن لجنة علمية مكوّنة من خبراء أكاديميين وجمعيات مدنية، تحت إشراف وزارة البيئة، أثبتت أنه لا توجد روابط مباشرة بين مصنع الأسمنت والمشكلات الصحية في المنطقة. وادعت الشركة أن اللجنة وجدت أن “الحالات الصحية” المسجَّلة تقع ضمن المعدلات المتوسطة على مستوى الجمهورية. في الواقع، نجد صعوبة في فهم كيف يمكن أن تكون معدلات “الحالات الصحية”، وخاصة تلك المتعلقة بأمراض الجهاز التنفسي، في منطقة صناعية ملاصقة لمصنع أسمنت كبير مماثلة لمتوسط المعدل الوطني، إلا إذا اعتبرنا أن مصر كلها منطقة صناعية واحدة كبيرة. كما يصعب أيضًا فهم كيف لا يكون هناك رابط مباشر بين المصنع، الذي يطلق آلاف الأطنان من الغبار والغازات في المنطقة، وبين صحة المجتمع المحلي، حتى لو كانت هناك عوامل أخرى متداخلة.
ربما تكون هذه الدراسات قد توصَّلت إلى مثل هذه النتائج بسبب نقص المعرفة والوعي بآليات وخطورة تلوث الهواء. هذا النقص في الوعي أشار إليه أيضًا تقرير لمنظمة الصحة العالمية،¹ رغم تزايد الأدلة العلمية والطبية في هذا المجال. هذا الافتقار للوعي حتى بين الأطباء والعاملين في القطاع الصحي يعرقل التدخلات الفعّالة لمواجهة تلوث الهواء.²
لقد وجدت العديد من الدراسات أن قرب السكان من مصانع الأسمنت يعرِّضهم لمخاطر صحية أكبر ناتجة عن تلوث الهواء،³ لأن أفضل التقنيات المتاحة لا يمكنها منع كل التلوث الصناعي للهواء بشكل كامل.⁴ وما يزيد عبء التلوث في وادي القمر هو أن الفرن الحالي قد وُضع في أقصى الجهة الجنوبية من أرض المصنع، الملاصقة مباشرة للمجتمع السكني، ما ألغى أي مسافة عازلة أو منطقة فاصلة بين المدخنة والمساكن. تقع مدخنة المصنع على بُعد نحو 10 أمتار فقط من المنطقة السكنية، وإلى الشمال منها في اتجاه مسار الرياح السائدة.
في الشكوى المقدمة إلى مكتب الـCAO، عبّر السكان والعمال المتضررون عن غياب قنوات ملائمة لحل المشكلات مع الشركة، وأكدوا رغبتهم في النقاش والتفاوض معها. وتأسف الأطراف المعنية لأن شركة تيتان رفضت التفاوض، واتهمت مقدّمي الشكوى بأنهم مدفوعون بمصالح شخصية، ورفضت الاعتراف بهم كممثلين شرعيين للمجتمع المحلي.
تؤكد الأطراف المعنية أنها لم تدّعِ قط أنها الممثل الوحيد للمجتمع المحلي، لكنها تمثّل دون شك قطاعًا ملحوظًا من السكان والعمال المتضررين من أداء الشركة. ويؤسفها أنه بدلاً من التحاور معهم، اختارت تيتان توجيه الاتهامات لهم دون تقديم أي دليل. وربما يجدر التذكير بأن العمال الذين نظّموا اعتصامًا داخل الشركة عام 2013 للمطالبة بالمساواة في الأرباح والمزايا، ووجّهت إليهم آنذاك اتهامات بالعنف والاحتجاز القسري للعاملين وتخريب ممتلكات الشركة، قد تمّت تبرئتهم جميعًا مؤخرًا من هذه التهم.
صور لانبعاثات المصنع:
النص يقدّم تعليقًا نقديًا على رد شركة تيتان بخصوص الشكوى المقدَّمة في أبريل 2015 من سكان وادي القمر وعمال سابقين إلى مكتب الـCAO في البنك الدولي، بشأن مصنع الإسكندرية لأسمنت بورتلاند الممول من مؤسسة التمويل الدولية. يشرح أن الشكوى تتعلق بعمل المصنع داخل منطقة سكنية دون ترخيص بيئي سليم، وبانبعاثات كثيفة من الغبار تضر بصحة السكان، مع مخاوف من استخدام الفحم، إضافة إلى انتهاكات لحقوق العمال المحالين للتقاعد المبكر والعمال المتعاقدين. ينتقد النص ادعاء تيتان أن المنطقة كانت صناعية ثم نشأ فيها سكن عشوائي، ويؤكد – بالاستناد إلى خرائط 1944 وعقود ملكية منذ الثلاثينيات – أن وادي القمر أصلًا حي سكني تحوّل لاحقًا إلى منطقة صناعية ملوّثة بسبب سوء التخطيط. يرحّب النص نظريًا بأي تحسينات بيئية وحقوقية تعلنها الشركة، لكنه يشير إلى غياب دراسة أثر بيئي وترخيص تشغيل دائم، وإلى وجود أدلة من صور وفيديوهات وأحكام قضائية على الانبعاثات والأضرار واستمرار مشكلات العمال بلا حل. كما ينتقد اعتماد تيتان على لجنة علمية قالت إن الحالة الصحية في المنطقة “ضمن المتوسط القومي”، ويستشهد بأدبيات ومنظمة الصحة العالمية ودراسات عديدة تؤكد أن قرب السكان من مصانع الأسمنت يرفع مخاطر الأمراض التنفسية، وأن أفضل تقنيات التحكم لا تلغي التلوث تمامًا، خاصة مع وجود الفرن والمدخنة على بعد أمتار قليلة من المنازل وفي اتجاه الرياح. أخيرًا، يوضح النص أن السكان والعمال طلبوا التفاوض، لكن تيتان رفضت واتهَمت مقدمي الشكوى بالسعي لمصالح شخصية، مع أن هؤلاء يمثلون قطاعًا متضررًا مهمًّا، ويذكّر بأن عمال اعتصام 2013 الذين اتُّهموا بالعنف وتخريب ممتلكات الشركة بخصوص أرباحهم ومزاياهم، حُكم ببراءتهم جميعًا لاحقًا.
https://www.youtube.com/watch?v=EuLdBY2NhS4
المصادر:
1- http://www.who.int/phe/health_topics/outdoorair/databases/faqs_air_pollu....
2-http://www.psr.org/assets/pdfs/iowa-coal-and-health-exec-summ.pdf.
3- “Health effects for the population living near a cement plant: An epidemiological assessment,” Environment International, http://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0160412011002856;
“Respiratory health effects on residents living near a cement plant in Puerto Rico,” https://apha.confex.com/apha/135am/webprogram/Paper166523.html;
“Health risks for population living in the neighborhood of a cement factory,” African Journal of Environmental Science and Technology, http://www.academicjournals.org/AJEST;
“Environmental pollution and health risks of residents living near Ewekoro cement factor, Ewekoro, Nigeria,” International Journal of Environmental, Chemical, Ecological, Geological and Geophysical Engineering 9(2), 2015.
4- Guidelines for siting and zoning industry and residential areas, Department of Environment, Ministry of Natural Resources and Environment, Malaysia, second revised edition, 2010, http://www.doe.gov.my/eia/wp-content/uploads/2012/02/Guidelines-For-Siti....



