مع بدء نشر #وثائق_بنما المسربة : فتح تحقيق في شركات عائلة مبارك في الجزر العذراء البريطانية تتويج لعمل منظمات المجتمع المدني
بيان صحفي
تلقت المبادرة المصرية بكثير من الرضا الأنباء التي نُشرت بالأمس عن قيام سلطات الجزر العذراء البريطانية بفتح تحقيق منذ عام 2013 فيما يخص شركة بان وورلد إنفستمنت، وفقًا للوثائق التي تم نشرها أمس كجزء من تسريبات "وثائق بنما"، والتي يوجد بها ما يزيد على 11 مليون وثيقة سرية من شركة موساك فونسيكا البنمية التي تعمل في مجال تأسيس الشركات في الملاذات الضريبية السرية.
أثارت تسريبات "أوراق بنما" بالأمس جدلًا واسعًا حول ممتلكات عائلة مبارك في الملاذات الضريبية، وتحديدًا شركة بان وورلد إنفستمنت، حيث جاء ضمن التسريبات مراسلات بين سلطات الجزر العذراء البريطانية، وشركة موساك فونسيكا البنمية التي تدير شركة علاء مبارك في الجزر العذراء البريطانية. ويُذكر أن بنما والجزر العذراء البريطانية من أشهر وأهم الملاذات الضريبية التي تنزح لها الأموال المهربة لما تمنحه من سرية في التعاملات.
وتأكيدًا واستمرارًا لدور المجتمع المدني الدولي في الكشف عن أصول زعماء العالم المخفاة في تلك الجزر، وكجزء من جهوده في محاربة ظاهرة إخفاء الأموال باستخدام تلك القنوات السرية، قامت المبادرة المصرية ومنظمة كورنر هاوس البريطانية بمحاولة تتبع أصول عائلة مبارك في الملاذات الضريبية، وقامت المنظمتان بتاريخ 4 إبريل 2013، بمخاطبة سلطات الجزر العذراء البريطانية لإبلاغهم عن نتيجة تحقيقنا في أموال عائلة مبارك المهربة، ولفت نظرهم إلى وجود شركتين مملوكتين لأفراد عائلة مبارك، وأنه يتوجب تجميدهم فورًا وفقًا لقرار التجميد الصادر ضد ممتلكات 19 فردًا من عائلة مبارك ونظامه السياسي بتاريخ 17 أكتوبر 2011، وكانت شركة بان وورلد إنفستمنت ضمن الشركتين المذكورتين في خطابنا. للاطلاع على الخطاب باللغة الإنجليزية يرجى الضغط هنا.
وبتاريخ 29 مايو 2013، قامت سلطات الجزر العذراء بالرد علينا وأكدت أن التحقيقات بدأت بالفعل، وجاء في الرد (مترجم من الإنجليزية): "بالإشارة إلى خطابكم بتاريخ 4 إبريل 2014 ومرفقاته التي تم إرسالها إلى السيد داون سميث، نود أن نشكركم على المعلومات التي منحتمونا. نقوم بالتحقيق في الأمر الذي أثرتموه في مراسلتكم، وسنأخذ الإجراءات المناسبة بمجرد الانتهاء من التحقيق".
وفقًا للمركز الدولي للصحفيين الاستقصائيين الذي قام بنشر التسريبات، تم تغريم شركة موساك فونسيكا 37,500 دولار لفشلها في التحقق بشكل صحيح من أموال علاء مبارك، والتي وصفته بـ"عميل عالي المخاطر". لم يتسنَ للمبادرة بعد معرفة المصير الحالي لتلك الشركة ووضعها الآن.
وقامت المبادرة المصرية في نفس الوقت من عام 2013 بـ التواصل مع المفوضية الأوروبية، لإبلاغهم عن ثلاث شركات موجودة على الأراضي الأوروبية يشتبه في ارتباطهم بعائلة مبارك، وقامت المفوضية بالرد علينا وإبلاغنا بأنهم بالفعل قد قاموا بتجميد أربعة حسابات بنكية مرتبطة بتلك الشركات. وتؤكد المبادرة المصرية على التزامهما المستمر بالعمل مع مختلف السلطات في مختلف البلاد للبحث عن أصول خاضعة للتجميد يشتبه في فساد مصدرها حتى عودتها إلى أصحابها الشرعيين.
قامت بعد الثورة العديد من محاولات تتبع أموال وأصول آل مبارك في تلك الملاذات البعيدة، وأسفرت جهود المجتمع المدني في مصر وبريطانيا ومنها المبادرة المصرية، عن الوصول لشركة إلى شركة بان وورلد إنفستمنت في 2013 ومخاطبة سلطات الجزر العذراء البريطانية والاتحاد الأوروبي لإبلاغهم عن ضرورة تجميد تلك الشركات وفقًا لقرارات التجميد الصادرة ضد نظام مبارك في الاتحاد الأوروبي وجزر العذراء لحين الانتهاء من التحقيقات في تلك الأموال. وهو ما قوبل بردود إيجابية أعلنت فيها المفوضية الأوروبية للمبادرة المصرية عن تجميد 4 حسابات في قبرص لجمال مبارك مرتبطين بشركة بوليون التي كانت تملكها بان وورلد إنفستمنت، بالإضافة إلى وعد من سلطات التحقيق في الجزر العذراء البريطانية بالنظر في ما أثير في مراسلاتنا معهم. ووفقًا لتقارير وثائق بنما أخيرًا، تحركت بالفعل سلطات التحقيق هناك لتجميد تلك الشركة لتنتهي بذلك رحلتها التي استغرقت الـ 17 عامًا في صناديق الاستثمار السرية.
ماذا نعرف عن بان وورلد إنفستمنت؟
وفقًا لوثيقة لجهاز الكسب غير المشروع، يشترك نجلي الرئيس السابق مبارك في ملكية شركة بانوورلد إنفستمنت التي تأسست في منتصف التسعينات. وكانت بان وورلد هي نقطة انطلاق لشبكة عنكبوتية من الاستثمارات الخاصة بنجلي الرئيس السابق تبدأ في من الجزر العذراء وتنتهي في مصر مرورًا بجزر الكايمن وقبرص. من أغسطس 1996 وحتى يناير 2008، ساهمت بان وورلد إنفستمنت بنسبة 50% في شركة بوليون المسجلة في قبرص. وساهمت بوليون القبرصية بدورها في شركة استثمار أخرى مسجلة في الجزر العذراء البريطانية تدعى EFG Hermes Private Equity بنسبة 35% وهي التي تمتلك صندوقين بإسم EFG Capital Partners واللذان يستثمران عن بعد في العديد من الشركات المصرية، ومنها: أسمنت السويس والبنك الوطني المصري ومجموعة طلعت مصطفى القابضة وشركة الأسكندرية الإسكندرية للزيوت المعدنية، بالإضافة إلى صندوق Horus Food and Agribusiness، والذي يستثمر في شركة ايديتا إيديتا للصناعات الغذائية، والوادي القابضة، وشركة مصر أكتوبر للصناعات الغذائية (المصريين)، وغيرها من الشركات. للمزيد من المعلومات حول استثمارات بان وورلد إنفستمنت، اطلع على هذا الإنفوجراف. وبجانب EFG Hermes Private Equite، استثمرت أيضًا بان وورلد إنفستمنت سنة 1997 في شركة Egypt Fund Partners Inc المسجلة في جرر جزر الكايمن وهي ملاذ ضريبي شهير مشهور آخر، والتي تدير صندوق حورس برايفت إيكويتي 1 بحصة قدرها بحصة قدرها 250 ألف دولار، وهو الصندوق الذي استثمر بدوره في 18 شركة مصرية خاصة. في فبراير 2008 هبط نجم بان وورلد إنفستمنت وتخارجت من شركة بوليون القبرصية، ونقلت أسهمها إلى شركة أخرى مسجلة في قبرص تدعى Nakoda Ltd التي كانت مملوكة بدورها لشركة أخرى تدعى CP Palema مسجلة أيضًا في قبرص، التي من المرجح أن تكون أيضًا مملوكة لنجلي مبارك لاستمرار مساهمتهم في EFG Hermes Private Equity عن طريق الشركة القبرصية لما بعد الثورة. وتم أيضًا تصفية صندوق حورس عام 2010.
ما هي مشكلة الاستثمار في ومن الملاذات الضريبية؟
الملاذ الضريبي هو ولاية قضائية قد تكون دولة أو دويلة أو إقليمًا تكون فيه الضريبة على الربح والدخل منخفضة جدًّا أو معدومة وتعمل على جذب الأموال اعتمادًا على هذه الميزة، وعادة ما تمنح هذه الولايات القضائية ميزة أخرى وهي السرية وهي ضرورية لمن يريد أن يتهرب من دفع الضريبة في بلده حتى لا تستطيع السلطات الضريبية في بلده الوصول إلى معلومات عن هذه الأموال. وفقًا لشبكة العدالة الضريبية يوجد حوالي 80 ملاذًا ضريبيًّا حول العالم تمنح ضريبة منخفضة جدًّا أو معدومة و/أو قوانين تمنح سرية البيانات، وتنزح لها الأموال والثروات من كل بقاع الأرض.
للملاذات الضريبية فوائد واستخدامات متعددة. فعلى مستوى الشركات، تلجأ الكثير من الشركات إلى تملك فرع من شركتها في ملاذ ضريبي بهدف التلاعب في حساباتها بحيث تظهر أغلبية أرباحها في الشركة المسجلة في الملاذ الضريبي وتختفي من "الفرع" المسجل في الدولة التي تشتغل بها فعليًّا، وينتهي بنا الأمر إلى أن الشركات العملاقة لا تدفع الضريبة في المكان أو الدولة التي تحقق فيها الأرباح. لعملية تحويل الأرباح وسائل عدة وأهمها أن الأجزاء المختلفة من نفس الشركة تدفع الأموال لنفسها بشكل اصطناعي في مقابل "بضائع وخدمات" ضمن خطتها لتوزيع الربح بين الأجزاء المختلفة للشركة وتحديد كمية الضرائب التي ستدفعها الشركة متعددة الجنسية.أيضا تعد هذه الملاذات أداة لإخفاء الثروة حينما يتعلق الأمر باستثمارات كبار المسئولين والسياسيين الذين يسعون لإخفاء ثرواتهم.
ومن الوسائل الأخرى المنتشرة هو إنشاء كيانات للأغراض الخاصة Special Prurpose Entity والتي توفر آليات للتهرب الضريبي، عادةً لا تكون متاحة في البلد الأم للشركة، ومن هذه الوسائل الاستثمار السري الدائري فيقوم المستثمر مثلًا بتحويل المال إلى الشركة الجديدة المنشأة في ملاذ ضريبي، التي تستثمر بعد ذلك في الأسهم والسندات في شركات بلده، وعلى الرغم من أن الأرباح على هذه الاستثمارات تعود إلى المستثمر المقيم عادة في بلده والمساهم في شركات من بلده أيضًا، فإنها تظهر على أنها أرباح شركة أجنبية لا تخضع لقوانين الضرائب الخاصة ببلده. ويتهرب أيضًا الأشخاص أصحاب الثروات الضخمة (high net worth individials) من ضريبة الميراث عن طريق تسجيل أصولهم المالية في الملاذات الضريبية، ويتم توجيه دخلهم عن طريق تلك الملاذات لإخفائها عن أعين السلطات الضربية.
تعاني جميع الدول الغنية والفقيرة على حد سواء من تلك الظاهرة، فظهرت في المملكة المتحدة في الأعوام الأخيرة العديد من قضايا التهرب الضريبي الشهيرة ومن أشهرها كانت سلسلة المقاهي الشهيرة ستاربكس التي حققت مبيعات بـ 400 مليون جنيه إسترليني (ما يزيد على 4.5 مليار جنيه مصري)، ولكنها لم تدفع أي ضريبة على الربح، فقامت الشركة صاحبة سلسلة المقاهي بتحويل بعضٍ من الأرباح إلى شركة تابعة لها في هولندا في شكل تكلفة استخدام العلامة التجارية، واقترضت من أجزاء أخرى في الشركة بنسبة فوائد عالية جدًّا، وهي أيضًا من الحيل المتبعة في عملية تحويل الأرباح.