ورقة موقف بشأن مسودة قانون التأمين الصحي الاجتماعي الشامل

بيان صحفي

20 ديسمبر 2015

تستعرض هذه الورقة أهم المبادئ التي ترى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ضرورة أن يتضمنها قانون التأمين الصحي الاجتماعي الشامل المتوقع صدوره من البرلمان القادم. هذه المبادئ التي دافعت عنها المبادرة خلال وجودها في لجنة إعداد مسودة القانون على مدى الفترة الماضية خلال عملها مع لجنة تضم خبراء في هذا المجال من وزارة الصحة والمجتمع المدني، عملت على مسودة هذا القانون طوال السنوات الثلاث الماضية وعرضته للحوار المجتمعي منذ أغسطس 2014.

وفيما يلي أهم المبادئ التي نرى أنه يتعين عدم المساس بها حتى عرضه على البرلمان:

أولًا: شمول التغطية الصحية سكانيًّا وخدميًّا وجغرافيًّا، بما يعني تغطية كافة المواطنين، في كل المناطق الجغرافية وفي مستويات الخدمات المختلفة، وذلك تماشيًا مع الدستور الذي نص على أن يغطي نظام التأمين الصحي الشامل "كافة اﻷمراض" بلا استثناء بما فيها اﻷمراض الكارثية صحيًّا واﻷكثر كلفة وفقًا لتعريف منظمه الصحة العالمية.

ثانيًا: إلزامية القانون لجميع الشرائح والفئات والقطاعات الرسمية العامة والخاصة والقطاعات غير الرسمية، بما يحقق مبادئ التضامن في المجتمع والدعم المتبادل، وصولًا إلى العدالة اﻻجتماعية في الصحة، بما يعني عدم السماح ﻷي شريحة أو فئة بالتخارج من النظام كضمان لاستدامة تمويله، والحفاظ على موارده ومشاركة الجميع فيه.

ثالثًا: تمتد التغطية الصحية للمشترك لكي تشمل أفراد الأسرة، فاﻷسرة هي وحدة التنفيذ في القانون وأساس التوسع فيه، بما يضمن تغطية الفئات الأَوْلى بالرعاية (المرأة واﻷطفال وكبار السن) مهما كانت تكلفة خدماتهم، بما يعني ضم وتوحيد القوانين السابقة في قانون موحد شامل.

رابعًا: ضرورة إيجاد آليات جديدة لحوكمة النظام الصحي لإعادة بنائه وهيكلته، بإنشاء هيئات مستقلة لها شخصية اعتبارية إلى جانب وزارة الصحة والسكان، وهي:

1 ـ هيئة التأمين الصحي اﻻجتماعي الشامل ويتبعها صندوق قومي تأميني لتمويل وشراء الخدمات الصحية من كافة مقدمي الخدمة.

2 ـ هيئة للاعتماد وتطوير جودة الخدمات الصحية تتمتع بالشخصية اﻻعتبارية واﻻستقلال كجهة محايدة لمنح اﻻعتماد لمختلف مقدمي الخدمات.

3 ـ هيئة الرعاية الصحية التي تعمل كمظلة لمقدمي الخدمات في مختلف القطاعات الحكومية المتفرقة، وتقوم بتوحيد إجراءات ولوائح العمل بها وتمهد للتعاقد مع جهة تمويل وشراء الخدمات.

هذا إلى جانب إطلاق الحريات لتكوين وتشجيع كافة المبادرات الأهلية من منظمات وجمعيات وروابط لحماية حقوق المرضى والمستفيدين بخدمات التأمين الصحى.

ويعني هذا فصل التمويل عن جهات إدارة وتقديم الخدمات الصحية، بينما ستعمل وزارة الصحة والسكان كمنظم ومراقب ومنفذ للسياسات الصحية العامة واﻹستراتيجية التي يقرها مجلس أعلى للصحة لضمان حوكمة النظام بصورة رشيدة في محاور المساءلة والمشاركة والشفافية.

خامسًا: أن يضمن القانون في محور التمويل مبادئ المشاركة والتضامن المجتمعي، من خلال تحديد نسب اﻻشتراكات المقننة والمدروسة أكتواريًّا بين المشاركين من عاملين وأصحاب أعمال ومهنيين وغيرهم من الفئات في القطاعات غير الرسمية. إلى جانب مساهمات عند تلقي الخدمة رمزية (لضمان جدية الطلب على الخدمة وليس كمصدر أساسي لتمويلها) يعفى منها أصحاب اﻷمراض المزمنة وﻻ تفرض داخل المستشفيات، وإلى جانب الاشتراكات تتكفل الخزانة العامة للدولة بدعم الصندوق التأميني لتغطية تكلفة الخدمات للشرائح والفئات التي تحددها وزارة التضامن باعتبارهم غير القادرين واﻷولى بالرعاية وفقًا لدراسات اقتصادية واجتماعية واقعية.

يضاف إلى ذلك ما نصت عليه مسودة القانون وهو ما تؤيده المبادرة من آليات للتمويل المجتمعي في إطار رسوم وضرائب مخصصة لتمويل النظام، تفرض على التبغ ومشتقاته، وبعض الصناعات الملوِّثة للبيئة ورسوم الطرق والرخص وبعض الخدمات اﻷخرى وغيرها من الرسوم المدروسة فيما ﻻ يخل بمحاور الحقوق اﻻقتصادية واﻻجتماعية اﻷخرى، وبغض النظر عما يروج حول (مبدأ وحدة الموازنة) الذي يتم تجاوزه كثيرًا لصالح بعض الفئات المميزة في المجتمع، عندما يتراءى ذلك للجهات الحكومية المهيمنة.

سادسًا: سيكون القانون بمثابة اﻷداة الحاكمة ﻹصلاح المنظومة الصحية، وإعادة بنائه.

وتشدد المبادرة المصرية على ضرورة اﻻنتهاء من لوائح القانون التنفيذية ومذكراته الشارحة قبل عرضه على البرلمان لتكون متاحة للمناقشة إلى جانب القانون، وذلك في ضوء تجارب سابقة، تم استخدام اللوائح التنفيذية التفصيلية للالتفاف وتفريغ القوانين من محتواها، وبما ﻻ يمس جوهر المحاور اﻷساسية فيه والتي صاغتها اللجنة المسئولة، مثل آليات التمويل ومستويات الخدمات المقدمة، وآليات حوكمة النظام من خلال هيئاته الثلاث الحاكمة الجديدة المشار إليها إلى جانب اﻷدوار الجديدة لوزارة الصحة والسكان كمنظم ومنفذ للسياسات اﻹستراتيجية التي يعتمدها المجلس اﻷعلى للصحة.

وترى المبادرة المصرية أن تقديم وزارة الصحة والسكان للقانون كما صاغته اللجنة المسئولة وفقًا للمبادئ المشروحة أعلاه، وتشكيل الحكومة لفريق عمل حكومي من عدة وزراء للنظر في بنود القانون وبخاصة آليات تمويله، خطوة عملية طيبة ولكنها تحذر من التراجع أو النكوص عن أيٍّ من المحاور اﻷساسية للقانون. ﻷنها ثمرات جهود مجتمعية وحكومية استلزمت عملًا دؤوبًا ومشاورات لعدة سنوات.

خلفية:

تنص المادة (18) من الدستور المصري على أنه: "لكل مواطن الحق في الصحة وفي الرعاية الصحية المتكاملة، وفقًا لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية التي تقدم خدماتها للشعب، ودعمها، والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافي العادل. وتلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحي شامل لجميع المصريين يغطي كافة اﻷمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين في اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقًا لمعدلات دخولهم."