بعد إحالة أستاذ جامعي بالمنيا للتحقيق بسبب المحتوى الأكاديمي لمنهجه - المبادرة المصرية تندد بالقرار وتطالب بضمانات واسعة للبحث العلمي

بيان صحفي

13 نوفمبر 2012

أدانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم إحالة الدكتور يونس خضري محمود، الأستاذ المساعد بقسم الدراسات الإسلامية، للتحقيق واستبعاده من التدريس بسبب اعتراضات عدد من طلاب قسمي اللغة العربية والدراسات الإسلامية على المحتوى التعليمي الذى يقوم الأستاذ الجامعي بتدريسه للطلبة ضمن مادة التاريخ الإسلامي.

وقالت المبادرة المصرية إن ما حدث يعد انتهاكا صارخا لجملة من الحقوق والحريات، تأتي في مقدمتها حريات الفكر والرأي والتعبير والبحث العلمي، كما يتعارض مع استقلال الجامعات وحرية البحث العلمي، ويهدر حقوقا أساسية ترسخت عبر نضال مجتمعي ودولي طويل.

وقال إسحق إبراهيم مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد: "إن استجابة مسئولي الجامعة لمطالب الطلبة تفتح الباب على مصراعيه لأي جماعة أو تيار للاحتجاج لرفض الأفكار التي لا تتفق معه والمطالبة بفرض التفسير السائد لدى المحتجين على الكل، مما يزيد من الانشقاق في المجتمع ويعمق من مخاطر التحول للاستبداد الديني الذي يعيد قراءة التاريخ وفقا للأهواء ويحجر على قراءة الحاضر بموضوعية ومصداقية."

يذكر أن الحادث يجري في سياق تصاعد الهجوم على الشيعة والفكر الشيعي خلال الفترة الأخيرة، خصوصا من قيادات الأزهر والمؤسسات التابعة له. وكان الأزهر قد شكل لجنة خاصة لمواجهة ما أسماه بـ "المد الشيعي في مصر" كما طبع ووزع كتاب "الخطوط العريضة لدين الشيعة" لمحب الدين الخطيب مع مجلة الدعوة الصادرة عنه في أكتوبر الماضي لمهاجمة الشيعة.

وطالبت المبادرة المصرية بإلغاء قرار عميد كلية الآداب بجامعة المنيا باستبعاد د. يونس خضري من التدريس، وعودته للقيام بدوره في الجامعة. وكذلك طالبت المبادرة المصرية اللجنة التأسيسية للدستور بوضع الضمانات الكافية لحرية البحث العلمي بما يضمن المساهمة الفعالة في المعرفة الإنسانية، وأكدت أن فرض قيود على حرية البحث العلمي قد تفتح بابا خلفيا لعودة قضايا الحسبة ضد أصحاب الرأي وأساتذة الجامعات.

خلفية

نظم طلاب كلية الآداب بقسمي اللغة العربية والدارسات الإسلامية الأربعاء 7 نوفمبر وقفة احتجاجية أمام الكلية، طالبوا خلالها بطرد د. يونس خضري محمود من الجامعة، وردد الطلبة هتافات مناصرة للرسول، وقدموا مذكرة لعميد الكلية بما أسموه قيام الدكتور المشكو ضده بنشر التشيع والإساءة للصحابة والسيدة عائشة بمحاضراته ومذكراته، وهو الأمر الذي ينكره تماما الدكتور خضري.

وقد اعترض الطلاب على بعض أجزاء من كتاب الدكتور يونس خضري "دراسات في تاريخ الدول العربية"، والذى كان يدرس خلال العام الماضي، ولم يتم توزيعه على الطلبة هذا العام. ومن أبرز النقاط التي اعترض عليها الطلبة:

-         معركة الجمل في التاريخ الإسلامي، والتي قامت بين علي بن أبى طالب ومعاوية بن أبي سفيان، وكانت أساس قيام الدولة الأموية حيث تناول الأستاذ الجامعي مؤيدي معاوية، وكانت منهم السيدة عائشة وطلحة والزبير. وقال إن عدد من المؤرخين من مراجع وكتب موثقة قالت إن السيدة عائشة كانت تؤدي عمرة في مكة وقت مقتل عثمان بن عفان، وعندما عادت للمدينة سارعت باتهام علي ابن أبي طالب لأنه كان له موقف من حادثة الإفك.

-         أن الرسول فشل في رحلته للطائف، وهو ما لا يصح شرعا من وجه نظر المحتجين.

-         أن بعض الصحابة غضبوا من قيام عثمان بن عفان بجمع القرآن في مصحف واحد، ومنهم الصحابي عبد الله بن مسعود والذي اعتبروه خروجا عن الدين.

بينما نفى الدكتور يونس خضري في إفادته للمبادرة المصرية قيامه بالإساءة للرسول والصحابة أو قيامه بنشر التشيع، مؤكداً أنه يتبع المذهب السني، ويقوم منذ عام 2001 بتدريس مادة التاريخ الإسلامي لطلاب قسمي اللغة العربية والتاريخ والدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنيا، وأن تخصصه يتناول ثلاث مراحل من التاريخ الإسلامي: دولة النبي، ودولة الخلفاء الراشدين، والدولة الأموية.

وأضاف أنه استند إلى مراجع علمية قوية منها كتاب الطبري وهو مفسر للقرآن قبل أن يكون كاتبا للتاريخ. كما وضح أن الطلبة يريدون تغيير التاريخ وإنكار الحقائق وتحديد المادة العلمية وفقا لأهوائهم وما يتفق مع أفكارهم، ومشيراً إلى وجود دور لأستاذ جامعي يسعى لشغل منصب وكيل الكلية لشئون التعليم، وهو منصب شاغر منذ 25 أكتوبر الماضي، في إثارة الطلبة لاستغلال الواقعة لصالحه. وأضاف أن رئيس جامعة المنيا وعميد كلية الآداب خضعا لمطالب الطلبة، لتسكين الأوضاع وتهدئتها فقط.

كما قرر الدكتور محمد أحمد شريف رئيس جامعة المنيا—وفقا لما نشره الموقع الإلكتروني الرسمي لجامعة المنيا—في 8 نوفمبر الجاري بتشكيل لجنة لفحص كتاب مادة التاريخ الخاص بالفرقة الثانية بالدراسات الإسلامية واللغة العربية ، والتي يقوم بتدريسها الدكتور يونس خضري أستاذ التاريخ، وذلك لفحص ما به من معلومات علمية وتاريخية وما إذا كانت خارجة عن القواعد والأصول المتعارف عليها في التدريس الجامعي، وذلك أيضا استجابة لمطالب عدد من الطلبة وأساتذة الكلية.

ونظم طلبة قسم التاريخ بكلية الآداب اليوم وقفة احتجاجية أمام مكتب عميد الكلية يطالبون فيها باستبعاد الأستاذ الجامعي من تدريس مادة "نصوص تاريخية" للفرقة الثانية بحجة قيامه بالإساءة للرسول العام الماضي، وذلك بالرغم من أن المادة لا تتضمن محتوى دينيا وتركز على الفتوحات الإسلامية لبلاد الهند والأندلس.

وقد أبلغ الدكتور يونس خضري تليفونيا بإحالته للتحقيق، ومنعه من التدريس في مختلف أقسام كلية الآداب قبل إتمام التحقيق معه، وبالمخالفة لقانون تنظيم الجامعات الذي لا يتيح لإدارة الجامعة توقيع الجزاء دون انتهاء التحقيقات مع عضو هيئة التدريس.