مصر تتسبب في إفشال قمة الأمم المتحدة للإيدز

بيان صحفي

7 June 2006

اتهمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم الحكومة المصرية بالإسهام في إفشال قمة دولية عقدتها الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي لحشد الجهد الدولية للتصدي لانتشار فيروس ومرض الإيدز وفي رسالة بعثت بها صباح اليوم إلى وزيري الصحة والخارجية، أشارت المبادرة المصرية إلى أن مصر اتخذت سلسلة من المواقف السلبية أثناء المفاوضات الماراثونية بين الدول الأعضاء للوصول إلى اتفاق حول الإعلان السياسي الصادر في ختام الاجتماع رفيع المستوى بشأن فيروس ومرض الإيدز الذي عقد بمقر الأمم المتحدة في نيويورك من 31 مايو إلى 2 يونيو.

 ونجحت مصر وعدد قليل من الدول في تعطيل المفاوضات حتى الساعة الثالثة من صباح اليوم الأخير للقمة، حتى تم التوصل إلى إعلان سياسي على درجة عالية من الضعف، وهو ما أدى إلى إعلان منظمات المجتمع المدني العالمي رفضها للإعلان واعتبار القمة فرصة تم تضييعها بسبب مواقف عدد قليل من الدول جاءت على رأسهم مصر.

وكان من المفترض أن تلتزم بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة أثناء المفاوضات بوثيقة أبوجا التي تحمل عنوان "الموقف الأفريقي المشترك من اجتماع الأمم المتحدة بشأن الإيدز"، والتي تم التوصل إليها بالإجماع في قمة عقدها رؤساء الدول والحكومات الأفارقة في نيجيريا قبل ثلاثة أسابيع فقط من اجتماع الأمم المتحدة، ورأس الوفد المصري إليها وزير الصحة والسكان الدكتور حاتم الجبلي. وقد جاءت هذه الوثيقة نتيجة لجهد كثيف على مدى الشهور الثلاث الماضية لتتضمن أهدافاً محددة لمواجهة الوباء، وبرنامجاً زمنياً لتحقيق هذه الأهداف، وتعهداً من الدول الأفريقية بضمان احترام حقوق الإنسان والمرأة والوصول إلى أكثر الفئات عرضة للإصابة بالفيروس من أجل حمايتها وحماية المجتمع.

غير أن بعثة مصر الدائمة لدى الأمم المتحدة فاجأت الجميع فور بدء المفاوضات بالتراجع عن تأييد وثيقة أبوجا، بل وبذلت جهوداً غير حميدة في إقناع الدول الأعضاء بالمجموعة الأفريقية بتنحية وثيقة أبوجا جانباً وتجاهلها بدعوى أنها "حصيلة مفاوضات بين مسئولين فنيين وليس مسئولين سياسيين".

وقد تضمنت المواقف السلبية للحكومة أثناء المفاوضات على سبيل المثال انضمام مصر إلى موقف الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي واليابان في معارضة تضمين الإعلان السياسي لأية أهداف كمية محددة أو محطات زمنية لضمان الحق في الحصول على العلاج والوقاية والدعم، رغم أن وثيقة أبوجا حددت هذه الأهداف والمحطات الزمنية بدقة.

كما عارضت مصر أن يتضمن الإعلان إشارة إلى أن الوباء ينتشر بشكل أسرع بين الفئات الأكثر عرضة للإصابة رغم أن هذه الحقيقة العلمية قد تم النص عليها صراحة في وثيقة أبوجا بحضور وزير الصحة المصري وموافقته. وعارضت مصر الإشارة إلى التمييز ضد النساء كأحد عوامل انتشار الإيدز بينهن بسرعة أعلى من انتشاره بين الرجال كما أشارت وثيقة أبوجا. وعارضت النص على تمكين الفتيات من حماية أنفسهن من العدوى في تجاهل غير مسئول لحقيقة أن الفتيات يمثلن 77% من الشباب المتعايشين مع فيروس ومرض الإيدز.

وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والذي شارك في أعمال القمة: "لقد ساهمت المواقف غير المسئولة لممثلي مصر وبعض الدول الأخرى في المفاوضات في إفشال قمة شديدة الأهمية وإضعاف مخرجاتها نتيجة الخضوع لمواقف سياسية وأيديولوجية ضيقة الأفق تتجاهل كارثة إنسانية يذهب ضحيتها ثمانية آلاف شخص في اليوم الواحد."

وأضافت المبادرة المصرية في الرسالة أن المواقف التي اتخذها ممثلو مصر في المفاوضات لا تعكس حتى حقيقة ما يجري على أرض مصر كل يوم. وتتجاهل الجهود الكثيفة التي يبذلها البرنامج الوطني لمكافحة لإيدز بوزارة الصحة منذ إنشائه وحتى اليوم في العمل مع منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية ووكالات الأمم المتحدة على تسريع وزيادة جهود الوقاية والعلاج والدعم في مواجهة الإيدز، خاصة مع تراكم الأدلة على ازدياد معدلات العدوى التي يتم إبلاغ وزارة الصحة بها، وعلى وجود تربة خصبة لانتشار الفيروس في مصر وتركزه وبائياً بين نفس الفئات المعرضة للخطر التي اعترض ممثلو مصر لدى الأمم المتحدة على مجرد الإشارة إليها.

وقال حسام بهجت: " إن تجاهل ممثلي الحكومة للممارسات الإيجابية والجهود المبذولة داخل البلاد أصاب ممثلي المجتمع المدني المصري بالحرج والإحباط والغضب، وأعطى صورة مغلوطة عن الأوضاع داخل مصر."

وأكدت المبادرة المصرية أن موقف الحكومة أثناء المفاوضات كان مثار استياء واسع وانتقادات متواصلة من مسئولين حكوميين وموظفين لدى الأمم المتحدة ونشطاء أفارقة وغير أفارقة انعكست في أروقة القمة وبيانات المجتمع المدني وكافة المقالات والتغطيات الصحفية التي تناولت القمة، حيث تأكد للجميع بما لا يدع مجالاً للشك أن مصر هي التي تقف وراء المواقف السلبية التي أدت إلى أضعاف الإعلان  السياسي بهذا الشكل المؤسف.
خلفية
عقد اجتماع الأمم المتحدة رفيع المستوى بشأن فيروس ومرض الإيدز بمقر الأمم المتحدة في نيويورك بمناسبة مرور خمس سنوات على عقد الجلسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الإيدز في عام 2001، والتي اتفقت فيها الدول الإعضاء على (إعلان الالتزام) الذي مثل نقطة تحول في الجهود الدولية لمكافحة الوباء وحشد الموارد لهذه الجهود وتأكيد الإرادة السياسية لدول العالم على اعتبار الإيدز قضية تتعلق أساساً بالتنمية والأمن وحقوق الإنسان وليس فقط بالصحة العامة.

وحرصت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على المشاركة في الاجتماع، ضمن حوالي 800 من نشطاء المجتمع المدني من دول العالم المختلفة، انطلاقاً من اهتمامنا كمنظمة حقوقية مصرية غير حكومية بالعمل من أجل حماية وتعزيز الحق في الصحة.وقد ألقى مدير المبادرة المصرية كلمة في إحدى جلسات الاجتماع حول أهمية احترام حقوق الإنسان من أجل ضمان استجابة فعالة للوباء.

ويمكن الإطلاع على نص رسالة المبادرة المصرية إلى وزيري الصحة والخارجية، وكذلك نص مداخلتها الشفهية أثناء الاجتماع في القسم الخاص ببرنامج الصحة وحقوق الإنسان بموقع المبادرة المصرية للحقوق الشخصية