منصة اللاجئين في مصر والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: مشروع قانون لجوء الأجانب يحتاج إلى مناقشة مجتمعية حقيقية
بيان صحفي
منصة اللاجئين في مصر والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: مشروع قانون لجوء الأجانب يغالي في الاحتياطات الأمنية ولا يتفق مع التزامات مصر الدولية
تصدر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومنصة اللاجئين في مصر دراسة معمقة وملخص سياسات حول مشروع القانون المقدم من الحكومة المصرية بشأن تنظيم لجوء الأجانب في مصر، والذي ناقشته لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب في الثاني والعشرين من أكتوبر الماضي، مؤذنة بطرحه أمام الجلسة العامة للبرلمان.
تحت عنوان "يعصف بالحمايات الأساسية للاجئين ويمثل تراجعًا عن الوضع القانوني القائم"، تطرح الدراسة المعمقة أهم المشكلات الكامنة في نصوص مواد مشروع القانون المطروح. وتقدم قراءة تحليلية في كل نص من نصوص القانون المقترح، والذي يأتي ليستبدل - حال إقراره- منظومة إدارة اللجوء في مصر، التي تدار حاليًا بالتعاون بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والحكومة المصرية. وتطرح الدراسة أن المشكلات العديدة التي تزخر بها مواد القانون، كان يمكن تفاديها إذا ما اعتنى معدو القانون بالحوار والتشاور مع المنظمات الدولية والمحلية المعنية بشؤون اللاجئين، وأصحاب المصلحة من اللاجئين أنفسهم. كما يتناول ملخص السياسات أبرز العيوب في القانون، والمواد الأكثر خطورة وما قد يترتب عليها من آثار حال إقرارها.
وأبقت الحكومة المصرية نص مشروع "قانون لجوء الأجانب" طي الكتمان طوال عام ونصف العام، تلت الإعلان عنه للمرة الأولى في يونيو 2023، ولم تظهر مواد المشروع إلى النور إلا بعد موافقة لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان عليها في نهايات أكتوبر الماضي، بدون أن تخاطب الحكومة طوال تلك المدة أيًا من الأطراف المعنية وعلى رأسها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
تبين الدراسة في رصدها أنه على الرغم من أن مشروع القانون المقترح يبادر بتضمين التعريفات الواردة في نصوص الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر وباتت جزءًا من منظومتها القانونية في النصوص التعريفية، إلا أنه يضيف لتلك النصوص، وإلى المواد المعنية بالاستبعاد أو الحرمان من الحق في اللجوء أسبابًا لا تتفق مع المواثيق الدولية، كما أن نصوصه تفرغ الحماية الممنوحة للاجئ بعد البت في طلبه من أي معنى حقيقي. النصوص نفسها لجأت إلى استخدام مصطلحات فضفاضة لتعريف صلاحيات للجنة المنتظر تشكيلها من مجلس الوزراء، والتي تملك وحدها سلطة النظر في طلبات ملتمسي اللجوء وتسوية أوضاع اللاجئين في مصر والإشراف عليها، وتمنحها صلاحيات واسعة في إسقاط صفة اللاجئ وما يترتب عليها من حقوق وحمايات، أو في "اتخاذ ما تراه من تدابير" في ظروف يفترض أنها استثنائية ولكن تعريفها في نصوص المشروع شديد العمومية، إلى حد يجعلها قابلة لإساءة الاستخدام في أي وقت.
ولا يعني مشروع القانون في نصوصه بالأوضاع الإنسانية الصعبة التي تدفع بملتمسي اللجوء إلى الفرار من بلدان إقامتهم الأساسية واللجوء إلى مصر، ما ترتب عليه جنوح عدد من مواد القانون نحو تجريم اللجوء في الحالات التي يصل فيها ملتمسي اللجوء إلى الأراضي المصرية بطريقة غير منظمة، وهو ما شهدته مصر في العامين الأخيرين مع الحروب المشتعلة على حدودها الشرقية والجنوبية.
يحتوي مشروع القانون أيضًا على العديد من النصوص العقابية التي تمس اللاجئين وملتمسي اللجوء، بل وتجرِّم المواطنين على مساعدة اللاجئين والقيام بأفعال إنسانية مثل إيواء لاجئ دون إخطار السلطات، بدون أي سند قانوني أو دستوري لمثل هذا التجريم.
ترصد الدراسة وملخص السياسات كذلك تغافل مواد المشروع المطروح عن تحديد الآليات والإجراءات التي ستدار من خلالها عمليات الفحص والبت في طلبات اللجوء خلال المرحلة الانتقالية، التي قد تطول بين إنهاء تدخل المفوضية في البت في طلبات اللجوء وتولي اللجنة الدائمة المزمع تشكيلها القيام بتلك المهام، خاصة مع عمومية مواد القانون وتركها عديد من التفاصيل الأساسية المُحدِّدة لعمل اللجنة وحدود اختصاصاتها للائحة التنفيذية التي قد يتأخر صدورها لسنوات.
وتطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومنصة اللاجئين في مصر بتأجيل طرح القانون للتصويت أمام الجلسة العامة لمجلس النواب وأن يقام حوار حقيقي حول القانون مع المنظمات والأطراف المعنية لضمان خروج مشروع قانوني وطني منصف لتنظيم اللجوء، يحترم التزامات مصر الدولية والإنسانية، ويضع حقوق ومصالح اللاجئين وملتمسي اللجوء في مقدمة أولويات القانون، ويضمن وجود مرحلة انتقالية كافية تسمح بانتقال سلس من المنظومة القائمة للمنظومة الجديدة بالتعاون مع مفوضية شؤون اللاجئين.