في ورقة موقف.. المبادرة المصرية: التحول الكامل إلى الدعم النقدي يزيد الفقر ويهدد الأمن الغذائي

بيان صحفي

17 أكتوبر 2024

تصدر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، اليوم، ورقة موقف بعنوان "التحول إلى الدعم النقدي الكامل يزيد الفقر ويهدد الأمن الغذائي"، كمساهمة في النقاش الذي دعت إليه الحكومة حول مقترحها بالتحول من الدعم التمويني العيني إلى الدعم النقدي، وأوكلت مهمة مناقشته مجتمعيًا إلى الحوار الوطني. 

تشرح الورقة كيف تمثل خطوة التحول من الدعم السلعي إلى النقدي تهديدًا حقيقيًِا لملايين المصريين الذين تتدهور مستويات معيشتهم بالفعل تحت ضغط موجات متتالية من ارتفاع الأسعار، بينما يوفر لهم نظام الدعم التمويني القائم حاليًا، حدًا أدنى من السلع الأساسية التي تحميهم من مخاطر التعرض للجوع. فالتحول إلى الدعم النقدي خاصة في ظل التضخم المرتفع سيؤدي إلى تآكل قيمة أي دعم نقدي تقدمه الحكومة، ويعجز عن الوفاء بالحد الأدنى من متطلبات الغذاء، ما يترتب عليه زيادة الفقر واللامساواة وفقدان الأمن الغذائي لدى الطبقات الدنيا، بالإضافة إلى وضع مزيد من الضغوط على الطبقات الوسطى.

 إن فكرة التحول الكامل إلى الدعم النقدي مطروحة بالفعل منذ سنوات، ولكن التفكير في تطبيقها في الظروف الاقتصادية الحالية يضاعف من آثارها السلبية على المستفيدين وعلى الاقتصاد ككل، ولا يحقق للحكومة الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من ورائها. وترى المبادرة أن أي سياسة اقتصادية لا تحتوى على زيادة في مكون الدعم العيني في الوقت الحالي وفي ظل معدلات التضخم غير المسبوقة والمرشحة للمزيد من الارتفاع، لا يمكنها تحقيق الحد الأدنى من الكفاية والحماية الاجتماعية التي تردد الحكومة في تصريحاتها أنها أولوية لسياساتها الاقتصادية. وتستفيض الورقة في شرح أسباب ذلك.

 

وتبيِّن الورقة أن الأهداف التي تسعى إليها الحكومة من خلال هذا التحول لن تتحقق، وهي بحسب التصريحات الرسمية: تخفيف العبء عن ميزانية الدولة، وضمان استدامة الدعم وكفاءته، فضلا عن "وصول الدعم لمستحقيه"، لكن التحول من الدعم السلعي إلى الدعم النقدي يضحى باعتبارات تحقيق الأمن الغذائي ويعرض المواطنين لمزيد من الإفقار، ويزيد في نفس الوقت من الأعباء التضخمية التي سترفع بدورها قيمة الدعم المطلوب تخصيصه، في دائرة مفرغة لن يكون مؤداها سوى زيادة العبء على المواطنين وعلى الموازنة العامة. في حين يتطلب الظرف الاقتصادي الاجتماعي الحالي من الحكومة زيادة الإنفاق على كلا النوعين من الدعم، التمويني والنقدي، مع اتباع السياسات اللازمة لإغلاق الفجوات التي يتسرب منها إلى غير المستحقين. 

وتوضح الورقة أن الدعم سواء كان سلعيًا أو نقديًا هو أحد أدوات الدولة في توفير الحقوق الدستورية الأساسية لمواطنيها، حيث يتطلب توفير هذه الحقوق أن تقوم الدولة بدورها في توجيه الاقتصاد نحو خلق فرص عمل كافية وتوفير أجور عادلة، وكذلك تقديم أنواع من الحماية الاجتماعية لسكانها لا توفرها قوى السوق بطبيعة الحال، خاصة في بلد يقع أكثر من ثلث سكانه (على الأقل) تحت خط الفقر. و

وتبين الورقة مزايا وعيوب كلا من الدعم السلعي والنقدي، موضحة أن الدعم التمويني يتميز بالأساس بقدرته النسبية على الصمود في مواجهة ارتفاع أسعار المستهلكين. فهناك أكثر من 60 مليون فرد يستفيدون حاليًا من هذا النظام، ورغم تواضع قيمة الدعم المقدم لكل أسرة في ضوء موجات ارتفاع أسعار الغذاء فإن توفير السلع الأساسية بأسعار مدعمة عن طريق الحكومة، يوفر حدًا أدنى من الأمن الغذائي، الذي يضمن حصول المواطنين الأقل دخلًا على السعرات الحرارية الضرورية، بما يحافظ على الصحة العامة للسكان كحق أساسي، ويضمن كذلك الحفاظ على قدرتهم الإنتاجية، ويعزز قدراتهم على مواجهة ارتفاع الأسعار. تؤكد المبادرة المصرية على 

وفي مقابل رغبة الحكومة في التخفيف من الأعباء التي تتحملها مالية الدولة عن طريق التحول إلى الدعم النقدي، فإن مجمل تكلفة الدعم التمويني لا تمثل في الحقيقة عبئًا كبيرا على الميزانية العامة، فهي لا تتجاوز 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي لمصر، كما أن نصيبها من كل ما تنفقه الدولة تحت بند الدعم لا يزيد على 21%. في حين يُخَصص ما يقرب من نصف ميزانية الدعم البالغة 636 مليار جنيه في العام الجاري لمساندة الأنشطة الاقتصادية والتصديرية وسداد بعض المديونيات الحكومية.

أما الدعم النقدي الذي تقدمه الدولة حاليا للأسر الأكثر فقرًا ويستفيد منه نحو 21 مليون مواطن، فإن قيمة المبالغ التي يقدمها للمستفيدين ببرامجه تتعرض للتآكل مع ارتفاع مستويات الأسعار وتراجع قيمة العملة، بينما لا توجد قاعدة لزيادتها أو ربطها بمعدل التضخم، كما أنها ظلت دائمًا أقل من خط الفقر الرسمي حتى بعد زيادتها أكثر من مرة خلال العامين الماضيين، بل تقل حاليا عن حد الفقر المدقع (حد الجوع) إذا تم حسابه بأثر التضخم خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يعني أنها غير قادرة حتى على توفير الأمن الغذائي.

تقدم الورقة عدة توصيات تساهم في حماية الملايين في ظل الوضع الاقتصادي الضاغط:

  1. ضرورة استمرار الدعم بصورتيه السلعية والنقدية، خاصة مع تراجع الأوضاع المعيشية لأعداد كبيرة من المصريين في السنوات الأخيرة، مما يتطلب التوسع في صور الدعم وليس تقليصها أو تحويلها لصورة نقدية معرضة للتآكل السريع في ظل التضخم المرتفع والمرشح لموجات قادمة من الارتفاع.

  2. زيادة مخصصات الدعم العيني الغذائية بحيث تتوافق مع خطر الإفقار المتزايد والذي يهدد قطاعات كبيرة من المواطنين، وتساهم في تقليص التفاوت الاجتماعي الخطير - اجتماعيًا وسياسيًا - الذي ينتج عن ذلك. 

  3. تحسين عمليات تحديث البيانات وضم المستحقين الجدد والرقابة لتحسين كفاءة النظام، وتقليص الهدر والتسرب.

  4. التوسع في مخصصات الدعم النقدي وربط قيمته بخط الفقر وبمعدل التضخم، بما يضمن حصول المواطنين على الحد الأدنى من حقوقهم الأساسية.كلا النوعين من الدعم يساهمان في تخفيض أعداد الفقراء و الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والسياسي.

  5. العمل بشكل سريع على تحسين هيكل الضرائب، لأن تحقيق قدر من العدالة الضريبية يساعد على تمويل التوسعات المطلوبة في نظم الدعم لحماية الفئات الهشة، كما يعتبر أحد الطرق لعلاج الأزمات المزمنة في مالية الدولة.

  6. العمل على علاج مشكلة تفاقم الدين العام هو المدخل الرئيسي لتخفيف الضغط على الميزانية، بالإضافة إلى تخفيض معدلات الفائدة الذي يساهم في توفير براح مالي.

اقرأ الورقة كاملةً من هنا