المقرمشات والمشروبات الغازية، تلك عينة من أهم السلع التي سوف تستفيد من القانون الجديد للضريبة على المبيعات في شكل خفض الضريبة، والتي من المفترض أن تنتقل إلى المستهلك في شكل خفض أسعارها.

قد يقول قائل أن الحكومة أمام وضعت عينها وهي تفرض ضريبة جديدة، وهي الضريبة على القيمة المضافة، ألَّا تحمل أطعمة الفقراء أي أعباء جديدة. وقد يرى آخر الأمر على أن الشركات المنتجة الكبيرة قد نجحت في الضغط على الحكومة لتخفيض الضريبة على تلك المنتجات التي يستهلكها الفقراء والشباب، حتى لا ينخفض الاستهلاك إذا ما ارتفعت أسعاره

 

ومع أن الضرائب أنواع، اختارت الحكومة أن تفرض الضريبة الأسهل في جمعها والأصعب في التهرب منها.

ومع أن للضرائب وظائف مختلفة، منها تقليل الفوارق بين الدخول، ومنها توجيه النشاط الاقتصادي نحو قطاع أو قطاعات معينة ترى الدولة أهميتها، منها إعادة توزيع الدخول، اختارت الحكومة تجاهل تلك الأهداف عند فرض ضريبة القيمة المضافة واقتصرت على استهداف خفض عجز الموازنة، أي جمع الأموال من جيوب المصريين مع تحميلهم عبء ارتفاع التضخم وأثر تباطؤ الاستهلاك.

من المتوقع أن توفر الضريبة موارد للحكومة هي في حاجة ماسة إليها، حيث من المتوقع أن تبلغ حصيلتها 30 مليار جنيه. أي حوالي ٥.٨٪ من عجز الموازنة المتوقع1 خلال العام ٢٠١٥-١٦. في حين تخطط الحكومة لخفض 1% فقط في العجز المتوقع.

ويبدو أن مشروع القانون بشكله الحالي قد أزعج جماعة كبار المصنعين والتجار، فالقانون الجديد يستهدفهم على وجه الخصوص، رغم أنهم لن يضطروا إلى تحمل عبء الضريبة. فهم مجرد الحلقة الأولى في دورة إنتاج السلع والخدمات، ينقلونه لمن بعدهم في الدورة وصولًا إلى المستهلك. 

صحيح أن المنتج لن يتحمل الضريبة، بل يتحملها المستهلك في نهاية الأمر، ولكن القانون يُمكِّن الحكومة من رصد عمليات البيع والشراء في الاقتصاد. حيث يُلزم القانون الصناع والمستوردين والتجار بإمساك السجلات وتحرير الفواتير، وإلا تعرضوا لعقوبات. ويخشى المستثمرون أيضًا أن يؤدي ارتفاع أسعار السلع إلى كبح عملية الاستهلاك وتقليل مبيعاتهم.

وقد نجحت جماعات كبار المستثمرين في أن توقف مشروع هذا القانون عامًا بعد عام منذ خمس سنوات، بل ومنذ منتصف التسعينيات من القرن الماضي. حتى كانت للضرورة أحكام، مع اشتراط البنك الدولي إقرار الضريبة أولًا لبدء صرف شرائح قرض المليارات الثلاثة إلى الحكومة المصرية.

تستهدف الورقة تحليل مشروع قانون القيمة المضافة الذي تنوي الحكومة تبنيه خلال العام المالي الحالي، وبخاصة من حيث أثره في العدالة الاجتماعية. وذلك عن طريق شرح عيوب ضريبة القيمة المضافة كأحد أشكال الضرائب غير المباشرة في حد ذاتها، وتحليل مشروع القانون الذي تتم مناقشته في مجلس النواب، ثم التطرق إلى أثر فرض الضريبة في ظل الوضع الحالي للاقتصاد. وأخيرًا، كيف يمكن الحد من الآثار السلبية للضريبة.

1لم تنشر الحكومة بعد أرقام الحساب الختامي لموازنة ٢٠١٥-٢٠١٦.