ثانيًا: لماذا تعتبر أي ضريبة على القيمة المضافة مجافية للعدالة الاجتماعية؟

نص الدستور المصري في المادة 27 على التزام النظام الاقتصادي بمراعاة وجود نظام ضريبي عادل، فالضريبة العادلة لها عدة شروط:

  1. تناسب الضريبة مع الدخل بحيث لا تشكل عبئًا على أصحاب الدخول الدنيا؛

  2. استخدام الحصيلة الضريبية بشكل أساسي لإعادة توزيع الدخل والثروة لضمان الحد الأدنى للحياة الكريمة والحقوق الاقتصادية لجموع المواطنين؛

  3. استخدام مختلف الضرائب كأداة لضبط الممارسات التي تضر بمبادئ العدالة الاجتماعية، وتحفيز الممارسات التي تفيد العدالة الاجتماعية، كفرض ضرائب على الصناعات الملوثة، والمضاربة المعتمدة على الربح قصير الأجل سواء في الأسواق المالية أو السوق العقاري، وإعطاء حوافز ضريبية لمشاريع الطاقة النظيفة أو المشاريع كثيفة العمالة التي تساهم في التشغيل.


وبناء على ما سبق، نجد أن ضريبة القيمة المضافة تضر أصحاب الدخول الأدنى بشكل أساسي لأنهم الفئة التي تستهلك الحصة الأكبر من دخولها الضئيلة لإشباع الاحتياجات الأساسية وتدخر الجزء الأقل إن ادخرت على الإطلاق، في حين أنه كلما زاد الدخل زاد نصيب الادخار وقل نصيب الاستهلاك.

وهكذا، بحساب ضريبة الاستهلاك كنسبة من الدخول تكون ضريبة شديدة التراجعية بحيث أنه كلما قل دخل الفرد زادت نسبة ما يذهب من دخله كضريبة.


وفي ذلك الإطار فإن التوسع في تطبيق ضرائب الاستهلاك على حساب الضرائب التصاعدية، مثل الضريبة على الدخل والربح التجاري والضرائب العقارية يضر بمبادئ العدالة الضريبية.


ونجد أن الحكومة المصرية قد توسعت في الاعتماد على ضريبة المبيعات والتي تضاعفت تقريبًا أهميتها النسبية خلال العشرين عامًا الماضية. (انظر الشكل ٢).


ففي موازنة عام 1995/1996 شكلت إيرادات ضريبة المبيعات التي تم إقرارها عام 1991 بناء على توصية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي آنذاك كجزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي والتكييف الهيكلي نحو 27.1% من إجمالي الإيرادات الضريبية للدولة، وظلت تلك النسبة في اتجاه صعودي حتى وصلت إلى 43.6% في موازنة عام 2015/2016.

وترتفع مجددًا نسبة الضرائب العامة على المبيعات إلى 46.4% من إجمالي الحصيلة الضريبية خلال العام المالي 2016/2017، وفقًا لبيانات وزارة المالية بينما تبلغ القيمة المناظرة في العديد من بلدان العالم الرأسمالية نسبة أقل إلى مجمل الحصيلة الضريبية مقارنة بالضرائب على الدخل حيث تبلغ الضرائب على الاستهلاك في الولايات المتحدة مثلا ١٥٪ فقط من الحصيلة الضريبية الإجمالية1.


1انظر

OECD, Consumption and Tax Trends 2014: VAT/GST and Excise Rates, Trends and Policy issues