في نهاية عام 2009، أعلن مدون مصري أنه بصدد نشر كتاب تحت عنوان «ملحد مسلم». عنوان الكتاب هو نفسه عنوان «نظرية» قال هذا المدون أنه يتبناها: هو ليس مسلمًا، كان مسلمًا ولم يعد كذلك، اتجه للإلحاد، ولكنه أيضًا بعد فترة لم يعد متيقنًا تمامًا من أنه لا وجود للإله، لم يعد ملحدًا تامًا.
هل يمكن إدارة حوار حول مستقبل المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية في مصر، تشارك فيه أوسع دائرة من المهتمين ويتركز النقاش فيه حول أسئلة الديمقراطية وحقوق الإنسان؟ كان ذلك هو أحد هموم "منتدى الدين والحريات" عند انطلاقته في 2012، ضمن الهم الأكبر، وهو خلق مساحة للنقاش المستمر حول القضايا الخاصة بالدين انطلاقًا من منظور ديمقراطي وحقوقي.
في فيلم «مولانا»، الذي يعرض حاليًا من إخراج مجدي أحمد علي، وقبله في الرواية التي كتبها إبراهيم عيسى وتحمل نفس الاسم، يرسم عيسى بشكل واضح وتفصيلي، ربما بسبب خبراته الشخصية، بالإضافة لمصادره وخياله طبعًا، ذلك الثمن الذي يدفعه «البطل» مقابل أن يظل في دائرة الضوء على شاشة رجل الأعمال هذا أو ذاك، تحت رعاية هذا الباشا أو ذلك البيه في الأجهزة السيادية. ثمن أن يكون «بطلًا» في إطار الحسابات المرسومة والمواءمات المطلوبة، هو أن يقول نصف الحقائق ويبتلع نصفها، أن يتقن جيدًا كيفية التلاعب بالمعلومات والأفكار لكي تصب في «المعادلة المطلوبة والمتاحة»، متى يمكنه أن يكون جريئًا ووقحًا ومتى يجب أن يطأطئ رأسه.
ينتهي النقد التلفيقي التنويري إلى انتزع الإسلام من تاريخه، وإعادة اكتشاف جوهر للإسلام– معلق في فراغ الزمن- اسمه «صحيح الإسلام»، يصادف دائما أنه يتوافق مع «المطلوب إثباته» من الأفكار السياسية المعاصرة.
هذه هي المحطة المزمنة التي تصل إليها معظم مشروعات التلفيق الديني المعاصر، سواء التي تعيش على رضا الدولة ورعايتها، كما في التلفيق الأزهري، أو تسعى للاستيلاء على الدولة وإدارتها، كما في التلفيق الإخواني، أو تحيا على الأمل والعشم وطلب الوصال رغم الهجر والإهانة كما يفعل التنويريون التلفيقيون في انتظار أن تضمهم الدولة إلى معادلة علاقاتها التلفيقية فينشئ لهم السيسي «مشيخة التنوير».
يستدعي النظام مشيخة الأزهر والسلفيين لدعم خطواته ومعاركه ضد الإخوان المسلمين والتيارات الموالية لهم وضد الهجمات الجهادية، يتخذ مسافة ما بينه وبين الأزهر ومسافة أوسع بينه وبين السلفيين لكي يحمي نفسه أيضا من التورط الكامل مع تناقضاتهم الفكرية ومماحكاتهم اللفظية الفارغة غير المجدية ويدعوهم بمكر ودلال إلى «تجديد الخطاب الديني» ويرمي الإشارات أنه غير راض عن تأخرهم في إنتاج أفكار جديدة جميلة ونظيفة ومتطورة بسرعة من أجل مصر، ولكن رغم كل شيء وبشكل عملي، هم في النهاية أقرب للنظام ورجاله وأكثر فائدة له من مجموعة من المثقفين والكتاب والإعلاميين أصحاب الآراء المزعجة والمثيرة للجدل.
ربما بدا المشهد مقلوبا بالنسبة للبعض، الكاتب الأوروبي الذي يتحدث العامية المصرية بلكنة واضحة يهاجم ويفند بحرارة خطاب «الإسلاموفويا» في أوروبا بينما تميل معظم تعليقات حضور ندوته من المصريين إلى عدم التهوين من خطورة «الصعود الإسلامي» على اختلاف معانيه، على مستقبل أوروبا والعالم، بل على مستقبل البلاد «الإسلامية» نفسها.
يحاول هذا المقال النظر في إمكان تقديم رؤية حقوقية بخصوص إطلاق أحكام الكفر والتكفير، باعتباره موضوعا أساسيا عند مناقشة خطابات الكراهية الدينية أو عند مناقشة حدود حرية التعبير بالنسبة للهيئات والتجمعات الدينية والخطاب الديني بشكل عام. وسيحاول المقال أن يتأمل هذه الإشكالية على خلفية السياق السياسي الراهن وجذوره البنيوية في الدولة العربية/ الإسلامية المعاصرة، متخذا من الحالة المصرية نموذجا.
قبل أيام من ذكرى يوم عاشوراء اتصلت بعمرو عبد الله، الناشط الشيعي في مركز مصر الفاطمية. سألته على نيته هو ورفاقه التوجه إلى مسجد الحسين الخميس الماضي لإحياء ذكرى مقتل الحسين وعن الضجة المثارة حول الأمر.
هناك أسباب شائعة يظن الناس أنها الأسباب الأقوى للاهتمام بفكرة «حقوق الإنسان» والمطالبة بضماناتها في الأوقات الحرجة. منها العمل في مجال حقوق الإنسان أو المشاعر الإنسانية المرهفة.