لم يكن الرئيس عبدالفتاح السيسي، أول مسئول مصري على رأس الدولة، يتوجه إلى مستشفى عسكري لزيارة مواطنة مصرية، تعرضت لأبشع أنواع الإنتهاكات في قلب ميدان التحرير. سبقه إلى ذلك المشير حسين طنطاوي في ديسمبر 2011، حين توجه الى مستشفى القبة العسكري، لزيارة هند نافع بدوي، إحدى ضحايا أحداث مجلس الوزراء. لم تُلتقط صور للمشير طنطاوي داخل غرفة هند، ليس فحسب لأنه لم يكن يحمل باقة أزهار حمراء، ولكن أيضا لأن هند انتابتها نوبة غضب ورفضت استقباله.
It’s the big fire. On 28 January 2011 we watched the flames consume the NDP building, awaiting the announcement of a curfew as a mark of victory. When the army was deployed that night, it was the sign that Habib al-Adli’s state had been broken against the will of those who took to the streets and stayed there, for a day or a bit longer. That morning we saw everything: death, freedom, and the face of truth.
في 28 يناير 2011 كنا نشاهد النيران تلتهم مبنى الحزب الوطني وننتظر أن يؤذن مؤذن حظر التجول كعلامة انتصارنا. ليلتها مثّل نزول الجيش علامة انكسار دولة حبيب العادلي أمام إرادة من نزلوا الى الشارع ولبثوا نهارا أو أكثر قليلا. في النهار كنا رأينا كل شيء: الموت والحرية ووجه الحقيقة.
الحياة قبل عصر جمعة الغضب غير الحياة بعدها. كانت جمعة الغضب بمثابة "نداهة الثورة"، طوال عامين ونصف "ندهتنا نداهة" أن ارادة الشارع: ارادة الجماهير الغفيرة التي خرجت حاملة الأرواح على الكفوف في سبيل العيش والحرية والكرامة الانسانية هي ارادتنا، وهي التي تحدد سير الأحداث.
حين كنا ننبح أصواتنا في التحرير بهذا الهتاف كنا نصدقه. كنا موقنين أن كل الموجودين هنا وأرواحهم على كفوفهم "ايد واحدة" ضد الفساد والظلم، "ايد واحدة" من أجل اسقاط النظام المباركي بعد أن فاض بنا جميعا الكيل.
في يوتوبيا التحرير اختلفت مشارب الموجودين ومذاهبهم ووحدتهم الأهداف: "عيش. حرية. عدالة اجتماعية".
حررتنا الهتافات من الخوف ومن المواقف المسبقة. لم نعرض عن ملتح ولم يعرض هو عنا –نحن السافرات، بل كان مستعد للموت من أجل حمايتنا. كنا نؤمن أن الحرية التي خرجنا من أجلها تسع الجميع وأن القادم للجميع أفضل.
ربما لا يرن اسم"نوال علي" الأجراس في أذهان كثيرين. سيتذكر أكثر قليلا صورتها تلك. وسيتذكر أكثر بقليل ومضات من ظهورها الإعلامي وهي تحكي حكايتها. ربما لن يتذكر أحد كامل تفاصيل الحكاية.
الحكايات هي تفاصيلها. كم منا سيتذكر تفاصيل حكاية نوال والأربعاء الأسود؟
يوم 11 فبراير 2011 بصوت اختلطت فيه الزغاريد بالدموع لخصت نوارة نجم أحلامنا الثورية في إرساء دولة ما بعد مبارك-بعد دقائق من خلعه/تنحيه/ تكليفه المجلس العسكري بإدارة شئون البلاد: دولة تقوم على شريعة يأمن فيها المواطن على نفسه وحقوقه، دولة على أرضها من يتبع القانون فهو آمن من الخوف والظلم. "نعيش بقى زي الناس" كما قالت نوارة. اليوم لازلنا لا نعيش "زي الناس". بل أننا قد لا نعيش أصلا.