"إصلاح الجهاز الإداري للدولة: الأبعاد الغائبة عن قانون الخدمة المدنية رقم 18 لسنة 2015"، تناول بالنقد القانون المذكور. وأكد التعليق على حاجة جهاز الدولة المصرية إلى الإصلاح، الذي يكاد يكون محلًّا للإجماع السياسي والمجتمعي، بينما بدا أن قانون الخدمة المدنية قد جاء لمجرد تخفيض أعداد موظفي الدولة من خلال الحد من التعيينات الجديدة وتشجيع المعاش المبكر دون أن يصاحب ذلك خلق وظائف تستند إلى احتياجات حقيقية. وأوضح التعليق انخفاض نصيب المواطنين من الأطباء والمدرسين المؤهلين - على سبيل المثال - مقارنة بالعديد من الدول الأخرى.

وتؤكد المبادرة المبادرة ومن خلال تحليلها لقوة العمل في جهاز الدولة على وجود هدر ناتج عن وظائف غير ضرورية. هذا الهدر يرتبط بالطبيعة المركزية لعملية تحديد الاحتياجات من العاملين مما أدى إلى وجود تعيينات قد لا يكون هناك احتياج مجتمعي إليها.

وأشار التعليق إلى إغفال القانون أيضًا أهم بعد لإصلاح الجهاز الإداري للدولة والمتمثل في تشوه هيكل الأجور، الذي لا يسمح بربط أجور موظفي الحكومة بمستوى المعيشة والحد الأدنى الضروري لإشباع الاحتياجات الأساسية لموظفي القطاع الحكومي من خلال الأجر، وبدون الاحتياج إلى وظيفة إضافية أو مقابل غير قانوني للخدمة التي يقدمها. وما يفاقم من خطورة هذه القضية غياب حق التنظيم النقابي لبعض فئات موظفي الحكومة. إن غياب هذا الارتباط وعدم التناسب بين الأجور ونفقات المعيشة - إلى جانب آليات ديموقراطية وتشاركية للمحاسبة - هو الجذر الرئيسي لانخفاض أداء الموظف الحكومي كما تدل على ذلك الخبرات الدولية. لقد أتى القانون مخيبًا للآمال في هذا الجانب. وأهدر فرصة أن تستفيد النساء اللاتي تشكلن أكثر من ربع قوة العمل في القطاع الحكومي من تدابير التمييز الإيجابي الموجودة بالقانون.

وبدلًا من هذه المقاربة الحكومية فقد كانت المبادرة المصرية تأمل في مقاربة بديلة تضع في القلب منها حق دافع الضرائب في خدمة حكومية كفؤ تنطلق من أن إصلاح الجهاز الإداري للدولة يتطلب الدمج والتناغم الكاملين بين مختلف مكونات الحوكمة وهي الجانب المؤسسي، والسياسي، والاجتماعي والمالي في إطار إستراتيجية تنمية متكاملة تضع إشباع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية للمواطن على رأس الأولويات.

وكانت الفترة القصيرة السابقة على عقد المؤتمر الاقتصادي قد شهدت إصدار سلسلة من التشريعات الاقتصادية الهامة التي قد قصد بها إلى أن تؤثر على الاقتصاد المصري بصورة تجعله أكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي والمحلي. وكما ذكرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في بيانات وتقارير سابقة، فقد أتت هذه التشريعات في غيبة حوار مجتمعي واسع بما فيه من غياب للبرلمان وبما لا يتناسب مع أهمية التشريعات الصادرة. كان آخر تلك التشريعات هي قانون الخدمة المدنية الذي يحكم علاقات العمل لأكثر من ٥,٥ مليون موظف مدني بالدولة.

للاطلاع على الملف اضغط هُنا