تعليق على تقرير اللجنة العليا لحقوق الإنسان بشأن الحريات الدينية‎‎

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعليقًا على "التقرير بشأن الجهود الوطنية لتعزيز الحريات الدينية في مصر لعام2021“، والصادر مؤخرا عن اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان، والذي  تضمن استعراضًا  لأنشطة المؤسسات الرسمية والدينية خلال الفترة من يناير 2021 إلى يناير 2022. أكدّت المبادرة في تعليقها المعنون "تحسن انتقائي في مواجهة بنية تشريعية وتنفيذية تدعم التمييز"، أن التقرير الحكومي تضمن عددًا من النقاط الإيجابية التي تسرد أنشطة ومهام بعض الجهات الرسمية والدينية في مصر في ملف مواجهة الفكر المتطرف والتمييزي، لكنه في نفس الوقت لم يتناول الملامح التمييزية الصريحة التي تسم مجمل البناء التشريعي والتنفيذي الحاكم لممارسة  الحريات الدينية. وهذا الإغفال أدى بالتقرير إلى الصمت عن جملة من الانتهاكات للحريات الدينية في مصر خصوصا فيما يتعلق بحرية التعبير في الشأن الديني، وحقوق الأقليات غير المعترف بها، وملاحقة المدافعين عن الحريات الدينية، علاوة على استمرار معاناة قطاع من المسيحيين في المدن والقرى " القديمة" بسبب تعنت الجهات المسؤولة عن منح التراخيص اللازمة لبناء كنائس يمارسون فيها شعائرهم الدينية. 

ويتضمن التعليق الصادر عن المبادرة توثيقًا لهذه الانتهاكات وتحليلًا لجذورها. كما يقترح تعليق المبادرة مجموعة من التوصيات يجب على صانع القرار أخذها في الحسبان إذا صدقت النية لحماية وتعزيز حريات الدين والمعتقد بلا تمييز،  أبرزها:

    • إجراء تعديلات تشريعية أساسية، كإصدار قانون منظم لبناء دور العبادة بديلًا لقانون بناء  الكنائس الحالي، وقرار واحد شامل لكل طلبات تقنين الكنائس المقدمة، وإصدار قانون منشئ لمفوضية المساواة ومكافحة التمييز التي ينص الدستور في المادة (٥٣) على وجودها، وإلغاء المادة 98 (و) من قانون العقوبات أو على الأقل تعديلها لتصبح العقوبة غرامة مع وضع حد أقصى مناسب لها.

    •   التوقف عن ملاحقة المنتمين لأقليات دينية غير معترف بها، مع ضمان حقوقهم في التعبير عن معتقداتهم وممارستها بدون مضايقات، وأن تسهل الدولة الإجراءات اللازمة لضمان ممارسة حقوقهم المدنية  بحرية، كالزواج والمواريث وتعليم الأبناء ودفن الموتى وغيرها. 

    •  فتح حوار مجتمعي واسع حول مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين (الأسرة المسيحية) المزمع إصداره، والتعامل معه باعتباره قانونا وطنيا وليس قانونًا كنسيًا، ومن ثم الاستجابة لملاحظات  الفئات المتأثرة بهذا القانون.

     • فيما يتعلق بمسألة تجديد الخطابات الدينية، التي ركز عليها التقرير، فنقطة البدء في الحقيقة تتمثل في التزام المؤسسات الدينية - المدعوة للتجديد - بخلو خطابها من أي دعوة للتمييز، أو الكراهية أو التحريض على العنف، وألا تتورط هي نفسها في أي ملاحقة قضائية لأصحاب الآراء المخالفة للمعتمد لديها من مذاهب وآراء. 

    •  كما ينبغي التشديد على أن تجديد الخطاب الديني ليس مسؤولية المؤسسات الدينية وحدها، لكنه ممارسة عامة تتطلب اشتراك  جهات عدة من بينها مؤسسات رسمية وأخرى غير رسمية، كوزارتي الشباب والثقافة والمجتمع المدني. وهي ممارسة لا يمكن دعمها بدون ضمان باقي الحريات كحرية الرأي والتعبير والبحث العلمي. 

    •    قيام المؤسسات الحكومية والأمنية المعنية بمكافحة التوترات والعنف الطائفي ومكافحة الإرهاب بنشر تقارير بصفة منتظمة عن أدائها، ومجال عملها، والأنشطة التي قامت بها فيما يخص التوترات والعنف الطائفي وتعزيز الحريات الدينية. 

    •  منح منظمات المجتمع المدني حرية العمل بين الأفراد والمجموعات الدينية لنشر قيم التعددية الدينية ومضمون حرية الدين أو المعتقد، مع التوقف عن ملاحقة النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان.