
الحكم الثاني على القيادي الطلابي معاذ الشرقاوي بالسجن عشر سنوات وبدء محاكمته الثالثة يوليو القادم
بيان صحفي
تدين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الملاحقة القضائية والتنكيل المتواصلين منذ ما يقرب من سبع سنوات، بالقيادي الطلابي معاذ الشرقاوي، والذي كانت أحدث وقائعه أمس الاثنين، 24 يونيو.
إذ أصدرت الدائرة الثانية إرهاب برئاسة المستشار وجدي عبد المنعم و المنعقدة بمجمع محاكم بدر أحكامًا تراوحت بين السجن لمدة عشر سنوات والسجن المؤبد على 19 متهمًا. من بينهم معاذ الشرقاوي موكل المبادرة المصرية.
هذا هو الحكم الثاني ضد معاذ الشرقاوي الذي يقضي بسجنه لمدة عشر سنوات، وتضمن الحكم كذلك إدراجه على قوائم الأشخاص والكيانات الإرهابية، إلى جانب عقوبة تكميلية بالمراقبة الشرطية لمدة خمس سنوات عقب الإفراج عنه في القضية رقم 13330 لسنة 2023 جنايات المرج، والمقيدة برقم 39 لسنة 2023 جنايات أمن الدولة العليا. فيما تبدأ محاكمته في اتهامات مشابهة في قضية أخرى برقم 540 لسنة 2023 حصر أمن الدولة العليا في الخامس من يوليو القادم.
الحكم الصادر بحق معاذ الشرقاوي ليس الأول من نوعه، ويبدو أنه لن يكون الأخير. خلال السنوات السبع الماضية، اتُّهم الشرقاوي بتهم متشابهة مثل الانضمام لجماعة إرهابية (الإخوان المسلمين) وتمويلها، على ذمة ثلاث قضايا مختلفة بدون مواجهته بدليل إدانة حقيقي في أي منها. حيث سبق وصدر أول حكم بسجنه لمدة عشر سنوات على ذمة القضية 440 لسنة 2018 والتي افتقدت الحد الأدنى من معايير المحاكمة العادلة.
ألقي القبض على الشرقاوي لأول مرة في 2018، وحقق معه واستمر حبسه احتياطيًا على ذمة هذه القضية منذ ذلك الحين وحتى أخلي سبيله في 2020، قبل أن تصدر محكمة أمن الدولة طوارئ حكمها غير القابل للطعن عليه في 2021، وظل معاذ مُطلقًا سراحه آنذاك، إذ لم يتم التصديق على الحكم في ذلك الوقت.
في 12 أكتوبر 2022، أجرى ضابط بقطاع الأمن تحرياته بشأن الشرقاوي وآخرين، وأذنت النيابة بالقبض عليهم وتفتيشهم. رغم ذلك لم يتم القبض الشرقاوي إلا بعد سبعة أشهر من ورود تلك تحريات، وتحديدًا يوم 11 مايو 2023؛ حيث توجهت قوة أمنية إلى منزله بمنطقة المقطم وألقت القبض عليه بعد تحذير الجيران من التدخل، ثم اقتادته القوة الأمنية إلى جهة غير معلومة، ليظل مصيره مجهولًا حتى ظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا يوم 3 يونيو 2024.
المفارقة التي تدل على وجود خلل حقيقي في مسارات إنفاذ القانون، وتُشكك في جديتها، أنه بعد القبض على الشرقاوي للمرة الثانية في 2023 واحتجازه لأكثر من عشرين يومًا بمخالفة القانون، لم يتم التحقيق معه على ذمة القضية الصادر بشأنها التحريات والصادر بها حكم الأمس. لكن نيابة أمن الدولة حققت معه في قضية أخرى حملت رقم 540 لسنة 2023، واستمر حبسه على ذمتها من وقتها، إلى أن أوقف الحبس، ويستمر الشرقاوي محتجزًا ولكن على ذمة القضية الصادر بها حكم الأمس.
فوجئ معاذ ودفاعه بصدور أمر إحالته للمحاكمة على ذمة القضية الصادر بها حكم الأمس من دون أن يُحقّق معه فيها، حيث اعتبرته نيابة أمن الدولة هاربًا آنذاك رغم أنه محبوس في عهدة وزارة الداخلية منذ مايو 2023 . ورغم خطورة الاتهامات الموجهة إليه، اكتفت النيابة بنسخ أقواله الواردة بالقضية 540 لسنة 2023.
أوضح محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لهيئة المحكمة قبل صدور الحكم، أن الشرقاوي تعرض لانتهاكات مركبة عقب القبض عليه. فوفقًا لأوراق القضية، ألقي القبض على الشرقاوي يوم 11 مايو 2023، بينما لم يتم عرضه على النيابة إلا بعد 22 يومًا من عزله تمامًا عن العالم الخارجي، وتعرضه للتعذيب، وفصله عن محاميه، إذ يضم ملف القضية إشارة إلى أن الضابط القائم بضبط الشرقاوي طلب إذنًا واحدًا بالتحفظ عليه لمدة 14 يومًا بموجب المادة 40 من قانون مكافحة الإرهاب بينما خلت الأوراق من أي إثبات على صدور هذا الإذن من الأساس، وهو ما يعني بطلان احتجاز الشرقاوي، وبطلان كافة ما تلاه من إجراءات، مما كان من المفترض أن يحسم براءته.
وبخلاف أن "التحفظ" على الشرقاوي تم بمخالفة القانون، إذا حُرم الشرقاوي من الاستعانة بمحام خلال هذه الفترة، علاوة على عدم إيداعه مقر احتجاز قانوني خلالها؛ لم تلتفت هيئة المحكمة إلى دفع محامي المبادرة المصرية بعدم دستورية المادة 40 من الأساس، والتي سمحت باحتجاز الأفراد لمدة تصل إلى 28 يومًا دون تحقيق، وهو ما يمثل مخالفة صارخة لنص المادة 54 من الدستور والتي تؤكد على وجوب التحقيق مع المتهمين خلال خلال 24 ساعة من القبض عليهم. بينما لم تستجب المحكمة لطلب الدفاع بشأن ضم أوراق قرار التحفظ على الشرقاوي بموجب المادة 40 من قانون مكافحة الإرهاب على ذمة القضية 540، لوقف الدعوى تعليقيًا للفصل في أمر عدم دستورية المادة.
خلت الأوراق من أى دليل إدانة سوى تحريات الأمن الوطنى، والتي لا يمكن اعتبارها سوى رأي الضابط الذي أجراها، ولا تصلح - وفقًا لأحكام محكمة النقض المستقرة- أن تكون دليلًا أساسيًا أو حتى قرينة على ثبوت الاتهامات. علاوة على ذلك، خلت هذه التحريات من أي إشارة تثبت ارتكاب الشرقاوي لأي جريمة من الأصل، ولم توضح حتى صلته بأي من المتهمين الآخرين. بينما لم تلتفت النيابة إلى حقيقة قصور تحقيقات النيابة وإخلالها بحق الدفاع لعدم التحقيق مع الشرقاوي في القضية الصادر فيها حكم الأمس.
ما يدعو للدهشة هو تجاهل هيئة المحكمة للدفع الذي أبداه محامي المبادرة المصرية بشأن سابقة الفصل في اتهام الشرقاوي بالانضمام إلى جماعة إرهابية (الإخوان المسلمين). أوضح الدفاع أن الشرقاوي لا يجب تقديمه للمحاكمة في اتهام سبق وأدين به. حيث حكمت محكمة الطوارئ في 2021 بسجن الشرقاوي لعشر سنوات بعد إدانته بهذه التهمة، وهي المحكمة التي كان عضو اليمين بها هو نفسه رئيس الدائرة التي أصدرت حكم الأمس بالعقوبة ذاتها في الاتهام نفسه، وهو الأمر الذي من المفترض أن تأخذه المحكمة في اعتبارها عندما تبدأ في يوليو القادم، الفصل في الاتهام نفسه للمرة الثالثة في القضية 540 لسنة 2023.
تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بتدارك قائمة الأخطاء الإجرائية والمغالطات الموضوعية الواردة بملف القضية الصادر بها حكم الأمس، والتي تحتم صدور حكم ببراءة معاذ الشرقاوي في درجة التقاضي الثانية أمام محكمة الاستئناف. وتتخوف المبادرة من أن كل هذه الإجراءات المخالفة للقانون والدستور التي وقعت على معاذ حدثت فى عهد المستشار حمادة الصاوى رئيس الدائرة عندما كان يشغل منصب النائب العام.
وتؤكد المبادرة المصرية على أن موقف الشرقاوي القانوني الحالي يحتاج وقفة ومراجعة سريعة وعادلة، إذ يحتم الوضع الحالي على هيئة المحكمة المعنية بنظر ثالث قضايا الشرقاوي بإصدار حكمها ببراءته، ولذلك لسابقة الفصل في الاتهامات الموجهة إليه.