بعد آثار التعذيب على الجثمان وشهادات الشهود.. نطالب بالتحقيق في وفاة المواطن محمود ميكا داخل قسم الخليفة
بيان صحفي
نعرب نحن الموقعون أدناه عن بالغ الآسف والقلق إزاء تنامي حالات الوفاة بين المحتجزين داخل السجون المصرية، وسط قرائن متواترة أن الكثير منها يحدث نتيجة للتعذيب وإساءة المعاملة في أماكن الاحتجاز. كما نستنكر استمرار تبني الحكومة المصرية لسياسات ترسخ الإفلات من العقاب، تنعدم فيها آليات التحقيق والرقابة والمحاسبة الجادة في وقائع وفيات السجون،وأحدثها واقعة وفاة الشاب "محمود ميكا" أثناء احتجازه في قسم الخليفة.
وفي 10 أبريل 2025، توفي المواطن محمود محمد أسعد، المعروف بـ"محمود ميكا"، أثناء احتجازه داخل قسم شرطة الخليفة بالقاهرة. وبحسب إفادات موثقة من ذويه،ممن شهدوا إجراءات غسل الجثمان، فقد كان على جسده آثار واضحة للتعذيب، وجروح غائرة، وعلاماتلضرب مبرح على الظهر أقرب لعلامات "الجلد بأداة تشبه الخرطوم".هذا بالإضافة إلى آثار قيد خانق ومحكم حول الرقبة، وحول اليدين والقدمين، وكدمات وجروح في أنحاء متفرقة من الجسم.
ألقى ثلاثة ضباط القبض على ميكاـ، فجر يوم 6 مارس 2025، بينما كان يشتري مع والدته مستلزمات السحور من محيط حي الخليفة. وقد وجهت له النيابة تهمة حيازة المخدرات، رغم عدم إطلاع محاميته على أي من هذه الأحراز داخل القسم. وكان ميكا قد سبق القبض عليه في ديسمبر 2024 إثر مشادة مع ضابط وأمين شرطة، وهما نفس الشخصين الذين ألقوا القبض عليه لاحقًا، في مارس الماضي.
وبحسب شهادات المحتجزين معه في الزنزانة، تعرض ميكا تعذيب واعتداء أمام بقية المحتجزين، بعد مشادة لفظية مع أحد الضباط، وتوفي أمام أعينهم داخل الحجز، ثم تم نقلهلزنزانة انفرادي في محاولة لإخفاء الجريمة. كما أقر الشهود بتعرضهم وذويهم للتهديد بغية التراجع عن أقوالهم أمام النيابة.
ورغم كل هذه الملابسات، لم تحصل أسرة "ميكا" على نسخة من تقرير الطب الشرعي حول الوفاة حتى الآن، وسط حالة من التعتيم والمماطلة. بينما أصدرت وزارة الداخلية بيانًا مقتضبًا ينفي تعرض "ميكا" للتعذيب، ويزعم أن الوفاة وقعت إثر مشاجرة مع محتجز آخر. وهي رواية تتناقض تمامًا مع شهادات المحتجزين أنفسهم، والمسجلة في تحقيقات النيابة.
إن الانتهاكات المرتبطة بهذه القضية لا يمكن فصلها عن نمط ممنهج من إساءة المعاملة داخل مقار الاحتجاز، ولا يمكن اعتبارها واقعة فردية. إذ تم توثيق أكثر من واقعة مشابهة في القسم نفسه -قسم الخليفة- في أعوام 2009 و2014 و2024.
إن غياب الشفافية، وتهديد الشهود، وحجب تقرير الطب الشرعي، ومحاولات طمس الأدلة، كلها مؤشرات خطيرة تقوض الثقة في منظومة العدالة، وتدفع إلى المطالبة بتحقيق فوري وشامل، يضمن كشف الحقيقة ومحاسبة المتورطين.
كانت لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة قد أكدت في ملاحظاتها الختامية لعام 2023، أن التعذيب في مصر يُمارس بشكل "منهجي واسع النطاق"، وهو ما يستدعي استجابة جادة من السلطات المصرية لهذه التوصيات.
أننا ندعو الحكومة المصرية إلى توجيه دعوة رسمية للمقرر الأممي الخاص المعني بالتعذيب لزيارة البلاد، والوقوف على أوضاع أماكن الاحتجاز، ومقابلة الضحايا وعائلاتهم، كخطوة أولى نحو الشفافية والمحاسبة. كما نؤكد، نحن الموقعون أدناه، على ضرورة فتح تحقيق عاجل ومستقل في وفاة محمود ميكا، وتسليم نسخة كاملة من تقرير الطب الشرعي لأسرته ومحاميه، وضمان حماية الشهود من أي تهديد أو تنكيل محتمل. ونشدد على أهمية محاسبة جميع المتورطين في هذه الواقعة، والإعلان عن نتائج التحقيقات.
كما نؤكد على ضرورة تفعيل آلية رقابة مستقلة وشفافة على أماكن الاحتجاز في مصر، لحماية حياة المحتجزين وضمان عدم تكرار هذه الجرائم. كما نطالب بشكل عاجل بإصدار قانون شامل لمناهضة التعذيب، يتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت عليها مصر، ويجرم التعذيب بشكل صريح باعتباره جريمة لا تسقط بالتقادم. هذا بالإضافة إلى ضرورة السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمات المجتمع المدني المستقلة بتفقد أماكن الاحتجاز، والسماح بزيارات ميدانية دورية. وإلزام النيابة العامة بممارسة دورها في الرقابة المستقلة والفعالة على أماكن الاحتجاز من خلال زيارات مفاجئة ومنتظمة، ونشرنتائجها بشفافية لضمان المحاسبة في حال التقاعس أو التواطؤ.
الموقعون:
المفوضية المصرية للحقوق والحريات
مركز النديم
الجبهة المصرية لحقوق الإنسان
المنبر المصري لحقوق الإنسان
مؤسسة دعم القانون والديمقراطية
منصة اللاجئين في مصر
لجنة العدالة
مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان
المبادرة المصرية للحقوق الشخصية
مؤسسة حرية الفكر والتعبير
ايجيبت وايد لحقوق الإنسان
مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان
الشبكة المصرية لحقوق الإنسان
هيومن رايتس مونيتور
مركز الشهاب لحقوق الانسان – لندن
هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية
ريدوورد لحقوق الإنسان وحرية التعبير