نص مذكرة مقرري الأمم المتحدة إلى الحكومة المصرية بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية

بيان صحفي

11 يناير 2025

تنشر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ترجمتها غير الرسمية إلى العربية للمذكرة المشتركة التي وجهها سبعة من المقررين الخواص لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى الحكومة المصرية بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، وذلك على ضوء مواصلة مجلس النواب مناقشة مواد المشروع المعيب، بالرغم من الانتقادات الحادة لنصوصه من النقابات المهنية والمنظمات الحقوقية والخبراء القانونيين المصريين والدوليين، والذين أجمعوا على رفض وتفنيد الكثير من مواد المشروع وما ستؤدي له من عصف بحقوق كافة المواطنين المتعاملين مع منظومة العدالة الجنائية، سواء كانوا متهمين أو ضحايا أو شهودًا أو مدافعين. 

للاطلاع على النسخة الأصلية من هذه الرسالة بالإنجليزية اضغط هنا


وفيما يلي نص المذكرة:

 

ولايات الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والفريق العامل المعني بحالات الإخفاء القسري أو غير الطوعي، والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقررة الخاصة المعنية بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب

المرجع: OL EGY 5/2024

..

8 نوفمبر 2024 

….

يشرفنا أن نخاطبكم بصفاتنا نحن الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، والفريق العامل المعني بحالات الإخفاء القسري أو غير الطوعي، والمقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقررة الخاصة المعنية بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، والمقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والمقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، عملا بقرارات مجلس حقوق الإنسان 51/8 و 54/14 و 52/9 و 50/17 و 52/4 و 53/12 و 49/10.

وفي هذا الصدد، نود أن نسترعي انتباه حكومة سعادتكم إلى المعلومات التي تلقيناها بشأن "مشروع القانون الخاص بإصدار قانون الإجراءات الجنائية "، والذي من شأنه إلغاء قانون الإجراءات الجنائية الحالي الصادر بالقانون رقم 150 لسنة 1950 وأي حكم يتعارض مع مشروع القانون.

في هذه الرسالة، لا نهدف إلى تقديم تحليل شامل لمقترحات التعديل بأكملها.

في البداية، نود التذكير بأن مصر صادقت في 14 يناير 1982 على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يتضمن المعايير الدولية للحق في محاكمة عادلة واستقلال القضاء. ونود أن نقدم التعليقات التالية على مختلف أحكام مشروع القانون، التي قد تتعارض مع التزامات حكومة سعادتكم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، ولا سيما المواد 9 (الحق في الحرية والأمن وحظر الاحتجاز التعسفي)، والمادة 12 (الحق في حرية التنقل)، والمادة 14 (الحق في محاكمة عادلة)، والمادة 17 (الحق في الخصوصية)، والمادة 19 (الحق في حرية التعبير والرأي)، والمادة 21 (حرية التجمع السلمي)، والمادة 22 (حرية تكوين الجمعيات) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وبينما نرحب بالجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لتعديل قانون الإجراءات الجنائية الحالي كجزء من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان في مصر، لا تزال هناك مخاوف بشأن الصلاحيات الموسعة  التي ستمنحها التعديلات الجديدة للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون والمدعين العامين أو أعضاء النيابة العامة دون رقابة  قضائية، والصياغة الغامضة والفضفاضة لبعض الأحكام والمواد الواردة في مشروع القانون، والتهديد الذي تمثله مواد مشروع القانون لضمانات المحاكمة العادلة طبقًا للكثير من الإفادات. كما نشعر بالقلق لأن بعض التعديلات تبدو وكأنها تنتهك أحكام الدستور المصري وبالتالي تقوض الحقوق والحريات المحمية دستوريًا.


الحبس الاحتياطي

 

نلاحظ أن المادتين 123 و124 من مشروع القانون تخففان الحد الأقصى للحبس الاحتياطي للجنح من 6 أشهر إلى 4 أشهر، وللجنايات من 18 شهرًا إلى 12 شهرًا، وللجنايات التي يُحتمل أن يعاقب عليها بالسجن المؤبد أو بالإعدام من 24 شهرًا إلى 18 شهرًا، وفي قضايا استئناف الأحكام الصادرة بالسجن المؤبد أو بالإعدام لمدة أقصاها 24 شهرًا.

وبينما نرحب بتخفيض الحد الأقصى للحبس الاحتياطي، فإننا نلاحظ مع ذلك أن الحدود القصوى الجديدة لا تزال تسمح بالحبس الاحتياطي المطول. ونُذكِّر بأنه بموجب المادة 9 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ينبغي أن يكون الاحتجاز السابق للمحاكمة هو الاستثناء وليس القاعدة، وينبغي أن يكون لأقصر فترة ممكنة. وكما ذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في التعليق العام رقم 35 (2014)، يجب أن يستند الاحتجاز رهن المحاكمة إلى قرار بشأن كل شخص على حدة يؤكد منطقية الاحتجاز وضرورته من أجل منع فرار المتهم أو التلاعب بالأدلة أو تكرار الجريمة. كما أكدت اللجنة على أنه "يجب ألا يكون الاحتجاز السابق للمحاكمة إلزاميًا بحق جميع المتهمين الذين يواجهون تهمًا محددة دون مراعاة للظروف الفردية، كما لا ينبغي تحديد فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة على أساس العقوبة المحتملة على الجريمة المنسوبة إلى المتهم، بل يجب تحديد المدة بناء على الضرورة"، (الفقرة 38).

ونؤكد أيضا أنه وفقا للجنة المعنية بحقوق الإنسان، فإن الحبس الاحتياطي المطول من دون مراجعة قضائية يقوض [مبدأ] افتراض البراءة. إن افتراض البراءة، وهو أمر أساسي لحماية حقوق الإنسان، يفرض على الادعاء عبء إثبات التهمة، ويضمن عدم افتراض أي إدانة حتى تثبت التهمة بما لا يدع مجالًا للشك، ويكفل أن يفسر الشك لصالح المتهم، ويقتضي معاملة الأشخاص المتهمين بجرائم جنائية وفقًا لهذا المبدأ. وعلاوة على ذلك، لا ينبغي أبدًا اعتبار مدة الحبس الاحتياطي مؤشرًا على الإدانة ودرجتها (اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 32، الفقرة 30).

كما نلاحظ أن مسودة التعديلات لا تعالج الممارسة الموثقة المتمثلة فيما يُعرف بـ "التدوير" في مصر، والتي تقوم النيابة فيها بإضافة متهمين محبوسين على ذمة قضايا حالية إلى قضايا أخرى جديدة بتهم شبه متطابقة من أجل تصفير عداد مدة الحبس الاحتياطي، وإبقاء هؤلاء الأفراد رهن الاحتجاز لأجل غير مسمى بدون محاكمة (انظر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، الرأي رقم 34/2022 ورقم 53/2022 ورقم 60/2022 ورقم 20/2023 ورقم 70/2023 ورقم 20/2024). ونلاحظ مع الأسف أن التعديلات المقترحة لا تضع ضمانات قوية ضد هذه الممارسات، ونشعر بالقلق من أن التوسع الكبير في سلطات النيابة العامة يهدد بتفاقم هذه الممارسة. وفي هذا الصدد، نؤكد على أن الأفراد الذين يتعرضون للحبس الاحتياطي المطول يواجهون خطرًا متزايدًا يتمثل في التعرض للتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية وكذلك الإخفاء القسري.


توسيع صلاحيات النيابة

 

على غرار القانون الحالي، تسمح المادة 116 من مشروع القانون المقترح لوكلاء النيابة العامة بتولي صلاحيات رؤساء وقضاة محاكم الاستئناف في تجديد الحبس الاحتياطي لمدة تصل إلى 150 يومًا دون مراجعة أو رقابة قضائية في بعض الجرائم، بما في ذلك الجرائم المتصلة بالأمن القومي والإرهاب وتلك المتعلقة بتأسيس جماعات على خلاف أحكام القانون أو الانضمام إليها، وكذلك المتعلقة بنشر "أخبار كاذبة" وازدراء الأديان. إن الطبيعة الفضفاضة لهذه الاتهامات تفتح الباب لاستخدامها بطريقة يمكن أن تؤثر بشكل غير متناسب على المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين والأقليات الدينية.

بالإضافة إلى ذلك، في القضايا التي تنطوي على جرائم يُعاقب عليها بالسجن لمدة لا تقل عن سنة، يمنح مشروع القانون النيابة سلطة الأمر بالحبس الاحتياطي للمشتبه بهم لمدة أربعة أيام بعد استجوابهم، وذلك قبل إحالتهم إلى سلطة قضائية للبت في تجديد حبسهم احتياطيًا. وبالتالي فإن السلطات ليست ملزمة بإثبات أن الحبس الاحتياطي يجب أن يكون ضروريًا ومتناسبًا لتحقيق الأهداف المشروعة، مثل حماية المصلحة العامة. وهذه السلطات المفرطة الممنوحة للنيابة فيما يخص الحبس الاحتياطي، تنتهك حق أي شخص يُقبض عليه أو يُحتجز بتهمة جنائية في المثول على وجه السرعة أمام قاضٍ أو موظف آخر مخول قانونًا بممارسة السلطة القضائية، وهو حق مكفول بموجب المادة 9 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

كما نلاحظ مع الأسف أن مشروع القانون فشل مرة أخرى في تقديم ضمانات ضد إساءة استخدام الحبس الاحتياطي لمعاقبة المنتقدين والمعارضين، على الرغم من الوعود المتكررة من قبل السلطات المصرية بمعالجة هذه القضية.

علاوة على ذلك، من شأن مشروع القانون أن يوسع صلاحيات النيابة العامة بشكل كبير، ويسمح لها بفرض غرامات على الأفراد الذين لا يمتثلون للأوامر القضائية، وهي سلطة ممنوحة حاليًا للمحاكم الجزئية بموجب المادة 33 من القانون الحالي. كما تمنح المادة 147 من مشروع القانون النيابة العامة سلطة إصدار قرارات المنع من السفر إذا كانت هناك أدلة كافية على تورط المتهم في جناية أو جنحة يعاقب عليها بالسجن. ولكن مشروع القانون لا يصنف المنع من السفر على أنه إجراء احترازي بما يعني بالضرورة أنه إجراء خاضع لقيود زمنية. وبناء على ذلك، يجوز للنائب العام أن يصدر حظرًا على السفر لمدة سنة، مع إمكانية تجديده إلى أجل غير مسمى "لمدد مماثلة"، في تناقض مباشر مع المادة 62 من الدستور المصري التي تنص على عدم منع أي شخص من مغادرة البلاد إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة، وفي الحالات التي يحددها القانون. وفي حين تسمح المادة 148 من القانون للأفراد بالطعن على قرارات المنع من السفر أمام المحكمة، إلا أن مشروع القانون لا يضمن إبلاغ الأفراد المتضررين بالمنع من السفر في المقام الأول، ما يقوض الحق في محاكمة عادلة بموجب المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والحق في توفير سبيل فعال للتظلم بموجب المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

وبالمثل، تسمح المادة 143 من مشروع القانون لوكلاء النيابة العامة بالأمر بتجميد الأصول عندما تكون هناك أدلة كافية تدعم خطورة الاتهام. هذه الأوامر ليست محددة بسقف زمني ولا يجوز إنهاؤها إلا إذا رفضت المحكمة الدعوى القضائية أو برأت المتهم، أو إذا تم دفع الغرامات و/أو التعويضات المطلوبة.

إننا نرى أن قيام النيابة العامة بإصدار قرارات بالمنع من السفر وتجميد الأصول يهدف إلى إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان والأصوات الناقدة (AL EGY 2/2022، AL EGY 15/2020، AL EGY 1/2017، AL EGY 15/2016). ونذكّر حكومة سعادتكم بأن استهداف الأفراد بعقوبات من قبيل تجميد الأصول وفرض المنع من السفر وغيرها من القيود قد يكون ل هأيضًا عواقب وخيمة على الأفراد المتضررين وأسرهم في التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وأن أي تقييد قد يحد من حرية التنقل ينبغي أن يكون ضروريًا ومتناسبًا للغاية، ومؤسسًا على الوقائع، وعندما تستمر هذه القيود بشكل تراكمي يجب أن تخضع لمراجعة صارمة ومستمرة. ويجب أن تمتثل هذه التدابير للعدالة الإجرائية، بما في ذلك الإخطار والحق في الطعن الفعال في الادعاءات أمام محكمة مستقلة ومحايدة، وتوفير سبل فعالة للتظلم ضد انتهاكات الحقوق. ونلاحظ مع الأسف أن التعديلات المقترحة في مشروع القانون لا تعالج هذه الأمور، بل على العكس من ذلك فإنها تخاطر بتيسير الاستخدام التعسفي لهذه التدابير.

كما أن المادة 116 من مشروع القانون تعطي أعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل سلطة إصدار أمر مسبب لمدة لا تزيد على ثلاثين يومً، بضبط الخطابات والرسائل والبرقيات والجرائد والمطبوعات والطرود، ومراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي ومحتوياتها المختلفة غير المتاحة للكافة، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية أو المسموعة أو المصورة على الهواتف والأجهزة وأي وسيلة تقنية أخرى، وضبط الوسائط الحاوية لها، أو إجراء تسجيلات لأحاديث جرت في مكان خاص متى كان لذلك فائدة في ظهور الحقيقة.

تفتقر الصلاحيات الواسعة الممنوحة لضبط الرسائل الخاصة والصحف والمطبوعات وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي إلى الضمانات الإجرائية الكافية والرقابة القضائية القوية. ويشكل هذا تهديدًا خطيرًا للحق في الخصوصية بموجب المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ويخاطر باستخدام تلك الصلاحيات للحد من حرية التعبير المشروعة، بما في ذلك الآراء الانتقادية، لا سيما عندما ينظر إليه بالتزامن مع مجموعة واسعة من الجرائم الموصوفة بشكل غامض، والمرتبطة بحرية التعبير في قانون العقوبات المصري (تم تسليط الضوء عليها سابقا من قبل المقررين الخواص في AL EGY 3/2024 وAL EGY 2/2024 وOL EGY 4/2020 وOL EGY 13/2018) والتي يمكن تطبيق هذه المادة بشأنها.

وعليه، فإن التعديلات ستكون مخالفة للمعايير الدولية التي تقتضي الفصل بين مهام الادعاء والوظائف القضائية والرقابة القضائية السريعة والفعالة.

وفي هذا الصدد، نود أن نُذكّر بالمادة 9 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على أن يُقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جنائية  على وجه السرعة إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونًا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يخلى سبيله. وأوضحت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن احتجاز شخص ما على ذمة تحقيق أو اتهام جنائيين يجب أن يخضع لرقابة قضائية، وأن مدة 48 ساعة منذ الاحتجاز تكفي عادة لتقديم المحتجز "على وجه السرعة" للمثول أمام قاضٍ، ويجب أن يقتصر أي تأخير يتجاوز 48 ساعة على الحالات الاستثنائية القصوى وأن تكون له مبرراته وفقًا للظرف القائم (اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 35).

وأضافت اللجنة بأن "الممارسة السليمة للسلطة القضائية تقتضي حتمًا أن تمارس تلك السلطة على يد جهة مختصة مستقلة وموضوعية وغير متحيزة فيما يتعلق بالقضايا التي تعالجها". كما أشار الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي واللجنة المعنية بحقوق الإنسان إلى أنه لا يمكن اعتبار جهة الادعاء سلطة قضائية وفق المادة 9 (3) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 35، الفقرة 32، والآراء رقم 31/2023، الفقرة 96 ورقم 8/2024، الفقرة 43). وبالمثل، ينبغي التذكير بالمادة 10 (1) من الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري، والفقرة 28 من التعليق العام على المادة 10 من الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري، واللتين تنصان على ضمان تقديم أي شخص محروم من الحرية للمثول أمام سلطة قضائية، إذ لا يكفي أن يكون مكان الاحتجاز معترفًا به رسميًا. وعلاوة على ذلك، فإن (البيان المشترك بشأن ما يسمى بحالات الإخفاء القسري قصيرة الأجل) يؤكد على التزامات الدول بغض النظر عن طول أو قصر مدة الإخفاء القسري.

إن النص على التعويض المادي عن الحبس الاحتياطي غير القانوني في مشروع القانون هو أمر جدير بالثناء. ومع ذلك، فإن معايير استحقاق التعويض المشددة المنصوص عليها في المادة 523 من مشروع القانون تخلق عقبات كبيرة أمام الأفراد الذين يطلبون تعويضًا عن الحبس الاحتياطي المطول التعسفي، لا سيما بالنسبة لضحايا "التدوير" الذين لا يستوفون هذه المعايير. ونؤكد أنه بموجب المادة 9 (5) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يجب أن يكفل لكل شخص وقع ضحية توقيف أو احتجاز غير قانوني الحق في الحصول على تعويض.


الإجراءات القضائية عن بعد

 

تسمح المواد من 525 إلى 532 من مشروع القانون بعقد جلسات المحاكمة وما قبل المحاكمة عن بعد، عبر الفيديو، وفقًا لتقدير النيابة والقضاة، وبالتالي تنظيم وتوسيع هذا الإجراء الذي بدأ تطبيقه في جلسات تجديد الحبس في مصر منذ عام 2020. وفي حين يُسمح للمتهمين بالطعن على قرار إجراء محاكمتهم عن بعد، فإنهم لن يسمح لهم بالقيام بذلك إلا أمام نفس المحكمة التي قررت إجراء المحاكمة عن بعد. وتسمح التعديلات المقترحة للقضاة بعقد جلسات المحاكمة عن بعد، وليس فقط جلسات النظر في تجديد الحبس، بل جميع إجراءات المحاكمة، بما في ذلك تلك المتعلقة بالقُصّر. بالإضافة إلى ذلك، يسمح مشروع القانون للنيابة بعقد جلسات التحقيقات وجلسات الاستجواب عن بعد. وتسمح المادة 529 من مشروع القانون بالتوقيع على أقوال ومحاضر الجلسات من قبل النيابة والقضاة وسكرتارية الجلسة فقط، مع إلغاء الشرط الحالي للتوقيع من المدعى عليهم أو الشهود أو الخبراء أو المترجمين.

وتثير التعديلات المقترحة مخاوف جدية فيما يخص المواد 7 (الحماية من التعذيب وسوء المعاملة)، و9 (الحرية والأمان الشخصي)، و14 (الحق في محاكمة عادلة والإجراءات القانونية الواجبة)، و17 (الحق في الخصوصية) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ونُذكّر حكومة سعادتكم بأنه، وفقًا للتعليق العام رقم 35، "يجب تقديم الأفراد للمثول شخصيًا أمام القاضي أو أي موظف آخر مخول قانونًا بممارسة السلطة القضائية"، وأن "حضور المحتجزين الشخصي لجلسات المحاكمة يتيح الفرصة للتحقيق في المعاملة التي تلقوها أثناء الاحتجاز"، تماشيًا مع المبدأ 37 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن. 

إننا نشعر بالقلق من أن جلسات المحاكمة عن بعد قد تواجه مشكلات فنية، مثل ضعف الاتصال، والتي يمكن أن تعيق قدرة الممثلين القانونيين على الاستماع إلى المدعى عليهم والتواصل معهم والدفاع عنهم بشكل فعّال. وتشير إفادات عدة إلى حالات انعقدت فيها جلسات عن بعد ولم يسمح خلالها القضاة للمحتجزين بالتحدث بحرية، معللين ذلك بضيق الوقت ووجود عدد كبير من القضايا التي يجب النظر فيها. ونُذكّر بأن جلسات المحاكمة عن بعد لا ينبغي أن تعقد إلا بموافقة صريحة وحرة من المتهمين في القضايا الجنائية، ويجب أن تخضع لشروط وضمانات متعددة لكفالة ضمانات المحاكمة العادلة المنصوص عليها في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تشمل ضمان الوصول الفعال إلى محام قبل المحاكمة وأثناءها وبعدها (A/79/296، الفقرة 44). ونؤكد مجددا أن جلسات المحاكمة عن بعد غير الرضائية تشكل مخاطر كبيرة على ضمانات المحاكمة العادلة لأنها يمكن أن تعوق قدرة المحامين على التواصل بخصوصية مع موكليهم وتقديم المشورة وتمثيل موكليهم بفعالية بسبب زيادة خطر المراقبة الرقمية، وتجعل من الصعب على السلطات القضائية استجواب المحتجزين بشكل مناسب وكفء، ما يقوض من الضمانات القضائية ضد التعذيب وغيره من أشكال المعاملة السيئة.


الحق في الدفاع والمحاكمة العادلة 

 

من شأن التعديلات المقترحة أن تقوض الضمانات الأساسية للحق في محاكمة عادلة، فعلى وجه الخصوص تسمح المادة 69 من مشروع القانون للنيابة العامة بإجراء تحقيقات في غياب محامي المتهم كلما رأت النيابة "ذلك ضروريا لكشف الحقيقة"، ما يسمح بإمكانية استجواب المحتجزين دون تمثيل قانوني. ونشير إلى أن المادة 14 (3) (د) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تكرس حق المتهم في الحصول على الوقت والتسهيلات الكافية لإعداد الدفاع والتواصل مع محامٍ من اختياره. ووفقا للمبدأ 9 والتوجيه 8 من (المبادئ الأساسية والتوجيهات المتعلقة بسبل الانتصاف والإجراءات المتعلقة بحق كل شخص يُسلب حريته في اللجوء للمحاكم)، يحق للأشخاص المحرومين من حريتهم الحصول على مساعدة قانونية من محامٍ يختارونه، في أي وقت أثناء احتجازهم، بما في ذلك بعد لحظة القبض عليهم مباشرة، ويجب توفير ذلك على الفور.

علاوة على ذلك، لا ينص مشروع القانون على أي ضمانات لحصول الأفراد المشتبه في ارتكابهم جريمة جنائية على ممثل قانوني عند استجوابهم من قبل الشرطة واحتجازهم بعد القبض عليهم. كما لا ينص مشروع القانون على أي ضمانات للحق في استشارة المحامين على انفراد قبل أو أثناء استجواب المتهمين من قبل النيابة. وفي هذا الصدد، نؤكد على أن الحصول الفوري والمنتظم على تمثيل قانوني أثناء الاحتجاز هو أمر ضروري لتفعيل للحقوق المكفولة بموجب المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (التعليق العام رقم 35، الفقرة 58). 

كما نشعر بالقلق إزاء السلطات الواسعة الممنوحة للنيابة لحرمان المحامين من الحق في الاطلاع على ملفات القضايا أو الحصول على نسخة منها، إذا اعتبرت النيابة أن ذلك يصب في مصلحة التحقيق. ووفقًا للمادة 73 من مشروع القانون، يجوز للمتهم وللمجني عليه وللمدعي بالحقوق المدنية ولوكلائهم أن يحصلوا - على نفقتهم الخاصة أثناء التحقيق - على نسخ من ملفات الدعوى "ما لم تقتضِ مصلحة التحقيق خلاف ذلك". كما تنص المادة 105 [من المشروع] على أنه يجب أن يُمكَّن محامي المتهم من الاطلاع على التحقيق قبل الاستجواب بيوم واحد على الأقل "ما لم يقرر عضو النيابة العامة خلاف ذلك". وتنص المادة 72 من مشروع القانون على أنه "لا يجوز لوكيل الخصم الكلام إلا إذا أذن له عضو النيابة العامة"، مما يسمح بفرض قيود صارمة وتعسفية على حق المحامين في الكلام والاعتراض والدفاع عن موكليهم أثناء جلسات الاستجواب أمام النيابة، ويؤدي أيضًا إلى عدم التكافؤ أو عدم المساواة بين الأطراف في وسائل الدفاع، وبما يتعارض مع الحق في المحاكمة العادلة بموجب المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

ونود مرة أخرى أن نسترعي انتباه حكومة سعادتكم إلى الحق في محاكمة عادلة، والمنصوص عليه في المادة 14 (1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي يضمن حق جميع الأشخاص في أن يكونوا متساوين أمام المحاكم والهيئات القضائية. ويتضمن الحق في المساواة أمام المحاكم والهيئات القضائية أيضا مبدأ المساواة في وسائل الدفاع. ويعني هذا أنه يجب توفير نفس الحقوق الإجرائية لجميع الأطراف ما لم تستند الفروق إلى القانون ويمكن تبريرها على أسس موضوعية ومعقولة لا تنطوي على ضرر فعلي أو أي شكل من أشكال الظلم للمدعى عليه. وتنتفي المساواة في وسائل الدفاع إذا سُمح للنيابة فقط، وليس المدعى عليه، باستئناف قرار معين. وينطبق مبدأ المساواة بين الطرفين أيضا على الدعاوى المدنية، ويتطلب – من بين جملة أمور – إتاحة الفرصة لكل طرف للطعن في جميع الحجج والأدلة التي قدمها الطرف الآخر (اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام 32، الفقرة 13).

وعلاوة على ذلك، تكفل المادة 14 (3) (ب) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حق المتهم في الحصول على ما يكفيه من الوقت والتسهيلات لإعداد دفاعه وللاتصال بمحامٍ يختاره بنفسه، وهو أمر أساسي لتحقيق مبدأ المساواة في سُبل الدفاع. ووفقا للمبدأ 9 والتوجيه 8 من (المبادئ الأساسية والتوجيهات المتعلقة بسبل الانتصاف والإجراءات المتعلقة بحق كل شخص يُسلب حريته في اللجوء للمحاكم)، يحق للأشخاص المحرومين من حريتهم الحصول على مساعدة قانونية من محام يختارونه، في أي وقت أثناء احتجازهم، بما في ذلك بعد لحظة القبض عليهم مباشرة، ويجب توفير ذلك على الفور. وبموجب المبدأين الأساسيين بشأن دور المحامين والمبدأين 17 و18 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن، يجب على السلطة المختصة إبلاغ الأشخاص على الفور بحقهم في الحصول على مساعدة محامٍ من اختيارهم عند اتهامهم بارتكاب جريمة.

تنص المعايير الدولية أيضا على أن يُمكَّن المحامون من أداء مهامهم دون ترهيب أو إعاقة أو مضايقة أو تدخل غير لائق من قبل السلطات. ونذكّر في هذا السياق بالتعليق العام رقم 32 للجنة المعنية بحقوق الإنسان الذي ينص على أن "التسهيلات الملائمة" يجب أن تشمل الاطلاع على الوثائق وغيرها من الأدلة، بما في ذلك "جميع المواد التي يخطط الادعاء لاستخدامها أمام المحكمة ضد المتهم أو الأدلة النافية للتهمة". وكما هو منصوص عليه في المبادئ الأساسية المتعلقة بدور المحامين، فإن من واجب السلطات المختصة ضمان حصول المحامين على المعلومات والملفات والوثائق المناسبة التي بحوزتها أو تحت سيطرتها خلال وقت كاف لتمكين المحامين من تقديم مساعدة قانونية فعالة لموكليهم، وينبغي توفير ذلك في أقرب وقت مناسب. إن توسيع صلاحيات النيابة والسلطات التقديرية الكبيرة التي تمنحها هذه التعديلات المقترحة للنيابة يهددان بإعاقة قدرة المحامين على تقديم دفاع ملائم عن موكليهم ويتعارض مع مبدأ تكافؤ وسائل الدفاع والحق في محاكمة عادلة.

وبالإضافة إلى ذلك، يُبقي مشروع القانون على نفس القيود المنصوص عليها في القانون الحالي والتي تقيد حق الشخص المشتبه في ارتكابه جريمة جنائية ومحاميه في استجواب شهود الإثبات خلال مرحلة التحقيق. بل إن المادة 92 من مشروع القانون تسمح للنيابة برفض توجيه أي سؤال إلى الشاهد "يكون غير متعلق بالدعوى أو يكون في صيغته مساس بالغير". كما يسمح مشروع القانون، مثل القانون الحالي، للمحاكم بالاعتماد على شهادات الشهود من التحريات الأولية أو محاضر الشرطة دون مطالبة هؤلاء الشهود بالإدلاء بشهاداتهم في المحكمة "إذا تعذر الاستماع إليهم لأي سبب من الأسباب". ويتضمن مشروع القانون مادة تقضي بأن يبرر القضاة رفضهم في أحكامهم في الحالات التي يصر فيها الدفاع على الاستماع إلى الشهود في المحكمة.

ومن شأن هذه القيود التي يُعرّفها مشروع القانون بشكل غامض أن تسمح للنيابة والقضاة بمنع الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم جنائية من مواجهة أو مناظرة الأدلة التي يقدمها شهود الإثبات، بمن فيهم أفراد الشرطة أو غيرهم من موظفي الدولة. كما يمنح مشروع القانون القضاة صلاحيات واسعة لحرمان المتهمين ومحاميهم من القدرة على استدعاء واستجواب شهود الإثبات وشهود النفي على حد سواء. ونُذكّر حكومة سعادتكم بأن حق المتهم في استجواب شهود الإثبات بنفسه أو من قبل غيره، والحصول على الموافقة على استدعاء شهود النفي بنفس الشروط المطبقة في حالة شهود الإثبات هو عنصر أساسي من عناصر الحق في محاكمة عادلة، كما هو منصوص عليه في المادة 14 (3) (هـ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وتتيح القدرة على استجواب شهود الإثبات للدفاع فرصة فعالة للطعن أو لإقامة الحجة ضد الأدلة المقدمة ضد المتهم، وهي عنصر أساسي في مبدأ تكافؤ وسائل الدفاع.


جلسات المحاكمات العلنية

 

من شأن المادة 266 من مشروع القانون أن توسع الحظر القائم، الذي أضيف إلى قانون العقوبات في العام 2021 (بموجب القانون رقم 71 لسنة 2021)، بشأن "نقل وقائع الجلسات أو بثها إلا بموافقة كتابية من رئيس المحكمة". كما تجرم المادة 267 نشر المعلومات والأخبار وإجراء مناقشات تتعلق بتفاصيل جلسات المحاكمة بما "يؤثر على حسن سير العدالة"، وتجرم كذلك تناول أي معلومات تتعلق بالقضاة أو أعضاء النيابة العامة أو الشهود أو المتهمين عند نظر المحكمة لأي من الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب. 

هذه المواد، التي يُقصد بها أن تكون القاعدة وليس الاستثناء بموجب مشروع القانون، تتعارض مع المبدأ الدستوري الذي ينص على المحاكمات العلنية والمفتوحة (المادة 187)، ولا تتماشى مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وفي هذا الصدد، نُذكّر بالحق في جلسات محاكمة عادلة وعلنية المنصوص عليه في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وفي حين تقر المادة بأنه "يجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها"، فإنها تقصر أسباب ذلك على "دواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو لمقتضيات حرمة الحياة الخاصة لأطراف الدعوى، أو في أدنى الحدود التي تراها المحكمة ضرورية حين يكون من شأن العلنية في بعض الظروف الاستثنائية أن تخل بمصلحة العدالة". وتؤكد المادة على أن "أي حكم في قضية جزائية أو دعوى مدنية يجب أن يصدر بصورة علنية"، إلا إذا اقتضت مصلحة الأحداث أو الأطفال المعنيين خلاف ذلك.

إن هاتين المادتين تعوقان الحق في الوصول إلى المعلومات المرتبطة بالمصلحة العامة بطريقة غير مبررة. ويعد الوصول إلى المعلومات عنصرًا أساسيًا من عناصر الحق في حرية التعبير، والذي يجب صونه وتعزيزه على النحو الواجب لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمعلومات التي ترتبط بالمصلحة العامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المادة 267 تحد بشكل خطير من حرية التعبير بشأن أي مسألة تتعلق بـ "جلسات المحاكم أو القضاة أو أعضاء النيابة العامة"، وتقيد حرية التعبير بشكل غير ملائم، بما في ذلك الانتقاد المشروع والسلمي لهذه القضايا، وحتى مجرد المعلومات المجردة عن القضايا، بما في ذلك التقارير الإعلامية.

من شأن التعديلات المقترحة كذلك أن تقيد قدرة المحامين والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وغيرهم من أعضاء المجتمع المدني على الكتابة ونقل المعلومات حول سير القضايا ونقدها خوفًا من التنكيل. وتنص المادة 6 (أ) من (الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميًا) على أن "لكل شخص الحق، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، في معرفة المعلومات المتعلقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وطلبها، والحصول عليها، وتلقيها، والاحتفاظ بها، بما في ذلك الاطلاع على المعلومات المتعلقة بكيفية إعمال هذه الحقوق والحريات في النظم التشريعية أو القضائية أو الإدارية الوطنية أو المحلية". وتضمن المادة 9 (3) (ب) من الإعلان حق كل فرد في أن "يشهد الجلسات العلنية والإجراءات والمحاكمات، لتكوين رأي عن امتثالها للقانون الوطني والالتزامات والتعهدات الدولية المنطبقة". 


الضمانات والمساءلة

 

تنص المادة 226 من مشروع القانون على أنه لا يجوز للمدعي بالحق المدني إقامة الدعوى المدنية ضد مسؤولي الدولة، بمن فيهم الموظفون المكلفون بإنفاذ القانون، عن أفعال ارتكبت "أثناء تأدية واجباتهم أو بسببها"، باستثناء الحالات التي تنطوي فيها الجريمة على عرقلة تنفيذ أوامر الحكومة أو القوانين أو أحكام المحاكم. وبموجب المادة 162 من مشروع القانون، فإنه في الحالات التي يجري فيها أعضاء النيابة العامة أو قضاة التحقيق تحقيقات في السلوك الإجرامي المزعوم للموظفين المكلفين بإنفاذ القانون ويقررون إغلاق القضية وعدم توجيه اتهامات جنائية، لا يستطيع المدعون الطعن في هذا القرار، بل إنهم لا يملكون أيضًا الحق في إقامة الدعوى في المحاكم المدنية؛ بينما يجوز الطعن في قرارات النيابة العامة أو قضاة التحقيق بإغلاق القضية مكفول في القضايا التي لا تتعلق بمسؤولين حكوميين. 

من شأن التعديلات المقترحة أن تحد من حق الضحايا في الطعن في قرار النيابة بعدم توجيه اتهامات ضد الموظفين العموميين، كذلك حرمان الضحايا وأسرهم من الحق في تقديم شكوى جنائية مباشرة إلى قاضي التحقيق. ومن شأن ذلك أن يحصر خيار المضي في الإجراءات ضد مسؤولي الدولة في أيدي النيابة العامة، بما يقوض مساءلة مسؤولي الدولة، بما في ذلك في حالات الإخفاء القسري والتعذيب وغيرها من أشكال المعاملة المسيئة والحرمان من الرعاية الطبية وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان أو إساءة استعمال السلطة. وفي هذا الصدد، نُذكّر بالملاحظات التي أبدتها هيئات الأمم المتحدة فيما يتعلق بالمسائل التي أثارتها هذه التعديلات (CCPR/C/EGY/CO/5; CAT/C/EGY/CO/5). 

وتنص المادة 13 من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (التي انضمت إليها مصر في 25 يونيو 1986) على أن تضمن كل دولة طرف في الاتفاقية لأى فرد يدّعي بأنه قد تعرض للتعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة وأن تنظر هذه السلطات في حالته بسرعة وحياد. 

وتكفل المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية توفير سبيل فعال للتظلم لأي شخص انتهكت حقوقه أو حرياته المعترف بها في العهد، حتى لو صدر الانتهاك عن أشخاص يتصرفون بصفتهم الرسمية، كما تكفل لكل متظلم على هذا النحو أن تبت في الحقوق التي يدعى انتهاكها سلطة قضائية أو إدارية أو تشريعية مختصة، أو أية سلطة مختصة أخرى ينص عليها نظام الدولة القانوني. ونسترعي انتباه حكومة سعادتكم إلى إعلان الأمم المتحدة بشأن حماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري، الذي ينص في المادتين 13 و 14 على أنه يجب اتخاذ خطوات لضمان حماية جميع المشاركين في التحقيق، بمن فيهم الشهود، من سوء المعاملة أو الترهيب أو الانتقام، وتقديم أي شخص متهم بارتكاب عمل من أعمال الإخفاء القسري إلى العدالة. 

وتمنح المادة 42 من قانون الإجراءات الجنائية الحالي، التي سيتم الإبقاء على جوهرها إذا اعتمدت المادة 44 من مشروع القانون بصيغته الحالية، أعضاء النيابة العامة وقضاة التحقيق ورؤساء المحاكم السلطة التقديرية في الإشراف على مراكز الاحتجاز، دون أي التزام بذلك.

وأخيرا، فإننا نعرب عن قلقنا إزاء الآثار المحتملة لمشروع القانون على الأفراد المتهمين بالإرهاب أو الجرائم التي تتعلق بالأمن القومي. وتماشيا مع رسائلنا السابقة (EGY 4/2020 ،EGY 1/2022)، نؤكد على قلقنا بشأن غموض تشريعات مكافحة الإرهاب والتي – إلى جانب التعديلات المقترحة – تتسبب في المزيد من الانتهاك لحقوق الإنسان الأساسية وتقوض سيادة القانون وتنتهك التزامات مصر الدولية بموجب قانون حقوق الإنسان. ونلفت انتباه حكومة سعادتكم إلى الرسالة EGY 4/2020 بشأن تعديلات قانون مكافحة الإرهاب وقانون الكيانات الإرهابية وقانون تكوين الجمعيات وقانون التظاهر والقرارات ذات الصلة وعدم توافقها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. ونرى أن توسيع صلاحيات النيابة العامة في مشروع القانون، إلى جانب القيود الصارمة المفروضة على الكشف عن المعلومات عن القضاة أو أعضاء النيابة العامة أو الشهود أو المتهمين عند نظر المحكمة في القضايا المرفوعة بموجب قانون مكافحة الإرهاب، تثير مخاوف بشأن احتمال إساءة استخدام تلك الصلاحيات. من شأن التعديلات المقترحة أن تسهل التطبيق التعسفي أو الاعتباطي لقانون مكافحة الإرهاب، ما يؤثر بشكل غير متناسب على المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والممارسين القانونيين والصحفيين والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، وما يعرض الحريات الأساسية والفضاء المدني للخطر.

 

في ضوء الاعتبارات المذكورة أعلاه، نحث حكومة سعادتكم على إجراء مراجعة مستقلة وشاملة لمشروع القانون وإعادة النظر فيه. كما نوصي بأن تشمل هذه العملية مشاورات واسعة النطاق مع الخبراء القانونيين وممثلي المجتمع المدني لضمان تماشي مشروع القانون مع التزامات مصر بموجب الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، لاسيما فيما يتعلق بضمان الشفافية والمحاكمة العادلة وحماية الحريات الأساسية. ونعرب عن استعدادنا لتقديم المساعدة الفنية لهذا الغرض، ونؤكد على هدفنا المتمثل في التفاعل والانخراط بشكل إيجابي مع حكومتكم في هذا الصدد. وباعتماد مثل هذا النهج، ستقدم مصر نموذجا للممارسات الجيدة للدول الأخرى، مستخدمة ثقافتها القانونية القوية كوسيلة لتعديل ومراجعة وإحكام صياغة التعريفات القانونية، لإظهار قدرة نظامها القانوني على الاستجابة للمتغيرات.

وبما أنه من مسؤوليتنا، بموجب الولايات التي أناطها بنا مجلس حقوق الإنسان، توضيح وبيان كل الجوانب المتعلقة  بالحالات المعروضة علينا، فإننا سنكون ممتنين لتلقي ملاحظات حكومة سعادتكم بشأن المسائل التالية:

  1. يرجى تقديم أي معلومات و/أو تعليقات إضافية لديكم حول التحليل المذكور أعلاه.

  2. يرجى توضيح مدى تتوافق التعديلات المذكورة أعلاه على قانون الإجراءات الجنائية رقم 150 لعام 1950 مع التزامات مصر بموجب القانون الدولي، ولا سيما مع المبادئ والمعايير الخاصة بالحماية من الحرمان التعسفي من الحرية والحق في الإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة، المنصوص عليها في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

  3. يرجى تقديم تفاصيل بشأن أي تدابير اتخذتها حكومة سعادتكم للوقاية من الاستعمال التعسفي للحبس الاحتياطي، بما في ذلك ممارسة "التدوير"، والتي تقوم فيها النيابة بإضافة متهمين محبوسين على ذمة قضايا حالية إلى قضايا أخرى جديدة بتهم شبه متطابقة من أجل إبقاء هؤلاء المتهمين رهن الاحتجاز لأجل غير مسمى، ولضمان عدم استخدام الحبس الاحتياطي كأداة ضد الأصوات الناقدة كوسيلة للتضييق على المعارضة المشروعة والسلمية.

  4. يرجى توضيح مدى توافق توسيع صلاحيات النيابة مع التزامات مصر الدولية وقانون ومعايير حقوق الإنسان.

  5. يرجى بيان كيفية إصلاح قانون مكافحة الإرهاب المصري لضمان احترامه مبدأ المشروعية القانونية وتجنب سوء تطبيقه بشكل واسع على أفعال لا تعد إرهابًا بطبيعتها.

  6. يرجى تقديم معلومات عن أي تعديلات إضافية ستدخل على التشريعات المذكورة أعلاه.

  7. يرجى توضيح التدابير التي اتخذتها حكومة سعادتكم لمراجعة التعديلات المقترحة على قانون الإجراءات الجنائية المصري في ضوء الملاحظات المذكورة أعلاه. 

سيتم نشر هذه الرسالة، كتعليق على التشريعات أو اللوائح أو السياسات المنظورة حاليا أو المُعتمدة مؤخرًا، وكذلك أي رد يتم تلقيه من حكومة سعادتكم على الموقع الإلكتروني الخاص بتقارير المراسلات بعد 48 ساعة. كما سيتم نشرها لاحقًا ضمن التقرير الاعتيادي الذي سيُقدم إلى مجلس حقوق الإنسان.

نرجو قبول فائق التقدير

غانا يودكيفسكا، نائبة رئيس الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي المكلفة بالبلاغات

غابرييلا سيتروني، رئيسة الفريق العامل المعني بحالات الإخفاء القسري أو غير الطوعي

أيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير

جينا روميرو، المقررة الخاصة المعنية بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات

ماري لاورر، المقررة الخاصة المعنية بالمدافعين عن حقوق الإنسان

مارغريت ساترثوايت، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين

بن سول، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب