في دعوى الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال -"فلسطين ضد بايدن": المحكمة تقر باحتمالية ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة جماعية بالرغم من عدم قبول الدعوى شكلًا

خبر

4 فبراير 2024

أصدرت محكمة فيدرالية أمريكية بشمال كاليفورنيا يوم الخميس الماضي قرارها في الدعوى المرفوعة من مركز الحقوق الدستورية بنيويورك والحركة الدولية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، ضد الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ووزير خارجيته ووزير الدفاع، والتي اتهمتهم بالتحريض والمشاركة في الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة. 

وعلى الرغم من أن قرار القاضي جيفري وايت جاء برفض الدعوى شكلاً لأسباب تتعلق بالسوابق - الذي وصفها في قراره بالراسخة - التي تحول دون فصل القضاء في الأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية الأمريكية، إلا أن القاضي أفرد مساحة في مذكرة الحكم لإبداء رأيه في موضوع القضية، مشددًا على أن أن المحكمة ترى أن إسرائيل ربما ارتكبت بالفعل جرائم قد ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. وأوضحت المحكمة في منطوق الحكم أنها باتت مرغمة على استبعاد الدعوى بالرغم أن هذا ليس خيارها المفضل, مطالبًا المُدعَى عليهم (الرئيس الأمريكي ووزيري دفاعة وخارجيته) بإعادة النظر في الدعم غير المشروط الذي تقدمه الإدارة الأمريكية تحت قيادتهم لإسرائيل التي قد تكون بالفعل متورطة في جرائم إبادة جماعية طبقًا لبنود اتفاقية منع ومعاقبة جرائم الإبادة الجماعية والتي صدقت عليها الولايات المتحدة الأمريكية لتصبح ملزمة على الحكومة الأمريكية. 

وأضاف وايت أن ما استمع إليه من شهادات ووصف للوقائع من المدعين ومن الخبراء، إضافة إلى تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، "يقطع بنية إسرائيل القضاء على شعب بأكمله" ويُخضِع القضية لولاية اتفاقية منع ومعاقبة جرائم الإبادة الجماعية. وقال القاضي في ختام حكمه نصًا "إن المحكمة تتفق مع محكمة العدل الدولية في أن ما تقوم به قوات الجيش الإسرائيلي في غزة يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية. تمنع السوابق القضائية ومبدأ الفصل بين السلطات هذه المحكمة من النظر في موضوع القضية، ولكن المحكمة تحث المدعى عليه (الحكومة الأمريكية) بإعادة النظر فيما يترتب على دعمها غير المشروط الحصار العسكري المفروض على غزة".

وتعليقًا على القرار, قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والتي انضمت إلى الدعوى في ديسمبر الماضي, أن "هذا الإقرار من مؤسسة قضائية أمريكية هو الأول من نوعه بما يحمله من إدانة واضحة لإسرائيل ومن عدم التردد في وصف جرائمها في غزة بالإبادة الجماعية المحتملة. كما أنه يحمل الإدارة الأمريكية المسؤولية عن وقف الحرب الإسرائيلية على غزة, ويضيف إلى السابقة القضائية الاستثنائية المتمثلة في قرار محكمة العدل الدولية الصادر يوم 26 يناير بقبول الدعوى المرفوعة من جنوب إفريقيا والذي اعترف في منطوقه بوجود أدلة أولية (prima facie) كافية على ارتكاب إسرائيل أفعالًا قد ترقى لمستوى جرائم الإبادة الجماعية."  ويدرس مركز الحقوق الدستورية والفريق القانوني صاحب الدعوى الخطوات القادمة المحتملة والتي قد تضمن طلب استئناف على قرار المحكمة باستبعاد الدعوى.

تعود بداية القضية إلى يوم 13 نوفمبر الماضي حين أودع مركز الحقوق الدستورية بنيويورك وشركة المحاماة "فان دير هولت إل إل بي" دعوى يختصمون فيها الرئيس الأمريكي ووزيريه. وقيدت القضية باسم "الحركة الدولية للدفاع عن الأطفال- فلسطين، وآخرون، ضد جوزيف بايدن وآخرين" وبرقم 23 -cv- 05829. وذلك أمام المحكمة الجزئية الأمريكية للمنطقة الشمالية من كاليفورنيا. وانضم إليها منظمات وأفراد فلسطينيون، كما انضمت إليها منظمات حقوقية ومراكز قانونية أخرى متضامنة من بينها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي أودعت مذكرة انضمامها للقضية بتاريخ 29 ديسمبر الماضي. 

وانعقدت جلسة استماع يوم الجمعة الماضية، 26 يناير، بمقر المحكمة في أوكلاند بكاليفورنيا، للنظر في طلب الدعوى، وهو نفس اليوم الذي أصدرت فيه محكمة العدل الدولية قرارها بقبول الدعوى المرفوعة من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وقضت بإلزام إسرائيل بإجراءات احترازية تضمن تنفيذ بنود اتفاقية منع جرائم الإبادة الجماعية.

 وشهدت الجلسة - التي أذيعت للعامة عبر تطبيق زووم- مرافعات من ممثلي مركز الحقوق الدستورية والحركة الدولية للدفاع عن الأطفال - فلسطين، إضافة إلى الاستماع إلى شهادات من مواطنين فلسطينيين وآخرين أمريكيين ذوي أصول فلسطينية عن الأوضاع في غزة، في سابقة قد تكون الأولى من نوعها في تاريخ القضاء الأمريكي. في حين ارتكز دفاع الممثل القانوني لوزارة العدل الأمريكية على رفض القضية شكلاً لعدم اختصاص المحكمة في نظر أمور السياسة الخارجية، اعتبارًا لكونها "اختصاص السلطة التنفيذية وحدها دون غيرها". وقد اتفقت المحكمة مع هذا الدفع في النهاية, وقالت في قرارها "إن كل منا مسئول عن التصدي للحصار العسكري المفروض على غزة. ولكن هذه المحكمة ملزمة في نفس الوقت بالعمل داخل حدود ولايتها القانونية."

وعلى الرغم من ذلك, فقد ذكر القاضي جيفري وايت في منطوقه للحكم أنه رفض الدعوى مضطرًا، استنادًا إلى تلك السوابق القضائية ومبدأ الفصل بين السلطات. وأن تلك القضية واحدة من قضايا قليلة لا يكون القرار الذي تميل إليه المحكمة "متاحًا لها". وعليه فقد أقر في منطوق الحكم بأن الأدلة الدامغة التي توفرت للمحكمة تدعم النتيجة التي توصلت إليها محكمة العدل الدولية، والتي تشير إلى معقولية اعتبار ما يتعرض له الفلسطينيين في قطاع غزة على يد الجيش الإسرائيلي جريمة من جرائم الإبادة الجماعية في مخالفة للقوانين الدولية.