المبادرة المصرية تدين تعطيل تراخيص بناء 3 كنائس بالمنيا عقب توترات طائفية
بيان صحفي
تدين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تعسف الجهات المسؤولة عن بناء الكنائس في محافظة المنيا، في إصدار التراخيص الرسمية لبناء ثلاث كنائس، في أعقاب اعتداءات طائفية قام بها محتجون رافضون لوجود هذه الكنائس في قرى بالمحافظة. وقالت المبادرة إن أجواء من التحريض الطائفي سادت قريتي منشأة زعفرانة والخياري بمركز أبو قرقاص، وقرية العزيب بمركز سمالوط، سبقت وقوع الاعتداءات، إلا أن أجهزة الدولة فشلت في التعامل معها ولم تتحرك لمنع تصاعدها، واكتفت بإلقاء القبض على عدد من الأهالي المشتبه في تورطهم في الأحداث.
تضيف المبادرة المصرية أن مؤسسات الدولة يجب عليها ألا تخضع لابتزاز البعض، كما ليس من مسؤولياتها إحترام مشاعر من قد يستفزهم وجود كنيسة أو دور عبادة للمسيحيين، حيث أن الدولة مطالبة بحماية حرية العقيدة والحق في ممارسة الشعائر الدينية لجميع مواطنيها، خصوصًا أن مسؤولي الكنائس التزموا الطريق القانوني وقدموا أوراقها إلى مؤسسات الدولة، وأن بعضها يشهد إقامة صلوات دينية منتظمة بموافقات أمنية قبل أن تتوقف تلك الصلوات عقب الاعتداءات. وتوضح أن القرى الثلاث هي مجرد نموذج لتعنت الجهات الحكومية في منح تراخيص بناء الكنائس، وأن هناك حالات أخرى لعديد من القرى بها كنائس مغلقة منذ سنوات سابقة ولم تستطيع إعادة فتحها أو تقدمت كثيرًا إلى الجهات المختصة ولم تنجح في الحصول على تراخيص البناء.
تؤكد المبادرة المصرية مجددًا أن تطبيق القانون الحالي -رغم بعض الخطوات الإيجابية- لم يحقق هدفه المعلن، وهو ضمان بناء وترميم الكنائس بسهولة، وبدون إجراءات إدارية معقدة، كما أنه لم ينجح في منع مؤسسات الدولة من غلق عدد من الكنائس والمباني الدينية التي كانت تجرى فيها الصلوات.
وفي سياق متصل، لا يزال العمل في اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني التابعة لها، والمقامة بالفعل بدون تراخيص، يسير ببطء، ومن دون أية معايير واضحة، حيث أصدر رئيس الوزراء قرارًا في اليوم التالي لعيد الميلاد المجيد (8 يناير) بتقنين أوضاع 187 كنيسة ومبنى، ليصل إجمالي الموافقات التي صدرت بشكل مبدئي منذ صدور قانون بناء الكنائس إلى 3160 من بين 5415 كنيسة ومبنى قدمت أوراقها، وبنسبة 58% بعد ما يزيد على سبع سنوات منذ إقرار القانون.
تجدد المبادرة المصرية مطالبها بإعادة النظر في قانون بناء الكنائس الذي لم يحل الصعوبات القانونية والإجرائية التي تشهدها الطلبات المقدمة من جانب الكنائس بشكل نهائي، وذلك بأن يصدر قانون موحد لبناء دور العبادة يتضمن شروطًا موحدة خاصة بكود البناء في المنطقة، ولا يتضمن أية اشتراطات قاصرة على الكنائس دون غيرها من المباني الخدمية والإدارية ودور العبادة الأخرى، وكذلك بصدور قرار واحد لتقنين أوضاع جميع الكنائس التي تقدمت بأوراقها.
لمزيد من التفاصيل حول وقائع الاعتداءات الطائفية بسبب ممارسة الشعائر الدينية والقرارات بتقنين الكنائس يمكن الرجوع إلى خريطة الحريات الدينية.
تفاصيل وقائع الاعتداءات على ثلاث كنائس بالمنيا
-
حرق كنيسة قيد الترخيص بقرية منشأة زغفرانة
قام مجهولون في قرية منشأة زغفرانة التابعة لمركز أبو قرقاص جنوب محافظة المنيا بإشعال النيران فجر ليلة عيد الميلاد 6 يناير الجاري بكنيسة قيد الترخيص، حيث كانت تسود القرية أجواء من التحريض قبل الحادثة بعدة أسابيع. وهو الأمر الذي دعا الأنبا فيلوباتير أسقف أبو قرقاص إلى إصدار تنويهٍ بأن الاحتفالات بالعيد تقتصر فقط علي صلاة القداس الإلهي، كما اعتذر عن استقبال المهنئين، ذلك “نظرا للظروف التي حدثت مع كنيسة وشعب منشأة زعفرانة وتعاطفًا مع أبنائه”.
أفاد شهود العيان إلى باحثي المبادرة المصرية أن القرية شهدت مسيرات لمجموعات من مسلمي القرية عقب صلاة الجمعة تهدد بعدم السماح ببناء الكنيسة، وأن قوات الأمن التي كانت موجودة للتأمين قد غادرت القرية في نهاية هذا اليوم وقبل ساعات من الحريق الذي وقع نحو الثالثة فجر السبت. وقالت قيادات دينية بالمنطقة إن مساحة الكنيسة تبلغ 170 متر مربعًا، محاطة بسور من "البلوك"، وداخلها يوجد فقط خيمة وكراسي تستخدم كقاعة للصلاة (لدى المبادرة المصرية صورتين لها قبل الحريق وبعده) حيث تجرى الصلوات الدينية منذ أربعة شهور بموافقة الجهات الأمنية، وأن مسؤولي الكنيسة تقدموا بالرسومات الهندسية للحصول على الموافقات اللازمة.
وقامت قوات الأمن بغلق المكان، وإلقاء القبض على عدد من الأهالي، ولم يتمكن الباحثون من معرفته وظروف القبض وما إذا كانوا قد أحيلوا للنيابة العامة من عدمه. كما لم تعط تعليمات بشأن إعادة فتح المكان لإقامة الشعائر الدينية من جديد.
كانت القرية قد شهدت توترات طائفية سابقة، حيث حاصر العشرات مبنى كنسي مملوكة لإيبارشية المنيا وأبو قرقاص، يوم الجمعة 11 يناير 2019، أثناء تنظيم الصلوات الدينية، وقاموا بترديد هتافات عدائية تجاه الأقباط مطالبين بغلق المكان وعدم تحويله إلى كنيسة. وأظهرت مقاطع فيديو وقتها تجمهر عدد من مسلمي القرية وهم يسبون بألفاظ نابية الكنيسة وأقباط القرية، خصوصًا مع خروج سيارة الأمن وبداخلها القس بطرس عزيز وسط تهليل وزغاريد من النساء المتجمهرين.
وبناء على طلبات إيبارشية أبو قرقاص بترخيص كنيسة بالقرية، قامت الأجهزة الأمنية بمطالبتهم بتحديد مكان جديد وتقديم طلبات جديدة بشأنه مع السماح للأقباط بالصلاة داخله، وهو المكان الذي شهد الحريق المشار إليه.
-
اعتداءات طائفية لمنع إنشاء كنيسة مرخصة بقرية العزيب
كما شهدت قرية العزيب التابعة لمجلس قروي منقطين بمركز سمالوط شمال محافظة المنيا اعتداءات طائفية على أقباط القرية، في 18 ديسمبر 2023، بسبب بدء أعمال البناء لكنيسة مرخص بها من الجهات الرسمية المسؤولة. ووفقًا لعدة إفادات حصل عليها باحثو المبادرة المصرية من أهالي القرية ومسؤولين دينيين، فإن مطرانية سمالوط المشرفة دينيًّا على أقباط القرية، سلكت الطرق القانونية وحصلت على ترخيص بكنيسة مساحتها 500 متر مربع على مشارف القرية التي يقطنها نحو ثلاثة آلاف مسيحي، حيث لا يوجد بها أي كنيسة أو مباني دينية مسيحية.
وفقا لهذه الشهادات، فإن أجواء التوتر بدأت منذ نحو شهر، بعدما انتشر خبر حصول الأقباط على ترخيص البناء، حيث أُشعلت النيران بمنزل عبد الله بشرى، وحُرِّر محضرًا برقم 5875 لسنة 2023 إداري سمالوط. ثم بدأ حفر أساسات الكنيسة – السبت 16 ديسمبر- بمعرفة الجهات المسؤولة، وفي اليوم التالي تم إشعال النيران في منزل ماهر كامل نسيم مما أدي إلى نفوق بعض المواشي به.
إثر ذلك حضرت قوة أمنية إلى القرية، لكن تجددت الاعتداءات يوم الاثنين 18 ديسمبر 2023، حيث تجمع العشرات من مسلمي القرية والقرى المجاورة ونظموا مسيرات في الشوارع - خصوصًا تلك التي تشهد وجودًا مسيحيًّا-، وقاموا برشقها بالحجارة وزجاجات المولوتوف وهم يرددون هتافات دينية وأخرى عدائية منها: "بالطول بالعرض هنجيب الكنيسة الأرض". وأسفرت الاعتداءات عن إشعال النيران بمنزل حنا جاب الله ومنزل تحت الإنشاء ملك سعيد فام ومنزل سعد الله تواضروس. وكثفت قوات الأمن من تواجدها عقب هذه الاعتداءات وفرضت الهدوء، وألقت القبض على بعض المتورطين، كما توقفت أعمال الحفر للكنيسة.
-
حرق منزل قبطي في قرية الخياري بحجة إنه كنيسة تحت الإنشاء
قرية الخياري التابعة لمركز أبو قرقاص شهدت أيضًا اعتداءات طائفية، حيث هاجم العشرات فجر الثلاثاء 5 سبتمبر 2023 - وهم يرددون هتافات دينية وأخرى محرضة ضد الأقباط- منزلًا تحت الإنشاء ملك عماد وجيه عياد، ونهبوا مواد البناء ومحتوياته بحجة أنه كنيسة يقوم الأقباط ببنائها بدون ترخيص.
ووفقًا لبيان مطرانية أبو قرقاص عن الواقعة والإفادات التي حصل عليها باحثو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية؛ فإنه يوجد بالقرية مكان آخر مجاور يجتمع به كاهن القرية بشعبها، وتم تقديم طلب ترخيص ببناء كنيسة في ذات المكان، ولم ترد عليه الجهات الأمنية المختصة. أما المكان الذي تم الاعتداء عليه فليس له أي علاقة ببناء الكنيسة، ومالكه عماد وجيه حصل على ترخيص ببناء منزل خاص.
ولوحظ انقطاع التيار الكهربائي في غير وقته المحدد لقرية الخياري من قبل وزارة الكهرباء، بالتزامن مع الاعتداء، حيث أضرمت النيران في ذات المكان. كما أضرمت في عشتين بالأراضي الزراعية المملوكة لأقباط. وجاءت قوة أمنية عقب الأحداث وألقت القبض على عدد ممن قاموا بالاعتداءات.