1 من 6000 تجربة لقاح كورونا المستجد

مشاركة مصر في التجارب على لقاحات كورونا خطوة مهمة.. ولكن!

بيان صحفي

9 نوفمبر 2020

أعلنت وزيرة الصحة يوم 12 سبتمبر عن بدء التجارب السريرية على لقاحات كورونا في مصر. وجاء هذا الإعلان بعد ثلاثة أسابيع من إقرار البرلمان النسخةَ المعدَّلة من قانون تنظيم البحوث الطبية الإكلينيكية، الذي أدخلت عليه بعض التعديلات، تجاوبًا مع التوصيات المقدمة من رئاسة الجمهورية في أكتوبر عام 2018.

ولأن متابعة إجراءات التجارب السريرية عامة، وهذه التجربة الهامة بالتحديد، تعزز دور المجتمع المدني، قام أحد أعضاء فريق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالتطوع والانضمام لهذه التجربة، فاتبع الإجراءات وتم تسجيله من ضمن المشاركين بالبحث بعد استكمال وتحقيق شروط المشاركة. 

وتقوم المبادرة بمتابعة خطوات التجربة عن كثب، لتقييمها ونقل التحديثات والانطباعات حول جميع مراحل التجربة، وسوف تجيب المبادرة على أسئلة المهتمين من الباحثين أو الصحفيين أو الجمهور، بناءًا على التجربة العملية من منظور مشارك فعلي فيها، من خلال تخصيص حساب   على موقع فيسبوك و على موقع تويتر لهذا الغرض.  وتهتم المبادرة المصرية بمتابعة ملف التجارب السريرية، حيث أطلقت تقريرها عام 2016 بعنوان اسئلة أخلاقية حول التجارب السريرية في مصر ، وفي سبتمبر الماضي أصدرت  تعليقا بعنوان قانون "التجارب السريرية" تعديلات مُرحَّب بها وتعكس مقترحات المجتمع المدني. 

 وكانت الوزارة قد أوضحت عند الإعلان عن بدء هذه التجارب الإكلينيكية أنها تتم في إطار التعاون مع الحكومة الصينية، وشركة G42 الإماراتية للرعاية الصحية، وتجرى على لقاحات أتمت المرحلة الأولى والثانية من التجارب على البشر. تستهدف التجارب 6 آلاف مبحوث في مصر، ضمن 45ألفًا على مستوى العالم في إطار التجارب الدولية التي يطلق عليها "لأجل الإنسانية". هذه التجارب لها أهمية قصوى للجميع في ظل استمرار جائحة كورونا والخوف من الموجة الثانية مع الشتاء في جميع دول العالم. لذلك، تعد مشاركة المصريين فيها أمرًا إيجابيًّا من حيث المبدأ، ولكن، ذلك شريطة أن تتم بشكل يتماشى مع إعلان هلسنكي والمبادئ التوجيهية لمجلس المنظمات الدولية للعلوم الطبية. يأتي على رأس تلك المبادئ ضمان شفافية المعلومات الخاصة بالتجربة، القيام بجميع خطوات ومتطلبات الموافقة المستنيرة وتوفير تغطية صحية للمشاركين.

قد يكون مبكرًا تقييم أداء مجموعة العمل القومية المنوط بها الإشراف على تلك التجارب وتطوير اللقاحات، والتي شكلت بقرار من وزيرة الصحة، وتشمل وزارة الصحة، وإدارة الخدمات الطبية في القوات المسلحة، ووزارة العدل، وهيئة الدواء. ولكن هناك عددًا من المشاهد اللافتة والتي ترى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ضرورة الإشارة إليها في هذه المرحلة لتداركها.

فبمجرد الإعلان عن بدء التجارب، وخلال ثلاثة أيام فقط من ذلك، تسارعت الخطوات بشكل ملحوظ يتنافى مع الإطار الزمنى الذي يجب أن يحكم إجراء تلك التجارب.

فخلال ثلاثة أيام فقط تم:

  • الإعلان عن موقع لتسجيل المتطوعين.
  • الإعلان عن البدء في تلقي طلبات التطوع.
  • الإعلان عن أعداد المتطوعين المتقدمين بل واسم المتطوع الأول.
  • الإعلان عن البدء الفعلي للتجارب.
  • تصوير مشاركين في البحث وزيارة الوزيرة أحد المراكز البحثية وفحصها إحدى اللقاحات والإعلان عن إعدامها.

تري المبادرة المصرية أن:

  •  تلك الخطوات لا تتماشى مع متطلبات الموافقة المستنيرة بأي شكل. فموقع التطوع لا يحتوي على أي معلومات تفصيلية عن شروط التطوع أو المطلوب من المتطوعين أو أي تفاصيل عن التجربة أو اللقاحات المستخدمة بها. يكتفى الموقع بنموذج للتسجيل لا يحقق بالضرورة متطلبات الأمان الرقمي الكافي للحفاظ على البيانات الطبية التي يرسلها المتقدمون للتطوع.

  • أيضًا، فإن الإعلان عن البدء في التجارب في اليوم نفسه الذي تم فيه الإعلان عن بوابة التطوع يؤكد أن أهم اشتراطات الموافقة المستنيرة لا تتحقق بالضرورة: فمن شروط الموافقة المستنيرة أن يكون المشارك على دراية كاملة بكافة جوانب التجربة وألَّا يخطر جهة البحث بموافقته إلَّا بعد أن تمر 48 ساعة على الأقل من دراسته شروط البحث، بمنزله، دون أي تأثير من الباحثين.

  •   كذلك، يمثل تصوير مشاركين في البحث والإعلان عن أسمائهم للإعلام انتهاكًا واضحًا لخصوصية وسرية بيانات المشاركين.
  •  أيضًا يفتقد الباحثون ومنظمات المجتمع المدني المتابعة لتلك التجارب كافة المعلومات التفصيلية عن تصميم هذه الدراسة، وآليات ضمان دقتها ومصداقيتها، وهي شروط أساسية وفقًا لإعلان هلسنكي. فلم يتمكن فريق المبادرة من العثور على معلومات تفصيلية عن تصميم التجربة باستثناء إشارة سريعة من وزيرة الصحة من خلال حديث تلفزيوني

هذا الغموض يشمل ما تضمنه البيان الصحفي الذي أعلن عن بدء إجراء التجارب الإكلينيكية على لقاحين لفيروس كورونا، ﻷنه لم يوضح مصدرهما بالتحديد. ذكر البيان شركة "ساينوفارم" الصينية والشريك الإماراتي شركة G42 الصحية،ولكن لم يحدد بعد هل نوعين اللقاحات تابعين للشريكين نفسهما أم يوجد مصدر آخر. علمًا بأن هناك أربعة لقاحات صينية حاليا في المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، والشركة التي تعرَّض البيان لذكرها "ساينوفارم" لها لقاحان، أحدهما من تطوير معهد ووهان للمستحضرات البيولوجية ونشرت نتائج أولية مبشرة للمرحلة الأولى والثانية التجارب الخاصة به، أما اللقاح الثاني لساينوفارم فهو من تطوير معهد بكين للمستحضرات البيولوجية، ولا توجد نتائج منشورة عنه في مجلات علمية حتى الآن. 


الملاحظات التي تم رصدها من خلال مشاركة المبادرة المصرية في تجربة التطوع ( من داخل المعمل):

  1. كانت تجربة التسجيل والفحص الطبي سلسة ومنظمة إلى حد جيد جدًا وفقا لتجربة المتطوع الشخصية، ولاحظ زميلنا إقبالًا كبيرا من السيدات على الاشتراك، كما أشاد بدقة عملية التأكد من صلاحية المتطوع للمشاركة وتوفر شروط الانضمام للتجربة، والذي كان يتم من خلال إجراءات منظمة وتحت إشراف فريق دولي.
  2. لاحظ أيضًا زميلنا أن الموافقة تتم بعد توفير مستند ورقي به تفاصيل خاصة بالتجربة، يطلب من المتطوعين قراءته ثم الموافقة عليه قبل الاشتراك. ولكنه أوضح أن شرح التفاصيل لا يتم من قبل طبيب متخصص، كما لا يتم إعطاء الوقت اللازم للمريض لاتخاذ القرار (والذي يجب أن يكون بين  24إلى 48 ساعة من التفكير المستقل).
  3.  لاحظ أيضًا أن مستند الموافقة المستنيرة يشير إلى تنسيق بين فريق البحث و"شركة التأمين الخاصة التي ينتمي إليها المشارك" وهو أمر لا ينطبق بالضرورة على المشاركين المصريين، الذين لا يتبع معظمهم شركات تأمين خاصة. وبسؤال المنظمين وضحوا أن صيغة الموافقة "جاءت من الإمارات دون تعديل".

وستستمر المبادرة في متابعة خطوات التجربة عن كثب، وقد خصصت حسابا على موقع فيسبوك وعلى موقع تويتر لنقل أخر التحديثات والانطباعات في جميع مراحل التجربة، وكذلك الإجابة على أسئلة المهتمين من الباحثين أو الصحفيين أو الجمهور بناءًا على التجربة العملية من منظور مشارك فعلي في التجربة. يمكنكم المتابعة على حساب: "١ من ٦٠٠٠ - مشارك في تجربة لقاح كورونا"

وتشدد المبادرة على أهمية وأولوية الالتزام بما ورد في قانون التجارب السريرية الجديد الصادر عن مجلس النواب في 24 من أغسطس لعام 2020، ومراعاة التعليمات الدولية الخاصة بتلك التجارب وعلى رأسها إعلان هلسنكي والمبادئ التوجيهية لمجلس المنظمات الدولية للعلوم الطبية، وضمان شفافية المعلومات الخاصة بتصميم الدراسة ومصادر اللقاحات من ناحية، والحفاظ على خصوصية بيانات المشاركين وموافقتهم المستنيرة بشروطها من ناحية أخرى،حتى نضمن دقة النتائج لهذه التجارب مع الحفاظ على صحة وكرامة وأمان المشاركين، وحتى يحقق العمل البحثي في مصر الصدارة التي يطمح إليها الجميع.