المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تنتقد بطء إجراءات تقنين الكنائس وتؤكد: بعد 3 سنوات.. فشل قانون بناء الكنائس في حل التوترات الطائفية الخاصة بممارسة الشعائر الدينية
بيان صحفي
قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن قانون بناء الكنائس فشل بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على صدوره، في وضع حدٍّ لانتهاكات الحق في ممارسة الشعائر الدينية للمسيحيين، ومعالجة التوترات الطائفية المرتبطة بها. وانتقدت قيام الأجهزة الأمنية بغلق مبانٍ كنسية، ومنع الصلاة الجماعية لكثير من الأقباط في قرى مصر، كان آخرها منع الأقباط من استكمال صلوات رأس السنة بمبنى بقرية فاو بحري بمركز دشنا بمحافظة قنا اعتاد مسيحيو القرية تنظيم صلوات دينية بداخله منذ أربعة أشهر.
وأضافت المبادرة المصرية أن ملف تقنين أوضاع الكنائس أيضًا لا يزال يسير ببطء شديد وبغياب للشفافية، وبالرغم من إعلان الحكومة المصرية _الأسبوع الماضي_ أنها انتهت من توفيق أوضاع 1412 كنيسة ومبنى تابعًا، لكن هذه الموافقات مبدئية ومشروطة بإجراءات الهدم وإعادة البناء واستيفاء حق الدولة والحماية المدنية، حيث حصلت المبادرة المصرية على إفادات بأن العدد الإجمالي للموافقات النهائية لن يزيد على مئتي كنيسة ومبنى تابع.
وأوضحت المبادرة المصرية أن هذا العدد يمثل نحو 25% من العدد الإجمالي للكنائس والمباني التي قدمت طلبات ويبلغ 5540، وذلك خلال 3 سنوات من بعد صدور القانون في سبتمبر 2016، بما يعني الحاجة إلى تسع سنوات للانتهاء من الموافقات المشروطة لكل الطلبات المقدمة.
هذا، وقد عالج قانون بناء الكنائس الصادر في 28 سبتمبر 2016 مسألتين، الأولى عملية بناء الكنائس، والتي أصبحت في يد محافظ الإقليم دون اعتبار عدم رده على الطلبات التي تقدم إليه خلال المدة الزمنية المقررة بمثابة موافقة ضمنية على إنشاء الكنيسة، وخضوع ذلك للمعايير الأمنية، وربط مساحة الكنيسة إذا تمت الموافقة على إنشائها بعدد السكان المسيحيين في المنطقة وأقرب كنيسة إليها. أما المسألة الثانية فهى مرتبطة بتقنين أوضاع الكنائس الموجودة بالفعل، ولا تملك أية قرارات رسمية، حيث شكلت لجنة من رئيس الوزراء وتسعة أعضاء من المسئولين الأمنيين والتنفيذيين وعضو واحد يمثل الكنائس بدون تضمنها أيًّا من الخبراء المستقلين.
ورصدت المبادرة المصرية 36 حادث توتر وعنف طائفي على الأقل منذ بداية تطبيق قانون بناء الكنائس وحتى نهاية العام الحالي، ترتبط جميعها بممارسة الشعائر الدينية، وأدت تدخلات مؤسسات الدولة المختلفة في الفترة نفسها إلى غلق 25 كنيسة ومنع إقامة الشعائر الدينية الجماعية في المناطق التي تقع بداخلها، حيث نظمت في كثير من هذه الحالات جلسات عرفية أقرَّت بغلق الكنيسة مع وعود بمنح التراخيص اللازمة في حال تقديم أوراقها بشكل رسمي، وعندما قدم مسئولو الكنائس طلبات الترخيص امتنعت أجهزة الدولة عن منحها الترخيص أو السماح لها بتنظيم الشعائر الدينية أو الصلوات الجماعية.
تجدد المبادرة المصرية انتقادها قيام الأجهزة الأمنية بغلق كنائس تقام فيها الصلوات بانتظام بحجة عدم وجود تراخيص رسمية، وذلك بالمخالفة لقانون بناء الكنائس رقم 80 لسنة 2016 في المادة الثامنة منه، والتي تنص على استمرار ممارسة الشعائر في الكنائس والمباني الدينية وعدم غلقها حتى لو لم تحصل على التراخيص اللازمة أو لم تتوفر فيها شروط تقنين أوضاع الكنائس، وكذلك الخطاب المرسل من رئيس قطاع التشييد والعلاقات الخارجية بوزارة الإسكان في 6 يناير 2018 إلى القس ميخائيل أنطون ممثل طائفة الأقباط الأرثوذكس بلجنة توفيق أوضاع الكنائس والذي يفيد بأنه قد تمت مخاطبة 14 محافظة بعدم وقف أي شعائر دينية بالكنائس المقدمة إلى لجنة توفيق أوضاع الكنائس بالمحافظات.
وتجدد المبادرة المصرية مطالبتها بصدور قرار واحد يقنن بشكل نهائي جميع الكنائس والمباني التابعة التي قدمت طلبات إلى لجنة تقنين أوضاع الكنائس، وبسن تشريع موحد لدور العبادة لكل المصريين ينطلق من إتاحة حق ممارسة الشعائر الدينية بحرية وبدون تعقيدات إدارية.
مرفقات
أولًا: تعليمات الأمن.. ممنوع صلاة العيد في كنيسة قرية فاو بحري مركز دشنا
31 ديسمبر 2019
منعت الأجهزة الأمنية أقباط قرية فاو بحري، مركز دشنا بمحافظة قنا، من إقامة صلاة ليلة رأس السنة _مساء الثلاثاء 31 ديسمبر_ داخل أحد بيوت الأقباط بالقرية، الأمر الذي على أساسه تجمهر عدد من المسيحيين داخل المبنى منددين بمنعهم من استكمال الصلاة.
البداية على لسان أحد آباء الكنيسة بدشنا، الذي قال للمبادرة المصرية: إن المبنى الذي قام الأمن بإغلاقه ومنع الصلاة فيه هو مملوك لأحد أقباط القرية، وتم الصلاة فيه قبل 4 أشهر، إلا أن الأمن وعد بسرعة إصدار التصاريح الخاصة ببناء كنيسة جديدة على مساحة 460 مترًا مربعًا، وهي أرض قامت بشرائها الكنيسة منذ فترة وتم إجراء المعاينات اللازمة لها من قبل الجهات المسؤولة وبناء سور حولها، وتنتظر فقط التصاريح الخاصة لبدء البناء، مع العلم أن أقرب كنيسة للقرية تبعد 10 كيلو مترات، في قرية القصر والصياد المعروفة بدير البلامون.
وتابع راعي الكنيسة: إن الأمور في القرية مستقرة وتحت سيطرة الأمن تمامًا، إلا أنه لم يتم صلاة ليلة عيد الميلاد _الاثنين 6 يناير_ داخل المبنى بتعليمات من الأمن. وقد سبق الصلاة قبل ليلة رأس السنة في المبنى منذ 4 أشهر مضت، واستمرت الصلاة شهرين ونصف الشهر، ثم توقفت الصلاة بعد طلب الأمن ذلك، ومع بدء فترة أعياد الميلاد بدأت تجهيزات المكان للصلاة والاحتفالات بالميلاد، وحدث ما حدث ليلة رأس السنة، رغم أن الكنيسة أخطرت الأمن بالصلاة مسبقًا.
وأضاف: إن القرية بها ثلاثة آلاف مسيحي كانوا يصلون من وقت لآخر في البيت الذي أغلقه الأمن، وجميعهم ينتظرون وعود الأمن في إصدار تصاريح بناء الكنيسة الجديدة.
وبشأن نشوب حريق في الوقت نفسه الذي تم إغلاق الكنيسة فيه بالقرية، قال راعي الكنيسة: إننا فوجئنا بالحريق الذي وقع في منزل مسيحي بالبر الثاني من القرية، ولا أحد يعلم أسبابه وأجهزة الأمن تعاونت في إطفاء الحريق، وتم القبض على أربعة 4 أشقاء- ملاك المبنى- تم التحقيق معهم وخرجوا بعد يومين من التحقيق ووصلوا إلى منازلهم، هناك اثنان آخران محتجزان (رزيقي خلف تم تحويله إلى النيابة العامة، والثاني باسم عيسى وهو لدى أجهزة أمن الدولة، تم القبض عليهما بسبب أنهما كتبا عن الواقعة عبر صفحاتهما على مواقع التواصل الاجتماعي وتم القبض عليهما).
جدير بالذكر أن القرية شهدت في إبريل 2006 اعتداءات طائفية لرفض مسلمي القرية بناء كنيسة ، وتعرضت منازل الأقباط للهجوم وأشعلت النيران في أربعة منازل، والاعتداء على محلين تجاريين بسبب ما تردد وقتها عن شروع الأقباط في بناء كنيسة، حيث كان الأقباط يصلون في جمعية قائمة منذ أكثر من 70 عامًا بشكل قانوني ومسجلة بوزارة الشئون الاجتماعية، وهي مبنية بالطوب الأخضر وهي تقدم خدماتها إلى أهل القرية من الأقباط في صورة مدارس أحد، وندوات، بجانب الأنشطة الاجتماعية ونظرًا إلى تهالك المبنى تقدموا بطلب لإحلال وتجديد وحصلوا على التصاريح وأثناء عملية الهدم بدأ الهجوم على الأقباط حتى تم عقد جلسة عرفية وتم الاتفاق على إلغاء تصريح الإحلال والتجديد وتم وقف كافة الأعمال.
ومنذ هذا الوقت لم يجد الأقباط موقعًا للصلاة، ومنذ ما يزيد على العام تقدم وكيل المطرانية بالطرق القانونية التي نص عليها القانون 80 لسنة 2016 الخاص بترميم وبناء الكنائس إلى محافظ قنا لبناء كنيسة وقد تضمن هذا الطلب كافة المستندات اللازمة.
ثانيًا: توفيق أوضاع الكنائس والمباني المقامة بالفعل
أعلن مجلس الوزراء _الثلاثاء الماضي_ موافقة اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس على توفيق أوضاع 90 كنيسة ومبنى تابعًا ليصل الإجمالي الموفق أوضاعه إلى 1412 كنيسة ومبنى. هذا، وكانت الكنائس المصرية قد قدمت 5540 طلبًا لترخيص كنائس ومبانٍ تابعة مقامة بالفعل وتمارس فيها أنشطة وشعائر دينية وخدمات بانتظام، ومعروفة لمؤسسات الدولة، وذلك قبل انتهاء مهلة تلقي الطلبات في 28 سبتمبر 2017. فقد أدت البيئة التشريعية المقيِّدة لبناء الكنائس إلى وجود أعداد كبيرة من الكنائس القديمة، ولم يصدر لها قرار من الباب العالي أو قرار ملكي أو جمهوري فيما بعد، وكذلك كنائس أنشئت بموافقات شفهية من أجهزة الأمن، ويصلَّى فيها من عشرات السنين، وذلك بدون أوراق رسمية، يأخذ بعضها الشكل التقليدي للكنائس، والبعض الآخر قاعات أو منازل يصلَّى داخلها بانتظام. واعتمدت اللجنة في تقديم الطلبات على التعامل مع المبنى وليس الموقع الواحد الذي قد يضم عددًا كبيرًا من المباني، ككنيسة ومبنى خدمات وسكن لرجال الدين.
أصدر مجلس الوزراء 13 قرارًا منذ بدء عمل اللجنة، بناءً على رأي لجنة توفيق أوضاع الكنائس، تضمنت الموافقة المبدئية على توفيق أوضاع 1412 كنيسة ومبنى دينيًّا تابعًا بنسبة 25%. وجاءت هذه الموافقات غير نهائية ومشروطة بإجراءات، منها تنفيذ اشتراطات صعبة للحماية المدنية، مثل: تركيب نظم إنذار مبكرة للحريق وبوابات إلكترونية ومخارج للطوارئ، وقد تكون هذه الاشتراطات مهمة في بعض المناطق لكنها غير عملية وغير مناسبة لبعض الكنائس خصوصًا البسيطة والمتواجدة في الريف، حيث تحتاج هذه الاشتراطات إلى إمكانيات مالية تفوق قدرة الكنائس المالية، لا سيما أنها لا تطبق على نفس مؤسسات الدولة المتواجدة في المنطقة.
لم تعلن اللجنة عن المعايير التي وضعتها لتنظيم عملها، وأسس اختيار الكنائس، والمدة الزمنية المتوقع الانتهاء من كافة الطلبات خلالها، والإجراءات الواجب اتخاذها في حالة رفض أي من الطلبات.
ثالثًا: بناء الكنائس الجديدة
وفقًا للإفادات المتنوعة التي حصل عليها باحثو المبادرة المصرية فإنه لم تصدر أية قرارات رسمية ببناء كنائس جديدة، كما لم تنشر الجريدة الرسمية أية قرارات رسمية ببناء كنائس جديدة، بالرغم من قيام عدد من الممثلين القانونيين للكنيسة الأرثوذكسية بتقديم طلبات لإنشاء كنائس في مناطق يعيش فيها مسيحيون ولا توجد بها كنائس، مطالبين بالحصول على موافقة المحافظ المختص بعد استيفاء باقي الشروط والموافقات اللازمة. وتجاهلت الجهات الرسمية الرد على التراخيص سواء بإصدار الموافقات أو رفضها، بالرغم من نص القانون على إلزام المحافظ على الرد خلال أربعة شهور، وفي حالة الرفض يكون ذلك مسببًا.
هذا، ومنحت مؤسسات الدولة بعض الموافقات المحدودة ببناء كنائس في المدن الجديدة بعد تخصيص الأرض من قبل وزارة الإسكان. وقد جاء ذلك، عقب إعطاء رئيس الجمهورية توجيهات إلى المسئولين بمراعاة توفير مكان لإنشاء كنيسة في المدن الجديدة.
وفقًا لرسم بياني أصدره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء نشر في 4 يناير 20120 حول بناء الكنائس في المدن الجديدة، فإنه جاء فيه أنه تم افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، فضلًا عن تنفيذ 6 كنائس بمدينة حدائق أكتوبر، وجارٍ تنفيذ 8 كنائس بالمدن الجديدة لعدد من المحافظات، كما تم تخصيص الأراضي لعدد 41 كنيسة خلال الفترة من 2014 إلى 2019.
بالرغم من أهمية هذه الخطوة كتوجه جديد للدولة تراعي فيه تخصيص قطعة أرض لإنشاء كنيسة في المدن الجديدة، لكنها تبقى خطوة محدودة التأثير جدًّا، لا سيما مع التعنت في طلبات بناء الكنائس في المناطق المحرومة خصوصًا في ريف مصر.