Photo Credit: Potjie Flickr via Compfight cc

المبادرة المصرية للحقوق الشخصية تدين الضغوط التي يتعرض لها أقباط دمشاو هاشم لقبول الصلح العرفي... وتطالب بمحاكمة المتورطين في الاعتداءات وتعويض المضارين وبناء كنيسة في القرية

بيان صحفي

10 سبتمبر 2018

تدين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الضغوط التي تمارسها مؤسسات الدولة على الأقباط المتضررين بقرية دمشاو هاشم بمحافظة المنيا، من أجل قبول التصالح العرفي، فيما يخص وقائع الاعتداءات التي طالت بعضًا منهم، وأدت إلى إصابة قبطيين ونهب وتحطيم وإضرام النيران في أربعة منازل، على خلفية رفض بعض أهالي القرية المسلمين قيام الأقباط بالصلاة الجماعية ووجود كنيسة بالقرية.

وقالت المبادرة المصرية إنه بالرغم من أجواء التوتر التي سادت القرية قبل عدة أيام من الاعتداءات، وقيام عدد من الأهالي بالتحريض ضد الأقباط على مواقع التواصل الاجتماعي فإن أجهزة الدولة لم تلتزم بدورها في التدخل الاستباقي لمنع الاعتداءات، وحماية المواطنين وممتلكاتهم وحقهم في ممارسة الشعائر الدينية، وهو ما تكرر بعد وقوع الاعتداءات حيث جاءت قوات الأمن بعدها بنحو أربع ساعات.

كان أقباط قرية دمشاو هاشم بمركز المنيا قد تعرضوا لاعتداءات طائفية، يوم الجمعة 31 أغسطس الماضي، وذلك بعد أن تجمهر عدد من أهالي القرية المسلمين عقب صلاة الجمعة أمام منازل يملكها أقباط في القرية وهم: عادل سعيد رزق، رضا عبد السيد رزق، كامل فوزي شحاتة، فوزي شحاتة بطرس. وردد المتجمهرون هتافات عدائية بحق عموم أهالي القرية الأقباط، ثم قاموا باقتحام منازل المذكورين، ونهب المشغولات الذهبية والأموال، وتحطيم الأدوات الكهربائية والأثاث المنزلي، و إضرام النيران في المنازل. وألقت قوات الأمن القبض على ما يزيد على ثلاثين شخصًا. وفي يوم الأحد 2 سبتمبر الحالي أصدرت نيابة المنيا قرارًا بحبس 19 متهمًا 4 أيام على ذمة التحقيقات، ثم تم التجديد لهم 15 يومًا بتهمة إثارة الفتنة الطائفية وتكدير السلم العام، والاعتداء على ممتلكات الغير.

وانتقدت المبادرة المصرية اشتراك بعض مسئولي الدولة بالضغط على الضحايا لقبول الصلح العرفي والتنازل عن حقوقهم، دون النظر إلى خطورة الجرائم التي ارتكبت، والتي وصلت إلى ترويع المواطنين ونهب الممتلكات وغيرها من الأفعال المجَرَّمة في قانون العقوبات المصري. وأكدت أن جلسات الصلح العرفي تحولت إلى بوابة للهروب من تنفيذ القانون، وهو ما يؤدي إلى تكرار هذه الاعتداءات.

وشددت المبادرة المصرية على أن ممارسة الشعائر الدينية في صورة منفردة أو جماعية، داخل منزل أو داخل مبنًى ديني أو كنيسة حق أساسي، كفله الدستور المصري والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدَّقت عليها الحكومة المصرية، لا يجب أن تتحكم فيه الأغلبية من السكان.

وقال إسحق إبراهيم الباحث ومسئول ملف حرية الدين والمعتقد في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية:

"ما حدث في دمشاو هاشم، ليس حالة فردية بل هو نمط متكرر في عدد من المحافظات خلال الفترة الأخيرة من أجل غلق كنائس قائمة وعدم توفيق أوضاعها، وكذلك استخدام هذه الأجواء كحجة استباقية لمنع بناء كنائس جديدة في بعض القرى، أو الصلاة الجماعية داخل منزل أو مبنًى، وذلك بخلق حالة من التوتر والترهيب للأهالي الأقباط".

وأضاف إبراهيم:

"غالبًا ما تتخذ جلسات الصلح العرفي، قرارات بالتنازل عن المحاضر المقدمة ضد المتورطين في الاعتداءات، مع غلق الكنيسة ومنع ممارسة الشعائر الدينية. وتؤكد حالة دمشاو هاشم وما سبقها قصور قانون بناء الكنائس عن علاج التوترات والاعتداءات الطائفية المرتبطة ببناء وترميم الكنائس، وأن هناك حاجة ماسة إلى تغيير هذا القانون بشكل فوري خصوصًا مع تكرار هذه الاعتداءات واستخدامها كذريعة لغلق الكنائس".

وطالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مؤسسات الدولة باستكمال الإجراءات القانونية المرتبطة بهذه الواقعة انتهاءً بمحاكمة المتورطين في الاعتداءات، ومحاسبة المسئولين المقصرين، الذين لم يتدخلوا بالرغم من وجود مؤشرات لتصاعد أجواء التوتر والتحريض داخل القرية، كما أكدت المبادرة المصرية على حق الضحايا في الحصول على تعويضات عادلة من الدولة مناسبة لحجم الأضرار التي لحقت بهم. كما طالبت المبادرة مسئولي محافظة المنيا بالموافقة على إنشاء كنيسة بالقرية، وقيام أجهزة الدولة بحماية الأهالي الأقباط أثناء بنائها وتجهيزها وممارسة الشعائر الدينية بها.

لمزيد من التفاصيل:

محلك سر! عام على قانون بناء وترميم الكنائس

 مغلق لدواعٍ أمنية .. التوترات والاعتداءات الطائفية بسبب بناء وترميم الكنائس

في عُرف مَن؟ دراسة عن دور ‏الجلسات العرفية‬ في النزاعات الطائفية ومسئولية الدولة

بيان بتسلسل الأحداث:

الجمعة 31 أغسطس 2018

تعرض أقباط قرية "دمشاو هاشم" في محافظة المنيا بصعيد مصر لاعتداءات طائفية، وذلك عقب تجمهر عشرات من أهالي القرية المسلمين عقب صلاة الجمعة أمام منازل أقباط القرية، مرددين هتافات عدائية، ورافضة لوجود كنيسة بها، ثم قاموا باقتحام منازل كل من عادل سعيد رزق، رضا عبد السيد رزق، كامل فوزي شحاتة، فوزي شحاتة بطرس، وتم نهب المشغولات الذهبية والأموال الموجودة بالمنزل، وتحطيم الأدوات الكهربائية والأثاث المنزلي و إضرام النيران في المنازل.

حصلت المبادرة المصرية على إفادات بأن الاعتداءات بدأت في الواحدة ظهرًا، عقب صلاة الجمعة، واستمرت حتى الرابعة ظهرًا، وأن قوات الأمن وصلت بعد نحو أربع ساعات، وأسفرت الاعتداءات عن إصابة عادل سيد رزق (54 عامًا) بجرح قطعي في فروة الرأس، وفضل عطية نجيب (45 عامًا) بجرح قطعي في الشفة العليا، وتم نقلهما إلى مستشفى المنيا العام.

وأوضح بيان صادر عن الأنبا مكاريوس الأسقف العام لمطرانية المنيا أن القوات الأمنية كان لديها علم مسبق بعزم المتهمين القيام بهذه الأعمال، وذلك بعد أن وردت إليهم أخبار تفيد باستهداف الأقباط من قِبل بعض أهالي القرية، إلا أن الأمن لم يتدخل إلا بعد انتهاء المعتدين من اعتدائهم.

وقال الأنبا مكاريوس في بيانه:

" كان المتطرفون في قرية مجاورة تُدعى عزبة سلطان، قد فعلوا نفس الشيء منذ أسابيع، وبسبب عدم الردع انتقلت العدوى إلى هذه القرية، ومن بين ما تردد من هتافات أنهم إنما يفعلون ذلك أسوة برجال قرية سلطان ومن ثم فاحتمال امتداد ذلك إلى قرًى أخرى وارد، ما لم يتم عقاب المحرضين وردع المعتدين".

وجاء في بيان مطرانية المنيا أن أقباط قرية "دمشاو هاشم" تعرضوا لاعتداءات طائفية سابقة في العام 2005، الأمر الذي دفع بعض الأسر المسيحية إلى ترك القرية، ولم يُعاقَب أي من الجناة، مشيرًا إلى وجود دعوات تحريضية ضد الأقباط في تلك القرى على صفحات التواصل الاجتماعي.1

وبالرغم من وجود قوات الأمن منذ مساء الجمعة فإن الشرطة لم تُلقِ القبض على أيٍّ من المتهمين، إلا بعد تناول وسائل التواصل الاجتماعي الحادثة وصدور بيان الأنبا مكاريوس، ليأتي رد فعل الشرطة في اليوم التالي _الأول من سبتمبر_ حيث ألقت القبض على ما يزيد على ثلاثين من الأهالي، وفرضت قوات الشرطة إجراءات مشددة داخل القرية لمنع تجدد الأحداث، كما قامت النيابة بمعاينة الخسائر التي وقعت بممتلكات الأقباط.

وتناول الأنبا مكاريوس في عظة له الأجواء بالقرية قبل الاعتداءات2 وقال:

"إتصل بينا أحد المسئولين قبل يوم الجمعة ده بتلات أربع أيام يقول لنا ياريت أبونا إللي بينزل يصلي قداسات هناك مينزلش اليومين دول عشان فيه توتر.. وإحنا أطعنا من أجل السلام ومن أجل المحبة.. وقلت ﻷبونا متنزلش الجمعة والأحد الجايين دول.. طبعًا الآباء الكهنة بينزلوا كل قرى ونجوع الإيبارشية لافتقاد أولادنا ويصلوا لهم قداسات في البيوت حتى القرى إللي مفيهاش كنايس وده طبيعي جدًّا.. ويزوروا الناس ويشوفوا احتياجاتهم حتى لو معندهمش كنيسة.. بس قلت ﻷبونا بلاش الأسبوع ده لئلا يكون فيه أي حاجة".

وأضاف الأنبا مكاريوس:

"ومما يؤسف ليه أيضًا أن في قرية عزبة سلطان وقرية دمشاو هاشم تتم استضافة القوة المكلفة بحفظ الأمن في القرية في منازل بعض المطلوبين للعدالة.. يعني واحد مطلوب للعدالة يستضيف عنده قوة الأمن يسهروا عنده ويأكلوا يشربوا عنده وكأنهم بيدوه شرعية يعني ليستمر في التجاوزات ويأذي الأقباط".

وفي يوم الأحد 2 سبتمبر أصدرت نيابة المنيا قرارًا بحبس 19 متهمًا 4 أيام على ذمة التحقيقات، وجهت إليهم تهم إثارة الفتنة الطائفية وتكدير السلم العام، والاعتداء على ممتلكات الغير، ثم تم التجديد لهم 15 يومًا فيما بعد.

وقال الأنبا مكاريوس للمبادرة المصرية3: "الاعتداءات هذه المرة ليست بخصوص بناء أو ترميم كنيسة، إنما بسبب رفض المتشددين وجود المسيحيين في القرية".

وحصلت المبادرة المصرية على عدد من الإفادات التي أكدت قيام بعض المسئولين التنفيذيين بممارسة ضغوط على أهالي القرية المسيحيين لقبول الصلح العرفي، والتنازل عن حقوقهم القانونية من أجل أن يسود السلام والهدوء القرية.

وفي نفس السياق، أصدرت جمعية "المصالحة والسلام" في قرية دمشاو هاشم بيانًا بعنوان: "دعوة"، تقول فيه: "حفاظًا على وحدة البلد ونسيج الوطن الواحد والمحافظة على الأمن وحرصًا على دوام المودة الموجودة بين أبناء الوطن الواحد وتعاونًا مع رجال الأمن المسئولين عن أمن الوطن،

تتشرف اللجنة وتتقدم بدعوة مسئولي بيت العائلة بمحافظة المنيا للتعاون مع اللجنة في ترميم الصدع الحاصل بين أهالي القرية ولم الشمل".

وردًّا على هذه الدعوة كتب الأنبا مكاريوس على حسابه موقع "تويتر" _9 سبتمبر_ يقول: "نرفض رفضًا قاطعًا أيَّة جلسات عرفية، ولا نعترف بنتائجها، ونشجب الضغط على بعض البسطاء للجلوس إليها، فهي تهدر الحقوق وغالبًا ما تتم الترضية فيها على حساب الأقباط... نحن مع دولة القانون والمواطنة التي ينادي بها الرئيس عبد الفتاح السيسي".

الهوامش:

1 لدى المبادرة المصرية نماذج من دعوات التحريض التي انتشرت عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك.

2 عظة الأنبا مكاريوس في 5 سبتمبر 2018.

3 إفادة تليفونية في 2 سبتمبر 2018.

https://www.facebook.com/elmoratelmina.farid/videos/10216525250021518/