الصورة عن موقع التحرير الإخباري

النقض تؤيد إعدام 6 أشخاص في محاكمة شابها إخلال بالحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة

بيان صحفي

30 أبريل 2018

تدين المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكم الصادر في الأول من أمس، السبت 28 إبريل، عن محكمة النقض بتأييد الحكم الصادر في القضية رقم 8473 لسنة 2013 جنايات مطاي، المقيدة برقم 1842 لسنة 2013 كلي شمال المنيا، والمعروفة إعلاميًّا باسم "اقتحام مركز مطاي"، والذي أيدت المحكمة فيه حكمًا بالإعدام على 6 متهمين بينما قبلت الطعن المقدم من 47 متهمًا وقضت ببراءتهم جميعًا مما نسب إليهم, بينما قضت بقبول الطعن شكلًا من 62 طاعنين آخرين.

 كانت المبادرة المصرية قد أصدرت تعليقًا يدين الإخلال بضمانات المحاكمة العادلة في القضية بعد صدور الحكم  بإعدام 12 شخصًا عن محكمة الدرجة الأولى بتاريخ 9 أغسطس 2017، وتؤكد المبادرة المصرية على ضرورة الالتزام بمعايير المحاكمة العادلة، كما تبدي تحفظها تجاه الإخلال بحقوق الدفاع في هذه القضية عندما كانت منظورة أمام محكمة جنايات المنيا، والتي وصفها بعض محامي الدفاع بـ"المحاكمة الهزلية"، إذ لم يتمكن محامو الدفاع من ممارسة حقوقهم بشكل كامل وفقًا لروايتهم. فمثلًا، لم يتمكن المحامون من التحدث في قاعة المحكمة إلى أكثر من دقيقتين حول كل متهم على حدة، ولم تستجب المحكمة لطلب محامي الدفاع بمناقشة بعض شهود النفي والإثبات. كما لم تأتِ المحكمة بمختصين فنيين لتحليل مقاطع الفيديو التي استندت إليها المحكمة للحكم على المتهمين، والتي كانت وصفتها محكمة النقض في حكمها السابق، بإلغاء حكم محكمة الجنايات وإعادة محاكمة المتهمين، بأنها "امتدت إليها يد العبث" وبالتالي لا تطمئن إليها المحكمة، حسب تصريحات بعض محامي الدفاع لباحثي المبادرة.

ووفقًا لشكوى بعض محامي الدفاع، لم تستوعب قاعة المحكمة جميع المتهمين، ما أدى إلى تقسيم سماع أقوالهم على جلسات المحاكمة، بالإضافة إلى ما لاحظه باحثو المبادرة من عدم آدمية مكان احتجاز المتهمين أثناء سير المحاكمة بسبب عددهم الكبير وصغر مساحة مكان الاحتجاز، فأحد المتهمين كان قد فقد الوعي أثناء جلسة النطق بالحكم كلها.

كما تطالب المبادرة المصرية بفتح تحقيق عاجل وشفاف في ادعاءات بعض المحامين بتورط رئيس مباحث المنيا في سير القضية، فبالرغم من استناد المحكمة إلى تحرياته بشكل كبير، لم يتسلم عمله كرئيسٍ للمباحث إلا بعد وقوع الأحداث بأكثر من أسبوع، وقام بإضافة 130 متهمًا إلى القضية يوم 28 مارس 2013، أي في يومه الأول في العمل، ما يشكك في مصداقية التحريات التي تحتاج إلى قدر أكبر من الوقت، وبخاصة لاتهام أكثر من 100 شخص.

 تعود أحداث القضية إلى واقعة اقتحام وحرق مركز شرطة مطاي وقتل العقيد مصطفى رجب العطار نائب مأمور المركز يوم 13 أغسطس 2013 عقب فض اعتصاميِ رابعة والنهضة، وإحالة 545 شخصًا إلى المحاكمة الجنائية. قامت محكمة جنايات المنيا على إثرها بعقد أول جلسة محاكمة استمرت نحو 30 دقيقة فقط يوم 22 مارس 2014، رفض المستشار سعيد يوسف صبري خلالها طلب الدفاع بسماع الشهود في الجلسة المقبلة، ورفض أيضًا السماح للدفاع باستجواب شهود الإثبات، بينما أمهل الدفاع 24 ساعة فقط لتقديم مذكراته. وفي جلسة المحاكمة الثانية، يوم 24 مارس 2014، قامت المحكمة بإحالة أوراق 529 متهمًا إلى مفتي الجمهورية، وحكمت في يوم 28 إبريل 2014، في ثالث جلسة، بعد أخذ رأي المفتي بإعدام 37 متهمًا، من بينهم الطفل حاتم أحمد زغلول، الذي لم يتخطَ 18 عامًا وقت وقوع الأحداث، وبالسجن المؤبد لـ493 متهمًا آخرين. تم الطعن على الحكم، وقامت محكمة النقض بإلغاء الأحكام في 24 يناير 2015، وقضت بإعادة محاكمة المتهمين أمام دائرة أخرى، والتي أحالت أوراق 12 متهمًا إلى المفتي بتاريخ 11 يوليو 2017، قبل أن تحكم بإعدام 12 متهمًا في الأول من أمس.

وكانت المبادرة المصرية قد سبق وأن وصفت أحكام الإعدام في هذه القضية بأنها إهدار للعدالة واستهزاء بحق الدفاع في بيان مشترك، عقب صدور حكم الدرجة الأولى، بينما وصف خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان هذا الحكم بأنه "استهزاء بالعدالة"، وأعربوا عن شعورهم بالفزع تجاه عدم وضوح التهم التي بموجبها صدرت أحكام الإعدام.

 وتعيد المبادرة المصرية التأكيد على أن الاستمرار في إصدار أحكام إعدام لا يضمن تحقيق العدالة، وبخاصة في ظل تصاعد وتيرة أحكام الإعدام في القضايا المختلفة منذ بداية 2018. وتؤكد المبادرة مجددًا على أن التوسع غير المسبوق في استخدام عقوبة الإعدام في السنوات الماضية لم يَحُل دون تصاعد وتيرة التهديدات الأمنية، بل أهدرت الفرصة لإجراء حوار مجتمعي شفاف وجاد حول أبعاد تلك التهديدات وأنجع السبل لمواجهتها.